‫نص خطابُ السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة ذكرى عاشوراء 1438هـ

أَعُــوْذُ باللهِ مِـن الشَّيْطَـانِ الرَّجِـــيْـمِ

 

بِـسْـــمِ اللهِ الرَّحْـمَـنِ الرَّحِـيْـمِ

 

الحَمْـدُ لله رَبِّ العالمين، وأشهَدُ أن لا إلهَ إلّا اللهُ المَلَكُ الحَقُّ المبين، وأشْهَدُ أَنْ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عبدُه ورسولُه خاتمُ النبيين.. اللّهم صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آل مُحَمَّــدٍ، كما صليتَ وباركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيدٌ، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجَبين وعن سائرِ عبادِكَ الصالحين.

 

أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ: السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.. وعظّمَ اللهُ لنا ولكم الأجرَ في ذِكْرَى مصاب سيد الشهداء سبط رَسُـوْل الله مُحَمَّـد، الحسين بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء بنت رَسُـوْل الله مُحَمَّـد خاتم النبيين صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطاهرين.

 

إن شعبَنا اليمني اليومَ في كثيرٍ من المناطق يُحيي هذه الذِّكْرَى وهو يعيشُ في واقعِه المظلومية التي هي امتدادٌ لمظلومة الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- وامتدادٌ للمعاناة التي عانتها الأُمَّـة في كُلّ مراحل تأريخها من الطغيان اليزيدي والإجْـرَام اليزيدي.

 

شعبُنا اليمني اليوم مُعتدَى عليه بغير حقٍّ، ذنبُه تمسُّكُه بمبادئه، تمسُّكُه بحريته بحقه في الاستقلال، ذنبه قِيَمُه التي أبى إلا الثباتَ عليها والتي أبت له إلا أن يكونَ شعباً حُـرّاً كريماً وعزيزاً.

 

شعبُنا اليمني اليوم يعيشُ محنة كربلاء وهو مظلومٌ، يُقتَلُ أبناؤه رجالاً ونساءً وأَطْفَالاً وهو يستهدف بكل أشكال الاستهداف بدون قيود ولا حدود ولا ضوابط يلتزم بها المعتدون أَوْ يراعيها أولئك الطغاة المجرمون.

 

شعبُنا اليمني في هذه الذِّكْرَى في هذا الواقع الذي يعيشُه بالظروف التي يعيشها لها أهميتها البالغة؛ لأنّها ذِكْرَى بواقعٍ يعيشُه، يعيشُ أجواءَه، يعيش محنته، وهو أَيْضاً بحكم هُويته الإِسْلَامية وانتمائه للإِسْلَام العظيم شعبٌ حمل وسام الشرف الأعلى حينما قال عنه الرَّسُـوْل مُحَمَّـد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فيما روي عنه: “الإيْمَـان يمان والحكمة يمانية”.. هل يمكن لشعب يحمِلُ الإيْمَـان وينتسِبُ للإيْمَـان ونال هذا الوسام وسام الشرف الرفيع والعالي إلا أن يكونَ على الدوام في مواقفه في انتمائه في مبادئه في قيمه في توجهاته إلا في هذا المسار وفي هذا الطريق متمسكاً بالإِسْلَام العظيم الإِسْلَام بمبادئه الحقّ الإِسْلَام بنقائه وصفائه من كُلّ الشوائب، الإِسْلَام العظيم بقيمه المهمة القرآنية، الإِسْلَام المُحَمَّـدي الأصيل الذي كان الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- فيه رمزاً عَظيماً من رموزه ولا يزال للأُمَّـة إلَـى يوم القيامة في كُلّ أجيالها الذي كان الإِمَـامُ الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- في مقامه وفي موقفه وفي حركته وفي ثورته وفي جهاده وفي استشهاده وتضحيته يحمل راية هذا الإِسْلَام، يمثل هذا الإِسْلَام بحق، يعبر عن هذا الإِسْلَام بالقول وبالفعل وبالموقف، فشعبنا اليمني اليوم بحكم هذا الانتماء بحكم هذه الهُوية له ارتباطٌ وثيقٌ وامتدادٌ أصيلٌ بالإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ-، الإِمَـام الحُسَـيْن في مقامه العظيم رمزٌ عَظيمٌ وعَلَمُ هداية من أعلام الهُدى في هذا الدين، الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- وريثٌ لجده المصطفى يحمل راية الإِسْلَام، وريثٌ وقرينٌ للقرآن الكريم، من مهامه في هذه الأُمَّـة أنه في موقع الهداية وفي موقع القيادة وفي الموقع الذي يتحرّك فيه بالأُمَّـة ضمن هُويتها الإِسْلَامية بقيمها الإِسْلَامية بمبادئها الإِسْلَامية الحقّة.

 

شعبنا اليمني اليوم يرى في الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- الأسوةَ والقدوةَ وعَلَمَ الهُدى الذي نحتذي به كمسلمين كمؤمنين، نقتدي به، نتأسى به، نسير في دربه، نتعاطى في واقع الحياة، ونتعاطى مع المسئولية ونتفاعل مع الأحداث بالمنطلقات نفسها بالمبادئ نفسها بالقيم نفسها التي حملها الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- والتي تمسّك بها الإِمَـاُم الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- والتي تحرّك على أَسَاسها الإِمَـامُ الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ-؛ لأنها ليست إلا حقيقة الإِسْلَام وإلا جوهر الإِسْلَام وإلا الإِسْلَام بنقائه بحقيقته بامتداده الأصيل الصحيح والسليم اليوم.

 

شعبُنا اليمني العظيم يستفيدُ من هذه الذِّكْرَى ليتزوّدَ منها قوةَ الإرَادَة وقوة العزم وصلابة الموقف والثبات الدائم والثبات المبدئي الثبات المستنِد إلَـى جوهر الإِسْلَام وإلى قيمه، الثبات المستند إلَـى الإيْمَـان بحقيقته.

 

شعبُنا اليمني اليوم يعاني حقيقةً ويعيشُ الواقعَ الكربلائي فعلاً وحالة يومية، ولكن ذلك لا يزيده إلا ارتباطاً وثيقاً، وإلا التزاماً حقيقياً وإلا قناعة راسخة.

 

إننا في هذا اليوم نستذكرُ الإِمَـامَ الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- بكل ما يمثله في موقفه في الأُمَّـة أولاً في مقامه العظيم مقامه العظيم كولي لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى من أولياء الله من سادة المتقين من أعلام الهداية، الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- الذي قال عنه الرَّسُـوْل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وعن أخيه الحسن أنهما سيدا شبابِ أهل الجنة، له هذا الموقع، له هذا المقام العظيم والعالي، سيد شباب أهل الجنة بمعية أخيه الحسن عليهما السلام بكل ما يعنيه، ذلك أنه في مسيرة الإِسْلَام في موقع التقوى والإيْمَـان في موقع القدوة والأسوة في مكانته في الدين الإِسْلَامي له هذا الموقف، ننظر إلَـى عليائه في هذا المكان وفي هذا المقام هل يمكن إلا أن ننظر إليه أنه نعم الأُسوة ونعم القدوة وأنه علم هداية، نتطلع إلَـى خطواته ومواقفه لنهتديَ بها ونقتبس منها وكذلك إلَـى موقعه في المسئولية.

 

لم يكن الإِمَـامُ الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- مجرّد مؤمنٍ عاديٍّ وحالُه حالُ سائر المتقين في مستوى فضلهم ومقامهم مع عظمته وأهميته ولكنه كان سيداً للمتقين، كان في موقعه في المسئولية وريثاً للهدى معنياً بقيادة الأُمَّـة مؤتمناً على أمة جده، وبالتالي فما كان يتبناه من مواقف وما كان يتحرّك فيه وما كان يمثله هو كان في هذا الموقف في هذا الموقع وفي هذا المستوى قائداً للأُمَّـة هادياً للأُمَّـة، الأُمَّـة معنية أَسَاساً في دينها في مبادئها أن تلتزمَ بقيادته، أن تهتديَ به أن تحذوَ حذوَه، أن تتحرّك وتلتف حوله.

 

هذا هو الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- وهذه هي نظرتنا المبدئية تجاه الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- فما الذي حدث؟، التأريخ حكى تفاصيلَ واقعة كربلاء ونحن اليوم معنيون بتوصيف ما حدث وليس بذكر التفاصيل، فالمكان لا يتسع لها، ما الذي دفع الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- سبطَ رَسُـوْل الله مُحَمَّـد صلى الله عليه وعلى آله علَم الهدى وقرين القرآن إلَـى ذلك التحرّك الذي ضحى فيه بنفسه وضحّى فيه بأسرته وأهل بيته وضحّى فيه بالبقية الباقية من أهل الوفاء الذين كانوا أوفياء معه؟، ما هو ذلك التحدّي؟، ما هي تلك الأخطار؟، ما هي تلك الأحداث؟.. إننا حينما نعود إلَـى تأريخ الأُمَّـة نجد أن الانحرافات الكبرى في واقع الأُمَّـة وأن المتغيرات التي عصفت بالأُمَّـة نتج عنها أمر خطير للغاية نتج عنها وصول شخص مجرم ظالم مستكبر طاغية مستهتر بالإِسْلَام جملة وتفصيلاً لا قيمة عنده لشيء في الإِسْلَام ولا من الإِسْلَام مستهتراً حتى برَسُـوْل الإِسْلَام بني الإِسْلَام، حتى بالقرآن الكريم، مستهتر بالأُمَّـة الإِسْلَامية كلها، يرى فيها الرعية العبيد، يرى فيها الأُمَّـة التي يريد أن يركعها له أن يخضعها له أن يستبعدها بكل ما تعنيه الكلمة، وصول هذا الطاغية نتيجة الانحرافات السابقة إلَـى موقع القرار إلَـى موقع السلطة إلَـى موقع الحكم أميراً على الأُمَّـة قائداً للأُمَّـة زعيماً للأُمَّـة سُلطاناً على الأُمَّـة كان يمثل خطورةً كبيرة جداً على الأُمَّـة في كُلّ شيء ابتداءً في هُويتها الإِسْلَامية ومبادئها وقيمها وأَخْلَاقها يمثّل خطورة حقيقية على الإِسْلَام كله جُملة وتفصيلاً؛ ولذلك كانت المسألة خطيرة جداً يترتب عليها نتائجُ كارثية في واقع الأُمَّـة يترتب عليها هدمٌ حقيقي لكل الجهود التي كان قد بذلها وقدمها رَسُـوْلُ الله مُحَمَّـدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ومن معه مِن المؤمنين، وذهابٌ لكل تلك التضحيات سُدَىً واستئنافٌ للجاهلية بشكل أبشع وأسوء مما كانت عليه وبشكل فظيع في واقع الأُمَّـة من جديد؛ فلذلك الإِمَـامُ الحُسَـيْنُ -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- كان ببصيرته العالية بعلمه بفهمه الصحيح وهو قرين القرآن الكريم شخّص حقيقة الخطر ومستوى الخطر، وبالتالي اتخذ قراره في طبيعة الموقف، فتحرّك، لم يقبل أبداً بالبيعة ليزيد ولم يقبل أبداً بالخنوع والسكوت والجمود؛ لأنه يدرك مدى خطورة ذلك، كان إيْمَـانه وكانت عزته وكانت قيمه نفسيته العظيمة التي تشبّعت بالإيْمَـان بكل ما في الإيْمَـان وبالارتباط الوثيق بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كانت تأبى له أن يسكُتَ أَوْ أن يخضع أَوْ أن يستسلم أَوْ أن يتقبل بهذا الواقع السيءِ، وكانت مسئوليته من موقعه بالمسئولية تجاه أمة جَدّه تفرضُ عليه أَيْضاً أن يتحرّك في أَوْسَاط الأُمَّـة وأن ينادي بأعلى الصوت وبكل قوة بالموقف الحقّ وأن يدعوَ الأُمَّـة إلَـى التحرّك الصحيح لرفض كُلّ ذلك الباطلِ السيء الذي يراد له أن يُفرَضَ عليها وأن يتحكم بها، فالإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- تحرّك عن وعي عن بصيرة عن قناعة راسخة تحرّك بحركة القرآن بما يمليه عليه القرآن بما تمليه عليه هويته الإيْمَـانية وارتباطه الوثيق وبما تفرضه عليه المسئولية تحرّك بكل عز وبكل إباء وبكل شموخ، وهو يقول ويزيد فاسق فاجر شارب الخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق والفجور “وَمثلي لا يبايع مثلَه”.

 

الحالة الجديدة التي قد سادت في واقع الأُمَّـة وفي أَوْسَاط الأُمَّـة بكل ما تمثّله من خطورة رهيبة على الأُمَّـة يرى أن هناك شكلاً جديداً للإِسْلَام ليس هو الإِسْلَام المُحَمَّـدي ولا الإِسْلَام القرآني، هو الإِسْلَام بلباسه الأموي بثوبه الأموي الجديد، ثوب النفاق ثوب الضلال الذي يريد أن يسودَ في واقع الأُمَّـة، إِسْلَامٌ لا يبقى منه إلا شكليات مجيّرة بما يخدم الظالمين مجيّرة فيما يفيدُهم ويدعم موقفهم، تبقى المساجد لخدمتهم والمنابر لخدمتهم وَالمال العام لخدمتهم وبعض العناوين الدينية التي تفرَّغ من محتواها الحقيقي، ثم تُضَمَّنُ بمحتوى آخر هو باطل هو ضلال هو فساد، يبقى العنوان عنواناً إِسْلَامياً والمضمون مضموناً أموياً نفاقياً كله ضلال وكله طغيان وكله انحراف بالأُمَّـة.. يرى هذا الواقع المُر، هذا الواقع المأساوي الذي عبّر عنه بقوله هو ينادي في أَوْسَاط الأُمَّـة: “ألا تَرَون أن الحقَّ لا يُعمَلُ به وأن الباطل لا يُتناهى عنه”، الحق يزاح من واقع الحياة يبقى الإِسْلَام بدون حقٍّ، أي إِسْلَام هذا الذي أزيح منه الحق؟!، الحق بكل تفاصيله الحق في عقيدة الأُمَّـة في ثقافة الأُمَّـة الحق في سياسة الأُمَّـة الحق في العمل والحق في الموقف والحق في السلوك الحق يزاح من واقع الحياة يبقى الإِسْلَام حينئذ وقد أزيح عنه الحق مجرد عناوين شكلية مجيّرة لصالح الطغاة ولصالح المستكبرين، أما الباطلُ فهو الذي يسود ويحضُرُ، فتحت الغطاء له عناوين إِسْلَامية، تحته الباطل بكل ما فيه الباطل بكل تفاصيله الباطل ظلمٌ، الباطل فساد، الباطل منكر، الباطل بكل ما يشمل ويتضمن، حينئذ تكون العملية عملية مسح لهوية الأُمَّـة وعملية تفريغ للدين الإِسْلَام ;له من محتواه الفاعل والحيوي والمهم والبنّاء والمفيد في واقع الحياة، هذا الذي رأينا آثاره السيئة في واقع الأُمَّـة على مدى تأريخها وإلى ما وصلت إليه اليوم وهو واقعٌ مأساوي ومرير.

