آثار هدى الله سبحانه وتعالى والمعارف الصحيحة على الانسان
|| تقرير ||
إن العلم الضار الذي يقدِّم مفاهيم خاطئة وأفكار ظلامية تحت عنوان العلم، هو الجهل المركب، والأميَّة في المفاهيم التي يجب أن يكونوا أبناء الأمَّة على حذرٍ منها، ولذلك فإن العلاقة بهدي الله سبحانه وتعالى، والعلاقة بالعلم النافع، والتزود للوعي والبصيرة، هي مسألة أساسية بالنسبة للإنسان المسلم، وإلا فالبديل عن ذلك هو الظلمات.
وفي ضوء ذلك، يُقدم السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي في كلمته بمناسبة اختتام المراكز الصيفية في العام 1440هـ خمسة عناصر أساسية تعد في مقدِّمة ما يميِّز هدى الله سبحانه وتعالى في أثره في الإنسان، ذلك الأثر الطيب في نفسه، ويمكن بيان ذلك على النحو الاتي:
1) الأثر الإيماني في العلاقة مع الله عزَّ وجلَ:
يؤكد السيد القائد أن أول أثر لهدى الله سبحانه وتعالى وللمعارف الصحيحة هو الأثر الإيماني في العلاقة مع الله، ويُبيَّن أن المعرفة بالله المعرفةً الصحيحةً بالله عزَّ وجلّ تترك أثراً من المحبة لله فوق كلِّ محبة، ومن الخشية لله، ويشير إلى أن هذا الأثر يسمو ويرقى بالإنسان، ويساعده على الاستقامة في مسيرة حياته، فيستند إلى الله عزَّ وجلّ في مواجهة كل التحديات والأخطار، يقول السيد القائد:
“أول أثر لهدى الله -سبحانه وتعالى- وللمعارف الصحيحة: هو الأثر الإيماني في العلاقة مع الله -سبحانه وتعالى- المعرفة بالله معرفةً صحيحةً تترك أثراً من المحبة لله فوق كلِّ محبة، ومن الخشية لله -سبحانه وتعالى- الله يقول في كتابه المبارك: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: الآية21]، هذا الأثر المهم يسمو بالإنسان، يرقى بالإنسان، يكبر بالإنسان، يساعده على الاستقامة في مسيرة حياته، ينطلق في هذه الحياة إنساناً يحب الله فوق كلِّ شيء، ويخشى الله فوق كلِّ شيء، فيمتلك طاقة هائلة، قوة معنوية عظيمة جدًّا، يستند إلى الله في مواجهة كل التحديات وكل الأخطار، يؤمن بالله -سبحانه وتعالى- وبهذا الإيمان ينطلق في هذه الحياة لا يخشى إلَّا الله، ويحب الله فوق كلِّ شيء، يتحرر من قيود وأغلال المحبة المادية التي هي مفرطة، وأيضاً من أغلال وقيود الخشية من الناس، فيمتلك طاقة إيمانية هائلة، ويتصل بحبل الله -سبحانه وتعالى-؛ ليحظى من خلال هذا الإيمان وهذه العلاقة بالرعاية الإلهية الدائمة: هدايةً، وعوناً، وتثبيتاً، وتأييداً، وسكينةً، وتوفيقاً، ويكون لهذا أثر كبير في حياته”.
2) يزكِّي النفس البشرية ويربيها على مكارم الأخلاق:
يُبيَّن السيد القائد أن القرآن الكريم، والمعارف الإلهية، والعلم الحقيقي والنافع من أهم آثاره في الإنسان أنه يزكِّي النفس البشرية، يربيها على مكارم الأخلاق، ويسمو بها؛ حتى تكون نفساً تعشق مكارم الأخلاق، وتمقت مساوئ الأخلاق، حيث يقول:
“أثر هذا أيضاً- كما قلنا- في التزكية ومكارم الأخلاق: كل ما في واقع هذه الحياة من جرائم ومفاسد ومظالم تؤثر على حياة البشر، وتشقي هذا الإنسان، منشؤها خلل في التزكية، خلل في الزكاء (في زكاء النفوس)، الإنسان المجرم الشرير، الإنسان الطاغية، الإنسان المفسد، الإنسان المنحرف أخلاقياً يعاني من مشكلة في زكاء النفس، القرآن الكريم، المعارف الإلهية، العلم الحقيقي والنافع من أهم آثاره في الإنسان أنه يزكِّي النفس البشرية، يربيها على مكارم الأخلاق، يسمو بها؛ حتى تكون نفساً تعشق مكارم الأخلاق، وتمقت مساوئ الأخلاق، إنساناً يرى الشرف في العفة، يرى الكرامة شيئاً عظيماً ينشد إليه، ينجذب إليه، يتأثر به؛ فينشأ إنساناً صادقاً، صالحاً، عنصراً خيِّراً في واقع الحياة”.
