الشعار.. موقف يفرضه الواقع

 

نحن منذ ذلك اليوم وإلى اليوم، كل ما حدث من أحداث في الساحة العربية والساحة الإسلامية، بكل ما فيه يمثل شواهد وأدلةً قاطعةً على حتمية الموقف، على مشروعية هذا التحرك، على أهمية هذا التحرك، على أنه ليس من الصحيح أبداً لشعوبنا وبلداننا أن تكون لا في حالة صمت واستسلام وانتظار للمجهول، ولا أن تتجه اتجاه العمالة وسياسة الاسترضاء لأمريكا، وتسلم زمامها للأمريكي، وتنفذ منه ما يريد، والذي يريده هو ما يحقق له أهدافه الخطيرة والمشؤومة.

كل الأحداث والوقائع، وهي كثيرة، وكلنا عايشها، وكلنا سمعها، ونحن نرى اليوم ما وصلت إليه الأمور، حتى على مستوى العنوان الذي تحرك الأمريكي من خلاله، وجعله غطاء له -عنوان  الإرهاب- انتقلت المسألة وتطورت من عنوان إلى وسيلة مباشرة لضرب هذه الشعوب نفسها، فلم يعد عنوان الإرهاب على أساس أن هناك جماعة في العالم الإسلامي، أو جماعات في العالم الإسلامي، يمثلون خطورة على أمريكا -بحسب زعمهم- ويستهدفون أمريكا، أو يستهدفون مصالح أمريكا، كان هذا عنواناً في البداية، ولا أكثر من عنوان؛ لأنه ليس بحقيقته كذلك أبداً، تحول هذا العنوان إلى جماعات متحركة، نشطة، تحظى بدعم كبير من أمريكا وأدوات أمريكا، وتتحرك في بلداننا نحن لضربنا نحن، فإذا بالتكفيريين الذي كانوا هم العنوان الإرهابي لأمريكا والذريعة المصطنعة والمختلقة لأمريكا، إذا بهم يتحولون إلى وسيلة وإلى يد أمريكية، تضرب بها شعوب المنطقة، بالدرجة الأولى تضرب بها القوى الحرة في المنطقة التي لها موقف من الهيمنة الأمريكية، وتستهدف الشعوب بشكل عام، ويتحركون في العراق، يتحركون في سوريا، يتحركون في اليمن.

في اليمن، عندما كان هناك مواجهة قوية لهم، وكانوا قد أوشكوا على الانهيار التام في اليمن، دخلت تلك القوى التي تقف خلفهم، وبحماية أمريكية، وبإشراف أمريكي وإدارة أمريكية على نحو مباشر في العدوان علينا في هذا البلد؛ لأنه عندما كانت ما تسمى بالقاعدة قد أوشكت على الانهيار التام، وكان الشعب يطاردها من محافظة إلى أخرى وصولاً إلى عدن آنذاك، فلما رأى الأمريكي أنه لا مستقر لهم في هذا البلد، وأن الشعب يطردهم من محافظة إلى أخرى، أعطى المجال لأدواته الإقليمية بالتدخل المباشر عسكرياً في بلدنا لاحتلاله، ولتعيد من جديد تشكيل وتكوين وتكبير تلك الأيادي القذرة، تلك الجماعات التي هي مجاميع لهم هم، جماعات لهم هم، أيادي لهم هم؛ لتتحرك من جديد في هذا البلد، ومعها غيرهم.

اليوم المخاطر كبيرة جدًّا في العالم العربي والإسلامي، والأحداث منذ الـعام 2001م إلى اليوم تمخض عنها مخاض كبير في المنطقة، وأحدثت فرزاً كبيراً في الواقع العربي والإسلامي. اليوم تجلت الحقائق على نحو أكبر، وتشكل الواقع الذي نعيشه في المنطقة العربية والعالم الإسلامي إلى أن يصبح هناك في واقعنا: قوى إقليمية، دول واضحة، حكومات وأنظمة واضحة، لها موقف واضح في العمالة لأمريكا وإسرائيل، وفي التعاون مع أمريكا وإسرائيل، وفي التحرك لتنفيذ الأجندة والمؤامرات الأمريكية في المنطقة بكل ما تملكه عسكرياً واقتصادياً وإعلامياً، وبكل الوسائل والأساليب… وبات هناك في الساحة قوى حرة، قوى مناهضة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، قوى لها موقف واضح ومسؤول، تصر على حرية بلدان المنطقة، حريتنا كعالم إسلامي، كأمة عربية وإسلامية، على الاستقلال، على رفض الاحتلال الأمريكي والهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، والأحداث اليوم على أشدها، والصراع على أشده.