 

الإِمَـامُ الحُسَـيْنُ -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- قال للأُمَّـة فيما قاله رَسُـوْلُنا مُحَمَّـدٌ صلوات الله عليه وعلى آله: “أيها الناس إن رَسُـوْلَ الله قال من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحُرَمِ الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسُنة رَسُـوْل الله، يعملُ في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قولٍ كان حقاً على الله أن يدخله مدخله”، وإذاً فانتماؤنا للإِسْلَام انتماؤنا نحن المسلمين لهذا الإِسْلَام يفرض علينا كفرض ديني ومسئولية دينية أن لا نذعن وأن لا نستكين وأن لا نخنعَ لسلاطين الجور لزعماء الطغيان والظلم والفساد والإجْـرَام، حينما يكون مَن يحكم الأُمَّـة من هو في موقع الزعامة والقرار والسلطة سلطاناً جائراً لا يلتزم بالعدل يعتمدُ على الجور في ممارساته وحُكمه ومواقفه وإدارته للأُمَّـة ثم هو مستحل لما حرّم الله ليس عنده ضوابط ولا قيود أبداً ولا حرمة لحُرَمِ الله، وحُرَمُ الله هي التي تصونُ الأُمَّـةَ سفكَ الدماء بغير حق، هي من حرم الله الأُمَّـة بكلها الإنْسَان بكرامته الإنْسَان بكرامته وحقه في الحياة، إذا استحلت معناه أن تستباح الأُمَّـة ويستباح في واقع الأُمَّـة كُلّ شيء، كُلّ شيء يستباح، وهذه النماذج هي التي نراها اليوم ماثلةً أمامنا وهي النماذج التي اليوم تعتدي على بلدنا، وبلدنا اليوم يراد له أن ينزلقَ من كُلّ هذه المبادئ والقيم؛ لأنها هي التي تمثّل ضمانة بتماسكه ولثباته ولصلابة موقفه، اليوم ما يمكن أن يحفظ الأُمَّـة وما يمكن أن يكون ضمانة لتماسك الأُمَّـة وما يمكن أن تعتمدَ عليها الأُمَّـة لنيل حريتها واستقلالها هي هذه المبادئ، مبادئ الإِسْلَام الحقيقي التي نادى بها الإِمَـامُ الحُسَـيْنُ، الاستفادة من الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- قدوة وأسوة ومن أصحابه الأوفياء والصامدين والثابتين.

 

اليوم شعبُنا اليمني يواجِهُ الطغيانَ اليزيدي في النظام السعودي في الإدَارَة الأَمريكية التي تشرفُ على هذا العدوان وتدير هذا العدوان بكل تفاصيله، اليوم شعبُنا اليمني العزيز ذنبه الكبير الذي يعاقب عليه من جانب أولئك هو الهوية هو الانتماء هو المبادئ هو القيم هو الأَخْلَاق؛ لِأَنَّ الذي يريده منا أولئك، ما يريده منا النظام السعودي اليوم ضمن السياسة الأَمريكية والتوجيه الأَمريكي والتدبير الأَمريكي هو ما أراده يزيد آنذاك من الأُمَّـة، الاستعباد الإذلال، القهر، الإهانة، هذا هو الذي يريدونه منا، يريدون منا أن نتعطل تَمَاماً من كُلّ مبادئنا من كُلّ قيمنا وأن نُخضِعَ أنفسَنا بالمطلق لإرادتهم وتوجهاتهم وسياساتهم وإملاءاتهم وأن نجعلَ من أنفسنا عبيداً كما استعبد يزيد الأُمَّـةَ آنذاك كما فرض عليها وهو يقاتلها ويعتدي عليها في مدينة الرَّسُـوْل مُحَمَّـد صلوات الله عليه وعلى آله أن يبايع كلٌّ منهم على أنه عبد قن ليزيد بن معاوية، اليوم هذا الذي يريدونه منا، أن نكون عبيدا أذلاء مقهورين خانعين خاضعين مستكينين لا قرار لنا ولا إرَادَة لنا ولا حرية لنا، وأن يكونوا هم من يقررون ما يشاءون ويريدون علينا، لا يريدون لشعبنا اليمني أن يكون حُـرّاً في أي شيء أبداً، لا في من يحكمه ولا في سياساته ولا في توجهاته ولا أن يكون له أبداً حق اتخاذ القرار، بل أن يكون هو كشعب وأن يكون البلد كبلد والمنطقة كمنطقة والجغرافيا كجغرافيا والثروة كثروة كُلّ ذلك خاضعاً لهم وخاضعاً لإرادتهم، هل يمكن منّا أن نقبل بذلك؟!، إذا قبلنا بذلك معناه الهوان في الدنيا والآخرة معناه الخسران، معناه أن نكون في حال قد فقدنا فيه حتى إنْسَانيتنا، من لا يقبل بالحرية ويتمسك بالحرية ويقبل بالعبودية لمجرمين طغاة لمستكبرين فاسدين ظالمين سيئين، معناه أنه قد تفرّغ من إنْسَانيته تَمَاماً حتى قَبِلَ بذلك وحتى استساغ ذلك وحتى رضي لنفسِه بذلك، ومعناه أنه خسر الدنيا والآخرة، معناه أنه انسلخ من مبادئ الإِسْلَام وقيم الإِسْلَام ومن أَخْلَاق الإِسْلَام التي من أهمها العزة..

 

إن الإِسْلَام أتى دين ليحررنا، هذا من أهم ما في الإِسْلَام، وبدون ذلك هو إِسْلَام لا حقيقة له لا أصل له، إِسْلَام مفرَّغ، إِسْلَامٌ للطغاة للمجرمين والمجرمين والمستكبرين، من أهم ما في الإِسْلَام هو هذا أنه يحررنا من العبودية لكل أحد إلا لله رب العالمين، إنه دينٌ لإقامة العدل في الحياة وأولئك جعلوه عناوين يمارسون من خلالها كُلّ أشكال الظلم وكل أنوع الجرائم وأفظع الجرائم، والعياذ بالله أولئك أرادوا للإِسْلَام أن يكونَ قناعاً للطغاة والمجرمين والمفسدين وأن يكون ثوباً، لهم منه لونه، أما الحقيقة فمفرغة تَمَاماً منه.. نحن بحكم قيمنا بحكم فطرتنا بحكم مبادئنا وأَخْلَاقنا لا يمكن على الإطلاق أن نقبل بأن نخسر الدنيا والآخرة بأن نسبّب لأنفسنا سخطَ الله تعالى في مقابل الاسترضاء والإذعان والخنوع والعبودية للمجرمين الطغاة المفسدين المستكبرين.

