على ضوء خطاب القائد.. المؤمنون أشدُّ حبًّا لله

موقع أنصار الله || مقالات ||سارة الهلّاني

لله “سبحانه وتعالى” سُنَّةٌ مع عباده تعامل بها مع كُـلّ الأمم الماضية وفرز بها كُـلّ الأقوام السابقة ممن دخلوا في دين الرسالة الإلهية وأعلنوا لها الاستجابة العامة، فهي اختبار الله لكل منتمٍ لهذا العنوان العظيم “للإيمَان” فركّز عليها القرآن الكريم ليعطيها حجمها ومقدار أهميتها والآية المباركة ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَـمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَـمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ تؤكّـد هذه الحقيقة المهمة والحدث كسنة من سنن الخالق مع عباده على مدى الأزمان كلها.

(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)؛ لأَنَّه حتى تحت العنوان الإيمَاني والمسميات الدينية والطقوس الإسلامية هناك الخبيث وهناك الطيب، الصادق وهناك الكاذب، المؤمن وغيره منافق، فالسنة الإلهية والمعايير القرآنية والمواصفات الإيمَانية بها تتجلى حقيقة الإنسان في انتمائه الإيمَاني أولاً، ثم واقعاً يُرى وتوجيهات تتطبق وضوابط تُقام، ولنعلم أن أهم ميدان تُكشف فيه حقائق الناس وتظهر معادن إيمَانهم ويجّسد أعماق نفوسهم هو ميدان الصراع، حلبة الصراع مع عدو الله الذي آمنت له الأنفس واعتنقت دين الوحدانية لله الواحد الأحد، وخاض فيها كُـلّ الرسل {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.

فكتاب الهداية الربانية (القرآن) أعطى لنا مِجهَراً دقيق الفحص وصحيح النتيجة عن المؤمن، حتى أعداء الإسلام يتعرّفون على المسلم الصادق انتمائه استنادً منهم على المعايير القرآنية وحقائقه الصريحة حول ما هي صفات المؤمنين، منقذي البشرية من ظلمات الجهل والكفر إلى نور الهدى والإسلام، وأهمها أنهم ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَـمُوا، إذ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ للهِ جميعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ في حين أن كُـلَّ صنف من بني آدم يتخذ له شريكًا إما دون الله كصنمٍ حجريّ أو بشريّ، أَو شريكاً مع الله إما بشرياً طاغوتياً أَو هوى نفسٍ لاهية غافلة، يوجد أَيْـضاً من استأثر الحب لله -والمؤمنون أشد حباً-، وتنامى عشقه للمعبود، وَتأصلت فيه الهُــوِيَّة الإيمَانية معتقدات، ومبادئ ومعانٍ، ووجدان إيمَاني.

وفي هذا السياق، استشهد بكلام سيدي القائد في كلمته في جمعة رجب حينما قال: “تأتي مواصفات تقدم الصورة الحقيقية عن الإيمَان الصادق، الإيمَان وفق تعليمات الله وتوجيهات الله “سبحانه وتعالى”.

يقول الله “سبحانه وتعالى” في القرآن الكريم: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ}[التوبة: من الآية71]، هذه الآية المباركة في سورة التوبة أتت ضمن مقارنة: ما بين المؤمنين الصادقين، وما بين المنافقين، لماذا؟؛ لأَنَّ المنافقين ينتمون للإسلام، ويدَّعون الإيمَان، ولكنهم في واقع الحال ليسوا بصادقين، تنقصهم المصداقية في انتمائهم الإيمَاني، وتوجّـهاتهم العملية ومواقفهم مغايرة تماماً لانتمائهم الإيمَاني، فانتماؤهم في الدعوى شيء، ومواقفهم وتوجّـهاتهم العملية في مسيرة حياتهم شيء آخر.

فالحب الجوهري لله عمل ظاهري، ثمرته الأولى أن تتكون أُمَّـة واحدة من ثلة “المؤمنين والمؤمنات” لها موقفها الوحيد في اتّجاهه الصحيح نحو الله ودينه، متكاتفة بنهوضها بالمسؤولية، مُحقّقة النُّصرة ومُبلغة الحجّـة في التذكير والهداية، ولأن الإيمَان منظومة متكاملة وبنيان متراصٌّ وأركان يخدم بعضُها البعضَ، فَـإنَّ المؤمنين يشكلون المسؤولية بجل شكلها وصورتها العامة والموحدة كما حكى الله عنهم في عدة مواضع كقوله سبحانه وتعالى:

﴿وَالْـمُؤْمِنُونَ وَالْـمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئك سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.

﴿إِنَّمَا الْـمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَـمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأموالهِمْ وَأنفسهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئك هُمُ الصَّادِقُونَ﴾.

﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئك يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيم﴾.

﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولئك هُمُ الْـمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾.

﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأموالهِمْ وَأنفسهِمْ وَأُولئك لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولئك هُمُ الْـمُفْلِحُون﴾.

﴿يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخرة وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِـمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ مَا يَشَاءُ﴾.

﴿إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِـمُوا وَسَيَعْلَـمُ الَّذِينَ ظَلَـمُوا أي مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.

وبالتالي يلزم الإنسان المسلم أن يعي أنه معني بالسعي لأن يتحقّق في واقع حياته ومسيرة حياته الصفات الملازمة للإيمَان، والالتزام بالأفعال التي يترتب عليها جدوائية الإيمَان الصادق والكامل، والتركيز على ممارسة كُـلّ عبادة واستجابة لكل أمر وتجنب كُـلّ نهي إلهي لتتعزز فيه الرابطة الإيمَانية القوية التي تنعكس أثراً عظيماً بالطاعة الكاملة والاستجابة التامة والمصداقية العامة وانطلاقة مترابطة لكل مبادئ وسلوكيات وقيم المنهجية الإلهية دون استثناءات في الأداء العملي أَو محدودية في الالتزام أَو جزئية الفعل بما أمر ونهى، لكي نستحق الرضوان الإلهي والمثوبة الربانية ونبعد أنفسنا وأمتنا من خزي الدنيا والآخرة وعذاب الخلد يوم الحساب.

قد يعجبك ايضا