اليوم المخاطر أيضاً في الساحة الفلسطينية واضحة، المخاطر على الأقصى مخاطر غير مسبوقة، ومن المهم لنا أن نكون دائماً على وعي بطبيعة هذه الأحداث؛ لأن من أكبر ما يركز عليه الأمريكي وكل أدواته الإقليمية والمحلية، من الأنظمة ومن داخل الشعوب، أن يذر الرماد على العيون، وأن يلبس على الكثير عن حقيقة هذه الأحداث، حقيقة العدوان علينا في اليمن، حقيقة الحرب في سوريا، حقيقة الحرب في العراق، حقيقة الأحداث في المنطقة، وكأنه لا ناقة للأمريكي فيها ولا جمل، وكأن الأمريكي معني فقط أن يحاول أن يصلح بين الجماعة [حتى لا يختلفوا ويدخلوا في مشاكل.. هؤلاء المساكين]. لا، كل هذه الأحداث، كل ما يحدث اليوم في ساحتنا العربية والإسلامية من حروب، وفتن، ومشاكل، وأزمات… لها علاقة بالأمريكي والإسرائيلي، وهي تخدم الأمريكي والإسرائيلي، من جانب الأدوات التي تعمل لصالح أمريكا بوضوح، وارتباطها بالأمريكي واضح، وعلاقتها بالأمريكي واضحة، وهي لا تبرئ نفسها من ذلك، هل يمكن أن يبرئ النظام السعودي نفسه من ذلك، وهو الذي بالمكشوف يسعى إلى أن يبرز نفسه وكيلًا لأمريكا في المنطقة، ويدًا لأمريكا في المنطقة؟ هل يمكن أن يخبئ الإماراتي وجهه خلف إصبع في عمالته لأمريكا وفي عمالته لإسرائيل، وفي ارتباطه الاقتصادي والسياسي والاستخباراتي والعسكري مع إسرائيل؟

باتت الأمور اليوم مكشوفة وواضحة، وهم اليوم، وإن حاولوا أن يسموا (لواء العمالة) بلواء العروبة، هم اليوم مفضوحون أكثر فأكثر أمام كل المستجدات في المنطقة.

تفضلوا… اليوم يا أيها العرب، يا من يزعمون أنهم يحملون لواء العروبة، أيها النظام السعودي، أيها النظام الإماراتي، تفضلوا اعملوا شيئاً للأقصى أمام المخاطر الكبيرة على المسجد الأقصى. ماذا تعملونه من أجل الأقصى؟ ماذا تعملونه من أجل فلسطين؟ ألستم اليوم وأكثر من أي وقت مضى، تكشفون عن أنفسكم أن لكم علاقة بإسرائيل، وأنكم وإسرائيل ضمن تحالفات على ما تسمونه -أعداء مشتركين، ومصالح مشتركة-؟ فما هو اليوم دوركم؟ وما الذي يمكن أن تقدموه لصالح المسجد الأقصى ولصالح فلسطين وشعب فلسطين؟

أنتم اليوم بكل ما قد قمتم به في المنطقة، وبمستوى هذا الانكشاف في علاقتكم بإسرائيل، وهذه الخطوات المتزايدة في تحالفكم معها، أنتم تشجعون الإسرائيلي أكثر فأكثر على الإقدام على خطوات غير مسبوقة في استهداف المسجد الأقصى، لدرجة منع الصلاة فيه، لدرجة منع صلاة الجمعة في يوم الجمعة الماضي فيه، أنتم اليوم تشجعون الأمريكي، وتشجعون الإسرائيلي على الإقدام على خطوات كبيرة في ضرب الأمة، وفي استهداف الأمة.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

كلمة السيد بمناسبة الذكرى السنوية للصرخة26شوال1438هـ

قد يعجبك ايضا