ماذا يقول الغربيون بشأن دعم أمريكا لـ “داعش”؟
موقع أنصار الله || صحافة عربية ودولية || الوقت التحليلي لا يقتصر الحديث عن دعم أمريكا لتنظيم “داعش” الإرهابي على منطقة الشرق الأوسط وحدها؛ بل يعتقد الكثير من المسؤولين والمحللين الغربيين بأن هذا التنظيم هو في الأصل صناعة أمريكية مئة بالمئة.
ومن المؤكد أن الكثير منّا قد سمع على لسان العراقيين والإيرانيين والأفغانيين والسوريين والشعوب الأخرى في المنطقة بأن أمريكا هي التي أوجدت الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها “داعش” و “القاعدة” لتحقيق مآربها السياسية والأمنية على حساب أمن واستقرار ومصالح دول المنطقة، لكن ربّما لا يخطر ببال الكثيرين بأن عدداً كبيراً من المسؤولين والمحللين الغربيين ومن بينهم أمريكيون لديهم نفس هذا الاعتقاد إنْ لم يكن أكثر وهو إعتقاد موثّق بالأدلة الدامغة التي لا تقبل الشك ولا حتى النقاش.
والعديد من المسؤولين الأمريكيين ومن ضمنهم وزيرة الخارجية السابقة ومرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية “هيلاري كلينتون” قد أدلوا بتصريحات كثيرة في هذا المجال، أكدوا من خلالها إن الكثير من الجماعات الإرهابية وفي مقدمتها “داعش” هي صناعة أمريكية.
وأوردت كلينتون في كتابها “خيارات صعبة” الصادر باللغة الإنكليزية قبل نحو سنتين معلومات عن علاقة إيجابية ما بين الإدارة الأمريكية وتنظيم “داعش” وقالت بالحرف الواحد: “إنّ الإدارة الأمريكية قامت بتأسيس “داعش” من أجل مخطط تقسيم الشرق الأوسط”.
فالحديث الدائم عن دعم أمريكا لـ “داعش”، لا يأتي من فراغ، فواشنطن إعتادت على عدم إستبعاد أيّ طرف من دائرة دعمها المادي والاستخباراتي، طالما كان ذلك يصب في مصلحتها، ومن المسؤوليين الغربيين الذين أكدوا هذا الأمر يمكن الإشارة إلى كل من:
“دانيال ماك آدامز” رئيس معهد “ران بال” الأمريكي للسلام
أكد ماك آدامز في إحدى حواراته بأن أمريكا قد دعمت “داعش” تكتيكياً ولوجستياً لزعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط لاسيّما في سوريا لتنفيذ هدفها الرامي إلى تغيير النظام والإطاحة بالرئيس بشار الأسد.
“مايكل تشوسودوفسكي” مؤلف كتاب “حرب أمريكا على الإرهاب”
يقول مايكل تشوسودوفسكي (Michel Chossudovsky) مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً في العالم “حرب أمريكا على الإرهاب America’s War on Terrorism”: ” لقد قمت بالتركيز على أحداث الحادي عشر من سبتمبر من خلال منظور جيوسياسي واسع، لأن هذه الأحداث في الواقع لا تزال تمثل الذريعة الأساسية التي تستخدمها واشنطن لتبرير ما يسمى “الحرب على الإرهاب”، مشيراً في هذا الخصوص إلى أن الملابسات الجيوسياسية التي أحاطت بهذه الأحداث تؤكد بأن الخلايا الإرهابية، كتنظيم “القاعدة” كانت تتلقى دعماً مستمراً من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA). وإنّ الذي أمامنا الآن عملية طويلة تتعلق بافتعال أو صناعة عدو. مضيفاً: إنشاء تنظيم “القاعدة” ما هو إلاّ عملية إستخباراتية إستخدمت كذريعة لتبرير الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001 ومن ثم غزو العراق عام 2003.
الصحافي الأمريكي الشهير “سيمور هيرش”
أعرب الصحافي الأمريكي الشهير “سيمور هيرش” عن إعتقاده بأن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط قد تغيّرت بشكل كبير خلال العقدين الأخيرين لمواجهة إيران وسوريا ومحور المقاومة لاسيّما حزب الله بأيّ ثمن، حتى لو تطلب ذلك دعم الجماعات الإرهابية.
