مجزرة الصالة الكبرى: إقرار بالجريمة.. والارتباط المباشر بين النظام السعودي وداعش

موقع أنصار الله  || صحافة محلية ||  إبراهيم السراجي/ صدى المسيرة

 

 

 

يبقى قرار منع سقوط جريمة العدوان في الصالة الكبرى بصنعاء قرار يمني، شعبي، وعسكري، وقبلي، باعتبار أن (يد العدالة) مكبلة ومشتراه بالمال السعودية والنفوذ الأمريكي، أما يد القصاص فهي يد يمنية لا يمكن لأحد منها من الثأر للضحايا.

 

وإذا كان الثأر للضحايا واجبا يمنيا، فإن ذلك يمثل جانبا من الهدف وليس كله، فالجانب الآخر من أهداف الثأر لتلك الدماء التي سالت في صنعاء هو انه يسهم في التقليل من احتمالات وقوع مجازر أخرى، أي أنها عملية انقاذ لأرواح أخرى تحتاج لتأديب هذا العدو الذي استرخص دماء اليمنيين ولا استنفد كل الوسائل وضيع كل الفرص ليظهر بأنه عدوان يعتمد على نظرية القتل الجماعي ومعها لا تنفع سوى معادلة الردع.

 

وعملية الثأر للضحايا لم تعد خطة وحسب بل بدأت بترجمة عملية كان قوامها مقتل 25 جنديا سعوديا في الحدود وصاروخ باليستي ضرب لأول مرة هدف عسكري في عمق العمق السعودي بالطائف.

 

من جانب آخر وبعيداً عن الفعل ورد الفعل او الجريمة والثأر، فإن المجزرة المروعة التي ارتكبها العدوان في صنعاء السبت الماضي قد مرت بعدة مراحل كان السائد فيها ارتباك دول العدوان وأما الاستنتاجات فكانت كثيرة وكافية لإثبات أنه عدوان أمريكي سعودي يعتمد على القتل والإرهاب ويوظف الجماعات الإرهابية وفق صلة مباشرة.

 

حصر استنتاجات الجريمة العدوانية يمكن من خلال تلخيص مراحلها الزمنية فيما يخص مواقف دول العدوان والمجتمع الدولي وربط تناقضات تلك المراحل التي كان يأكل بعضها بعضا.

 

وتتمثل أهم تلك المراحل على النحو التالي:

 

قصف الصالة الكبرى بالعاصمة ونشر الخبر إعلاميا وفق توجهات مختلفة

إنكار العدوان لارتكاب المجزرة

الموقف الأمريكي

إقرار العدوان بارتكاب الجريمة

 

 

 

 

الجريمة الوحشية والإعلامية ..خطة متكاملة مع سبق الإصرار

ليست المجزرة فريدة من نوعها بالنسبة للعدوان إلا أن حجمها ورمزيتها ومكان وزمان وقوعها كانت كلها عوامل منحتها خصوصية واضحة على المستويين المحلي والدولي. وعلى مستوى دول العدوان بما في ذلك الولايات المتحدة لم يكن هناك خوف من اثبات التورط في الجريمة لأن من خلف أكثر من 10 آلاف شهيد بحسب الأمم المتحدة لن يتوانى عن إضافة ألف شهيد آخر، ولذلك انصب اهتمام العدوان الإعلامي على تمييع القضية بخطة جاهزة أملا في امتصاص الصدمة اللحظية للجريمة بعد ذلك لن يكون مهما أن تتضح الحقيقية وتنضم للمئات من الجرائم التي يتستر عليها العالم وتمنحها الولايات المتحدة غطاء أمميا.

 

كانت الخطة المعدة سلفا تقضي بأن تتبنى داعش العملية وهذا ما حصل وأصدر التنظيم الإرهابي بيانا على غرار بياناته بل انه اختلق اسم شخص يدعى “أبو الحسن الصنعاني” باعتباره عنصر في التنظيم قام بتفجير نفسه في الصالة الكبرى بصنعاء.

