إذا كنت تمضي في طريق الحق وتحظى بمعية الله فأنت قوي ولو كانت إمكانياتك بسيطة
القوة قوة النفس. إذا كان الإنسان قوياً في الله، ويسير في طريقة حق ستصبح وسائل بسيطة لديه مؤثرة جداً، وإذا ضعف الإنسان بسبب إعراضه عن الله، وعن هدي الله، تصبح كل ما لديه من قوات كثيرة لا تمثل شيئاً في الأخير.
وهذا معلوم، أليس واضحاً الآن، طائرات [ميج 29] وطائرات [إف 15، وإف 16] ودبابات متطورة مع العرب من كل بلاد، وجيوش بعشرات الآلاف، لـمَّا كانوا يمتلكون نفوساً ضعيفة أصبحت هذه لا تمثل شيئاً، أليس هكذا؟ وترى من ينطلقون بقوة، سواء في لبنان، في فلسطين، شباب يهتفون بشعارات من هذه، ما هم في الأخير يكشفون أمريكا؟ ويفضحون أمريكا، ويفضحون من يبدون أقوياء في ما لديهم من إمكانيات، وقلوبهم مهزوزة، وتهتز ضعفاً.
فهؤلاء من يصبح للأشياء البسيطة فاعلية، وأثر كبير، هم من يربط الله على قلوبهم {إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَها} معظم العرب الآن متجهين إلى أمريكا، وكأنها إله، ويطيعوها فيما تريد، ولتعمل ما تريد، وتنفذ ما تشاء، وتفعل ما تشاء، ولا تسئل عما تفعل. هكذا يتعاملون معها فعلاً، كما لو كانت إلهاً!.
فالذين ينطلقون في وجهها، معناه: لن ندعوا من دون الله إلها آخر كمثلكم. وفعلاً قالوا: هناك حديث – أنا ما قد اطلعت عليه – هناك حديث، أنه (لا تقوم الساعة حتى يعبد العرب بيتاً غير الكعبة) واحد نشره، وأظن بأنه أضافه إلى [كنز العمال]، وحلل هذا الحديث قال: انه فعلاً يبدو من وضعية العرب الآن متجهين للبيت الأبيض، لم يعودوا يتجهون لبيت الله، المعبر عن ألوهية الله، وملك الله، وتوحيد الله؛ لأن الله جعل البيت مثابة للناس: مرجع، ومن خلاله يكشفون أنهم عبيد لله، وأنهم مربوبين بالله، ومملوكين لله، وأنهم يجب أن يألهوا إلى الله.. وهكذا.
{هَؤُلَاء قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً}(الكهف15) وهكذا وضع العرب، ما هم بالشكل هذا؟ تراهم اتخذوا من دون الله أمريكا فعلاً، يطيعوها، ويخضعوا لها، ويمكنوها من أبنائهم يثقفوهم كما تريد، ومن مساجدهم، ومن خطبائهم.
يعني: أمريكا متجهة الآن بأن تتكلم عن طريق المنهج، عن طريق الإذاعة، عن طريق التلفزيون، عن طريق الصحافة، وتسكِّت عن طريق المسجد، تسكِّت الخطيب لا يتعرض لآيات من هذه، حول جهاد، حول فضح لبني إسرائيل، لا يتحدث مع الناس يذكِّرهم بخطورة القضية، ومسؤوليتهم أمام الله؛ ليسكت هؤلاء حتى تتكلم أمريكا فقط، من خلال المنهج، ومن خلال الصحفيين، والكتاب، والإذاعات، والتلفزيونات، وغيرهم.
إذا لم تصل إلى أن يكون هناك خطباء فعلاً، يكون أسلوبهم بالشكل الذي يهيئ قابلية لأمريكا. ما هذا الذي يحصل؛ لأن مجرد تسكيت الخطباء عن أن يتحدثوا عن القضايا هذه هو يعتبر خدمة أمريكية فعلاً، والدول العربية تتجه لهذا، الدول العربية تتجه إلى هذه فيما ما يتعلق بخطباء المساجد.
ومن العجيب أن العرب الآن لا يأخذون العبرة من بعضهم بعض، تجد أنهم عندنا في اليمن متجهين إلى الفكرة هذه، لا يأخذون عبرة من السعودية أنها أزالت كم من الخطباء، وكم أئمة مساجد، وما فرع فيها من أمريكا.
هذا هو العمى، والدبور الذي ما بعده إلا عقوبة شديدة، وتسليط عظيم، متجهين أنه يجي لهم خطباء مصريين، ويتجهوا إلى أنه يعلموا خطباءنا ما يتعرضوا للقضايا هذه نهائياً، ويخطبوا في مواضيع معينة قد بعضها فعلاً مما يريد الأمريكيون ترسيخه في المجتمع.
فهل أنت متجه لهذا من أجل زعم أمريكا ترضى عنك؟! لماذا لا تأخذ عبرة من السعودية التي أزالت حوالي ألف خطيب، وما فرع فيها من أمريكا!.
هي مرحلة كان لو كان عاد عندهم بصيرة، هي مرحلة أن يكون الخطباء في كل جامع يتحدثون مع الناس، يحرضونهم على الجهاد، يذكرونهم بالمسؤولية، يبينون لهم خطورة هذه الوضعية، يبينون لهم أمريكا، ومؤامراتها، كيدها، أهدافها.
ما كان هذا هو المفترض: أن يحرضوا الناس. ما هو يحاولوا يسكتوهم، ولا كلمة، ولو تأتي تسألهم هل سينفع هذا؟ أمريكا سترضى عنكم؟ سيقولون لك: لا، هذا هو العمى فعلاً نعوذ بالله من العمى. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}(الحج46) أما عيونهم فأنت تراها بعضهم مثل عيون الثور، كبار، لكن بصائرهم قد عميت.
أصحاب الكهف هم قالوا: {رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً} الله سبحانه وتعالى قال، أو كأنها حكاية لحال القضية، ما كأنه وحي، أي: كأنه قال هكذا سأجعل {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحمته ويُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقاً}(الكهف16) لماذا نقول بأن هذا لا يمكن أن يكون من شخص منهم يدعو به، ولا يبدو أنه وحي؛ لأنه ما أحد منهم كان نبياً، كما هو معروض في [قصة أصحاب الكهف] أنه يوحى إليه. إن الكلمة هذه دقيقة جداً لا يمكن أن تأتي إلا من جانب الله، لا يمكن أن أحداً يعملها في دعاء، ولا يتذكرها في دعاء.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
يوميات من هدي القرآن
السيد حسين بدر الدين الحوثي.
وحاضرة: آيات من سورة الكهف صـ 14ـ 15.