وأشار هيرش خلال مقابلة مع شبكة الـ “سي أن أن” الأمريكية إلى أن الوضع الآن يشبه إلى حد كبير الصراع في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي حيث برز تنظيم “القاعدة” بنفس الطريقة وبدعم من أمريكا وحلفائها الغربيين.
“مايكل تي. فلين” الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات في “البنتاغون”
أكد “مايكل تي. فلين” الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الدفاعية في وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” خلال مقابلة مع قناة “الجزيرة” القطرية إنّ مسؤولي البيت الأبيض قدموا دعماً كبيراً للجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش السوري على الرغم من التحذيرات التي قدّمت لهم في هذا المجال والتي كانت تشير إلى إمكانية نشوء جماعات إرهابية أخرى على غرار تنظيمي “داعش” و “القاعدة”، لكنهم لم يولوا أهمية لهذه التحذيرات.
“دونالد ترامب” المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية
إتهم “دونالد ترامب” أكثر من مرّة الرئيس الحالي “باراك أوباما” بدعم العديد من الجماعات السلفية والتكفيرية المتطرفة في الشرق الأوسط والتي شكّلت فيما بعد تنظيم “داعش” الإرهابي بدعم لوجستي ومالي وتسليحي من قبل السعودية وقطر وتركيا.
المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية “ماريا زاخاروفا”
أكدت زاخاروفا في تصريح صحفي بأنّ الدعم الأمريكي للجماعات الإرهابية لاسيّما تنظيم “داعش” وما يسمى “جبهة النصرة” قد ظهر بشكل واضح في الآونة الأخيرة من خلال الهجمات الجويّة التي شنتها المقاتلات الأمريكية على مواقع الجيش السوري في عدد من مناطق القتال والتي زعمت واشنطن فيما بعد أنها حصلت عن طريق الخطأ، فيما أكد الجنرال الروسي “فلاديمير ساوجنکو” إن عناصر “داعش” شنّوا هجمات على الجيش السوري في نفس المناطق التي تعرضت للقصف الجوي الأمريكي بعد إنتهاء القصف مباشرة.
“جورج آدم” مدير سابق لوكالة الأمن القومي الأمريكية
إعترف “جورج آدم” مدير وكالة الأمن القومي الأمريكية في عهد الرئيس الأسبق “رونالد ريغان” بأن بلاده قد دعمت الجماعات الإرهابية ولفترات طويلة من أجل تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى من العالم.
الصحفي البريطاني “سیماس میلن”
أكد “سیماس میلن” في تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” إن المخابرات الأمريكية والبربطانية سهّلت نقل مختلف أنواع الأسلحة من ليبيا إلى الجماعات الإرهابية في سوريا في عام 2012، أيْ بعد نحو عام من الاطاحة بنظام الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي.
من خلال هذه المعطيات نستنتج بأن أمريكا لا تتورع أبداً عن التعامل مع أشد الجماعات الإرهابية تطرفاً ودموية إذا كان ذلك يصب في مصالحها الاستراتيجية، ويمكننا أن نعدد عشرات الأدلة على هذا الدعم في الكثير من مناطق العالم لاسيّما في العراق وسوريا، إلا أنها ليست محور مقالنا هذا.
في الختام يجب التأكيد على أنّ “داعش” صنيعة المخابرات الأمريكية، لتنفيذ أجندة واشنطن والكيان الإسرائيلي لتمزيق المنطقة والاستحواذ على مقدراتها، ولم يكن إجتياح هذا التنظيم الإرهابي للعراق في حزيران/يونيو 2014، سوى جزءاً من عملية إستخباراتية عسكرية مخطط لها بدقة بدعمٍ سريّ من أمريكا وحلف شمال الأطلسي والكيان الإسرائيلي.
وعليه فـ “مكافحة الإرهاب” من قبل واشنطن ليست سوى ضرب من الخيال؛ فهي في الحقيقة الراعي الأول للإرهاب والحرب التي تقودها في مناطق متفرقة من العالم في هذا المجال ليست سوى ذريعة لتبرير أجندتها السياسية والعسكرية، ولو أرادت الإدارة الأمريكية القضاء فعلاً على “داعش” لكان بإمكانها قصف عجلاته وشاحناته عندما عبرت الصحراء من سوريا إلى العراق في يونيو 2014. ويجب التأكيد هنا على أن مواجهة “داعش” وباقي الجماعات الإرهابية ليست عسكرية فقط، وإنما يجب إختراق منظوماتها وتفكيك خلاياها كمقدمة للتغلب عليها ودحرها إقليمياً ودولياً.