إنطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للأوقاف تحت شعار “معاً نحو التحول الاستراتيجي في العمل الوقفي”
موقع أنصار الله – صنعاء – 15 شوال 1443هـ
بدأت بصنعاء اليوم الاثنين ، أعمال المؤتمر الوطني الأول للأوقاف، تنظمه الهيئة العامة للأوقاف تحت شعار “معاً نحو التحول الاستراتيجي في العمل الوقفي”.
وفي افتتاح المؤتمر بحضور عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، على الأهمية العلمية للمؤتمر وطبيعة الأبحاث التي سيناقشها في تعزيز وتطوير الأداء العام للهيئة وفروعها، بما في ذلك دورها الخدمي والإنساني تجاه الفقراء والمعوزين من أبناء المجتمع.
وعبر عن الشكر للهيئة على تنظيم المؤتمر ولكل الجهات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة على دعمها للهيئة لتطوير نشاطها وعملها وتحسين أدائها ولجميع المشاركين في المؤتمر.. وقال” الشكر أيضاً للتوجيهات الصريحة للمجلس السياسي الأعلى برئاسة فخامة المشير الركن مهدي المشاط رئيس المجلس، الذي اهتم كثيراً بهذا النوع من المؤسسات ذات الصلة بدعم المواطنين من الفقراء والمحتاجين للعون”.
وحيا الرعاية الكريمة والاهتمام الذي يوليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي يعمل الجميع تحت قيادته ويوجه كافة الجبهات والجهات والمؤسسات للقيام بمهامها وواجباتها تجاه المواطنين وتحسين أدائها بصورة مستمرة بما يصب في خدمة المواطن الذي يعيش ضنك العيش وفي الوقت ذاته يقاوم العدوان إلى جانب قيادته للعام الثامن.
وأشار الدكتور بن حبتور إلى أن الوطن اليمني وأهله الأحرار يعشون حالياً لحظات الانتصار على قوى العدوان الذي أراد طيلة هذه السنوات أن يرّكع الشعب اليمني ويختزل حاضر وماضي اليمنيين في مجموعة من العملاء ومجموعة من الإجراءات ليحاول أن يثبت أن الإنسان اليمني انهزم في هذه المعركة.
وبين أن انتصار الشعب اليمني، ما هو إلا امتداد للانتصارات الكثيرة التي حدثت على مدار تاريخ اليمن الكبير.. معتبراً المؤتمر ونوعية المشاركة العلمية فيه وهدفه التطويري، واحداً من مؤشرات هذا الانتصار.
ونوه بالإنجازات التي حققتها هيئة الأوقاف رغم عمرها القصير الذي لم يتجاوز العام.. لافتاً إلى ملخص الأبحاث الذي تم عرضها من قبل رئيس اللجنة العلمية، والمقدمة من قبل الباحثين الذين وظفوا قدراتهم العلمية والبحثية والمنهجية لمساعدة هيئة الأوقاف في النهوض بعملها وطاقاتها في الفترة المقبلة.
وخاطب رئيس الوزراء المشاركين بالقول” نحن نطبق جميعاً مقولة قائد الثورة التي أشار إليها باستمرار وهي أن ندافع ونفكر ونصمد ونثبت ونصبر، وهو ما نسير عليه، بينما نجد الأعداء يعيشون في مأزق بعد أن قضوا على النقطة الجوهرية التي قاتلوا بها شعبنا اليمني طيلة ثمان سنوات، وهي إعادة الشرعية المنتهية أصلاً قبل أن يبدأ العدوان الباغي على وطننا”.
وأضاف “اختزلوا تلك الشرعية وحولوها إلى مجموعة شرعيات لا أساس لها، وما ذلك إلا نتيجة من نتائج صمود وثبات شعبنا اليمني وتآزر جبهتنا الداخلية وصمود قيادتنا الثورية والسياسية العليا”.
وفي المؤتمر الذي حضره رؤساء مجلسي القضاء الأعلى القاضي أحمد يحيى المتوكل والشورى محمد حسين العيدروس والمحكمة العليا القاضي عصام السماوي، ونائبا رئيسي مجلسي النواب عبدالسلام هشول، والوزراء لشؤون الرؤية الوطنية محمود الجنيد، ومدير مكتب قائد الثورة سفر الصوفي، وعدد من الوزراء وأعضاء مجلسي النواب والشورى، أشار مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين إلى أن الوقف أمانة ابتلى الله بها العباد حكاماً ومحكومين، فإن قاموا بواجبهم تجاه هذه الأمانة ابتغاء وجه لله استحقوا الثواب والأجر، وإن قصروا استحقوا الخذلان والغضب وسخط الله ونقمته وعذابه.
وقال :” إن الأمانة فرّط بها الكثير من الناس، فالوقف أوقفه الواقف من حر ماله ابتغاء وجه لله، وعلى الجميع أن يتقوا الله تجاه ما أنيط إليهم من مسؤولية في هذا الجانب”.
