«إعصار اليمن» وأهدافه.. ماذا لو أوقف الرد اليماني أرامكو؟!

علاقة الغرب بإيران وفنزويلا مضطربة وأرامكو الأمل الوحيد

|| صحافة ||

أوروبا بحاجة إلى 40% من الغاز و30% من النفط فقدتها بحصار روسيا
أمريكا في ورطة الحرب الاقتصادية على روسيا والكُرَةُ في ملعب القوات المسلحة اليمنية

فيما يواصل تحالف العدوان تضييق الخناق على اليمنيين في حصاره الممتد لسبعة أعوام، يجدد اليمنيون تأكيدهم على الصمود والتصدي لكل المحاولات الرامية إلى إخضاعهم وإجبارهم على القبول بالوصاية والتطبيع.. عنفوان يزداد يومًا تلو آخر، وثبات يجسّده الثوار في كل ميدان، وبطولة لم يسبق أن دوّنت صفحات التاريخ لها أندادًا، ومواقف مشرّفة تحكي قصص الذين أذاقوا أمراء الحرب وأدواتها بأسهم الشديد.

يقترب العدوان على اليمن من دخول عامه الثامن، دون تحقيق أي نتيجة من أهدافه المعلنة منها والخفيّة، غير أنه يزداد قبحا وإجراما كلما مر الوقت، حيث يشهد البلد من جراء ذلك أسوأ مراحل الحصار، وتصل أزمة المشتقات النفطية حدا غير مسبوق ينعكس أثره على القطاعات الحيوية والخدمية والحياة اليومية التي تبدو أشبه بالجحيم.

نداءات الاستغاثة من القطاع الصحي والحيوي والاتصالات والمواصلات والطاقة تكاد لا تتوقف في ظل صمت عالمي وأممي مخزٍ، على عكس ما يحصل تجاه أوكرانيا التي تعيش أزمة حرب بين روسيا والغرب حيث يصل النفاق العالمي ذروته، وتكشف الأحداث في أسبوعها الثاني قبح من يغضون الطرف عن الشعب المحاصر والمعتدى عليه منذ أكثر من 2530 يوماً.

 

تداعيات الحرب

لقد خلقت الأزمة الروسية الأوكرانية الأمريكية البريطانية واقعًا جديدًا ينبئ بفصول من الجحيم سيعيشها العالم أجمع إذا ما استمر السير على المنوال الحالي، حيث ستشهد مختلف دول العالم أزمة خانقة في مصادر الطاقة ربما تجعلهم يشعرون بمعاناة اليمنيين خلال سنوات العدوان والحصار، خاصة إذا ما ساهم إعصار اليمن في ذلك.

أسعار النفط عالمياً تتصاعد بشكل مستمر بالتزامن مع العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية، الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي، على روسيا، منذ قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف باستقلال لوغانسيك ودونيتسك في إقليم دونباس الأوكراني يوم 21 فبراير الماضي.

تعد روسيا أكبر مصدر للغاز وثاني أكبر منتج للنفط في العالم، والتوقعات تقول بأن أسعار النفط لن تتوقف قبل تجاوزها حاجز الـ 300 دولار للبرميل الواحد الذي كان سعره دون الـ 100 دولار قبل اندلاع الحرب وفرض العقوبات على روسيا.

 

اعتماد أساسي

تعتمد أوروبا على الغاز الروسي بنسبة تتجاوز 40% فيما تعتمد على النفط بنسبة تصل إلى 30% وهي نسبة كبير يصعب على بقية الدول تغطيتها، خاصة أن الغرب يخوض صراعات مع الكثير من البلدان المصدرة للطاقة كفنزويلا التي لا تعترف أمريكا وأوروبا بقيادتها وإيران المحاصرة منذ عقود كجانب من المشكلة، بينما يتمثل الجانب الآخر في علاقة روسيا الجيدة مع حلفائها المصدرين للطاقة.

لقد حاولت الولايات المتحدة تلافي تبعات حربها الخاطئة على روسيا بمغازلة فنزويلا وإيران غير أن القطاع النفطي في الأولى التي تملك أكبر احتياطي في العالم منهار بفعل العقوبات والحرب الاقتصادية الأمريكية على كاراكاس (العاصمة)، فيما ترى إيران أنها بحاجة إلى تحسين علاقتها بالجوار كالمنطقة العربية وبعض البلدان التي تتقاسم معها الحدود، ولا ترى في إمداد أوروبا بالطاقة النفطية والغازية سوى أولوية ثانية، علاوة على عدم الوصول إلى اتفاق نهائي بشأن الاتفاق النووي الذي قد يفشل على يد موسكو التي تقدمت بطلب ضمانات أمريكية.

ومع كل ذلك يبقى الأمل الوحيد لأمريكا، التي تقود الحرب على روسيا وتنأى بنفسها عن التحول إلى خصم في نظر الشعوب الأوروبية التي توشك على الدخول في أزمة خانقة، في تغطية هذا العجز ولو بقدر لا يصل إلى المطلوب هو في النفط الخليجي – خاصة نفط المملكة – التي تكفلت بتغطية العجز.

 

أمل أمريكي

وعلى الرغم من عدم قدرة السعودية على تغطية العجز الذي تتركه الحرب على روسيا إلا أنها لا تزال تمثل مصدرا لا باس به للنفط الذي يغذي أسواق العالم، لكن ثمة ما يهدد النفط السعودي ومثله النفط الإماراتي الذي يعد هو الآخر مصدرا كبيرا للطاقة، وهي الهجمات اليمنية التي تأتي ردا على التصعيد لدول التحالف في عدوانها وحصارها على اليمن، والتي كان آخرها عملية كسر الحصار الأولى.

