ثورة 21 سبتمبر.. شُعلةٌ لا تنطفئ

||صحافة||

لم تكن ثورة 21 سبتمبر 2014م وليدةَ اللحظة أَو حدثاً عابراً، بل جاءت كضرورة مُلِحَّةٍ أوجبتها كثيرٌ من العوامل والأحداث التي صادرت السيادة الوطنية للبلاد وجعلت منه تابعاً مطيعاً للخارج لا يملك من قراره أي شيء، حَيثُ تحولت اليمن نتيجة التبعية إلى ساحة صراع لتصفية حسابات خارجية عبر حثالة من خونة الداخل وقد أصبحت من خلالهم أرضاً خصبة للتنظيمات الإرهابية بتمويل أمريكي صهيوني، والكثير من المؤامرات التي حيكت ضد الشعب اليمني من الشمال إلى الجنوب؛ لذلك فقد جاءت ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر لقطع كافة أيادي التدخلات الخارجية في البلد واجتثاث فلول الإرهاب وأوكاره من عروقه وقد تحقّقت بعدها نجاحات كبيرة على مختلف الأصعدة، وهو الأمر الذي أزعج القوى الخارجية المتربصة والمتآمرة على البلاد في شن العدوان عليها والمؤامرات الكبيرة لها في محاولة لوأدها والقضاء عليها، حَيثُ دمّـروا من خلال عدوانهم كُـلّ مقومات الحياة والعيش الكريم.

لقد تميزت ثورة الحادي والعشرون من سبتمبر بوجود قائد لها قوي وشجاع استطاع كسب قلوب الناس للالتفاف من حوله حينما وجدوا منه الصدق والإخلاص والوفاء وكل المبادئ والقيم التي لم يجدوها في غيره؛ لذا فَـإنَّ هذه الركيزة تعد أهم عامل من عوامل صمود ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المجيدة.

ومن نماذج الحكمة التي جسدها قائد الثورة خلال أَيَّـام التصعيد الثوري وذلك بتوجيه الثوار باتِّخاذ خطوات مناسبة تمثلت في رفع الإنذارات للجهات الرسمية في النظام السابق للكف عن العبث الذي تنفذه في ظل الوصاية الخارجية، حَيثُ يشير السيد القائد إلى أن تلك الخطوات قوبلت بالتجاهل وحينها أدرك الجميع أن الذي يواجه هذه الثورة الشعبيّة في حقيقة الأمر هو الخارج قبل أُولئك العملاء وأن هذا ما حصل مما يسمى بالدول العشر وعلى رأسهم الأمريكي، في توجيه التحذيرات والإنذارات وقد أرسلوا الرسائل ووجهوا الضغوط وهدّدوا وحاولوا إخافة الثوار والقائد؛ بهَدفِ التوقف عن التحَرّك الشعبي الثوري ولكن مع هذا كله الوعيد والتخويف فشلوا ولم يحقّقوا شيئاً.

ويقول الثائر المجاهد رضوان دحان من أبناء طوق صنعاء: إن تراكمات الماضي السيئ للحكومات المتعاقبة التي أصبحت سليبة القرار والإرادَة والتي كانت تنفذ ما يملى عليها، إضافة إلى سيطرة حزب الإصلاح على الحكومة ومؤسّسات الدولة وكذلك انعدام الأمن والاستقرار واستمرار مسلسل الاغتيالات وانتشار القطاعات والسلب والنهب والقتل والظلم وانتهاك الحريات وانتشار الفساد المالي والإداري والأخلاقي والاختلالات الأمنية والفوضى والانتشار الهائل للتكفيريين والقاعدة وتنامي الفكر الوهَّـابي والخطاب التحريضي والتجنيد الطائفي لحزب الإصلاح والاعتقالات السياسية كلها كانت المسببات والدوافع لقيام الثورة.

ويتابع رضوان حديثه أن الوضع آنذاك كان في تدهور إلى الأسوأ، إضافة إلى تمادي النظام في تحميل المواطن فوق طاقته ورفع الأسعار والجرعة رغم الظروف المعيشية الصعبة التي يعانيها من الفقر والحرمان وهو يرى ثروات بلاده تصب في جيوب النافذين والفاسدين من المستأثرين بالسلطة وثروات البلاد؛ مُضيفاً أن كُـلّ ذلك نتج عنه احتقان وغضب شعبي عارم أَدَّى إلى اندلاع ثورة شعبيّة خالية من الوصاية.

ويذكر أنه لم يكن أمام الشعب اليمني والمواطن اليمني خيار سوى الثورة التي دعا إليها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والتصعيد الثوري الشعبي غير المسبوق، حَيثُ جاءت الاستجابة المطلقة لقائد الثورة وحصل الالتفاف الشعبي والجماهيري حول الثورة وخرج الثوار مطالبين بإلغاء الجرعة وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار، مُشيراً إلى أنه كان هناك دور مهم ومشرف للقبائل والمشايخ والشخصيات الوطنية، إلى جانب الثوار ودور القبيلة اليمنية في احتضان واستضافة وحماية الحشود الشعبيّة في مداخل العاصمة من أبناء قبيلة همدان وبني مطر وبني الحارث وسنحان.

وعن تحقيق أهداف الثورة المُستمرّة يقول الثائر رضوان دحان: إن الثورة تحقّقت معظم أهدافها منها إسقاط الحكومة العميلة والفاسدة والتحرّر من الوصاية ونبذ الغلو والتطرف ووجد الأمن والاستقرار، كما أعيد للدولة هيبتها وأقيم العدل وانتهت التقطعات في الطرقات واعتمد أبناء اليمن على أنفسهم في الدفاع عن البلد وتم بناء جيش وطني مؤمن يحمل عقيدة إيمَـانية وقضية مقدسة وحمل مسؤولية الدفاع عن الإسلام والمقدسات والأرض والعرض.

ويبين رضوان أن سر صمود ثورة 21 سبتمبر هو الاعتماد على الله والتوكل عليه والثقة بالله الكبيرة والالتجَاء الدائم بمن له الفضل والمنة علينا الذي يمد عباده المستضعفين بالنصر والتمكين، والتولي لله ولرسوله محمد -صلوات الله عليه وآله- وللإمام علي -عليه السلام- والتولي والتسليم للقائد السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي، والتحَرّك تحت قيادة واحدة في سبيل الله والدفاع عن عباده المستضعفين واستمرار القبائل في رفد الجبهات بالمال والرجال إلى جانب الجيش وتماسك الجبهة الداخلية.

 

قضية عادلة

من جانبه، يعتقد عضو حزب الرشاد السلفي، محمد الشرفي، أن هناك ثلاثةَ أسباب رئيسة لثبات الثورة وصمودها وهي: عدالة القضية وحنكة القيادة ووطنية المبدأ، موضحًا أن ثورة 21 سبتمبر وُلدت من رحم المعاناة لتحيا مع المساكين والمظلومين وتقف معهم وتؤازرهم ضد الطغاة والمستكبرين، سواء في الداخل أَو في الخارج؛ ولذلك فَـإنَّ العناية الإلهية تتدخل مع قضية عادلة طالما أنها لم تنحرف عن المسار.

ويرى الشرفي أن القضية العادلة تحتاج إلى محام شاطر ومحنك وإلا فلن تنجح، مُضيفاً أن الله امتن علينا بقيادة ثورة 21 سبتمبر بالقيادة الصادقة النزيهة الشجاعة حولت من الظروف القاسية التي أحاطت بالثورة إلى منح والمؤامرات عليها إلى فرص لتقوية جوانبها وتثبيت أركان القوة فيها.

ويؤكّـد أن الثورة ستظل طالما استمر على قيادتها الصادقون وواصلت مسيرَها في إطار عدالة القضية ونصرة المستضعفين وجمعت بين ثناياها كُـلّ الشرائح والتوجّـهات اليمنية على مبدأ المواطَنة المتساوية والمشاركة الثورية والسياسية الفاعلة.

ولهذه الأسباب والأسرار فقد بقيت ثورة 21 سبتمبر صامدة في قوتها وعنفوانها رغم حجم العدوان لـ 8 أعوام على التوالي -كما يؤكّـد الشرفي- ومُستمرّة في تحقيق أهدافها بكل إرادَة وعزيمة تجتاح كُـلّ باطل من أمامها وهي من عام إلى عام تزداد صلابة واستمرارية وذلك لعدة أسرار وعوامل في ديمومتها ومناهضة أية محاولة لتوقفها وإعاقتها، لافتاً إلى أن المؤامرات كانت ولا زالت كبيرةً تجاه ثورة 21 سبتمبر، ولكن مع الالتفاف الجاد حول القيادة ورفع مستوى الوعي بخطورة المرحلة وكذا العمل الدؤوب في مختلف الجوانب والمستويات فَـإنَّ ذلك كفيلٌ باستمرارية عمر الثورة ومواصلتها تحقيق الأهداف المنشودة.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا