في ذكرى الولاية
موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالفتاح البنوس
ذكرى الولاية، ذكرى عيد الغدير، مناسبة إسلامية إيمانية عظيمة، مناسبة ترتبط بشخصية عالمية بلغت أعلى مستويات السمو والرفعة، وامتلكت كافة مقومات النجاح والتميز، شخصية الإمام الكرار، فاتح خيبر، وبطل الخندق، أشجع طاعن وضارب الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام-، إنه عيد الغدير الأغر، ذكرى تبليغ الرسول الأعظم بولاية الإمام علي -عليه السلام- من بعده، وهو في طريق عودته من حجة الوداع هناك في غدير خم قبل وفاته بثلاثة أشهر، حيث أمر الرسول الأعظم من تقدم من الحجاج بالرجوع، وصعد على أقتاب الإبل ليشاهده الجميع، لم ينتظر حتى عودته إلى المدينة فالأمر لا يحتمل التأجيل، حيث خطب فيهم خطبته المشهورة التي تضمنت الكثير من النصائح والتوجيهات التي استكمل للمسلمين بها دينهم، ومن ثم أمر الإمام علياً بالصعود إلى جواره وقام برفع يده عاليا حتى شاهدها الجميع وخاطبهم قائلا (أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم، قالوا : بلى يا رسول الله، فقال : من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والي من والاه وانصر من نصره واخذل من خذله).
في الثامن عشر من شهر ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة جاء الأمر الإلهي للرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتبليغ المسلمين ما أمره الله به في الآية الكريمة ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) ولأهمية وعظمة هذا البلاغ الإلهي سارع الرسول الأعظم إلى ترجمته وإبلاغه للحجاج الذين كانوا معه في حجة الوداع إمتثالا لأوامر الله، واعتبر عدم قيامه بتبليغ ما أمره به؛ كأنه لم يبلغ رسالة الإسلام التي أرسله وبعثه بها هاديا ومبشرا ونذيرا، في دلالة على أهمية هذا البلاغ وفداحة تأخيره، فكيف بتجاهله والتغافل عنه والانقلاب عليه؟؟!! وأعلن أمام الجميع تولي الإمام علي إدارة شؤون الدولة الإسلامية خلفا له عقب وفاته صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله .
قد يقول البعض اليوم كما قال الصحابة عقب موت رسول الله: لماذا علي بن أبي طالب ؟!! ولهؤلاء أقول : ولاية الإمام علي ولاية ربانية أمر بها الله، وهي خالية من أمراض العصبية والسلالية والتوريث التي تخندق ويتخندق خلفها أعداء الإمام علياً سابقا ولاحقا كلنا نقرأ قوله تعالى ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)، وكلنا نعلم علم اليقين أن الإمام علي -عليه السلام- هو من تصدق بخاتمه وهو راكع في صلاته ، علاوة على المؤهلات الإيمانية والقيادية التي كان يمتلكها الإمام علي، والتي منحته هذا التكريم والاصطفاء الإلهي لكي يتبوأ تلكم المكانة الرفيعة والمنزلة العالية لخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فهو الأكثر إيمانا والأغزر علما، والأكثر ورعا وتقوى، والأصلب قوة وبأسا ، هو من قال عنه الرسول المصطفى (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت من الباب ) وهو من قال عنه الرسول المصطفى صلى الله عليه آله وسلم (علي مني وأنا من علي أحب الله من أحب عليا)، و(علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )، وهو من جعله الرسول الأعظم معيارا للإيمان والنفاق ( يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)، فنحن عندما نحتفل بذكرى الولاية، فإننا نعظم شعيرة من شعائر الله ، كيف لا ونحن ندفع حتى هذه اللحظة ثمن تنصل وتنكر الصحابة لولاية الإمام علي -عليه السلام- التي أمر بها الله وبلغها رسوله والتي تضمنها حديث الغدير المثبَّت في كل كتب الحديث والتاريخ و المتفق عليه لدى كافة المذاهب الإسلامية .
إن ولاية الإمام علي تمثل النموذج الأرقى لولاية الأمر والسلطة والحكم، ولذلك عمل الأعداء على مهاجمة هذه المناسبة والتنديد بها، لأنهم يدركون ما معنى التسليم بولاية علي بن أبي طالب، ويتركون جيدا أن ما عليه الدول العربية من ضياع وتخلّف وتخبّط وفتن وأزمات وحروب وصراعات هو نتاج طبيعي للتفريط بها وتولّي أشباه معاوية ويزيد من رؤساء وملوك و قادة وأمراء، قدوتهم معاوية ويزيد، يحكمون شعوبهم بالسوط والجلاد والنار والحديد، لا دين ولا إيمان ولا تقوى ولا خوف من الله، قادة لا يمتون للإسلام بأدنى صلة ، قادة مشبعون بالعمالة والخيانة لله ولرسوله والمؤمنين، فعندما ضيع الصحابة ولاية الإمام علي وفرطوا بها طمعا في السلطة ، انحرفت مسيرة الإسلام وتسلَّط على رقاب المسلمين الكثير من القادة الفجّار، الذين لا يحلّون حلالا ولا يحرّمون حراما .
خالفوا توجيهات رسول الله، فحادوا عن الطريق السوي والمنهج القويم، ولا نزال، تحت تأثير هذه المخالفة والتي بسببها شاهدنا محمداً بن سلمان ومحمداً بن زايد وحمد آل خليفة والسيسي وعبدالله بن الحسين وغيرهم من قادة اليهودة والتصهين يعتلون سدة الحكم في بلدانهم، ووصلنا إلى أن يقدم الزهايمري سلمان بن عبدالعزيز نفسه خادما للحرمين الشريفين، وينصب آل سعود أنفسهم أوصياء على الإسلام والمسلمين !!!!!
المنبر الشريف الذي اعتلاه معاوية ويزيد وبقية الطغاة بالأمس، اليوم يعتليه السديس وآل الشيخ والعيسي وغيرهم من حاخامات الوهابية السعودية، لا يريدون أن يتمسك أبناء الإسلام بولاية الإمام علي، لأنهم يدركون أن ذلك يعني نهايتهم وسقوط عروشهم، فولاية الإمام علي هي ولاية إيمان وعدل وورع وتقوى وإنصاف، ولاية ترضي الله ورسوله، فقد أعلنوا عدوانهم على بلادنا وفرضوا حصارهم على شعبنا، لأن اليمنيين متمسكون بولاية الإمام علي ومرتبطون به ارتباطا وثيقا، وهذا ما يزعجهم ويثير الرعب في صدورهم .
بالمختصر المفيد، محبتنا وتولينا للإمام علي -عليه السلام- خليفة رسول الله، هي امتداد لمحبتنا وولائنا لله ولرسوله، ونحن نؤمن بأنها قربة نتقرَّب بها إلى الله، ولا يمكن لأي قوة في العالم أن تفصلنا عن ذلك إلى أن نلقى الله ونحن على هذه الولاية التي أمر بها الله رسوله، وأمرنا بها رسوله .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله .