“السيطرة على البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب”.. أهداف خفية لمناورات مشبوهة
18 مناورة عسكرية نفذتها الولايات المتحدة ودول العدوان والتطبيع، كان فيها كيان الاحتلال شريكاً أساسياً
||صحافة||
خلال العام الجاري 2022، تم إطلاق العديد من المناورات العسكرية المكثفة، كانت دولة الاحتلال (إسرائيل) حاضرة بقوة فيها، حيث رصدت (الثورة) أكثر من 18 مناورة عسكرية منذ بداية العام الجاري، نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة حلفائها في دول الخليج، أبرزها دول العدوان والتطبيع، كانت فيها إسرائيل شريكا في العديد منها سراً وجهراً.
وأضخم هذه المناورات كانت في البحرين بمشاركة 60 دولة ومنظمة دولية، من بينها «البحرية الإسرائيلية» لأول مرة، بجانب تركيا ومصر والسعودية والإمارات والبحرين، بحسب إعلان البحرية الأمريكية. مع رصد مناورة إسرائيلية سرية بمراقبة من واشنطن، حيث قالت هيئة «البث» الإسرائيلية الرسمية، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أجرى مناورة سرية تحاكي تنفيذ هجوم على إيران، بعشرات الطائرات بحضور ضابط عسكري أمريكي .
معظم هذه المناورات تركزت في البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي، وبحسب البيانات الرسمية والعسكرية للدول المشاركة والمنظمة لهذه المناورات؛ فإن هدف هذه المناورات هي مزاعم تأمين الملاحة في البحر الأحمر و«التهديدات الإيرانية».
من أخطر هذه التحركات هي قيام البحرية الأمريكية في شهر أبريل الماضي بتأسيس «قوة مهام جديدة»، مع دول حليفة، تقوم بدوريات في البحر الأحمر، وحُددت مهمتها «تعزيز الأمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن»، وهي ذرائع لمطامع استعمارية وصهيونية أخطر.
لا يبدو هذا التحرك مفاجئاً فقد شهد هذا العام سلسلة من المناورات والتحركات الأمريكية الإسرائيلية وأدواتهما في المنطقة من دول العدوان ودول التطبيع، حيث جاءت أبرز المناورات والتحركات بالمنطقة منذ بداية العام كالتالي:
31 يناير: الأضخم بالشرق الأوسط
انطلق (IMX/CE 2022) أكبر تمرين بحري بالشرق الأوسط، بقيادة أمريكية في البحرين، بمشاركة 60 دولة ومنظمة دولية، من بينها “البحرية الإسرائيلية” لأول مرة، بجانب تركيا ومصر والسعودية والإمارات والبحرين، بحسب إعلان البحرية الأمريكية.
وضم التدريب “9000 فرد، وما يصل إلى 50 سفينة وأكثر من 80 نظامًا مسيراً من 10 دول مشاركة، مما أهله لأن يكون “أكبر تمرين للأنظمة المسيرة في العالم”.
26 يناير: “الصقر المدافع” :
أعلن الجيش الكويتي، تنفيذ تمرين “الصقر المدافع” خلال الفترة 25 – 26 يناير 2022 في منطقة الخليج العربي.
وشاركت في هذا التمرين قوات البحرية في السعودية والبحرين والكويت والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.
23 يناير: “مهام حروب بحرية” :
انطلقت، مناورة بحرية باسم “مرجان 17” بين قوات مصرية وسعودية في الأسطول الغربي لمملكة السوء للتدريب على “مهام الحروب البحرية”.
22 يناير: تدريب عابر بالمتوسط :
نفذت القوات البحرية المصرية والفرنسية تدريباً بحرياً عابراً في البحر المتوسط بنطاق الأسطول الشمالي، باشتراك الفرقاطتين المصرية (بورسعيد ) والفرنسية «LA PROVENCE».
18 يناير: تمرين عابر بالبحر الأحمر :
أجرت القوات البحرية والمصرية تمرينا عابرا في نطاق الأسطول الجنوبي بالبحر الحمر الأحمر وذلك باشتراك الفرقاطتين المصرية (الإسكندرية) والفرنسية (CHEVALIER PAUL) .
16 يناير: “درع الوقاية 3” :
انطلقت بالمنطقة الشرقية السعودية، مناورات التمرين السعودي – الأمريكي المشترك “درع الوقاية 3”، ضمن عدة أهداف بينها “الاستجابة الفورية والفاعلة ضد أسلحة التدمير الشامل، وضد هذا النوع من الأزمات”.
15 يناير: “تمرين عبور” بالبحر الأحمر :
نفذت قوات بحرية سعودية فرنسية “تمرين عبور”، في مياه البحر الأحمر، بمشاركة عدد من السفن والطائرات، وذلك بهدف رفع مستوى القدرة القتالية للقوات البحرية”.
9 يناير:
أولا: “الشط الآمن 5”.
انطلقت، مناورات بحرية مشتركة بين جيشي النظام السعودي والأردني، في محافظة الجبيل شرقي السعودية بهدف رفع الجاهزية “”تنفيذ عدد من الفعاليات تحاكي الواقع، لمواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة”.
ثانيا: مناورة مصرية أمريكية :
أعلن الجيش المصري، تنفيذ قواته البحرية بالاشتراك مع نظيرتها الأمريكية تدريبًا بحريًا في البحر الأحمر بمشاركة فرقاطة مصرية ومدمرتين أمريكيتين، بهدف “التدريب على إجراءات الأمن البحري بالبحر الأحمر.
ثالثا: “تبوك 5”
انطلقت فعاليات التدريب المصري السعودي المشترك “تبوك – 5” بالسعودية، والتدريب أحد أكبر التدريبات المشتركة بين البلدين من حيث حجم القوات المشاركة وتنوع الأنشطة التدريبية”.
8 يناير: درع الإمارات:
أعلنت وزارة دفاع النظام الإماراتي انطلاق تمرين “درع الإمارات المشترك 50” في الاتجاه الغربي من المسرح البحري للبلاد؛ بهدف “رفع مستوى الجاهزية لوحدات القوات المسلحة.
8 فبراير 2022: “التعايش” :
وزارة الدفاع السعودية، أعلنت انطلاق مناورات تدريب “التعايش” في مدينة ملتان بباكستان بمشاركة القوات البرية والذي استمر لمدة 60 يوما للتدريب على الخبرات العسكرية للتعايش في أصعب الظروف.
4 فبراير: “محارب الصحراء” :
أعلن الجيش الكويتي، وصول طلائع القوة البريطانية لفريق الهجوم القتالي الخاص باللواء الـ16 المنقول جوا وذلك للمشاركة في تمرين “محارب الصحراء” مع القوة البرية الكويتية.
3 فبراير: “آمون 22” :
أعلن الجيش المصري، اختتام فعاليات التدريب الجوي المشترك المصري الفرنسي، “آمون – 22”، بمشاركة مقاتلات من عدة طرازات، لتنفيذ مهام “الاعتراض الجوي وصد هجوم جوي معادي”.
2 فبراير: المناورة “السرية” :
قالت هيئة “البث” الإسرائيلية الرسمية، إن الجيش الإسرائيلي أجرى مناورة سرية تحاكي تنفيذ هجوم على إيران، بعشرات الطائرات بحضور ضابط عسكري أمريكي.
لقاءات وتحركات أمريكية صهيونية سعودية
لا يبدو هذا التحرك مفاجئاً فقد شهد شهر مارس الماضي تحركات ولقاءات للقيادات العسكرية الأمريكية الغربية الخليجية الصهيونية، كلقاءات رسمية مباشرة، ولقاءات على هوامش فعاليات أمنية جرت في الإمارات والرياض والدوحة.
ومن أخطر هذه التحركات واللقاءات «قمة النقب» التي جمعت مصر والإمارات والمغرب والبحرين وأمريكا في الأرضي المحتلة أواخر شهر مارس الماضي، ويعود تسارع التحركات البحرية الأمريكية في المياه اليمنية إلى شهري نوفمبر وديسمبر من العام الماضي 2021م حيث قامت بأكثر من مناورة.
