في رحاب البرنامج الرمضاني: مواصفات القرآن الكريم (2)
خاص
يواصل السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله” الحديث عن القرآن الكريم بأسلوب جذاب وسهل فالقرآن الكريم هو نور من الله عز وجل وهدى ورحمة، حتى لا نشقى، وهذا يجب أن تكون نظرتنا صحيحة للقرآن.
ومن الأهمية معرفة صفات القرآن الكريم، في ضوء ما يقدمه السيد القائد في محاضراته الرمضانية، وإلى التفاصيل:
القرآن الكريم الحكيم في كل المجالات:
ومن صفاته القرآن الكريم أنه الحكيم بما فيه من حكمة في كل مجالات الحياة بفضل الله ورحمته للإنسان ووصله بالدنيا والاخره، يقول السيد القائد: “من الأوصاف الأساسية للقرآن الكريم: الحكيم، وأتى القسم بالقرآن الكريم، والقسم به أيضاً يبين أهميته، وأنه نعمة وآية من آيات الله، {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}[يس: الآية2]، قسمٌ بالقرآن وحكمة القرآن، وحكمة القرآن، القرآن هو حكيم، ما فيه حكمة، ما فيه من الهداية هو حكمة في مختلف المجالات، عندما يهدينا إلى شؤون حياتنا في أي مجال من مجالات الحياة: في المجال السياسي، أو المجال الاقتصادي، أو المجال الاجتماعي، أو المجال الأمني… أو في أي مجال من مجالات الحياة؛ لأنه كتابٌ يهدينا في حياتنا، في شؤون حياتنا، فيما يوصلنا إلى الله، وإلى رحمته، ويصلنا بفضله وكرمه ورحمته، والآخرة أيضاً، في الدنيا والآخرة، {وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ}، ومن أهم ما نحتاج إليه هو الحكمة؛ لأن البديل عن الحكمة هو الحماقة، والعشوائية، والتوجهات الخاطئة، والأفكار الخاطئة، والمفاهيم الخاطئة؛ وبالتالي التحرك على أساسها يكون تحركاً خاطئاً، مهما أخلص الناس وبذلوا من جهد.
إنه كتابٌ حكيم، إلى درجة أن يوصف بالحكيم، {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ}[الإسراء: من الآية39]، كل ما يهدينا الله فيه إليه من الأعمال، أعمال حكيمة، من التصرفات، تصرفات حكيمة، من السلوكيات، من المواقف، من… كل ما فيه على هذا الأساس، يجعل منا أمةً حكيمة، راشدةً في فكرها، مستقيمةً ومتوازنةً في أعمالها ومواقفها وسياساتها، الإنسان بحاجة إلى هذا على المستوى الشخصي، والأمة كأمة وكمجتمع”.
القرآن الكريم كتاب مجيد:
يبين السيد القائد أن من صفات القرآن الكريم أنه كتاب مجيد، وأن من يهتدي به يكتسب المجد والشرف، ويشير إلى أن القرآن الكريم كفيل بأن يرقى بالأمة لقيادة الأمم، وأن القرآن الكريم كفيل لو اتبعته الأمة الإسلامية واهتدت به بشكلٍ متكامل في مسيرة حياتها، أن يرقى بها لأن تسود بقية الأمم، وأن تقود المجتمع البشري، تقوده على نحوٍ صحيح، بما فيه الخير له، على أساسٍ من المبادئ والقيم الإلهية، التي تصلح بها الحياة، وتستقيم بها الحياة، حيث يقول:“مما ورد في القرآن الكريم: الوصف له بالمجد، وكذلك في سياق قسم أيضاً: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}[ق: الآية1]، فهو قسمٌ بالقرآن ومجده، القرآن كتابٌ مجيد، الأمة إذا التزمت به، إذا اهتدت به في شؤون حياتها، تكتسب المجد لنفسها؛ لأن كل هداية الله في القرآن الكريم هي هدايةٌ تسمو بنا، ترقى بنا، تكسبنا الشرف، ليس فيها شيءٌ يحط المجتمع البشري، يسيء إليه، أو يسبب له الهوان، أو ينزل به إلى الدناءة والانحطاط.
القرآن الكريم كل ما فيه من هداية الله “سبحانه وتعالى” رفعة، عزة، شرف، سمو، وكذلك قوة، وبالتالي كل ما يتحقق به المجد للأمة، إذا سارت عليه، تكون أمةً مجيدةً، تكسب المجد لنفسها، أمةً تسمو، وتزكو، وتقوى، وتعظم، وتبتعد عن كل ما فيه الانحطاط، والدناءة، والسقوط، والضعة، وهذا من أهم ما تسمو إليه وتتوق إليه النفس البشرية الكريمة، التي بقي فيه كرامة، فهي دائماً تتوق إلى المجد، وتترفع عن الضعة، عن السقوط، والقرآن الكريم كفيلٌ، لو اتبعته الأمة الإسلامية واهتدت به بشكلٍ متكامل في مسيرة حياتها، أن يرقى بها لأن تسود بقية الأمم، وأن تقود المجتمع البشري، تقوده على نحوٍ صحيح، بما فيه الخير له، على أساسٍ من المبادئ والقيم الإلهية، التي تصلح بها الحياة، وتستقيم بها الحياة، ويسمو بها الإنسان، ويزكو بها الإنسان، فتحفظ للإنسان كرامته الإنسانية، ولكن هذا أيضاً لا يقتصر فقط على الأمة بشكلٍ كامل، أي مجتمع، أي أمةٍ من داخل الأمة تسير على هذا الأساس ستكسب المجد لنفسها”.
القرآن الكريم كتاب عزيز:
يبين السيد القائد أن من صفات القرآن الكريم أنه العزيز، فهو عزيز من حيث أنه لا يقبل شئ من الباطل، ولا يقبل الاختلال في نظمه، وبلاغته، وحكمته، وأن الله عز وجل حفظ نصة من الاختراق وعزيز فيما يهدي اليه، عزيز في اثرة التربوي، ليس فيه أفكار او تعاليم تسبب للأمة الذل والهوان، حيث يقول: “مما ورد من أوصاف القرآن الكريم: العزيز، {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}[فصلت: من الآية41]، القرآن الكريم أيضاً هو من تجليات عزة الله “سبحانه وتعالى”، هو عزيزٌ من حيث أنه لا يقبل شيئاً من الباطل، لا يقبل الاختلال في نظمه، وبلاغته، وحكمته، أحكمت آياته، فلا مجال للخلل فيها أبداً، وعزيزٌ في أن الله حفظ نصه، وبقي سليماً من الاختراق في نصه، وعزيزٌ أيضاً فيما يهدي إليه، ليس فيه رؤى سخيفة، أو أفكار باطلة يتبناها، هو يعرض أفكار الآخرين ويبطلها، يزهق باطلهم، يدحضها، يفندها، لكن هو عزيزٌ”.
ويؤكد بالقول: “أيضاً في أثره التربوي، هو يربي على العزة، يربي النفس البشرية على العزة، ويسمو بها، يربي المجتمع الذي يهتدي به على العزة، ويقدم أيضاً من الهداية ما إن تمسكت به الأمة، أو تمسَّك به أي مجتمع من هذه الأمة؛ يعتز، ليس فيه أفكار، أو ثقافات، أو مفاهيم، أو تعليمات، أو توجيهات، تسبب للأمة الهوان والذلة، على العكس، مشكلة الأمة حين ذلت: أنها ابتعدت عمَّا في القرآن الكريم من هدايةٍ تعتز بها لو سارت عليها، لو اتبعت ذلك الذي ورد في القرآن الكريم والتزمت به. {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}، فهو عزيزٌ في نفسه، عزيزٌ في عطائه، عزيزٌ في ما يهدي إليه، وما يهدي إليه فيه العزة”.
القرآن الكريم كتاب هداية:
يؤكد السيد القائد أن القرآن الكريم هو كتاب هداية، حيث إن الوظيفة الرئيسية للقرآن الكريم الهداية، حيث يقول: “والقرآن الكريم هو كتاب هداية، الوظيفة الرئيسية للقرآن الكريم الهداية، الله قال، كما تلونا في بداية المحاضرة: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}، هداية، قال عنه: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ}[المائدة: من الآية16]، قال عنه: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء: من الآية9]، فما يهدينا إليه القرآن الكريم، هو هدايةٌ من الله “سبحانه وتعالى” للأقوم في كل شيء، للأرقى في كل شيء، للأنجح في كل شيء، للأفضل في كل شيء، فهو ليس فقط يقدِّم مثلاً الرؤية الصحيحة، أو الفكرة الصحيحة في موضوع معين، أو التعليم الصحيح تجاه موقفٍ معين، أو قضيةٍ معينة؛ إنما أحسن، أحسن، وأفضل، وأرقى، وأسمى، وخير ما يستقيم به الأمر في ذلك، أفضل ما يستقيم به الأمر في ذلك يقدمه لنا القرآن الكريم، يقدم شيئاً راقياً جدًّا وعظيماً، بحيث لا يستطيع بشرٌ أن يقدم ما هو أرقى من ذلك، أفضل من ذلك، أنجح من ذلك، أحسن عاقبةً من ذلك، أفضل أثراً من ذلك، يقدم الأرقى دائماً”.