تهدف الدول المعتدية من حصار اليمن إلى إجبار الشعب على الانكسار، غير أن اليمنيين وفي مختلف محافظات اليمن الحرة يجددون تأكيدهم على خيار الصمود والثبات في وجه كل التحديات التي تواجههم في مسيرة ثورتهم التي أزاحت الوصاية عن بلدهم، وفي الوقت ذاته يؤيدون حملة إعصار اليمن التي أطلقتها القيادة كخيار استراتيجي للعام الثامن من الصمود.

قبل أيام، وفي مسيرات “حصار المشتقات النفطية قرار أميركي، و”خيارنا إعصار اليمن” التي احتضنتها المحافظات الحرة أطلق وزير الإعلام اليمني ضيف الله الشامي تفويضا أكده المشاركون في التظاهرات الكبيرة يتضمن تفويض القوة الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسير للتحرك من أجل إشفاء غليل اليمنيين بضربات منكلة بالأعداء.

 

تفويض رسمي وشعبي

هذا التفويض الذي جاء في ساحة مشهودة وأمام عدسات القنوات الفضائية من مسؤول يمثل صوته حكومة البلاد ليس مجرد كلاما عاديا ينتهي بانتهاء التظاهرة بل جاء بعد تهديدات سابقة لوزير الحرب اليمني اللواء محمد العاطفي بأن الفترة القادمة ستشهد ضربات موجعة ومرعبة في العمق الاستراتيجي العسكري والاقتصادي لدول العدوان في إطار مراحل عملية «إعصار اليمن».

بعد ثلاثة أيام من كلمة الشامي أعلن العميد يحيى سريع الناطق الرسمي للقوات المسلحة اليمنية تنفيذ عملية كسر الحصار الأولى بتسع طائرات مسيرة على مصفاة أرامكو في الرياض ومنشآت أرامكو في جيزان وأبها وأهداف حساسة في العمق السعودي. هذا الاستهداف ليس الأول الذي تنفذه قوات اليمن في العمق السعودي كما أنه ليس الاستهداف الأول لمنشآت ومصفاة أرامكو السعودية المزود الأكبر للنفط في العالم، لكنه يأتي في مرحلة خطيرة ترى أمريكا فيها أرامكو الملاذ الوحيد لتفادي خطأ إعلان الحرب الاقتصادية على روسيا وعواقبها.

 

ماذا يعني استمرار استهداف أرامكو؟

تنتج شركة أرامكو ما نسبته 30% من نفط العالم، بما مقداره 11 مليون برميل في اليوم، ولا يوجد منافس للنفط السعودي سوى إنتاج روسيا التي تقدر بعشرة ملايين برميل في اليوم، أما أمريكا فتحل في المركز الأول غير أنها لا تغطي احتياجها، فيما لا يصل إنتاج الدولة الرابعة على قائمة منتجي النفط سوى للنصف من إنتاج روسيا، ما يعني أنه في حال استمرار القصف لمنشآت أرامكو فإن العالم مقبل على سيناريوهات من أزمات الطاقة لا يمكن تخيّل كارثيتها.

تحتاج أمريكا التي تقدم كافة أنواع الدعم للحرب على اليمن إلى إثبات جدوائية حربها على روسيا، من خلال البحث عن بديل يغطي العجز الحاصل، وفي حال استمر تدفق النفط الخليجي إلى الأسواق فإن ذلك يعني استمرار تدفق المال إلى التحالف وبالتالي استمرار شراء الأسلحة والعدوان والحصار. وفي ظل الأزمة الخانقة في اليمن يمكن أن تشكل الأزمة العالمية عبئا إضافيا إن ظلت السعودية متحكمة بما يصل من السفن النفطية إلى اليمنيين، وهو الأسلوب الذي تتخذه منذ بدء عدوانها على اليمن في العام 2015، غير أن أمام اليمنيين خياراً وحيدا لإجبار المملكة ومن خلفها أمريكا على رفع الحصار، من خلال تهديد مصدر الطاقة الوحيد لإنقاذ أمريكا من سخط الغرب.

 

22 مليوناً × 1

بانقطاع النفط الروسي والسعودي معاً سيكون العالم قد فقد قرابة 22 مليون برميل يومياً، وهي كمية لا يمكن تعويضها بشكل أو بآخر، حيث سيشهد العالم أزمة قد تصل به إلى الحال الذي أوصل فيه التحالف بقيادة أمريكا والسعودية اليمن منذ سنوات، حيث تمتد طوابير المشتقات النفطية بضعة كيلومترات في كافة المدن.

في خياراتها الاستراتيجية اعتادت القوات المسلحة إرسال الرسائل التحذيرية لدول تحالف العدوان؛ للرجوع عن خياراتهم التصعيدية وعدوانهم وحصارهم معا، لكنها لا تتردد في تنفيذ وعودها في كل مرة يصعر فيها التحالف خده لتلك التحذيرات. عملية كسر الحصار حملت لفظ الأولى كدلالة واضحة لسلسلة من الهجمات التصعيدية في القريب تحمل الرقم التصاعدي، إن لم يبادر التحالف لوقف العدوان ورفع الحصار، وأهداف العمليات هذه المرة ذات أهمية استراتيجية زادت قيمتها الحرب بين روسيا وأوكرانيا، لكنها أهدافا مشروعة لليمنيين الذين دمرت الحرب على بلادهم البنية التحتية في كافة المجالات.

 

صحيفة الثورة/ عبد القادر عثمان

 

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com