حزب الله في أربعين عاماً: الحضور، الفرادة، والنموذج
قد لا يكون من المبالغة في شيء القول إنه خلال قرن مضى ندر الى حد كبير وجودُ منظمة في هذه المنطقة كان لها هذا الحضور والصدى والتأثير، على قدر ما كان لحزب الله. صحيح أن هناك منظمات مرت في هذه المنطقة وكان لها حضور وتأثير عابر للحدود الوطنية، لكنها لم تعمّر طويلاً بهذا الدور بفعل افتقارها الى القدرة على التوفيق بين المبدئية والمرونة، أو لم يُكتب لها أن تسهم في تغيير معادلات كبرى بسبب استعجالها وعدم فهم الواقع أو لخطأ في تشخيص الأولويات أو لمشاكل داخلية، أو لم تتمكن من التجرد عن أنانية تنظيمية لتنقل تجربتها النموذجية إلى منظمات أخرى وتشكّل معاً حلفاً يقود المنطقة نحو أفق جديد.
أيضاً، ربما لم يُكتب ويُنشر ويُبث إعلامياً عن منظمة، كما شهدنا في خصوص حزب الله. ذلك أن العدو الصهيوني ودوائر المخابرات الأميركية وما يلحقها من دوائر عربية وأجنبية ومحلية جعلت حزب الله شغلها الشاغل بهدف التعمق في صيرورته وارتباطاته وفعاليته و”تفكيك شيفرته”، أو للنيل منه وشيطنته.
تمكّن حزب الله من تطوير نموذج خاص اعتماداً على بنيته العقائدية وتجربته الجهادية الغنية وخصوصية الواقع اللبناني، فجمع بين هويته الأولى كمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني والهيمنة الأميركية وضرورات الانخراط في الواقع السياسي اللبناني. لم تتحقق أُمنية الذين تمنوا أن يبقى مقاومة بعيدة عن ملاقاة الواقع المعقّد في الداخل كي يخلو الجوّ لهم، وخاب فأل الذين راهنوا على أن يترك المقاومة ويستغرق في العمل السياسي كي يفقد منبع قوته وينجرف مع التيار السائد.
يحلو لبعضهم أن يعزو نقطة قوة حزب الله الأولى والأساسية الى الدعم المادي الذي يلقاه من الجمهورية الإسلامية في إيران، وهذا عامل لا يمكن إنكار أهميته، لكن هناك عناصر أساسية وحاسمة جعلت لحزب الله هذا الحضور القوي، ومن بينها: البعد الإيماني الذي يحثّ أفراده على التحمّل والتضحية (ثلاثية الإيمان والجهاد والشهادة) في مواقع جغرافية قريبة وبعيدة، الارتباط المعنوي بولاية الفقيه الذي شكّل عامل تماسك واستلهام، التحلي بالقدرة على تفعيل عناصر القوة التنظيمية، الثقة الواسعة بكفاءة القيادة في التعامل مع الواقع الى حد يجعلها مرجعية سياسية لا غنى عنها محلياً وإقليمياً، التشخيص الدقيق للمصالح والعزوف عن المكاسب العاجلة والتركيز على الأهداف الكبرى، عدم التهيُّب من خوض التحديات الصعبة في ميزان يتطلب تقدير متى تُقْدم ومتى تصبر.
مراحل النمو والنضوج:
مرّ حزب الله خلال أربعة عقود بمراحل أساسية يمكن إجمالها بالآتي:
– مرحلة المواجهة مع الاحتلال والقوات الأطلسية التي دخلت الى بيروت دعماً له ابتداءً من العام 1982 وصولاً الى تحرير معظم المناطق المحتلة. مرحلة اتسمت بتواضع العمل الإعلامي والمجهولية أحياناً، حيث كان الكثيرون لا يعرفون عن الحزب إلا ما تتداوله وسائل الإعلام الغربية.
مع ذلك، أنتج حزب الله خلال هذه المرحلة، تحديداً في شباط 1985، خطابه الأول (الرسالة المفتوحة) إلى الرأي العام المحلي والعالمي وحدَّد فيه هويته وثوابته وأهدافه.
– مرحلة الانخراط في المعترك الداخلي، التي بدأت بعد انتهاء الحرب الأهلية عام 1990 وعودة الانتظام الى مؤسسات الدولة اللبنانية، وأبرز معالمها الدخول الى مجلس النواب عام 1992 وإقامة علاقات مع القوى السياسية.
ترافق ذلك مع تطوير للمؤسسات التنظيمية: إعلامية، تربوية، ثقافية، اجتماعية، زراعية، عمرانية، طبية، تمويلية، رياضية، كشفية. وفي الوقت نفسه، استفادت المقاومة من استقرار الوضع الداخلي لتكثيف عملياتها في ما كان يُعرف بـ”الشريط الحدودي المحتل” وصولاً الى إنجاز التحرير في أيار عام 2000. واستمر حزب الله بالأداء نفسه إلى العام 2005، مع إعادة تحديد لوظيفة المقاومة وهي تحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والدفاع عن لبنان في مواجهة أي عدوان صهيوني محتمل. كان ذلك في قبالة من كانوا ينادون بوضع سلاح المقاومة جانباً بعد التحرير الكبير عام 2000.
– مرحلة العمل الحكومي: وهي أكثر عمقاً وشمولاً من المرحلة السابقة، وبدأت بعد الزلزال الذي أحدثه اغتيال الرئيس رفيق الحريري وخروج القوات السورية من لبنان عام 2005، وما تلاه من ازدياد التدخل الأميركي في الشأن اللبناني. واتسمت هذه المرحلة بتصدّر حزب الله للأحداث بدءاً من خطاب الأمين العام في مسيرة بيروت الحاشدة في 8 آذار 2005. وقد لجأ الحزب إلى بناء شبكة علاقات وتحالفات واسعة مع القوى الفاعلة بهدف مواكبة الاستحقاقات الداهمة وإدارة المواجهة السياسية. واللافت في هذه العلاقات حرص الحزب على احترام الخصوصيات التنظيمية والسياسية لحلفائه، وإن شابتها تباينات في بعض الموضوعات. وبذلك، لم يسجَّل للحزب أنه سعى الى إلغاء هذه الخصوصيات أو إلحاق الحلفاء به.
– مرحلة التفاعل مع التطورات في المنطقة. وهي مرحلة لا تنفصل عما سبقها في الترتيب الزمني، لأن حزب الله لم يكن متخلفاً في السابق عن الحضور في الساحات التي تتطلب نصرة قضايا الأمة.
تمثلَ ذلك مبكراً بمساندة نضال شعب البوسنة والهرسك الذي كان يواجه حملات الإبادة في العام 1992، ومساندة نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال عبر الدعم التدريبي واللوجستي قبل وبعد انتفاضة الأقصى في أيلول/ سبتمبر 2000، وتقديم الدعم للشعب العراقي ضد الاحتلال الاميركي عام 2003 ثم ضد تمدد عصابات داعش عام 2014، ومساندة سوريا في مواجهة الحرب التي شُنت عليها عام 2011 لتغيير الخارطة الجيوسياسية للمنطقة من البوابة السورية، ثم مساندة شعب اليمن ضد العدوان السعودي- الأميركي عليه عام 2015. ولعل هذا الدور الذي لعبه حزب الله قد ساهم مع بقية الحلفاء في تحويل مسار الأحداث في اتجاه لا يسرّ خاطر الإدارة الأميركية وجعل الحزب محط تركيز لاحق من جانب أميركا وحلفائها.
في عين العاصفة:
بين العام 1982 تاريخ النشأة و2022 بلوغ أربعينية النضج، مفصل زمني حافل بألوان التحديات العواصف التي أطبقت فيها الدنيا على حزب الله في محطات عدة وجعل الله له منها مَخْرجاً. وفي بعضها ارتجفت قلوب المحبين وقال المتربصون إن الحزب وقع ويوشك على ملاقاة مصيره.
وهناك محطات رافقت مسيرة حزب الله منذ البداية أو شكّلت تحدياً لوجوده في ما بعد:
– محاولة إدخال لبنان في الفلك الأميركي- الاسرائيلي في أعقاب الاجتياح الصهيوني عام 1982. كانت تلك الفترة حالكة وشديدة السواد، وضع فيها الأميركيون والصهاينة ثقلهم العسكري لتكوين لبنان على الصورة التي يريدونها، وأبرز معالم تلك الفترة اتفاق 17 أيار 1983.