ويضيف بالقول:
“فعندما نفهم أن القرآن الكريم كتاب هداية، لنعتمد عليه في كل مسيرة حياتنا، بدءاً من الجانب الإيماني، الجانب الإيماني الذي نحتاج إلى تنميته، يعتمد في بداية الأمر وفي أول شيء على معرفة الله “سبحانه وتعالى”، نحن كعالمٍ إسلامي تنقصنا المعرفة بالله، وكان لهذا آثار سلبية علينا في مدى ثقتنا بالله، اعتمادنا على الله، حتى في علاقتنا بالقرآن، والقرآن يعالج لنا هذه المشكلة، القرآن الكريم في أهميته وأثره العظيم فيما يتعلق بمجال معرفة الله أن الله قال عنه: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الحشر: الآية21]، لو نزل القرآن على جبلٍ واستوعبه، لخشع من خشية الله إلى أرقى مستوى، لبلغ في معرفته بالله، وبالتالي في خشيته من الله، إلى درجة أن يتصدع، وأن يظهر عليه الخشوع، {لَرَأَيْتَهُ}: يتجلى ويظهر في حاله إلى درجة التصدع من خشية الله “سبحانه وتعالى” فالقرآن الكريم كفيلٌ في عطائه في هذا المجال (في مجال معرفة الله “سبحانه وتعالى”) أن يرتقي بك في معرفتك، وبالتالي في إيمانك بالله، وثقتك بالله، وخشيتك من الله، إلى مستوى عظيم، ولا يماثله شيءٌ في ذلك، وهو من أهم ما نعود فيه إلى القرآن، وما ينبغي علينا أن نعود فيه إلى القرآن الكريم، وأن نركز عليه في القرآن الكريم”.
القرآن شفاء وتزكية للنفوس:
يبين السيد القائد أن القرآن الكريم شفاء للنفس البشرية مما قد تلوثت به، وتدنست به، ومما يؤثر سلباً على فطرتها، حيث يقول: “كما أسلفنا فيما يتعلق بأثر القرآن على المستوى التربوي، الله قال “جلَّ شأنه”: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء: من الآية82]، (مَا هُوَ شِفَاءٌ): شفاء للنفس البشرية مما قد تلوثت به، تدنست به مما يتناقض مع فطرتها، مما يؤثر سلباً على فطرتها، القيم الخيّرة، الصفات الحميدة، مكارم الأخلاق، في منابع الفضيلة والخير، مختلف أنواع الفضائل هي موجودةٌ في الفطرة البشرية، فطر الله الناس عليها، ولذلك الإنسان يقر بهذه الحقيقة، يتبناها بشكلٍ كبير في مسيرة حياته، حتى العناوين تبقى عناوين عند الجميع، وإن لم تكن على مستوى المصداقية قائمةً لدى الكثير.
ويؤكد بالقول: “فالإنسان بحاجة إلى القرآن الكريم على المستوى التربوي، هو يربي نفسية الإنسان تربيةً راقيةً عظيمة، ويسمو بها، ويحيي فيها وينمي فيها ما أودعه الله في فطرتها من مكارم الأخلاق، من الفضائل، من المعاني العظيمة التي ميزت الإنسان، وأكسبته الكرامة، وتعزز من دوره، وتهيئ له أيضاً أن يندفع في مسيرة حياته في الأعمال الصالحة، في المواقف الصالحة، في الاتجاه الصحيح، برغبة كبيرة، بقناعة تامة؛ لأن القيم العظيمة وزكاء النفس يساعده على ذلك، فينطلق ملتزماً، يمقت مساوئ الأخلاق، يكره الرذائل، نفسه عزيزة، نفسه كريمة، تترفع عن الأشياء السيئة والمنحطة والدنيئة، تترفع عن الذلة والهوان والخزي، تنسجم مع ما فيه الخير، مع ما يحقق له كرامته الإنسانية”.