 

بعد لفت النظر عن العدوان وإن لم ينجح في ذلك غير أن الخطة كانت تقضي باستثمار الجريمة وليس فقط التنصل منها وهناك كان واضحا مستوى التجهيز لهذه الخطوة حيث امتلأت وسائل الاعلام المختلفة سواء التابعة للعدوان او مرتزقته ، بأخبار تروج بأن الجريمة ارتكبها أنصارالله او المؤتمر عبر قصف القاعة بصواريخ الكاتيوشا، وأخذت الرواية تلك مساحة كبيرة من التداول في صفحات التواصل الاجتماعي وصفحات (الناشطين) الممولين سعوديا بشكل يوحي بوضوح انها خطة مرتبة لأن كل تلك التحليلات والاستنتاجات كانت تتوارد بينما ماتزال الصالة تحترق وبينما أصحاب تلك الروايات أبعد ما يمكن عن صنعاء بكلها.

 

 

 

بيان الانكار.. وتواطؤ الإعلام الدولي

 

 

اعتمد تحالف العدوان على تواطؤ الإعلام الدولي ووكالات الأنباء في بادئ الأمر عندما اصدر بيانا ينكر تنفيذ أي عمليات جوية لطائراته في صنعاء يوم الجريمة، وأصبح ذلك البيان طاغيا على تغطية الاعلام الدولي، فمثلا كانت أخبار وكالة رويترز والفرنسية والوكالات الامريكية تتناول المعلومات الصادرة عن وزارة الصحة في صنعاء او المعلومات الأخرى حول الجريمة وتقول أنها صادرة عن الجهة او الوزارة التي يسيطر عليها الحوثيين وكأنها تنبيه للقارئ بأن يضع تلك المعلومات والصور في موضع الشك ثم تفرح المساحة الأكبر بشكل متواصل لبيان التحالف السعودي الذي ينكر ارتكاب الجريمة بل ان تلك الوسائل تماشت مع اللعبة الإعلامية للعدوان وأصبحت الجريمة تقدم للمتابع بأنها “تفجير” وليس قصفا جويا.

 

 

 

الموقف الأمريكي: الاعتراف والتنصل والمغالطة

 

 

كان الموقف الأمريكي الصريح بتحميل السعودية مسؤولية الجريمة واحدة من العوامل التي دفعت الأخيرة للاعتراف في نهاية المطاف بالجريمة، غير أن الموقف الأمريكي على قدر ما حمل اعترافا واضحا بالشراكة في ارتكاب الجريمة إلا أن الموقف برمته ظل كالمواقف السابقة لا يمكن لأحد معرفة ما اذا كان الأمريكي قد نفذ ما أعلن.

 

المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي نيد برايس قال إن ”التعاون الأمني الأمريكي مع السعودية ليس شيكا على بياض” . مشيرا إلى أنه ” “في ضوء هذا الحادث وحوادث أخرى وقعت في الآونة الأخيرة بادرنا بمراجعة فورية لدعمنا الذي قُلص بشكل كبير بالفعل للتحالف الذي تقوده السعودية.”

 

الإعلان الأمريكي بتقليص الدعم للسعودية على خلفية المجزرة اعتراف بالشراكة فيها لكن واشنطن سبق وأعلنت أنها قلصت دعمها للتحالف السعودي، غير أن لا أحدا بإمكانه التحقق من تقليص هذا الدعم، بما يؤكد ان موقف واشنطن كان بغرض التنصل من الجريمة وحشر النظام السعودي وحده في زاوية الجريمة امعانا في إذلاله ودفعه للاستسلام أمام قانون جاستا.

 

المغالطة الأمريكية لم تنطلي على منظمة هيومن رايتس ووتش التي أصدرت تقريرا شديد اللهجة يضع الولايات المتحدة في قلب التحالف باعتباره طرفا مباشرا في العدوان على اليمن.

