أضرار وخسائر القطاع الزراعي جراء العدوان والحصار على اليمن

يعتبر القطاع الزراعي واحدا من أهم القطاعات الاقتصادية والحيوية في اليمن والتي من شأن النهوض بها أن يؤدي إلى الاكتفاء الذاتي من الغذاء والقضاء على الفقر والبطالة وإيجاد يمن قوي اقتصاديا يأكل مما يزرع ولا يستجدي طعامه من أحد، لذا فقد ركزت الدول المعادية لليمن منذ نهاية السبعينيات وحتى 2015م على ضرب هذا القطاع وصولا إلى إصابته بالشلل التام ففي ظل الإهمال المتعمد للقطاع الزراعي من قبل الحكومات السابقة، ظلت اليمن تستورد  90% من القمح المستهلك في البلد ضمن المواد الغذائية والتي تزيد عن 85% من الأغذية المستهلكة التي تعتبر من المواد الأساسية مثل القمح والأرز وزيت الطهي والسكر والحليب، حيث يبلغ إجمالي ما يستورد سنويا من المواد الغذائية أكثر من 5 ملايين طن، يحتل القمح حوالي 60% منها.

اليوم وخلال الأعوام الثمانية للعدوان والحصار ونظرا لأن القطاع الزراعي يعتبر مصدرا مهما من مصادر الرزق والاكتفاء الغذائي الرئيسية لأغلبية الشعب اليمني، ومثَّل ملاذا آمنا استوعب الكثير ممن فقدوا أعمالهم ورواتبهم ومصادر دخلهم بسبب العدوان والصراع الدائر في البلاد، تحول الإهمال إلى استهداف شامل لهذا القطاع حيث ركزت دول العدوان على جعله في طليعة القطاعات التي يجب استهدافها وضربها بغية توسيع فجوة الجوع وهو ما سيشكل ضربة قاصمة ستفت من عزيمة وصمود اليمنيين وستؤدي بالتأكيد إلى تجويعهم وبالتالي تركيعهم وإخضاعهم.

لذا لم يسلم هذا القطاع منذ اليوم الأول للعدوان والحصار الأمريكي السعودي على اليمن من التأثيرات المدمرة للعدوان والحصار ناهيك عن الاستهداف المتعمد والغير المبرر لهذا القطاع الهام والحيوي والذي ألحق به الكثير من الأضرار والخسائر التي كشفت عنها مصادر رسمية في وزارة الزراعة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث كشف وزير الزراعة والري، المهندس عبد الملك الثور، أن إجمالي الخسائر الناجمة عن العدوان والحصار الأمريكي السعودي الاماراتي، الذي لحق بالقطاع الزراعي، بلغ 111مليار و279 مليون و٢٧١ ألف دولار.

هذه الخسائر تنوعت ما بين خسائر جاءت بشكل مباشر وخسائر جاءت بشكل غير مباشر، حيث أشار وزير الزراعة والري، إلى أن الخسائر والأضرار المباشرة منذ بداية العدوان بلغت ٧مليارات و٤٧٧ مليون و٥٠٧ آلاف دولار.

بينما تجاوزت تكلفة الأضرار والخسائر غير المباشرة منذ بداية العدوان الـ ١٠٣ مليارات و٨٠١ مليون و٧٦٤ ألف دولار.

في حين تمثلت الأضرار المباشرة في مبان ومنشآت الجمعيات الزراعية والمنشآت المائية والأسواق الزراعية ومراكز الصادرات والمستودعات والمخازن التي تعرضت للقصف المباشر، كما شملت أيضا استهداف أنابيب نقل المياه والمحميات والمشاتل الانتاجية والثروة الحيوانية ومناحل العسل وقطاع الدواجن.

في الوقت الذي تمثلت الأضرار غير المباشرة في استهداف الإنتاج الزراعي النباتي والمشاتل الانتاجية والأسواق الزراعية ومراكز التصدير والمحلات التجارية والتبادل السلعي والناتج المحلي والموارد الطبيعية والإنتاجية.

وكشاهد على ما لحق هذا القطاع من أضرار وخسائر جراء العدوان والحصار وما يعانيه اليوم من مخاطر قد تقلص من إنتاجيته وفاعليته في تأمين الغذاء لليمنيين، جددت منظمات أممية ودولية تحذيراتها خلال الثلاثة الأعوام الماضية من استمرار العدوان والحصار وحالة الصراع في اليمن على قطاع الزراعة، مؤكدة أن الحصار وضع مليون ونصف المليون أسرة تعمل في الزراعة، على حافة الافتقار إلى الوصول إلى المدخلات الزراعية الهامة (بما في ذلك البذور والأسمدة ووقود المعدات المستخدمة للري وغيره من الأعمال الزراعية).

ولم تقتصر هذه الأضرار والخسائر على هذا القطاع في المناطق التي تسيطر عليها حكومة الإنقاذ في صنعاء فحسب، فالصراع المستمر بين الأطراف الداخلية المساندة والمؤيدة لتحالف العدوان في مناطق سيطرتها تسبب في إضعاف المؤسسات المعنية بالقطاع الزراعي هناك، لتبقى عاجزة عن تقديم أي معالجات في المجال الزراعي، فضلا عن عجزها التام في مواجهة كوارث السيول التي دمرت هذا الموسم نحو 84 مزرعة في دلتا أبين، ناهيك عن الأضرار التي طالت العديد من مزارع تبن في الموسم الماضي، وإيقاف الزحف العمراني على المساحات الزراعية، وسيطرة قوى النفوذ والصراع على أراضي زراعية تتبع فروع وزارة الزراعة في لحج والضالع وأبين، حسب تقارير تلك الفروع خلال الأعوام الماضية.

ومع تصاعد التحذيرات الأممية من تفاقم الوضع الإنساني في اليمن، وما يمثله القطاع الزراعي من أهمية بالغة بالتزامن مع الأزمة العالمية التي يشهدها العالم اليوم والمتمثلة في أزمة غذاء عالمية، إضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية إلى مستويات غير مسبوقة، وما تلا ذلك من اضطراب إمدادات القمح، بسبب الحرب الأوكرانية الروسية وتوقف تصدير إنتاج الدولتين من هذه المادة تزايدت الدعوات إلى ضرورة العودة إلى الزراعة كسبيل مهم لتحقيق الأمن الغذائي، كخيار وحيد، يمكن أن يحد من تأثيرات نقص الغذاء، ويجنب ملايين اليمنيين الذين يعانون من أسوأ أزمة إنسانية عرفها العالم- بحسب التقارير الأممية، المزيد من مخاطر الجوع.

قد يعجبك ايضا