في غضون ذلك جاء الإعلان عن هذه التحركات بالتزامن مع بدء الهدنة في اليمن، وتصاعد حضور اليمن ومحور المقاومة في منطقة الخليج وفي المياه الدولية منها الحديدة والبحر الاحمر، خلف هذا التحرك عاملان، استراتيجي وتكتيكي، الاستراتيجي متعلق بالسياسة الأمريكية الصهيونية في ضرورة السيطرة على المضايق البحرية ومنابع النفط، أما البعد التكتيكي، فهو متعلق بتضاعف القوة اليمنية في البحر الأحمر، واستباق احتمالات توقف العدوان لترسيخ الوجود الأمريكي كأمر واقع، وكذلك تفاقم الأزمة الغربية الروسية.
في هذه الظروف وعلى المستوى الميداني، تصبح الحديدة ومعها المخا وباب المندب ضمن دائرة التهديد العسكري الأمريكي الصهيوني المباشر، فمسألة السيطرة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ومعه خليج عدن وبحر العرب من ضمن الدوافع الأساسية للعدوان على بلادنا في 26 مارس 2015م.
ففي أواخر العام 2021م قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمناورتين في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن في فترة زمنية متقاربة وفي الأخيرة منها أعلن الأسطول الخامس في البحرية الأمريكية أن سفينة «يو إس إس بورتلاند» اختبرت سلاح ليزر جديداً، ودمرت هدفاً عائماً في خليج عدن، مشيراً إلى أن النظام الجديد يمكن استخدامه لمواجهة القوى الوطنية اليمنية.
يكتسب البحر الأحمر، ومنفذه الجنوبي باب المندب، أهمية خاصة فيما تسمى «استراتيجية الأمن القومي الصهيوني».
هذه الأهمية جسدتها التحركات الصهيونية في الواقع التاريخي الملموس، منذ احتلالها لمنطقة «أم الرشراش» على البحر الأحمر في عام 1948، وتعززت عسكرياً عقب حرب 73.
وقد كانت إعادة فتح باب المندب أمام الحركة الصهيونية أحد شروطها في صفقة «كامب ديفيد» مع العميل السادات، وتواصلت التحركات العدوانية الصهيونية في البحر الأحمر مؤكدة هذه الأهمية وصولاً إلى العدوان على اليمن في مارس 2015.
ماذا يمثل الإعلان عن الحضور في هذه المرحلة؟
الجديد في هذا الإعلان يتعلق بالسياق التاريخي فقد جاء بالتزامن مع إعلان الهدنة في اليمن، وتصاعد حضور اليمن ومحور المقاومة في منطقة الخليج وفي المياه الدولية منها الحديدة والبحر الأحمر والخليج ومضيق هرمز وبحر عمان، ففي هذه المياه جرى استعراض للقوة تطبيقياً من قبل اليمن وإيران ضد أهداف واقعية، تلاه مناورات عسكرية أمريكية صهيونية غربية، وجدير بالذكر أن العمليات العسكرية اليمنية الأخيرة كان فيها بُعد بحري من حيث نوعية الأهداف السعودية التي تقع في مدن ساحلية.
ووفقا لسبأ؛ فقد كان خلف هذا التحرك عاملان استراتيجي وتكتيكي، الاستراتيجي وهو متعلق بالسياسة الأمريكية الصهيونية في ضرورة السيطرة على المضايق البحرية وعلى البحر الأحمر بشكل خاص وعلى منابع النفط، فالبحر الأحمر وفق هذه الاعتبارات يقع في قلب الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية.
أما البعد التكتيكي، فهو متعلق بتضاعف القوة اليمنية في البحر الأحمر، واستباق احتمالات توقف العدوان لترسيخ الوجود الأمريكي كأمر واقع، وكذلك تفاقم الأزمة الغربية الروسية الصينية وما يرتبط بها من تحركات لهذه الدول على مستوى العالم أشبه ما يكون بتسجيل نقاط في رقعة شطرنج، في الوقت الذي تحتكر فيه روسيا الحضور العسكري في البحر الأسود حتى الآن وتزداد التصريحات الصينية بأحقية سيادتها في بحر الصين الجنوبي.