– أحداث الفتنة الداخلية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي والتي وضعت الجميع أمام اختبار صعب، قبل أن تتهيأ الظروف لمعالجتها سياسياً وميدانياً.
– العدوان الصهيوني التدميري الواسع على لبنان في تموز 1993 ونيسان 1996 بهدف إنهاء المقاومة عبر رفع تكلفتها على الشعب الذي يساندها.
– اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 وما تلاه من إنشاء المحكمة الدولية. وعلى رغم ان الهدف الأول منها كان إخراج الجيش السوري من لبنان وتغيير تركيبة السلطة السياسية في شكل يوافق المصالح الاميركية، لكن الأبعاد الكاملة لجريمة الاغتيال اتضحت مع توجيه الاتهام لاحقاً الى حزب الله. وكان من المخاطر المقدَّرة لذلك تفجير العلاقة بين حزب الله وما يمثله وتيار المستقبل وما يمثله وإحداث شرخ سياسي ومذهبي، وصولاً إلى عزل حزب الله عن العمل الحكومي من خلال تجريم حزب الله معنوياً.
– محاولة إدخال لبنان في المنظومة الشرق أوسطية عام 2006 عبر الحرب التي شنها العدو الصهيوني بتغطية أميركية مباشرة.
– محاولة عزل المقاومة سياسياً وحكومياً ابتداءً من نهاية 2006 عبر جهد داخلي قاده فريق فؤاد السنيورة، وتُوج بقرارات حكومته فجر يوم 5 ايار 2008 بخصوص تجريم شبكة الاتصالات السلكية للمقاومة وكل من يقف وراءها.
– انتشار المد التكفيري ومحاولة وضع اليد على المنطقة من خلال “الربيع العربي” 2011. وكان من أصعب تحدياته على حزب الله الحرب في سوريا التي قال كثيرون إن الحزب سيغرق فيها وستقصم ظهره. ثم وجود التنظيمات التكفيرية في جرود شرق لبنان والذي شكّل تحدياً أمنياً وعسكرياً واسعاً.
– حرب الحصار الاقتصادي والعقوبات الأميركية التي مهدت السبيل للزلزال الاقتصادي الذي فجّر الاحتجاجات في تشرين الأول 2019، وكادت هذه أن تتحول الى فوضى متنقلة، وتم تحويل هدفها لاحقاً نحو وضع الناس في مواجهة حزب الله وهزّ البيئة الشعبية المؤيدة للمقاومة، حيث أصبح الحزب في عين العاصفة الأميركية.
– قد يكون الأشرس من كل ذلك حملة الشيطنة التي تتولاها الأجهزة الأميركية ومن سار في ركْبها، والتي قامت على ترويج صورة لحزب الله على أنه “منظمة إجرامية عابرة للحدود” وليس فقط “منظمة إرهابية دولية”، كما كان التوصيف الأميركي سابقاً. ولهذا، كثرت التقارير المخابراتية والتلفيقات التي تربط الحزب بعصابات المخدرات ومافيا الجريمة وغسل الأموال وما شاكل.
خصائص التجربة:
يمكن الإشارة إلى خصائص عدة في تجربة حزب الله كما يأتي:
ـ نهج فريد في الحياة السياسية اللبنانية يقوم على الحوار والتفاعل وإبقاء الخطوط مفتوحة مع الجميع تقريباً، وقد نجح في إقامة علاقات مع القوى التي تختلف معه سياسياً ودينياً وأيديولوجياً، وحفِظَ حقوق من كانت لهم مساهمات في المقاومة.
ـ الاستقامة والمصداقية في العمل السياسي والوفاء للحلفاء إلى أبعد الحدود والصبر على انتقادات بعضهم، وهذا قد يُعدّ شيئاً مُكلِفاً ومُتعِباً وغير مُحبَّب في الحياة السياسية اللبنانية.