 

لا يمكنُ أبداً، ولا يمكنُ بأي حال من الأحوال أن نُذعِنَ وأن نخنعَ لمَن ارتكب أبشع الجرائم بحقنا كشعب يمني مسلم بالغِيرة الإنْسَانية بالفطرة الإنْسَانية، قتلوا منا كشعب يمني الآلافَ من أَطْفَالنا ونسائنا وكبارنا وصغارنا، وأَكْثَر القبائل اليوم أَكْثَر المناطق اليوم لها مقابر شهداء قتلوهم بالطائرات، وقتلونا في كُلّ مكان قتلونا في بيوتنا قتلونا في مساجدنا قتلونا في أَسْوَاقنا، قتلونا في طرقاتنا، قتلوا التاجر وقتلوا الفلاح وقتلوا العامل وقتلوا المصلي وقتلوا الطبيب والمريض في المستشفى وقتلوا الكبير والصغير لم يرعوا أيّ حُرمة، واستباحونا بكل أشكال الاستباحة وبكل احتقار وطغيان وتكبُّر وتعالٍ، بعد كُلّ هذا وبعد كُلّ الذي فعلوه بنا هل يمكن إلّا أن نزدادَ ثباتاً وقناعةً في موقفنا، هل يمكن إلّا أن نكونَ اليوم أَكْثَر قناعة وإيْمَـاناً وأَكْثَر وعياً وبصيرة في ضرورة التصدي لهم؛ لأنهم قد كشفوا عن حقيقتهم لنا بكل ما هم عليه، كشفوا عن حقيقتهم السيئة جداً والقبيحة جداً عن أنهم ظالمون مجرمون متكبرون متغطرسون وأنهم لا يجعلون لهذا الشعب بكل أه أبنائي حرمة ولا أي قدر ولا أي اعتبار أبداً، الاستهتار بهذا الشعب بلغ منتهاه، هذه حقيقة واضحة، كُلّ الشواهد عليها دامغة وبيّنة ولا التباس أبداً في ذلك، بعد كُلّ هذا الذي يُفترَضُ بنا كشعب نقول عن أنفسنا ونفتخر بما قاله الرَّسُـوْل فينا إننا يمن الإيْمَـان، أن نتحرّك بصلابة، أن نكسب من عزم الحسين -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- عزماً قوياً حتى نحمل الإرَادَة التي لا تنكسر أبداً مهما بلغ الجبروت ومهما بلغ حجم الطغيان والظلم مهما فعلوا ومهما عملوا، بحكم هذا الإيْمَـان علينا أن نكونَ عند قول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: “فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ”، إن كنا مؤمنين فهذا الذي يجب أن نكون عليه، أن لا نخاف منهم وَأن لا نبالي بهم ولا بجبروتهم وَأن لا نكترث لهم أبداً وَأن نتحرّك بكل جدية وبكل إباء وبكل عزم وبكل استبسال في مواجهتهم؛ لأننا بذلك ندافع عن مبادئنا عن قيمنا عن أَخْلَاقنا عن حريتنا عن إنْسَانيتنا عن كرامتنا عن عزتنا وإلّا لو نذعن لو نخنع لو نستسلم لو نتهاون حينها نكون قوماً بلا كرامة قوماً بلا شرف قوماً بلا عزة قوماً لا خير فيهم رضوا لأنفسهم بالدونية رضوا لأنفسهم للاستسلام رضوا لأنفسهم بالعجز رضوا لأنفسهم بالذل.

 

إن انتماءنا للإيْمَـان وبما شهد به الرَّسُـوْلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلَهُ وَسَلَّمَ وهذا الوسام الذي هو بحق وسام شرف “الإيْمَـان يمان” يفرض علينا أن نكون في كُلّ الظروف وفي كُلّ الاعتبارات وفي كُلّ الميادين وفي كُلّ المواقف أَعزّاء بعزة هذا الإيْمَـان الذي نحمله، لمن لا يزال يحمله، أَعزّاء وشرفاء وكرماء بهذا الانتماء العظيم بهذا الشرف الكبير ولله العزة ولرَسُـوْله وللمؤمنين، مقام العزة هو في مواجهة التحدي، مقام الكرامة هو في مواجهة التحدي الواقع الذي ليس فيه التحديات والظروف التي ليس فيها أخطار والواقع الذي ليست فيه مسؤولية كبيرة وعظيمة لها ثمن ولها تضحية هو واقع لا كرامة للإنْسَان فيه لا أَهَميّة لدور الإنْسَان فيه الأحداث والتحديات هي التي تشّكلُ اختباراً حقيقياً يبين حقيقةَ الإنْسَان وحتى مدى صدقه في انتمائه، وقد كُتِبَ لنا يا شعبَ اليمن يا شعبنا المسلم يا شعب الإيْمَـان والحكمة ُكتب لنا اليوم أن نكون أَمَـام اختبارٍ، اختبار إلهي أَمَـام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، “بسم الله الرحمن الرحيم، ألم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ”، “بسم الله الرحمن الرحيم، مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ”، “بسم الله الرحمن الرحيم، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”، “بسم الله الرحمن الرحيم، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ”، “بسم الله الرحمن الرحيم، وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ”.

 