 

 

 

وقالت المنظمة في تقرير انه“رغم الاستياء المتزايد حول الحصيلة الدامية للقتلى المدنيين في حرب اليمن، لا يبدو على الإدارة الأمريكية أنها ستقطع مع أفعال حليفتها السعودية التي تقود تحالفا من 9 دول ضد المسلحين الحوثيين، أو أنها تحاول كبحها”.

 

وهاجمت المنظمة الموقف الذي اعلنت واشنطن بخفض دعمها للسعودية على خلفية مجزرة صنعاء الأخيرة قائلة “بأن الولايات المتحدة مستعدة لتبرير مسؤولية السعودية عن انتهاكات قوانين الحرب التي شهدتها الحملة العسكرية الدائرة منذ 19 شهرا، بالإضافة إلى تقليص الدور الأمريكي في النزاع”.

 

وأضاف التقرير ان “الولايات المتحدة تدعم الحملة العسكرية بقيادة السعودية بتزويد الطائرات بالوقود جوا والمساعدة في تحديد الأهداف، دون انتقاد السعودية وحلفائها لقصف المدنيين بشكل متكرر وغير قانوني، وارتكاب ما يبدو أنها جرائم حرب”.

 

وتابعت المنظمة مؤكدة ان “طبيعة هذا الدعم تجعل الولايات المتحدة طرفا في النزاع المسلح، وربما مسؤولة عن ضربات غير قانونية”.

 

 

 

 

 

الاعتراف بالجريمة: الرذيلة السعودية

كان ملحوظا أن حجم الادانات العالمية والاممية كبيرا وواسعا وكان هناك تعمد لمحاصرة التحالف السعودي وعدم الاكتراث بإنكاره للجريمة فمعظم المواقف العالمية حملته مسؤولية الجريمة وأكدت البيانات ان الجريمة وقعت بقصف جوي. وهنا لم تكن المواقف مع الشعب اليمني او الضحايا بل ان الظروف الزمنية هي التي فعلت ذلك لأن الجريمة جاءت بعد صدور قانون جاستا الأمريكي الذي يتيح مقاضاة النظام السعودي في المحاكم الأمريكية. ولو أن الجريمة وقعت قبل هذا التحول لكان النظام السعودي حصل على ذات الغطاء الذي سمح له بقتل أكثر من 10 آلاف يمني وفق احصائيات الأمم المتحدة التي كافأت النظام السعودي بإخراجه من القائمة السوداء ومنحه رئاسة مجلس حقوق الانسان التابع لها في أكثر محطات المنظمة الأممية سوادا على مر تاريخها الملطخ بدماء الشعوب.

 

 

 

في نهاية المطاف كشفت قناة بي بي سي البريطانية وقناة الحرة الامريكية أن السعودية اعترفت في رسالة لرئيس مجلس الأمن بارتكابها للجريمة.

 

وقالت بي بي سي انها علمت أن السعودية أقرت بشكل غير معلن بأن إحدى طائرات التحالف العسكري التي تقودها قصفت مجلس العزاء في صنعاء.

 

هذا الاعتراف لم يكن ما ينتظره اليمنيون الذين كانوا على يقين ولديهم أدلة بوقوف العدوان وراء المجزرة المروعة غير أنها كشفت للكثيرين في العالم حجم الاجرام العدواني والعلاقة بين النظام السعودي وتنظيم داعش الإرهابي الذي سارع لتبني العملية بشكل يوضح بما لا يدع مجالا للشك الارتباط العضوي المباشر بين التنظيم والنظام السعودي، كما ان الاعتراف أيضا عرّى أولئك الذين حولوا اقلامهم واصواتهم إلى صواريخ ساهمت في قتل الضحايا بالصالة الكبرى عندما انبروا لتمييع الجريمة ونشر معلومات مضللة عن الجريمة وتبرئة العدوان منها، حتى انهم ما يزالون يقومون بهذا الدور رغم اعتراف العدوان بالجرم.

قد يعجبك ايضا