3) الاستشعار للمسؤولية:
يُبيَّن السيد القائد أن من أهم الآثار للعلم الصحيح والمعارف الإلهية النافعة الاستشعار للمسؤولية، حيث يقول:
“من أهم الآثار للعلم الصحيح والمعارف الإلهية النافعة الاستشعار للمسؤولية: وهذا موضوعٌ رئيسيٌ وأساسيٌ في المعارف الإلهية، وفي الثقافة القرآنية، وفي المفاهيم القرآنية، القرآن الكريم والرسول -صلوات الله عليه وعلى آله- يعلِّمنا المسؤولية، من أهم ما يعلمنا، وفي مقدِّمة ما يعلِّمنا المسؤولية، أن استشعر مسؤوليتي في هذه الحياة، مسؤوليتي في كل مجال من مجالات حياتي، بدءً من واقعي الشخصي في سلوكياتي، في تصرفاتي، ثم تجاه محيطي الأسري، ثم تجاه محيطي المجتمعي، ثم تجاه البشرية بشكلٍ عام، وتأتي فرائض معينة، مثل: فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمفاهيمها الصحيحة القرآنية، التي تتجه نحو كل مجال من مجالات الحياة لتصلح فيه، لتصححه، لتبنيه على أساسٍ من المبادئ، والقيم، والأخلاق، والمصلحة العامة، والخير لهذا الإنسان. فريضة الجهاد في سبيل الله بمفهومها الصحيح البنَّاء لدفع الظلم، لدفع الطغيان، لدفع الشر، لحماية الأمة، لحماية استقلالها وكرامتها والدفاع عنها… ثم هكذا مسؤوليات متعددة: مسؤوليات في الجانب المالي، مسؤوليات في كل المعاملات؛ حتى تكون المعاملة من أهم ما يتجسد فيه الدين، لدرجة أن يقول: (الدين المعاملة)، المسؤولية هذه التي يربينا عليها الإسلام فتجعلنا نتحرك في هذه الحياة ونحن ندرك ما علينا من مسؤوليات، ونتصرف بناءً على هذه المسؤوليات، من أهم ما في الإسلام، من أهم ما في القرآن، من أهم ما تقدِّمه المعارف الإلهية، فمن يأتي ليعلم الناس الأنانية، والجمود، والقعود، واللامسؤولية، والانفلات، واللامبالاة بالقضايا المهمة والقضايا الجامعة، هو لا يُعَلِّم الناس إلَّا المفاهيم الخاطئة، إلَّا الأفكار الظلامية الهدَّامة”.
4) اكتساب الوعي:
يؤكد السيد القائد من أهم الأثر العظيم للمعارف الإلهية، للقرآن الكريم، للثقافة القرآنية، للعلم النافع هو الوعي، الوعي الذي هو نورٌ تستضيء به تجاه واقع الحياة، حيث يقول:
“من أهم الأثر العظيم للمعارف الإلهية، للقرآن الكريم، للثقافة القرآنية، للعلم النافع هو الوعي، الوعي: هو يعلِّمك الوعي، أن تكون إنساناً يمتلك الوعي تجاه كل شؤون الحياة: الوعي بالناس، الوعي بالواقع، الوعي بالأحداث، الوعي بالفئات التي تتحرك في واقع البشر مهما كانت عناوينها التي تتحرك من خلالها، الوعي بالمسؤولية، الوعي الذي هو نورٌ تستضيء به تجاه واقع الحياة، وهذه من أهم الثمار المجتناة، والثمار الطيبة، والثمار العظيمة للعلم النافع، للثقافة القرآنية، لهدى الله -سبحانه وتعالى- البصائر، الله يقول في كتابه الكريم: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ} [الأنعام: من الآية104]، هذا الوعي الذي يحصِّن الساحة يحصِّن الأمة من كل الأفكار الظلامية، ومن كل الظلاميين الذين يأتون تحت أي عنوان، فلا يتمكنون من خداع من امتلك الوعي من خلال هدى الله، من خلال العلم النافع، لا ينخدع بأي عناوين