يا شعبَنا المسلم نحن اليوم أَمَـام هذا الاختبار ليَبين الصادقُ والكاذب في هذا الشعب، مَن الذي هو صادقٌ في إيْمَـانه؟، وهل يمكن إلّا أن يكونَ الصادق في إيْمَـانه عزيزاً لا يقبل بالذل أبداً ووفياً مع الله وإنْسَاناً غيوراً وحراً وكريماً لا يقبل بأن يسكت أَمَـام كُلّ هذا الظلم، أَمَـام كُلّ هذا العدوان، أَمَـام كُلّ هذا الطغيان، نحن اليوم أَمَـام اختبار يتبين الصادق من الكاذب، يتبين الذي هو فعلاً عند هذه الهوية عند هذا الانتماء بمستوى هذا الشرف، والذي هو كاذبٌ منسلخ فاسد النفس، ونحن اليوم نواجه في هذا العدوان على أَسَاس من مبادئنا وعلى أَسَاس من قيمنا كما الآخرون أَيْضاً المعتدون قرن الشيطان النظام السعودي يتحرّك وهو قبل أن يستهدفنا في حياتنا، قتلٌ وسفك لدمائنا وهدم لمنازلنا وتدمير لمنشآتنا، هو قبل ذلك يستهدفنا ويستهدف الأُمَّـة من حولنا في المبادئ والقيم، اليوم يحمل النظام السعودي قرن الشيطان راية النفاق في الأُمَّـة ويحمل بيديه وكلتاهما شمال معولا هدم يهدم بهما في داخل الأُمَّـة والذي يهدمه قبل المباني وقبل المنشآت وقبل الجسور والطرقات وقبل المدن والقرى يهدم المبادئ في هذه الأُمَّـة وفي داخلها ويهدم القيم يتحرّك بمعولَي هدم، واحدٌ من هذه المعاول يلبسه لباسَ الدين وهو عبر النشاط التكفيري النشاط التكفيري والتحرّك التكفيري في أَوْسَاط الأمة، معول هدم يتحرّك به النظام السعودي تحت إدَارَة أَمريكا واشراف أَمريكا ورعاية أَمريكا وتوجيه أَمريكا، معول هدم يضلل الأُمَّـة يسلخها ويخرجها من مبادئها الحقيقية، ينشر الضلال ويحاول أن يعمم ظلامه في كُلّ أَوْسَاط الامه، هو معول هدم معول هد للأفكار للبصائر للأَخْلَاق للقيم، أما معولُ الهدم الآخر باليد الأُخْرَى وكلتاهما كما قلنا شمال، معول الهدم الآخر هو محاولة الافساد افساد النفسيات التحلل من الأَخْلَاق والقيم، وبغير العنوان الديني طبعاً جانب انحلالي، جانب آخر جانب غلو وعتو وتزييف للدين بعناوين الدين وبمسميات الدين، أَمَّا العنوان الآخر فخروجٌ وانسلاخ صريح عن الدين في مبادئه عن الإِسْلَام في قيمه في أَخْلَاقه في دوره الحضاري في الحياة، حالة الانحلال الافساد للنفسيات، أن يحولك إلَـى إنْسَان ليس عندك من الإِسْلَام أي شيء مهم، لا إنْسَان مبدئي لا تنتمي لأي مبادئ ولا تبالي بأي مبادئ لأبداً ولا أَخْلَاق ولا قيم لا يحفظك شيء لا يصونك شيء لا يبعدك ويحصنك من الاستعباد لك ومن الاستغلال لك أي شيء؛ لِأَنَّ أهم ما يحصن الإنْسَان وما يحمي هذا الإنْسَان من الاستعباد والاستغلال هي المبادئ والقيم، بعد أن يفرغ منها يصبح جاهزاً تماماً للاستغلال، اليوم نرى كيف يعمل على إفساد النفوس وتدنيسها ليحولَ الناس إلَـى سلعة رخيصة، وللأسف الكثير يرضون لأنفسهم أن يكونوا مجرّد سلع رخيصة تباع وتشترى أحياناً بالنقد السعودي وأحياناً بالدولار وأحياناً بالنقد الإماراتي، من أراد له الأَمريكي أن يدفع دفع، أما السلعة فهي الكثير من الناس الذين انسلخوا فعلاً عن القيم عن الإنْسَانية عن الكرامة عن العزة، الذين يقدمون أنفسهم في أَسْوَاق الطاغوت وفي مزادات المجرمين والطغاة معروضين للبيع من يدفع أَكْثَر وأحياناً حتى بأقل ثمن يبيعون أنفسهم، معاول الهدم نرى لها في النشاط الذي يمارسه قرن الشيطان أشكالاً كثيرة، اذهب إلَـى الجانب الإعلامي لترى له وصال ولترى له قناة الحدث أَوْ قناة العربية، جانب هناك باللحية بالثوب القصير بالتزمت وبالمسواك وبتلك الشكليات وبالغلو وبالتكفير وبعناوين دينية، وهناك الحالة الأَمريكية والغربية تماماً، ولا كأنك تشاهد من يمثّل بزعمه بدعواه الإِسْلَام وقيم الإِسْلَام ويعتبر نفسه أنه هو المعني قبل غيره بتمثيل الاسلام والمسلمين ثم نأتي إلَـى نشاطه بكل أشكاله تجده ينحو هذا المنحى وهذه هي مأساة في حقيقة الأُمَّـة وفي واقع الامه، ولذلك نحن اليوم معنيون بحكم انتمائنا بحُكم هويتنا وبما يرتبط به هذا الانتماء من منهج من تعليمات من مبادئ من قيم من أَخْلَاق.. برموز الإِسْلَام الذين قدموا الصورة الحقيقية فيما قالوا وفيما فعلوا وفي سلوكهم وفي مواقفهم عن الإِسْلَام رَسُـوْل الله مُحَمَّـد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وورثته الحقيقيين الهُداة في هذه الأُمَّـة الذين يمثلون جوهرَ الإِسْلَام وحقيقة الإِسْلَام، ومنهم الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- الذي قال عنه الرَّسُـوْل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً، حسينٌ سبط من الأسباط.

 

الإِمَـام الحُسَـيْن عليهم السلام حينما وقف في المقام الذي خيّر فيه بين السِّلَّة وبين الذِّلَّة قال -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ-: ألَا وإنّ الدَعِيَّ ابنَ الدَعِيِّ قدْ رَكَزَ بينَ اثنَتَينِ: بينَ السِّلَّةِ والذِّلَّةِ، وهيهاتَ منّا الذِّلَّةُ، يأبَى اللهُ لَنَا ذلكَ ورَسُولُهُ والمؤمِنونَ، وأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ونُفُوسٌ أبِيَّةٌ مِنْ أنْ نؤْثِرَ طاعَةَ اللِّئامِ على مصارِعِ الكِرَامِ.

 

لن تفرض علينا الظروف ولن تضغطنا التحديات ولن تؤثر علينا الوقائع لتركعنا أَوْ تحملنا لطاعة اللئام؛ لِأَنَّ طاعة اللئام لؤمٌ خسة انحطاط تجرُّدٌ من الإنْسَانية خروجٌ عن نهج الحق خسرانٌ في الدنيا وخسران في الآخرة، طاعة اللئام في ماذا؟، ما الذي يريده منا اللئام أن نطيعهم فيه؟، كُلّ ما يريدون أن نطيعهم فيه هو معصية لله، هو انحطاط من الكرامة، هو خروج ونزول عن العزة، لؤم بكل ما تعنيه الكلمة، شعبُنا اليوم يمن الإيْمَـان يستحي ولو بالحياء من رَسُـوْل الله يوم القيامة أن يلقاه بطاعة اللئام وَأن يخلع ثوبَ الإيْمَـان ووسام الشرف ليتحولَ عبداً خانعاً لقرن الشيطان الرَّسُـوْل لم يدعُ بالبركة لأُولئك، دعا بالبركة، نحن فينا أهل اليمن وفي أهل الشام اليوم نرى هذا البركة وآثار هذه البركة في مدى الالتزام بالمواقف في الأَخْلَاق الكريمة في الانتماء الصادق في الحفاظ على الهوية، نحن اليوم وفي هذا المكان وفيما نواجهه من تَحَدٍّ كشعب مسلم مضطهَد مظلوم ننطلق، ومنطلقنا هي ذات المنطلقات التي انطلق منها الإِمَـام الحُسَـيْن -عَلَـيْهِ السَّـلَامُ- منطلقاتُ مبادئ وقيم ليست مسألة قائمة على أَسَاس المراوغات السياسية ولا المزايدات السياسية ولا المكاسب السياسية المجردة التي لا ارتباط لها لا بمبادئ ولا بقيم لا.