ـ صنع معادلات القوة عبر الاضطلاع بدور دفاعي وردعي يستند الى معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وقد خيَّب الحزب بذلك ظنون من كانوا يعتقدون أن الحزب سيستغرق في نعيم السلطة ومشاكل البلاد الداخلية.
ـ تقديم نموذج في المقاومة الجادة والفعالة والتي اتبعت أساليب متنوعة في القتال: إعداد العبوات الناسفة المطوَّرة، اقتحام مواقع العدو، تنفيذ الكمائن، العمليات الاستشهادية، الجمع بين نمط حرب العصابات والتشكيلات القتالية الكبيرة، استحداث وترسيخ معادلة الكاتيوشا لتوفير الحماية للمناطق اللبنانية التي اعتاد العدو على استهدافها بعد كل عملية للمقاومة. يضاف الى ذلك استقطاب شباب من خارج الجسم العقائدي ضمن ما عُرف بـ “سرايا المقاومة” استجابة لطلبات التحاق بالمقاومة من فئات لا تشارك الحزبَ في مبادئه الدينية.
ـ الحرص على نقل التجربة الى فصائل المقاومة في المنطقة، بهدف المساهمة في تحريرها من آثار الاحتلال الصهيوني والهيمنة الأميركية.
ـ اكتساب وزن سياسي وعسكري إقليمي يُحسب له حساب خاص من قبل جهات دولية تتعامل مع قضايا المنطقة.
أضاليل:
أحيطت نشأة حزب الله ومسيرته بأشكال من الدعاية المضادة، من بينها:
ـ تنفيذ أوامر إيران والعمل بالوكالة عنها. يتصور بعض من يطلق هذه المقولة أن علاقة حزب الله بالجمهورية الإسلامية في إيران تُشابه علاقتهم بالجهات الدولية التي ترعاهم. صحيح أن إيران كان لها الفضل في مساندة انطلاقة حزب الله، وهي المُلهِم كذلك، لكن حزب الله خطا خطواته الأولى بإرادة ذاتية لبنانية، ونما وتطور بفعل تراكم التضحيات. وهو اليوم صاحب تجربة ناضجة ورأي مسموع في إيران في ما يتعلق بقضايا المنطقة والصراع مع العدو. وهذا الإرتقاء في الدور لا يتيسر إلا لتنظيم يقف على أرضية ثابتة ويبني علاقة واضحة وصادقة مع الجهة الداعمة.
ـ العمل لإقامة الجمهورية الاسلامية في لبنان. وهذه تهمة لا تسيء الحزبَ بما أنه تنظيم إسلامي، غير أنه أكد “أن فكرة الدولة الإسلامية في لبنان حاضرة على مستوى الفكر السياسي، أما على مستوى البرنامج السياسي فإن خصوصيات الواقع اللبناني لا تساعد على تحقيق هذه الفكرة، فالدولة الإسلامية المنشودة ينبغي أن تكون نابعة من إرادة شعبية عارمة، ونحن لا نستطيع إقامتها الآن لحاجتها إلى حماية”، كما جاء على لسان الأمين العام السيد حسن نصرالله في مقابلة متلفزة.
وبالتالي، فإن الحزب يتعامل مع الواقع وليس مع الأمنيات فقط، وهو طوّر مقاربة سياسية تتعامل مع النظام اللبناني القائم بطريقة تحفظ المصالح الوطنية العامة وتحقق أكبر فائدة ممكنة للشعب بما تيسَّر من وسائل. ومن المفارقات التي لا يستسيغها بعضهم أن حزب الله الذي يلعب هذا الدور المؤثر في المنطقة، لا يتمتع في الوقت نفسه إلا بحيّز تمثيلي ضيق في المؤسسات السياسية المحلية. ويمكن فهم هذه الإشكالية في ضوء محدودية الواقع اللبناني التي لا تسمح بإلغاء أي من الطوائف والقوى التقليدية. في الوقت نفسه، قدّم الحزب أفكاراً لتحسين التمثيل الشعبي وتخفيف العصبيات الطائفية والمناطقية، ومن بينها إجراء الإنتخابات على أساس جعل لبنان دائرة واحدة وفق قانون النسبية.