وأضاف “إن الوقف صار أمره هين والتعامل معه كالتعامل مع المال المباح، بل صار الوقف بأزهد الأثمان، وأقلها لأنه وقف، وإذا تولى الأجير ولاية الوقف، وكان تحت يديه تعامل معه كأنه ملكه، وهذه خصلة من خصال الجاهلية”.
وأكد العلامة شرف الدين عدم الحاجة للوسطاء بين الوقف والمستأجر .. وقال” لسنا بحاجة للوسطاء فيما بين الوقف والمستأجر وعلى الهيئة أن تؤجر العين المؤجرة المبينة بصورة مباشرة مع المستأجر وفقاً للقانون والزمان والمكان كما لو كان حراً، ولهذا لابد من تكامل الجهود في هذا الجانب”.
وأضاف” إن طلب المأذونية لا أصل لها في الشرع، لأن المأذونية في الحقيقة بيع ضمني لأرض الوقف لا يلزم للأوقاف ولا لغيرها أن تسترد الوقف ممن قد أذنت له وأخذت منه المأذونية، لأنها قد باعت منه ما يتطلب تجنب هذه الأخطاء التي ارتكبت سابقاً”.
وحث مفتي الديار اليمنية، هيئة الأوقاف على أن تشرف بصورة مباشرة على إيجار العين من المستأجر كما نص عليه القانون مع مراعاة المنفعة التي يستأجر بها المستأجر إن كانت للتجارة أو للسكن أو لغيرها.
وتابع” لسنا بحاجة لفرض رسوم على المواطنين بأسماء عدة حق المأذونية وغيرها، هي أجرة واحدة لا غير في بداية مباشرة العقد من العين المؤجرة ويتم تحديدها، وإذا تم طلب أجرة مقدما فلا مانع، على أن يُنص عليها أنها مقدم أجرة، وليس مأذونية لأن ما يسمى بالمأذونية فيه تلبيس وتدليس، ولابد من الإيضاح والبيان”.
وأكد العلامة شرف الدين، أنه لا يحق للأجير بيع مال الوقف ولا التصرف فيه بأي حال من الأحوال خلافاً لما نص عليه عقد الأجرة، سواء حق اليد أو غير ذلك من المسميات.. لافتاً إلى أن الأمناء الذين يحررون عقوداً لا يجوز لهم التصرف في هذا الجانب.
وقال” لا يجوز للأمين ولا يحق له أن يحرر عقد لما يسمى بحق اليد لأي شخص وإن كان الأجير يستحق ما يسمى بحق العناء الظاهر، فعلى الدولة والجهة المختصة في الهيئة العامة للأوقاف أن تعوضه نقداً لا أرضاً يتم تسلمه للأجير”.
ولفت مفتي الديار اليمنية إلى أن الجهة المعنية بتحرير العقود في أموال الوقف، هي الهيئة العامة للأوقاف بما يصب في مصلحة مقاصد الواقفين، مع مراعاة أن تكون العين المؤجرة والمدة والأجرة والمنفعة معلومة بين الأجير والأوقاف.
بدوره أكد رئيس الهيئة العامة للأوقاف العلامة عبدالمجيد الحوثي، العزم على مواجهة الصعوبات والتحديات في سبيل استعادة مكانة الوقف ودوره الحيوي في رفد المجتمع والتنمية وتحسين الاقتصاد الوطني.
وقال ” نحن في الهيئة عقدنا العزم وعاهدنا الله على المضي بخطى واثقة في سبيل بناء المؤسسة الوقفية الحديثة، معتمدين على الله وملتمسين الدعم من كافة الجهات الرسمية والشعبية، لأن المال مال الله تعالى والوقف حق لله وبيوت الله والمستضعفين من عباد الله”.
واعتبر رئيس الهيئة الحفاظ على أعيان الوقف، واجبا على الجميع .. وأضاف ” لا تستطيع الهيئة العامة للأوقاف تحمل الجهد والمسؤولية لوحدها، ولابد من تضافر الجهود من السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية والمجتمع بصورة عامة والعلماء والخطباء والأكاديميين والتربويين وغيرهم لتغيير الثقافة المغلوطة التي بُنيت حول الوقف وأمواله وأعيانه”.
وشدد العلامة الحوثي على ضرورة إعادة الوقف إلى مكانته التي كانت سائدة لدى الآباء والأجداد والمساهمة في تغيير الثقافة للمواطنين لأن يُقفوا من أموالهم، لا أن يبسطوا على أموال الوقف.
وأكد مضي الهيئة في حماية أعيان وأراضي وممتلكات الأوقاف وفقاً لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والمجلس السياسي الأعلى والحكومة والسير بالمؤسسة الوقفية إلى الأمام.. مشيراً إلى أن الشعب اليمني يتقدم خطوات في سبيل بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة المؤسسات والنظام والقانون والحق والعدل.
وقال” نعرف أن هناك صعوبات وتحديات جمّة أمام الهيئة، لكننا سنمضي في بناء المؤسسة الوقفية الحديثة وقد بدأنا بإعداد الخطة الاستراتيجية الخمسية المرفقة في أدبيات المؤتمر” .. مبيناً أن المؤتمر العلمي الأول للأوقاف سيخرج من خلاله المشاركون بتوصيات ومخرجات ترفع من مستوى الوقف ومكانته وترسم الطريق للهيئة لبناء المؤسسة الوقفية الحديثة.
وبين رئيس هيئة الأوقاف، أن الوقف ليس مالاً عاماً ولا من أموال الدولة، وإنما الوقف للمواطن والضعيف وابن السبيل والمريض والعاجز ولبيت الله وطلبة العلم وهو للشعب والمجتمع.. لافتاً إلى أن كافة أنواع وصنوف الوقف تتعدد بـ150 صنفاً، تصب جميعها في صالح المجتمع، ولا يعود منها للدولة ولا للمسؤولين ولا للنافذين، وإنما للمستضعفين الذين أخرج الواقفون أفضل ما يمتلكون من أجل أن تصل هذه الأوقاف إلى مستحقيها.
وأكد أن الأوقاف تعرضت عبر عقود من الزمن لتدمير ممنهج، تضييعاً لحقوقها ووثائقها ووعائها.. وقال” أصبحت الثقافة لدى الجميع أن الأوقاف ليست إلا للعائدات الرمزية وأصبح النافذون والباسطون يسطون على أموال الفقراء والمساكين وبيوت الله وطلبة العلم وأموال المرضى وبن السبيل وكل المصالح التي أراد الواقفون أن تصل إلى مصارفها أصبحت ضائعة في أيدي الباسطين والنافذين”.
وأضاف” الوقف مسؤولية جماعية لابد أن نضطلع بها جميعاً فنحن مسؤولون أمام الله وسنكون في مقدمة الصفوف لإصلاح هذا المرفق المهم والحيوي، الذي لو أصلح كما أراد الله تعالى لكان رافداً للتنمية والاقتصاد ورافداً لأبناء الشعب اليمني”.
وعبر العلامة الحوثي عن الأمل في تعاون المواطنين للحفاظ على أموال الأوقاف وتنمية مواردها والرفع من مكانتها ..وقال” عندما نسعى للحفاظ على أموال الأوقاف وتنمية مواردها والرفع من مكانتها، إنما نسعى للحفاظ على حقوق المواطنين وممتلكاتهم، فالأوقاف هي ممتلكات المواطنين وعائداتها تخص المواطنين ومسؤوليتنا تأديتها إلى أصحابها”.
فيما أشارت كلمة اللجنة العلمية للمؤتمر التي ألقاها الدكتور محمد القطابري إلى رؤية المؤتمر الوطني للأوقاف في كونه تظاهرة علمية لتطوير مسيرة الوقف واستعادة مكانته الاجتماعية وتنمية موارده.
ولفت إلى رسالة المؤتمر المتمثلة في بناء الهيئة العامة للأوقاف كمؤسسة وقفية حديثة لحماية الوقف وتعظيم منافعه وتنمية موارده وتفعيل دوره التنموي من خلال تضافر الجهود الرسمية والشعبية وحشد الطاقات الإيجابية وتعزيز الهوية الإيمانية للمجتمع.
وأوضح أن هدف المؤتمر ترسيخ الوعي الرسمي والمجتمعي بالمسؤولية الجماعية للنهوض بالأوقاف وحمايتها وتنميتها والإسهام في تطوير البنية التشريعية والتنظيمية والإدارية لبناء هيئة الأوقاف ومناقشة تطوير مشاريع وقفية مبتكرة.
وتطرق إلى أوراق العمل البحثية للمؤتمر ومحاورها الرئيسية حيث يركز المحور الأول على “الوقف بين المسؤولية الدينية والواقع العملي” ويشتمل على ستة أبحاث، فيما المحور الثاني بعنوان”مقومات بناء هيئة الأوقاف” ويشتمل على ثمانية أبحاث، ويختص المحور الثالث بالوقف بين التحديات والطموحات ويضم ثمانية أبحاث.
وبين الدكتور القطابري أن عدد الأبحاث المقدمة للمؤتمر 32 بحثاً، تم قبول 22 بحثاً مقدمة من عدد من أساتذة الجامعات سيتم تدارسها ومناقشتها في ثلاثة أيام، إضافة إلى أنه سيتم عقد خمس ورش علمية في الجوانب التثقيفية والتوعية الإعلامية والتشريعية والقانونية والاقتصادية والاستثمارية الوقفية والتطويرية والابتكارية والإدارية.
وكان وكيل هيئة الأوقاف لقطاع المبرات والمساجد الدكتور عبدالله القدمي، قدّم عرضاً شاملاً لمنجزات الهيئة منذ تأسيسها والأنشطة التأسيسية والمشاريع التي نفذتها خلال الفترة الماضية، إلى جانب مشروع الخطة الإستراتيجية الوطنية للهيئة.
تخلل افتتاح المؤتمر قصيدة للشاعر عبدالسلام المتميز، وإهداء الدروع من قبل رئيس هيئة الأوقاف لقيادات ومسؤولي الدولة نظير دعمهم للهيئة وتطوير مهامها.