 

معركتُنا هي معركةُ مبادئ قبل أي شيء، وهوية وانتماء، ونحن نعي ذَلك وندرك ما يعنيه ذلك لنا، وبالتالي شاهدنا منذ بداية العدوان كيف كان هذا المعتدي ماذا فعل بنا، قدّم بكل ممارساته وبكل جرائمه الفظيعة جداً التي عشناها في واقعنا وفي عموم مناطقنا من صنعاء في الأمانة والمحافظة إلَـى عمران إلَـى الجوف إلَـى مأرب، واذهب إلَـى كُلّ المحافظات إلَـى تعز إلَـى إب إلَـى الحديدَة إلَـى صعدة إلَـى كُلّ المحافظات، ما من محافظة يمنية إلّا وقد قتل فيها من أَطْفَالها ونسائها ورجالها ودمّر فيها المنازل وعاث فيها فساداً، رأى الجميع وسمع الجميع، لا لبس ولا غموض لم يبقَ في ما يؤثر على البعض من المتخاذلين من المتنصّلين عن المسؤولية إلّا ضعفُ الإيْمَـان إلّا نقصُ الوعي والبصيرة، أما اللبس والغموض فهي أحداث بينة وواضحة، إضَافَة إلَـى الدور الأَمريكي والإسرائيلي في هذه الأحداث وهو يرعاها وهو رأسها ومدبّرها أَوْ في الذين آثروا الانضمام إلَـى صف المعتدي عبّدوا أنفسهم اشتراهم بفلوس، كانوا هينين لهذه الدرجة وكانوا رخيصين لهذه الدرجة لم يقبلوا بشرَف الإيْمَـان ولا بشرف المبادئ ولا بالكرامة ولا بالعزة، باعوا كُلّ ذلك باعوا العزة باعوا الإيْمَـان، باعوا الشرف باعوا الكرامة باعوا البلد باعوا الشعب باعوا الروابط الإنْسَانية والاخوية والإِسْلَامية والوطنية باعوا كُلّ شيء في مزاد آل سعود وباعوا أنفسهم ليكونوا أداةً، والبعض منهم يقتل بعد أن يُشترى يُرسل إلَـى جبهات القتال ويُقتل هناك، هذا أمر مؤسف، والجريمة اليوم كبيرة على بعض القوى السياسية التي كان لها دورُ الدلّال في هذا السوق، دور الدلال الذي يحشر الآخرين ويخدع الآخرين ويسوغ للرخاص الذين أرخصوا نفوسهم، يصوغ لهم ما يقدمون عليه من بيع النفوس وبيع المواقف وبيع القيم وبين المبادئ وبيع البلد وبيع الشعب، حزب الاصلاح التيار المنحرف فيه لعب دور أَسَاسي في ماذا، بعض القوى الأُخْرَى البعضُ منها الجميع معروفون ومكشوفون وافتضحوا وفشلوا واخفقوا إنْسَانياً وأَخْلَاقياً ومبادئياً ووطنياً في مرحلة تأريخية دفع بهم الغرورُ، دفع بهم اللجاج في الخصومة شأن المنافقين وإذا خاصم فجر أن يذهبوا إلَـى صفّ الشيطان مع قرن الشيطان وَأن يبرروا ليطبّلوا لكل ما يفعله أولئك بشعبهم وببلدهم، هذا هو الحال والواقع ولكن الخيار الذي اختاره كُلّ الشرفاء في هذا.. كُلّ الأَحْرَار في هذا البلد كُلّ الذين حافظوا على أصالتهم على قيمهم على إنْسَانيتهم على كرامتهم كان هو الموقف المشرّف كانوا إنْسَانيين وكانوا مبدئيين وكانوا شرفاء وكانوا أَحْرَاراً لم تحملهم الوقائع والأحداث ولا الجبروت ولا الطغيان ليركعوا أَوْ يخنعوا يأبى الله لنا ذلك ورَسُـوْله والمؤمنون، لن نكونَ إلّا حيث يريد لنا الله أن نكون وأراد لنا أن نكون أَعزّاء، لن نكون إلّا حيث يفرض علينا انتماؤنا للإِسْلَام وانتماؤنا للإيْمَـان أن نكون وأراد لنا أن نكون أَعزّاء ولله العزة ولرَسُـوْله وللمؤمنين أمّا التضحية فحاضرون للتضحية؛ لِأَنَّ أولئك المعتدين ومن في صفهم يدفعون ثمن عدوانهم أَيْضاً يدفعون ثمنَ عدوانهم غالياً وباهضاً وكبيراً ومثقلاً، قُتلوا، الكثير من قادتهم قُتل والكثير من أفرادهم قُتل، كذلك على المستوى الاقتصادي هم اليوم يعانون، وأَكْثَرَ من ذلك افتضحوا، بانت حقيقتهم رغم كُلّ سعيهم للتغطية على حقيقة ما هم عليه، وصولاً إلَـى الجريمة الأخيرة الفظيعة الكبيرة في مجزرة العدوان بطائراته في القاعَة الكبرى بصنعاء، وهي كما قلنا فيما سبق ضمن سلسلة كبيرة من الجرائم الفضية والانتهاكات الفظيعة لم تكن حدثاً جديداً وغريباً على سلوكهم ولا على ممارساتهم.. لو نأتي إلَـى كُلّ ما قد فعلوا، هو بشكل كبير وبأرقام كبيرة، كم قتلوا من أعداد جماعية في الأفراح وفي الأحزان وفي الأَسْوَاق، في التجمعات السلمية، الكثير منها معروف، والكثير منها وثّق بالفيديو ونُشر وعرف بها الجميع، لم يكن ما حدث من جانبهم في القاعَة الكبرى بطائراتهم، لم يكن حدثاً جديداً ولا مفاجئاً ولا غريباً على ممارساتهم وعلى سلوكهم أبداً، لكن الحال أنّه لما كانت هذه الجريمة بمستوى أفظع من سابقاتها وبعديد أَكْثَر من الضحايا وعلى نفس مكشوف أَكْثَر، وطالت الكثير من الشخصيات البارزة على المستوى السياسي وعلى المستوى الشعبي، حينها تحرّج الأَمريكي من ذلك لحساباته، الأَمريكي كما قلنا فيما سبق منذ بداية العدوان، وهو أسلوبٌ وسياسة يعتمدها في كُلّ المنطقة وفي كُلّ البلدان التي استهدفها حتى في أفغانستان وحتى في العراق.

 

الأَمريكي يقتُلُ ويرتكِبُ أبشعَ الجرائم ثم يحاول أن يقدم نفسَه أنه بكل ما يفعل أنه مجرد منقذ وأنه متفضّل وأنه أتى لمساعدة الشعوب، الأَمريكي من سياساته الأَسَاسية التي يعتمدُ عليها في المنطقة أن يحاول بكل طريقة، بكل أسلوب أن يتفادى سخطَ الشعوب، حتى يخدرها وحتى يواصلَ ما يريد أن يفعله بها وهي في حالة تخدير حتى لا تنهضَ لا تتحرّك لمواجهته ولا للانتقام منه ولا لدفع أخطاره، عمل على هذا الأَسَاس في أفغانستان، عمل بهذا الأسلوب في العراق، ووصل به الحال أيام غزوه لأفغانستان أنه كان في بعض الأوقات يلقي فيها مئاتٍ من القنابل والصواريخ على روؤس الشعب الأفغاني، كانت تذهبُ في بعض الأحيان بعض طائراته لتطلقَ أطناناً من المواد الغذائية على بعض المناطق، بعد أن يكونَ قد ألقى المئات أَوْ الآلاف من أطنان المتفجرات على روؤس الشعب الأفغاني، لماذا كان يفعل ذلك؟ لأنه يريد حالة التخدير، هو يدرك أن الجرائمَ الفظيعة جداً والبشعة جداً والشاملة في استهدافها للمجتمعات تستفزُّ الناس، وبالتالي تخلق ردة فعل، وتحرّك المجتمع وتدفعه للدفاع عن نفسه، ومواجَهة الأخطار، ولذلك هو يحرصُ على تخدير الشعوب، على محاولة فرض حالة الاستكانة والجمود عليها، ويحاول دَائماً أن يستخدمَ الأسلوبَ الإعلامي في هذا الجانب، وأحياناً الأسلوب الإنْسَاني، تقديم بعض المساعدات، وتقديم بعض الأشياء ليغطيَ بها على الكثير والفظيع والسيء جداً من جرائمه، وهو بهذا يستخفُّ بالشعوب، هو يعتبر الشعوب قطعان من الحمير والأغبياء، الذين لا يفهمون، والذين يمكن أن تلقي عليهم كَثيراً من القنابل فتقتل منهم الآلاف وتدمر من منازلهم ومساجدهم ومنشآتهم في الحياة الكثير الكثير، ما يقدر بالمليارات، ثم تقدم اليسيرَ اليسير أَوْ تبريراً إعلامياً، أَوْ جدلاً بأسلوب معين، وتحاول أن تضيع كُلّ شيء، من يتقبل ذلك، من يتأثر بذلك فهو في الموقع الذي يرى الأَمريكي فيه، الأَمريكي يفعل ذلك؛ لأنه يرى في من يستجيبون له، في من يتأثرون به، في من يتقبلون أسلوبه، يرى فيهم حميراً وأغبياء، يستحمرهم، يرى فيهم أغبياءً بكل ما تعنيه الكلمة، وفعلاً من يتأثر بذلك هو جديرٌ لِأَنَّ يكون في غبائه أَكْثَرَ غباء حتى من الحمار.

 

نحن فيما يتعلق بحادثة وبجريمة القاعة الكبرى التي ارتكبها المعتدي بطائرته في وضح النهار، وذلك موثق بالفيديو وأمام مشاهد الآلاف في العاصمة صنعاء، نحن نقول إن كُلّ محاولات التنصل الناتجة عن الحرج الأَمريكي إنما هي محاولة استهتار، إنما هي محاولة إلهاء الناس عن التفاعل مع ما حدث ومستوى ما حدث وهو فظيع يستوجب إنْسَانياً وفطرياً ودينياً ومبدئياً ردة فعل مشرّفة، موقفاً بمستوى ما حدث، وإلا إذا لم يكن ثمة من تحرُّك وخنع البعض واستكان البعضُ وتجاهل البعض ما قد جرى فلينتظر الناس المزيد والمزيد من الجرائم الفظيعة من جانب أولئك المجرمين ثم أن يكرروا نفسَ الأسلوب في التبرير وغير ذلك، ثم إنها فعلاً هي حالة دناءة، حالة انحطاط، من يتعاطى ويتفاعل ويتقبل ما يقدمه العدو المعتدي، والمعتدي ليس كحادثة أولية، حالة ضمن الآلاف من الجرائم فعلها وارتكبها، وكلنا يعلم أنه من فعلها وارتكبها، الجبناء واللئام فقط من يمكن أن يتقبلوا محاولة العدو التنصل عن هذه الجريمة، أَوْ تضييع فعلته هذه، أمام الشرفاء والأَحْرَار والعقلاء ومَن لم يحيمروا أنفسهم، فلن يكونوا إلَـى في مستوى الشرف والرجولة والعزة والكرامة، الله المستعان، لا يجوز لأي أحد يعتبر نفسه أنه ما يزال إنْسَاناً أن يقبل لنفسه أن يكون حماراً للسعودي، حماراً للأَمريكي، غبياً تافهاً، يتعاطى مع ما يقولون من افتراءات ومحاولة تنصل، هم اتجهوا إلَـى محاولة احتواء الموقف، وتحويل المسألة إلَـى مسألة جدلية، هل المسألة صاروخ، هل المسألة حقيبة، هل هي طلاعة انفجرت هل هي حالة عادية، هل هي بطاطة انفجرت، هل هي هل هي هل هي؟ هذه سخافة هذه وقاحة هذه نذالة، هذا هو عينُ الاستهتار بالناس وبالحقائق الواضحة المشهودة الموثقة المعروفة، ثم مع إثارة الجدل حول المسألة فيما هي وماذا حدث ومَن فعل، مع وضوح ذلك كله، حاولوا دَائماً أن يثيروا المزيدَ من الجدال والنقاش والضوضاء والصياح هنا وهناك، كُلّ ذلك لتضييع القضية، الأَمريكي يتحرّج من تبعات هذه القضية، من أثرها في اندفاع الناس، الأَمريكي لا يريدُ لشعبنا اليمني أن يتحرّك، يريد للكثير من المتخاذلين البقاء على حالتهم، وطبعاً ليُقتلوا في فترات لاحقة، يُقتلوا وبعد كُلّ قتلة وكل جريمة إصدار تبريرات أَوْ إثارة ضجيج أَوْ جدل، وأنا أقول للأسف الكثير والكثير قد قتلوا فيما سبق في جرائمَ كثيرة وهم من المتخاذلين وهم من الذين رضَوا لأنفسهم أن يكونوا كما يقولون عن أنفسهم حياديين، لكن علينا أن نعي كشعب يمني أن خيارَنا الصحيح المنسجم مع إنْسَانيتنا مع شرفنا مع كرامتنا مع انتمائنا الديني وهُويتنا الدينية وانتمائنا الوطني، هو أن نتحرّك لمواجهة هذا العدوان، ولا نراهن على شيء آخر سيوقف هذا العدوان، لا أمم متحدة يمكن أن تتحرّك لوقف هذا العدوان أبداً، وكلنا نعرف ما كان دور الأمم المتحدة فيما مضى، هي عجزت حتى عن إعادة وفد خرج بضمانتها وبناء على وعودها وبناء على مسوؤليتها، يخرج ليفاوض ومن ثم يعود إلَـى وطنه، عجزت عن إعادته إلَـى وطنه خلال كُلّ المرحلة التي قد مضت، وهي لا تستطيع إلا بعد أن يأذن الأَمريكي وبالتالي السعودي، ثم ما كان موقفها تجاه كُلّ الجرائم التي كلنا يعلم بها وكلنا موجوعٌ بها ولها ارتباط بنا في حياتنا وفي واقعنا الاجتماعي، يعني الكثير الكثير أصبح مرتبطاً بالأحداث، بأن أباه قتل أَوْ أخاه استشهد أَوْ قريبه أَوْ ابن أخيه أَوْ ابن قبيلته، كلنا أصبح صاحبَ ثأر، كلنا له ثأرٌ اليوم في مواجهة هذا العدوان، إما قريبك، إما ابن قبيلتك أَوْ في النهاية ابن وطنك ابن دينك، الإنْسَان الذي تربطك به مسؤولية، شئت أن تجعلَها مسؤولية وطنية دولة واحدة، وطن واحد، بلد واحد، أَوْ بهُويتك الإِسْلَامية أَوْ بارتباطك وانتمائك القبلي، أصبح هناك ثأرٌ للجميع ومسؤولية على الجميع، وواجبٌ على الجميع، فالعدو المعتدي هو يسعى بكل الوسائل والأساليب إعلامياً وتضليلياً إلَـى الخداع والاستمرار في العدوان.

 

طبقاً للمعطيات القائمة، ما من نوايا لوقف العدوان حالياً، ولا رهان لا على أمم متحدة، ولا على مجتمع غربي يرى في استمرار هذه الحرب تدفقاً للمزيد من المليارات، من البترودولار إلَـى خزائنه، أما الأَمريكي فيرى في المسألة مصلحة اقتصادية مستمرة له، ويرى فيها تنفيذاً لأجندته التخريبية في المنطقة، فهو مع استمرارها وإن تباهى بأنه يريدُ السلام، العدوان مستمر، النوايا هي احتلال كُلّ اليمن، واستعباد الشعب اليمني، وتحويل كُلّ رجل في هذا البلد سواء أكان زعيماً سياسياً أَوْ شيخَ قبيلة (زعيماً عشائرياً) أَوْ بأي مستوى كان، كُلّ رجل في هذا البلد إلَـى عبد مأمور بأوامر السعودي تحت أوامر الأَمريكي، وهذا هو حال العملاء اليوم، هل هم إلا مأمورون تحت إمرة السعودي وهو تحت إمرة الأَمريكي، يعني أن نخسر استقلالنا، وأن نخسر هويتنا وأن نخسر كرامتنا، وأن نخسر عزتنا، من يريد أن يرضى لنفسه بهذا فدونه ذلك، هو حرّ نفسه لكنه أوبقها وعبّدها وباعها وخسرها وباع كُلّ شيء، وباع وطنه وباع عرضه وباع كرامته وبثمن بخس، واللهِ بثمن بخس ورخيص، ولكن الخيار القائم اليوم لدى كُلّ الأَحْرَار والشرفاء في هذا البلد، هو الذي تفرضُه علينا المسؤولية أن نتحرّكَ بجدية، لا يجوز التخاذُلُ ولا يجوز التعاطي الفاتر والبارد، المطلوبُ هو التعاطي بجدية لنردعَ هذا العدوان، وكلما كان لدينا التعاطي اللازم سنكونُ أقربَ إلَـى نصر الله لأنّا، كما قلت في الخطاب السابق في الكلمة السابقة، لن يكونَ اللهُ معنا إلا إذا كنا نحن مع أنفسنا، نتحمل المسؤولية ونؤدي ما علينا، التقصيرُ في المسؤولية التهاون في المسؤولية التنصُّل عن المسؤولية، التعاطي الهامشي والمحدود هو الذي يخدم العدو وهو الذي سيكون سبباً في إطالة أمد العدوان أَوْ حدوث تداعيات سلبية إضافية على البلد، العدو يستمر في الجرائم وهو يريد أن يستمر، في القتل اليومي، وهو يفعل ذلك بأبناء شعبنا، ما غربت شمسُ يوم ولا شرقت في صبح ليل إلا وقد قتل منّا في هذا البلد من رجالنا ونسائنا، أفلا يكون ذلك حافزاً لنا في التحرّك، ألا يلقي ذلك علينا مسؤولية أمام الله في ردّة الفعل وفي الموقف، الذي ندفع به طُغيانه وفساده؛ لأنها سُنة الله، “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ”، ما تحرر شعب، ولا نال استقلاله ولا نال كرامته، إلا بتضحية إلا بموقف إلا بعمل، إلا بتحمُّل للمسؤولية، إلا بتحرّك جاد، أمَّا التخاذل والجمود والانتظارُ للمجهول فلن يفيدَ، اللهُ معنا، وقد ثبت لنا أنه معنا في كُلّ ما تحرّكنا فيه، رأينا نصره، ورأينا عونه ورأينا رعايته بأشكالها في الميدان، ولكننا معنيون اليوم أن نتحرّكَ بجدية أَكْبَر لردع هذا العدوان وإيقاف هذا العدوان وهو الذي يخشاه العدو اليوم، ما يسعى له الأَمريكي وما يسعى له عملاؤه وعلى رأسهم السعودي هو تخديرُ الشعب اليمني، واشتراء المزيد منه، ليدفع بهم هم، يدفع بهم إلَـى الهاوية إلَـى ميدان الحرب ليكونوا هم وقودَها، ويكونون هم ضحيتها، هذا هو الذي يسعى إليه أولئك، اليوم علينا مسؤوليةُ أن نتحرّك بشكل أَكْبَر وعلى كُلّ المستويات، وبصبر؛ لِأَنَّ الله مع الصابرين، ويحب الصابرين، وكتب النصر للصابرين، وبتضحية واهتمام وبتعاطٍ جاد وبوعي عالٍ وبصيرة عالية، هذه مسؤوليتنا اليوم؛ لِأَنَّ العدو لديه اليوم مؤامرات جديدة، ولديه أَيْضاً محاور عسكرية جديدة يريد أن يفتحها وهو مستمر في جرائمه ليلَ نهارَ، فعلينا المسؤولية، ونحن اليوم نشيدُ بكل الأَحْرَار والشرفاء الذين هم في الميدان صامدون صابرون أَعزّاء، يقاتلون ويتحرّكون أَيْضاً في كُلّ المجالات الأخرى، ونأمل أن يدركَ الجميع مسؤوليتهم، وأن يعيَ الجميع مسؤوليتهم، حتى لا نكون دَائماً ضحايا البيوت وضحايا القرى وضحايا المناطق، بل نكون شهداء رافعين رؤوسنا في الميدان فيما يفرضُ على العدو وقْفَ عدوانه ووقف تكبُّره وتجبره.

 

إننا في ختام هذه الكلمة نتوجّهُ أَيْضاً بالشكر والتقدير والإعزاز لكل الذين وقفوا إلَـى جانبِ شعبنا في محنته ومظلوميته، وعلى رأسهم حزب الله وسماحة أمينه العام السيد حسن نصر الله حفظه الله، الذي كان له الموقفُ البارزُ والمتميز التضامُن الأخوي الإنْسَاني المبدئي، وهم جديرون بكل هذا الشرَف، وهم بحيث هُم في مبادئهم في قيمهم أَخْلَاقهم في تحرُّكهم في وعيهم في نهوضِهم بالمسؤولية، أملنا أن يكتبَ الله لهم الأجرَ وخيرَ الجزاء على ذلك، ونحن في واقع الحال مع كُلّ الشرفاء في هذه الأُمَّـة وفي طليعتها قوى المقاومة نعتبرُ أنفسنا أمةً واحدةً وتحت راية واحدة في مواجَهة الطاغوت وفي مواجهة الإجْـرَام وفي مواجهة التحدّيات التي تستهدفنا جَميعاً في هذه الأُمَّـة وبكل أذرعها وقواها، سواء الأَمريكي أو الإسرائيلي أَوْ التكفيريين ومَن يرعاهم ومن يتحرّك خلفهم وعلى رأسهم النظام السعودي المتكبر المفسد قرن الشيطان.

 

في الختامِ أتوجّهَ إلَـى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالدعاء أن يرحَمَ شهداءَنا وأن يُعلي مقامهم، وأن يكتُبَ بدمائهم النصر لشعبنا المظلوم وأن يشفيَ جرحانا وأن يعينَنا بالنهوض بمسؤوليتنا وأن يفكَّ أسرانا.

 

والسلامُ على الحسين الشهيد سبْطِ رَسُـوْل الله صلواتُ الله عليه وعلى آله.

 

السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ والأخواتُ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

قد يعجبك ايضا