“القدس هي المحور”: معادلة استراتيجية لا شعار
|| صحافة ||
عندما يطلق محور المقاومة شعارًا بحجم “القدس هي المحور”، ويؤكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله أن محور المقاومة اليوم يجب أن يسمى أيضًا “محور القدس”، فإن الأمر هنا يعدو كونه شعارًا، بل هو معادلة استراتيجية وقاعدة للاشتباك.
فمن رهانات العدو المتعددة، كان الرهان على انكفاء كل جبهة مقاومة داخل حدودها، كي يستطيع التعاطي معها على حدة، والتفرغ لابتلاع القدس وتصفية القضية، بينما جاءت المعادلة المحورية للقدس لتحبط رهانات العدو وتجعله يعيد حساباته مع المحور من جهة ومع القدس من جهة أخرى كما يلي:
أولًا: حسابات العدو مع المحور يجب أن تتغير، فهو هنا ليس محورًا متناثر الجبهات، بل موحد الجبهة والراية وتجمعه قضايا واحدة وعند اللزوم وعند المساس بقضية مركزية من هذه القضايا يمكن أن يتحرك المحور تحركًا جماعيًا منسقًا.
ثانيًا: حسابات العدو مع القدس يجب أن تتغير لأن القضية ليست قاصرة على الفلسطينيين، ولا يمكن التعاطي معها بالترهيب والحصار والتواطؤ مع الأنظمة، بل هي قضية محور المقاومة وبالتالي هي قاعدة اشتباك مع كامل المحور، مما يعني أن المساس بها هو إعلان للحرب على كامل المحور.
هذه المعادلة الاستراتيجية تطورت من تلميح للسيد نصر الله تزامنا مع معركة “سيف القدس” عندما اقترح على المحور تحركًا جماعيًا منسقًا في قضية القدس، لتصل إلى ذروتها هذا العام بالإعلان الرسمي عن تدشينها واتخاذها شعارًا ليوم القدس.
وتطور المعادلة لا يعني أنها لم تكن قائمة أو أن مضمونها مستجد، بل يعني أنه توضيح لما قد لا يستوعبه العدو والمطبعون معه، وإعلان لقاعدة اشتباك حتى يعرف العدو وهؤلاء تداعيات سياساتهم وخططهم وتحركاتهم وعواقبها.
ويتزامن الإعلان عن هذه المعادلة الاستراتيجية مع تطورات دولية وإقليمية كبرى، وهي تطورات تشكل تحولات استراتيجية، حيث يتحول النظام العالمي لنظام متعدد الأقطاب، لم تعد لأمريكا فيه كلمة الفصل، بل مجرد امكانية التعطيل والحصار، ولم يعد لمحور المقاومة اقليميًا مجرد الدفاع والصبر الاستراتيجي، بل له امكانية المبادرة والهجوم لانتزاع الحقوق.
ويبدو أن هناك انظمة عربية ومعها العدو لم تستوعب بعد هذه التحولات، وربما يراهن البعض على إضاعة الوقت بانتظار عودة محتملة للرئيس ترامب، متناسين أن محور المقاومة صمد أمام هذا الرئيس، بل كان من أسباب فشله والإطاحة به!
لا شك أن العدو يعرف جدية المقاومة وجدية معادلة القدس، وهو وفي إطار ارتباكه يعاود القصف لسماء دمشق عقب خطاب السيد، وهو يعلم أنها محاولات يائسة وأن ثمن عدوانه مؤجل إلى حين وسيدفعه قريبا، ولكن لا يملك أمام المستوطنين إلا استعراض القوة ولو بشكل خائب على أمل انقاذ الوضع الداخلي المقبل على أزمة سياسية كبرى تضاف لأزمته الأمنية.
ان يوم القدس الذي أعلنه الإمام الخميني(قدس) والذي يحتفي به المحور المقاوم كل عام ومعه ما ندر من النخب والشعوب الحرة، لهو إثبات جدي على بوصلة المقاومة وثباتها منذ تدشين المناسبة حتى اليوم وعلى مدى هذه العقود.
كما أن المحور يخاطب الأمة على قضية جامعة لا تحتوي على تفاصيل يكمن فيها الشيطان ولا على بذور للشقاق والتشرذم، فهي قضية جامعة لا مذهبية قابلة للخلاف، ولا فكرية قابلة للجدل، ولا اقتصادية قابلة لتعدد الاجتهادات.
فقضية القدس عليها إجماع إسلامي بل ديني بين المسلمين والمسيحيين واليهود غير الصهاينة، وتجمع العروبيين، وقضية تجمع اليسار واليمين باعتبارها قضية حق واستقلال وطني، بل قضية إنسانية تضم تحت رايتها كل منصف وشريف.
إن هذه المعادلة الوحدوية هي حجة على الأمة جمعاء وسفينة نوح لها، ومن ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك.
العهد الإخباري/ إيهاب شوقي