ـ إقامة “دولة داخل دولة”. وهذه فرِيّة أخرى أطلقها خصوم الحزب لترويج تصوُّر أنه يعمل لأجل دولته الخاصة وإفشال الدولة اللبنانية. وتحت هذا العنوان، تُساق اتهامات ومقولات تتحدث عن غياب الأجهزة الأمنية عن مناطق نفوذ حزب الله وعدم استيفاء الضرائب والرسوم منها، لكن الوقائع اليومية لا تنسجم مع هذه الدعاية. ولا يمنع ذلك حصول مخالفات وهي موجودة بالقدر نفسه في مناطق أخرى، وثمة شخصيات سياسية تخاصم الحزب تتهرب من دفع الضرائب. وقد عمل حزب الله لتشجيع أجهزة الدولة على ممارسة سلطتها في المناطق المحسوبة عليه شعبياً وقمع المخالفات. وهناك تنسيق بين الحزب والأجهزة الرسمية بهذا الشأن.
ـ الإتجار بالمخدرات لتمويل الحزب. وقد أوضحنا آنفاً أن مصدر هذه الدعاية هي الأجهزة المخابراتية الأميركية التي حرصت على نقل الحرب على حزب الله الى طوْر جديد من خلال العمل لضرب صورة هذا النموذج والحدّ من تأثيره. وأوضح حزب الله مراراً أنه يتلقى تمويله من الجمهورية الإسلامية ولا يلجأ الى المكاسب المحرَّمة لاسيما المخدرات التي تضرّ بالمجتمعات البشرية.
ـ ممارسة الإغتيالات السياسية. وهذه التهمة إنطلقت في مرحلة حساسة عام 2005 عندما أصبح لحزب الله دور واسع في الحياة السياسية. ومن الملاحظ أن بعض هذه الإتهامات تم توجيهها سابقاً للأجهزة السورية، وبعد التخلص من الوجود السوري، أعيد تدويرها لتوجيهها الى حزب الله!
تحديات:
في أربعينية حزب الله الثانية، هناك مهام وتحديات تفرض نفسها:
ـ نقل التجربة والتواصل بين الأجيال. شهد العقد الأخير على توفُّر الحماس والزخم التعبوي لدى طاقات شبابية جديدة ربما بشكل أكبر من الجيل السابق. لكن نقل التجارب والمهارات والمعارف يتطلب المزيد من الجهد في التعامل مع جيل لم يعايش تجربة التأسيس ولديه تصوراته للعالم من حوله. وهناك نقطة مكمِّلة تتعلق بالحاجة إلى حماية النشء الجديد من إنحرافات عقائدية وأخلاقية متأتية من السموم الموزَّعة عبر الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي.
ـ الإضطلاع بدور أكبر في القضايا الداخلية والذي تفرضه المستجدات المتعلقة بالإنهيار الإقتصادي وتبعاته السياسية والإجتماعية.
ـ الحاجة الى توفير إجابات على الكثير من الأسئلة والشبهات التي تطرحها شرائح شعبية وجهات إعلامية حول الردود التي يُعدّها الحزب في التعامل مع القضايا الراهنة، وهذا يتطلب مزيداً من الجهد الإعلامي.
ـ مواجهة التحدي المتزايد المتمثل بموجة التطبيع مع الكيان الصهيوني، الأمر الذي سيوسّع الهوة مع جهات لبنانية تميل مع المطبّعين العرب.
باختصار، يمكن القول إن حزب الله مثّل منذ نشأته لاعباً غير تقليدي، أصبح أكبر من حزب بالمقاييس الحزبية اللبنانية، وأقل من دولة بما أنه يسعى الى المشاركة والتشارك في الحياة السياسية وبناء الدولة. حزب يخشاه العدو ويحترمه في الوقت عينه، يرتاح الصديق إليه ويلوذ به إذا اشتدّت الخطوب. يحرص على المكاشفة لكن صمته رسالة في حد ذاتها يسعى الكثيرون وراء فك رموزها، ويحتفظ بالمفاجآت إلى أن يحين وقتها. وفي التقدير، سيبقى حزب الله مالئ الإعلام وشاغل الفاعلين السياسيين في الداخل والخارج حتى إشعار آخر.
المصدر: موقع العهد