لا يسمى المؤمنون إلا لأنهم سباقون يسارعون في الخيرات يعملون الصالحات يتواصون بالحق و بالصبر

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم أيها الإخوة والأبناء ورحمة الله وبركاته.

هنيئًا لكم ونبارك لكم حفلكم العظيم بمناسبة انتهاء الدورة، حفل وتكريم للمعلمين أولًا، وتكريم للطلاب، واعتراف بالعرفان لكل من أسهموا بجهودهم في تمويل هذه الدورة المباركة، لكل من أسهموا في إنشاء ذلك المركز الذي ضم هذه النخبة من المعلمين، وضم فلذات أكبادنا من هؤلاء الأبناء الصالحين إن شاء الله.

إنها نعمة عظيمة يجب أن نشكر الله سبحانه وتعالى عليها، نعمة الهداية، نعمة الصلاح، نعمة الدين، نعمة الاستقامة، هذه هي النعمة الكبرى التي لأجلها عدَّ الله سبحانه وتعالى إرساله لرسوله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) نعمة امتن بها على عباده، فنحمدك اللهم على هذه النعم العظيمة ونصلي ونسلم على من أرسلته بهذا الذكر العظيم رحمة للعالمين.

نرى في هذا الحفل ثمرة لجهود من يبذلون أموالهم وليعلموا – وهو حديث نكرره دائمًا في أي مركز نزوره – ليعلم أولئك الذين يسهمون بأموالهم، يسهمون بجهودهم، بالكلمة الطيبة في سبيل إنشاء مثل هذا العمل، مثل هذه المشاريع المباركة، نقول لهم: هذه ثمار جهودكم، هذه ثمار جهودكم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبلها منكم، وأن ينميها لكم، لتأتوا الله سبحانه وتعالى يوم القيامة بصحائف مملوءة بالحسنات، مملوءة بالفضيلة، مملوءة بالدرجات التي ترتقون بها في الجنة التي وُعِدَ بها المتقون، السباقون إلى الخير، السباقون إلى الفضيلة، السباقون إلى العمل الصالح.

إن القرآن الكريم – أيها الإخوة – تحدث، وكله حديث عن الناس، القرآن كله حديث عن الناس، وقسَّم الناس أقسامًا متعددة، ترى بداخله يتحدث عن كافرين، ناس كافرين، ظالمين، فاسقين، منافقين، مرتابين، مرضى القلوب، وعندما تتصفح القرآن الكريم من أوله إلى آخره تجد فيه موقعًا واحدًا هو الموقع الذي يحكم الله لمن هو فيه بالفلاح، بالنجاح، بالفوز، بالسعادة في الدنيا، بالنجاة يوم البعث يوم الحساب، بالفـوز بالجنة،  بالنجاة من النار، من هم أولئك؟ هم المؤمنون، يعبر عنهم تارة باسم مؤمنين، وتارة باسم متقين.

وهؤلاء لم يحكم عليهم بهذا الحكم مجرد محاباة، هو يتحدث لماذا كانوا مؤمنين، لماذا هم مفلحون وفائزون لماذا؟ لأنهم هكذا: يعملون الصالحات، سباقون إلى الخير، سباقون إلى كل فضيلة، سباقون إلى الأعمال الصالحة، الآخرين يقول عنهم بأنهم خاسرون {فَمَا رَبِحَتْ تِجَار  َتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} (البقرة: من الآية16) يحكم على البشرية كلها، كلها بالخسران، لا يسلم منهم إلا من؟ إلا أولئك المؤمنون {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (العصر:3).