التحركات الأمريكية في البحر الأحمر ليست جديدة، لكن الجديد فيها هو إعلانها، وهي تعود بشكل أساسي إلى ما سمي سابقا بمحاربة القرصنة الصومالية في العام 2008م وفي هذه الظروف فعلى المستوى الميداني، ستصبح الحديدة ومعها المخا وباب المندب ضمن دائرة التهديد العسكري الأمريكي الصهيوني المباشر، وخاصة الحديدة التي لازالت في معظمها حرة، فيما المخا وباب المندب أصبحت ضمنيا تحت الهيمنة الأمريكية والحاجة ليس اجتياحها بل تأكيد خروجها عن السيادة اليمنية ومواجهة احتمال تحرك اليمنيين لتحريرها.
إن مسألة السيطرة على البحر الأحمر، ومعه مضيق باب المندب وخليج عدن وبحر العرب من ضمن المكاسب الأساسية التي كانت تريد الولايات المتحدة تحقيقها من خلال العدوان على اليمن، فإذا كانت الولايات المتحدة قد سلمت أن مناطق حكم المجلس السياسي خرجت من هيمنتها، فهي على الأقل تريد تثبيت وجودها في سواحل اليمن الاستراتيجية والقريبة من المواقع النفطية اليمنية وموانئ تصديره.
جزيرة ميون وباب المندب.. أطماع أمريكية وصهيونية
عاماً بعد آخر تتكشف مطامع دول العدوان في الجزر والسواحل اليمنية، فمنذ انطلاق العدوان على اليمن 2015، تحولت الإمارات والسعودية إلى دول احتلال تنفذ أجندات أمريكا وحليفها الإسرائيلي، مواصلة العبث في المناطق والأجزاء الحيوية والاستراتيجية في اليمن .
اليوم تسعى أبوظبي والرياض إلى السيطرة على جزيرة ميون الواقعة في قلب مضيق باب المندب، والتي تربط بين البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن .
فقد أعترف تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي، ببناء قاعدة عسكرية في جزيرة ميون، مقدما مغالطات وتبريرات واهية لهذا الوجود العسكري في الجزيرة. في حين تؤكد المعطيات على انه ليس مجرد غطاء وأداة لتمرير مخططات العدوان الحقيقي التي تقف وراءه محركا وداعما أمريكا وكيان الاحتلال الإسرائيلي .
وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، التي كشفت عن وجود القاعدة الجوية التي وصفتها بـ(الغامضة)، تعمدت في تقريرها إخفاء الدور الأمريكي – الإسرائيلي في الوجود الاستعماري في الجزيرة الذي بدأ أواخر 2015. فواشنطن و(إسرائيل)، تدركان ما للسيطرة على جزيرة ميون من أهمية في حماية مصالح الولايات المتحدة وضمان أمن كيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث اكتفت الوكالة بالإشارة إلى وقوف الإمارات وراء إنشاء القاعدة الجوية في الجزيرة، مُتجاهلة أي دور أمريكي في هذا المخطط الاستعماري .
في سباق الأجندات والمصالح؛ كان باب المندب على رأس أطماع الولايات المتحدة، كونه يشكل أهم ممر يربط البحر العربي بالأحمر ويشرف على أهم الطرق الدولية التي تصل شرق العالم بغربه.
وهذا ما يُفسر تحرك تحالف العدوان في اتّجاه باب المندب بتوجيه وإشراف من القيادة المركزية الأمريكية، بعدما أعلن الجانب الأمريكي، في النصف الثاني من العام 2015، جزيرة ميون منطقة عسكرية مغلقة، ممهّداً بذلك لمشروع قاعدة جوّية تتحكّم في مضيق باب المندب، وتشرف عليها كلُّ من الولايات المتحدة وكيان الاحتلال الإسرائيلي، بغطاء إماراتي، لتكونَ إحدى نقاط الارتكاز في عمليات التحشد الاستراتيجي الأمريكي لمواجهة إيران وروسيا والصين.
محمد شرف/صحيفة الثورة