وراءها قوى ظلامية، ووراءها مساعٍ هدَّامة وتدميرية، يعرف أساليب أهل الباطل، أساليب أهل الضلال، الأساليب والعناوين التي يستخدمها الظلاميون من كل فئات البشر وأشكالهم؛ وبالتالي هو محصَّن بالوعي لا ينخدع، وفي نفس الوقت لا يتأثر تأثراً سيئاً لمن هبَّ ودبَّ، لا يعيش حالة الفوضى في التلقي والتأثر بكل ما سمع، ليس إنساناً فاضياً، ما سمعه تأثَّر به، البعض من الناس كما نقول: (كالصحن اللاقط)، ما وصل استقبله وتأثَّر به، قد يسمع أي كلمة من أي إنسان وتأثَّر بها، بنى عليها تصوراً، بنى عليها موقفاً. مثل هذا الإنسان لن يكون راشداً، الوعي هو يحصِّنك من الاستغلال، الإنسان يُستَغل، الإنسان يصل إلى درجة الاستعباد إن لم يمتلك الوعي؛ لأن كل فئات الضلال تأتي تحت عناوين معينة، كل فئة ضلال لها نشاط إعلامي، لها نشاط ثقافي، لها نشاط ذو طابع فكري، تحاول من خلاله أن تدجِّن الآخرين لها، وأن تستغلهم، وأن تستعبدهم، وأن تخضعهم، وأن تهيئ الساحة لمواقفها وأهدافها وتوجهاتها، فالأمة إذا امتلكت الوعي تحصنت، لو وجَّه الآخرون إليك مليون قناة فضائية، وأتوا إليك بمليون تكفيري، وأتوا إليك بأي وسيلة وبأي عنوان؛ لن يستطيعوا أن يؤثِّروا فيك أبداً، ولا أن يغيِّروا فيك قناعةً واحدة ابتنت على يقين، على وعي، على بصيرة، بل تكون أنت محصَّناً فلا تتأثر من هنا أو هناك”.
5) اكتساب الحكمة:
من قوله تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}، يشير السيد القائد إلى أن من هم آثار هدى الله والعلم النافع والمعارف الإلهية هي الحكمة، ويؤكد أننا نحن كشعبٍ يمني يجب أن نكون طلَّاباً للحكمة، وشغوفين بالحكمة، وحريصين على الحكمة، يقول:
“من هم آثار هدى الله والعلم النافع والمعارف الإلهية الحكمة، ولهذا قال تعالى: {وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} وعندما نمتلك الحكمة نمتلك الرؤى الصحيحة الصائبة، وبالتالي نزن على ضوئها تصرفاتنا، ومواقفنا، وأعمالنا، وسلوكياتنا؛ نكون حكماء، ونحن كشعبٍ يمني يجب أن نكون طلَّاباً للحكمة، وشغوفين بالحكمة، وحريصين على الحكمة، أن يكون الإنسان حكيماً في رؤيته، وفي تصرفه الحكيم، وفي قوله الحكيم، وفي موقفه الحكيم.
(الإيمان يمان، والحكمة يمانية)، سنكون- كشعبٍ يمني- حكماء بقدر ما نرتبط بهذا الهدى: بهدى الله، بكتابه الكريم، بثقافته المباركة، عندما نرتبط بالعلم النافع، عندما نرتبط بالمعين الصافي للمعارف فنحصل على المعارف الصحيحة، نكون- بالفعل- حكماء في الرؤية، في الموقف، في التصرف، في السلوكيات، ونكون شعباً راشداً، أمتنا بشكلٍ عام كأمةٍ إسلامية كذلك”.
وبناءً على ما سبق، يؤكد السيد القائد بالقول أن:
“هذه الخمس العناصر الأساسية هي في مقدِّمة ما يميِّز هدى الله -سبحانه وتعالى- في أثره في الإنسان، الأثر الطيب والعظيم للمعارف الصحيحة والمعارف الإلهية والعلم النافع؛ أما العلم الضار الذي يقدِّم مفاهيم خاطئة تحت عنوان علم، أفكار ظلامية تحت عنوان علم، فهو الجهل المركَّب، وهي الأمِّيَّة في المفاهيم التي يجب أن نكون على حذرٍ منها”.