الطريق إلى بر الأمان
موقع أنصار الله ||مقالات ||أحمد يحيى الديلمي
موضوع اليوم حيوي وهام كونه ملخصاً لندوة افتراضية شهدت حواراً ساخناً عن مستقبل الوطن في ظل تكالب المعتدين ، شارك في الحوار كوكبة من الساسة والمثقفين والعسكريين ودكاترة الجامعة رغم تعدد الانتماءات السياسية إلا أن الجميع أثبتوا أنهم على درجة عالية من الوعي والثقافة وصدق الانتماء للوطن ، ما أكسب الحوار الجدية أنه تم الاتفاق على مؤشرات هامة ومنها :
أن أُسس التعاطي مع الواقع في ظل العدوان والحصار الجائر يجب أن تراعي ظروف البلاد الحرجة وطبيعة التداعيات السلبية التي تراكمت في الواقع كنتيجة طبيعية للعدوان والحصار بما ترتب عليها من نزق وضيق في الصدور ، وبالتالي انقياد ضعاف النفوس لبريق المال والانخراط في شبكات مشبوهة هدفها زعزعة الأمن والاستقرار والتأثير على تماسك الجبهة الداخلية ، مما يستدعي التكاتف لدعم جهود القيادة الوطنية ، ودعم الدور البطولي الرائع للأبطال من أفراد الجيش واللجان الشعبية والاعتراف بمشروع جماعة أنصار الله الذي مرغ أنوف المعتدين في الوحل ، وأعاد لليمن هيبتها وحدد موقعها في توازنات القوة على المستويين الدولي والإقليمي، لتزداد تماسكاً وتستعصي على الأعداء .
تبعاً للحقائق السابقة ناصعة البياض والمعطيات الماثلة في الواقع أجمع الحاضرون بلا استثناء على أن أداء أنصار الله في الجانب العسكري والأمني مثَّل أعظم مؤشر للتميز، فتمكن من صد هجمات المعتدين بحنكة وقدرة فائقة تجاوزت الفرق الكبير في الإمكانيات المادية والعتاد العسكري ، قال أحدهم- وهو قائد عسكري معروف : أنا كنت في القاهرة والتقيت قادة عسكريين كباراً عرفناهم في اليمن أثناء تواجد القوات المصرية لدعم الثورة ، تساءلوا بدهشة وانبهار عن ثلاثة جوانب :
كيف استطاع الحوثيون امتصاص الضربة الأولى مع أنها كانت شرسة وفتاكة شاركت فيها عدة دول وتم استخدام أسلحة حديثة ومدمرة ؟! وكيف استطاع الحوثيون التوفيق بين التصدي للعدوان وبين محاربة الجماعات الإرهابية وتطهير مناطق سيطرة الجماعة منها رغم فشل نظام صالح في تحقيق ذلك مع أنه كان مدعوماً من أمريكا والسعودية وبقية دول الخليج ؟! وما هي القدرات الفنية لدى الجماعة التي ساعدتها على الانتقال إلى مرحلة التصنيع العسكري وبرعت بشكل لافت في إنتاج الصواريخ والطائرات المسيّرة حتى وصلت إلى مرحلة توازن الرعب وتوجيه ضربات قوية ناجحة إلى دولتي العدوان الأساسيتين السعودية والإمارات أفزعت النظامين في البلدين ؟!
لم أجتهد في الرد ، كانت معي تقارير وتصريحات كفتني مؤونة ذلك وزعتها عليهم وختمت قائلاً :
من خلال الحوار بينكم عرفت أنكم مخدوعون بما يروِّجه الإعلام المعادي بأن ما يجري صراع بين القوى السياسية اليمنية وأن لإيران دوراً مباشراً في المعركة ، وهذا محض افتراء، ما يجري عدوان سافر خططت له بريطانيا ودعمته أمريكا وتنفذه السعودية والإمارات ، لا تصدقوا العناوين الخادعة من هذه الوسائل ، فإيران لا وجود لها في اليمن نهائياً ، ومن يقاتل هم اليمنيون ، وهي عوامل الصمود والثبات ومحور التفاف اليمنيين حول الجماعة ، ما لم يستوعبه النظام السعودي أنه لا يزال يصر على إعادة اليمن إلى بيت الطاعة واعتبار اليمن حديقة خلفية له ، هذا أصبح مستحيلاً فالجماعة ومعها أبناء الوطن الأحرار يدركون أنهم يمتلكون الحق المعزز بقوة الإيمان بالله سبحانه وتعالى ، وكل خيارات القوة الكفيلة بجعل البلاد عصية على المعتدين وإجبار الغزاة على مغادرة كل شبر من أرض الوطن .
ما سبق هذا الكلام كان مجرد انتقادات وملاحظات عن قصور الأداء في الجانب الإداري وإدارة شؤون الدولة ، بالذات العلاقة مع القوى السياسية ، كان أحد الحاضرين- وهو دكتور معروف- قد تصدى للرد فقال :
قد يكون للتخوفات والهواجس ما يبررها ، لا ننسى أن الجماعة تعرضت لكل أنواع القمع والاضطهاد إلى حد الحروب الست التي شنتها الدولة بدعم السعودية والإخوان المسلمين ، ولا ننسى أيضاً الخيانات التي تعاقبت من قيادات حزبية وسياسية معروفة طالما جاهرت بالحديث عن مظلومية الجماعة ، إضافة إلى أعباء العدوان ومحاولة استخدام أدوات في الداخل للتآمر والنيل من حالة الثبات والصمود ..
ويستدرك لكن هذا لا يعطي الحق للجماعة أن تحتفظ بكل شيء وتحكم منفردة بعد أن وصلت إلى السلطة ، في هذه الحالة لن يكون مصيرها أفضل حالاً من جماعة الإخوان المسلمين .
ما يُبشر بخير أن تحركات وأحاديث الرئيس المشاط الأخيرة تصُب في هذا الاتجاه وتؤكد أن الرئيس ومؤسسة الرئاسة لكل اليمنيين ، لا تخضع لوصاية أو تحكُم جماعة بذاتها ، وهذا أهم مؤشر يجب أن نعتمد عليه ، وفي النهاية الأمر يقتضي حدوث اصطفاف وطني شامل لمتابعة الحشد وإسناد المرابطين في جبهات الصمود ومنع أي استقطابات معادية في الداخل ، هذا هو الطريق الأمثل لبلوغ بر الأمان ، والله من وراء القصد .