الذكي هو من يقدم على الله وهو بصير وليس أعمى
موقع أنصار الله | من هدي القرآن |
الأذكياء هنا في الدنيا يعتبرون أنفسهم أذكياء يعتبر نفسه ذكيا أنه استطاع أن يحسن علاقته مع مسؤول معين، أصبح مقرّبا من المسؤول الفلاني، وأصبح وجيها وأصبح له نفوذ، وعلى حساب دينه على حساب إخوانه على حساب وطنه، فيعتبر نفسه ذكيًا وأولئك أغبياء ما استطاعوا مثلي [يكونوا بُصَار يحسنوا علاقتهم فيصبحوا أشخاص لهم نفوذهم ويمكن تدعمهم الجهات الثانية، ويمكن يحصل لهم، ويمكن، ويمكن].
المسألة هي أنه يجب أن يكون ذكاؤك على هذا النحو تقدم على الله وأنت بصير لا تقدم عليه أعمى {رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى} ما دريت لي بمخرج في هذا اليوم وأنا كنت في الدنيا أرى نفسي بصيرًا ذكيًا {قَالَ كَذَلِكَ}(طـه: من الآية126) هكذا واقعك {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى}(طـه: من الآية126) فتكون أعمى لا تعرف لنفسك مخرجًا، وإن كنت في الدنيا ترى نفسك ذكيًا وعبقريًا، هذا هو الغباء، كل شيء تبذل من أجله دينك فأنت غبي، كل شـيء تبذل من أجله دينك فستلقى الله خاسـرًا أعمى وإن كنت في هـذه الدنيا ترى نفسك ذكيًا وعبقريًا {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} (النبأ:17-18).
رغمًا عنكم رغمًا عنا نبعث من قبورنا، نساق أفواجًا أفواجًا إلى ساحة الحشر، فتأتون أفواجًا {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} البعض من الناس يقول الصور هو آلـة ينفخ فيها ملك من ملائكة الله بصوت قوي جدًا، في النفخة الأولى يموت الخـلائق المتبقون في هـذه الدنيا، وفي النفخة الآخـرة يبعث الجميع يبعث الجميع فتأتون أفواجًا {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا} (النبأ:19).
يتحدث عن أهوال هذا اليوم، يقول للإنسان ارجع إلى نفسك ألست ترى نفسك عندما تأتي رعشة، عندما يأتي كسوف، عندما تأتي عواصف شديدة، عندما يأتي مطر غزير جدًا، أليس يحصل عند الإنسان خوف خاصة عندما تأتي هزات أو زلازل؟ يحصل خوف عند الإنسان {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} (الزلزلة:2).
يتحدث الله عن زلزلة شديدة جدًا، يتحدث عن أهوال القيامة، عن مظاهر مرعبة في ذلك اليوم، يقول للإنسان إنك عندما ترى أول مظهر من هذه المظاهر فإنك من ستستحضر في نفس اللحظة ما ستقدم عليه فيمكن أن تقول أو يقول الجميع {يَقُولُ الْأِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ} (القيامة:10).
عندما تأتي الزلازل، عندما تجتمع الشمس والقمر، عندما [يتخربط] كل نظام هذا الكون {يَقُولُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ أين المفر كَلَّا لا وَزَرَ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (القيامة:13).
هكذا قضية النفخ في الصور يذكرك بأنه يوم أهواله شديدة، ومن عادة الإنسان في حالة الأهوال الشديدة يراجع حساباته وينظر إلى المصير ما الذي سيقدم عليه؟ {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا}(النبأ:19).
تتشقق السماء تتفطر السماء {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} (النبأ:20) تحول كالسراب، هذا هو يوم القيامة، مظاهر يوم الفصل، يوم الفصل ماذا وراءه؟ هل من وراء يوم الفصل عندما يظهر لنا أنه كان ظَلم فلانًا أو اعتدى على فلان [نسير نحن وفلان نأخذ تبيع ونسير نقصد فلان أو نحط جيهاننا عنده والملائكة تقصده على طيبة نفسه وانتهى الموضوع؟] لا. وراءه جهنم وراءه الجزاء {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} (النبأ:21).
فصل بعده جزاء، بعده إما جنة أو نار {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا} مرصودة معدة {لِلطَّاغِينَ مَآبًا} (النبأ:22).
للمتجاوزين لحدود الله للرافضين لما يريد الله منهم، لما يطلب الله منهم {لِلطَّاغِينَ مَآبًا لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا} (النبأ:23).
على الرغم من أنها عذاب شديد، خلود لا أحد يخرج منها {أَحْقَابًا} حقب متتابعة دهـور متتابعة لا نهاية لها {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا} (النبأ:24) نفحة من نسيم بارد أو شربة باردة في هذه الحُقُب المتتابعة آلاف السنين ملايين السنين لا يذوق شربة باردة، لا يحس بنفحة نسيم باردة {لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا}(النبأ:25).
متى ما التهب العطش كلما أضرّ به العطش الله حكى عن أهل جهنم {فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ}(الواقعة:55).
عطش شديد ماذا يشرب؟ يشرب حميمًا ماء حميمًا يلتهب، يقطع أمعاءه {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}(محمد: من الآية15) {وَغَسَّاقًا}(النبأ: من الآية25) يقال عن الغساق إنه صديد أهل جهنم، صديد أهل جهنم: القيح [والمدة] في لغتنا، شديد الحرارة متسخ الذي يسيل من أجساد أهل النار، هو شراب المجرم يوم القيامة هو شراب المجرم في جهنم {لايَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا جَزَاءً وِفَاقًا}(النبأ:26).
هو الجزاء الذي تستحقونه لماذا؟ {إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا}(النبأ:27).
كانوا في هذه الدنيا لا يفكرون في الآخرة لا يحسبون حساب الآخرة {وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا كِذَّابًا}(النبأ:28).
كلما تأتي آية قرآنية لا يصدقون بها، كلما جاء وعد إلهي لا يؤمنون به {وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا كِذَّابًا وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا} (النبأ:30).
هذه جهنم التي من أجل أن ننجي أنفسنا منها الله يقول لنا في القرآن يرسم لنا في القرآن طريق النجاة منها ويحثنا حثًا بليغًا على ما ينجينا منها، فمن هذا العمل – إن شاء الله – جهود من يبذلون جهودهم فيه – إن شاء الله – أن تكون مما ينجيهم يوم يقدمون على الله يوم الفصل.
القرآن الكريم هو بصائر للناس، بصائر حتى فيما يتعلق بالدنيا، وإذا لم تستبصر من القرآن فيما يتعلق بشؤون الدنيا أيضًا ستعمى فيما يتعلق بشؤون الدين؛ لأن الدين كل قضية في الدنيا هي مرتبطة بالدين، وهي هنا في القرآن الكريم لو تأملناه بعد أن قال: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ}(الجاثـية: من الآية20) يتحدث بما يعطينا وعيًا؛ لنقيّم به الناس، لنقيم به الطوائف، لنقيم به الأحزاب، لنقيم به الأشخاص، لنقيم به أيضًا أنفسنا، أعطانا بصائر كثيرة، الله يقول لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة:119).
أليست هذه من البصائر؟ {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} يقول أيضًا لرسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو خطاب له ولغيره من الناس {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ} (القلم:12).
أليس القرآن هنا يتحدث عن أشخاص ويتحدث عن فئات بصفاتهم يقيِّمهم لنا؛ لأننا بحاجة إلى بصيرة أمام بعضنا بعض حتى لا نكون في حالة عمى فتدخل في موقف تدخل في ولاءات مغلوطة، فتدخل في مواقف باطلة، تحسب عليك يوم القيامة عمى في يوم القيامة أيضًا، تحسب عليك وبالًا، وخسارة يوم تقدم على الله سبحانه وتعالى.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
وأنفقوا في سبيل الله
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 2/9/2002م
اليمن – صعدة