كأنه يقول لنا يقول لكل فرد منا: هذه مواقع متعددة للإنسان في مسيرته في هذه الحياة، هناك من هو في موقع الكفر، في موقع النفاق، في موقع الفسق، في موقع الضلال، وهناك من هو في موقع الإيمان، يقول لنا ثانيًا: أولئك الذين هم مؤمنون ليسوا من تلك النوعية التي يرى أنه مؤمن تلقائيًا، وهذه كثيرة فينا، [هناك من الناس من يرى] أنه مؤمن تلقائيًا، لكن، انطلق إلى أعمال صالحة، لا يتحرك، وإلى مشروع خيري يحتاج إلى إسهام فيه، لا يمد يده، لدينا فقراء، نحتاج إلى التعاون معهم، لتزويجهم، لمعالجتهم، لا يمد يده، لدينا طلاب مجاميع من أبنائنا نريد أن نعلمهم، لا يمد يده، لدينا أعمال لمحاربة أعداء الله تحتاج إلى جهدك إلى مالك، لا يمد يده، وعندما تسأله: هل أنت مؤمن؟ يقول: الحمد لله مؤمن إن شاء الله أننا سندخل الجنة.

القرآن يقول لك، يقول لكل واحد، الإنسان إنما يستحق هذا الاسم، إنما يحكم له بذلك الفوز، وذلك النجاح وذلك الفلاح؛ لأنه هكذا: يسارعون في الخيرات، سباقون إلى الخيرات، يعملون الصالحات، يتواصون بالحق، يتواصون بالصبر {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (العصر:2) كل إنسان خاسر إلا من؟ إلا الذين آمنوا، من هم الذين آمنوا؟ الذي يتفق هو ونفسه بأنه مؤمن، وينكِّس رأسه، ولا يحاول أن يلتفت إلى أي عمل صالح ليسهم فيه بماله بلسانه بجهده؟ لا. {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} (العصر: من الآية3) عملوا، عمل {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (آل عمران: من الآية136) قال الله عن الجنة: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} الجنة تحتاج إلى عمل، العمل هو بيدك، بلسانك، بقلمك، بمالك، بجهدك، وبما هو أرقى من ذلك، بكل مالك، وبروحك، بدمك {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} (التوبة: من الآية111) الجنة التي نحن نُمنِّي أنفسنا بها، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون جميعًا من أهلها، الله قال عنها: {وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}.

أريد بهذا القول أن نخرج جميعًا، لا أزكي نفسي، لنخرج جميعًا من قضية الحكم التلقائي لنفسي، أو أنت لنفسك، هو مؤمن ولا يريد أن يعمل إلا تلك الأعمال التي تتعلق بشؤون حياته التي من ورائها فلوس، شـَغْل بين أمواله، بيع وشراء، وأشياء من هذه، هذا ليس عمل الجنة، هل تفهمون أن كل الأعمال الصالحة التي يتحدث عنها القرآن الكريم، ليست في الغالب، هي هذه الأعمال التي نتحرك فيها لمصالحنا الخاصة.

فهو عندما يأمر الناس بالإنفاق {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: من الآية195) هل معنى ذلك أنك تتصرف يوم السوق بخمسة آلاف بستة آلاف؟ تشتري [لحم كثير] تشتري مصاريف كثيرة لبيتك؟ لا، كل إنسان يتحدث عنه القرآن هو عادة، وغالبًا ما يكون موجهًا إلى ما هو خارج عن دائرة ومحيط شخصيتك، في سبيل الله، مثل هذا العمل، مثل هذه المشاريع التي يتلقى فيها أبناؤنا علوم هذا الدين، الذي نحن جميعًا ملزمون به، الذي هو نعمة عظيمة من الله علينا الذي تتوقف عليه نجاتنا ونجاة أهلنا وأبنائنا يتعلمون كتاب الله الذي هو شرف لنا {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ} (الزخرف:44).

الإنفاق في مثل هذه المشاريع هو واحد من مشاريع سبيل الله التي يقول الله لي ولك: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}.

هذا هو ما أريد أن أقوله في مقدمة الكلمة، مباركة لجهود كل من عملوا، وجهود الطلاب أنفسهم الذين كانوا يستمعون باهتمام وإصغاء وإقبال، ويلتزمون ويتأدبون ويتوجهون بتوجيهات أساتذتهم. نقول للجميع: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا، وأن يبارك جهودنا جميعًا.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

وأنفقوا في سبيل الله

ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي

بتاريخ: 2/9/2002م

اليمن – صعدة

 

 

قد يعجبك ايضا