مرضى القلوب وعلامتهم الفاضحة

يقول الله -سبحانه وتعالى- أيضاً: {وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ}، شغف بالقرآن، علاقة بهدى الله، ارتياح لتوجيهات الله وهديه، {فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} كارثة، طامة؛ لأنه ذكر في هذه السورة أو في هذه الآية القتال، وهو موضوع غير مرغوب أبداً، لا يتحملون أن يكون موضوعاً يقدم في كلمة، أو في خطبة، أو في موعظة، حتى في سورة، حتى السور القرآنية التي فيها حديث عن الجهاد لا يرغبون فيها، يرغب في سورة أخرى لا يكون فيها ذكر لهذا الموضوع، {رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} (رَأَيْتَ): يعني ينكشفون، يمثِّل هذا الموضوع كاشفاً لهم، وفاضحاً لهم حتى في الحديث عنه، حتى في الحديث عنه، فالذين في قلوبهم مرض لا يتحملون حتى السماع لهذه المواضيع، القرآن يعتبر هذه علامة لهم، فيمكن للمجتمع أن يعرفهم بذلك، ويعرف أن مشكلتهم الحقيقية هي أن في قلوبهم مرض، ومرض معنوي يعني غير مرض الصمامات والشرايين… هذا مرض طبيعي، لكن مرض معنوي، يعني خبث، ليست مطمئنةً بالإيمان كما ينبغي، مهما برروا، مهما قدَّموا من عناوين تبرر موقفهم، هذه علامة، التي جعلها علامةً تفضحهم وتكشفهم من؟ الله -سبحانه وتعالى- الخبير بالعباد، والعالم بذات صدورهم، {رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} [محمد: من الآية20]، تعقدوا عقدة شديدة جداً.

{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ} من هذه السور التي فيها حديث عن الجهاد والمسؤولية والعمل، {نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ}، إذا كانوا في مجتمع أو في مسجد ويتعارفون فيما بينهم قد ينظر كلٌ منهم إلى الآخر نظرات الإشارة للانصراف والذهاب {هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} [التوبة: الآية127]، هؤلاء الذين في قلوبهم مرض وفيهم خبث وينزعجون أشد الانزعاج من هذه الفريضة العظيمة التي هي الجهاد في سبيل الله، والموقف الحق، والولاء لأولياء الله، والعداء لأعداء الله، هل يمكنهم أن يكتفوا في انتمائهم الإيماني بتلك الأعمال التي قد قرروا الاكتفاء بها، وقرروا أن يرفضوا هذا الجانب من توجيهات الله وتعليماته، وأن يتخذوا موقفاً سلبياً منه وممن يتبناه، هل هذا ينفعهم؟ هل هذا يجديهم؟ هل هذا ينفعهم يوم القيامة؟ الله يقول: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: الآية142]، المسألة في الأخير في الجنة، والبعض منهم قد يقول: [أنا أريد الجنة]، والبعض قد يحاول أن يغطي تقصيره في هذه الواجبات الكبيرة والمسؤوليات العظيمة بالاهتمام الواسع بالمستحبات والمندوبات، فيتحرك في مجال العبادة في المستحبات والمندوبات على نحوٍ واسع، والالتزام في الأمور البسيطة والمحدودة والسهلة، قد يظهر التزاماً شديداً بها، هو يحاول أن يعوض؛ لأنه مقصر في هذه المسائل الكبيرة المهمة للغاية التي جعلها الله في تأكيده في كتابه معياراً للمصداقية، هل سيدخل بتلك الجنة؟ الله يقول: لا بدَّ من الجهاد والصبر لكي تدخل الجنة، الحد الأدنى لمن لهم عذر شرعي هو النصح {إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: من الآية91] في سورة التوبة، النصح: ينصح، يشجع، يدعو، يتكلم بالكلمة الطيبة لمن له عذر شرعي.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
للعنة على اليهود
النصر للإسلام

السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي

من المحاضرة الثالثة والعشرون من سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ

قد يعجبك ايضا