حالة القرب من الله هي أعظم نعيم في الدنيا وفي الآخرة

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

فتلاحظ أن عمله في الدنيا، سبْقه في الدنيا، التكريم الذي حصل عليه من قبل الله سبحانه وتعالى بسبب أعماله وسبقه في الأعمال الصالحة، أنه في الأخير كان فيه فائدة ومصلحة بالنسبة لك أنت.. تُلحق به، بينما لو لم يكن هذا في أفراد أسرتك، هذا الشخص الواحد ربما لكان مكانكم عندما تدخلون الجنة دون بكثير، الله حكى عن الآخرة بأنها {وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} (الإسراء21).

الآخرة فيها تفاضل، تفاضل واسع أكبر درجات، أكبر من فوارق الدنيا، في تفاضل الناس، في جزائهم، في مقاماتهم، فيما لديهم من نعيم، تتفاوت درجاتهم، الجنة واسعة جدًا، والمقامات المعنوية فيها أيضًا متفاوتة جدًا

{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} السابقون، السابقون ما يكون منطقهم المنطق الذي هو سائد بيننا:[خَلِّني أعْقَب] ما هذا منطق سائد في بلادنا؟ [خَلِّني أعْقَب في كل شيء، وخلنا نعيِّن كيف هم سينجحوا دخلنا معهم، خلنا نعيِّن كيف هو سيأتي عليهم شيء فأحسن جو احنا بعيد ما جو قد دخلنا معهم لأجل لا يلحقنا ما يلحقهم خلونا نعين، خلوني أعقب] هذه هي روح تتنافى مع روح السبق، في الأخير تجرجر واحد إلى أن يكون من أصحاب الشمال، المشاعر هذه تجرجرك في الأخير إلى أن تكون من أصحاب الشمال، وهو سيتحدث عن مصير أصحاب الشمال.

{أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} المقربون عند الله سبحانه وتعالى، والقرب من الله هو النعمة العظيمة، هو الدرجة العالية، هو المقام الذي يجب على الإنسان أن يسعى من أجل أن يحصل على نسبة منه، نسبة ولو نسبة بسيطة من القرب من الله سبحانه وتعالى.

لأننا نجد أنفسنا في الدنيا قد يكون لدى الكثير منا تفكير أنه كيف يكون مقربًا من فلان، كيف يكون مقربًا من المسؤول الفلاني، كيف يكون مقربًا من الرئيس، كيف يكون مقربًا من الملك، كيف يكون مقربًا من الوزير، محاولات من هذا النوع.

ترى هذا القرب في الأخير قد لا ينفعك بشيء، قد يكون وبالًا عليك، لكن القرب الذي هو قرب له فائدته العظيمة، ويعتبر شرفًا عظيمًا، شرفًا عظيمًا هو القرب من الله سبحانه وتعالى؛ لأنه من تفكر هنا في الدنيا أن تكون قريبًا منهم، أن تكون قريبًا منهم؛ لأنه في مشاعرك أن هذا الشخص قدير، عنده قدرة، عنده إمكانيات كبيرة، فأنت تلحظ هنا فيه جانب إمكانياته، وقدراته، وممتلكاته، أو تلحظ فيه أنه صاحب سلطة.

كلما تفكر فيه في هذا الشخص ليس هناك مقارنة بينه وبين ملك الله، وبين قدرة الله، وبين سلطان الله، وبين عظمة الله، وبين جلال الله، وبين علو الله سبحانه وتعالى إطلاقًا ما هناك مقارنة، إذا أنت تحس بأنك تحس بشرف؛ لأنك مقرب من فلان، تحس برفعة؛ لأنك مقرب من فلان في الدنيا، فالشرف العظيم، والرفعة العظيمة الحقيقية هي عندما تحظى بالقرب من الله سبحانه وتعالى؛ لأنه أعلى من كل من تفكر في القرب منهم، هو أعظم من كل من تفكر أن تكون قريبًا منه.

هذا شيء يجب أن الإنسان يفكر فيه؛ لأنه في الدنيا تحصل هذه، من عند الكبار إلى عند الفقير، كل واحد يريد يتقرب عند ذلك، الضابط يريد يتقرب للوزير، والوزير يريد يتقرب للرئيس، والرئيس يريد يتقرب، ما يزال هناك تقربات وتنتهي إلى البيت الأبيض، تقربات، كل واحد يحاول يتقرب، يتقرب، يتقرب، الفقير ذلك الإنسان العادي يحاول يتقرب من ذلك التاجر، والتاجر تراه يحاول يتقرب من ذلك المسؤول، وذلك الضابط، وذلك. فالناس كلهم في الدنيا كل يحاول أن يكون قريبًا من فلان، لكن هنا قارن أن أكون قريبًا من فلان وأدخل في باطل هذه غلطة كبيرة.

ما هناك مانع أن أكون قريبًا من فلان، أي أن يراني فلان قريبًا منه. مع أنه في مقامات الأعمال الصالحة، في الأعمال الصالحة نفسها، هذا المجال غير مسموح به، تعتبر مرائيًا بأعمالك، لو أنني أنطلق في أعمال صالحة من أجل ماذا؟ أن يقربني فلان منه! هذا رياء، ما يقبل هذا، ما يقبل إطلاقًا.

لأن فكرة التقرب في الدنيا هي لاغية أساسًا من أصلها؛ لأنه يا إما أن يكون تقربًا بباطل، تقرب من إنسان على باطل، هذه كلها وبال عليك، أو أن تكون أنت في اتجاه صحيح، أنت ومن تفكر أن تتقرب منه، فعند ما تنطلق في الأعمال الصالحة لتتقرب منه فأنت مرائي، أليست القضية مصفَّر عليها أساسًا في الدنيا؟ الموضوع هذا بكله مصفَّر عليه في الدنيا.

أن يكون الإنسان هنا في الدنيا يحاول أن يتقرب من الآخرين قد يكون هناك عدة عوامل تدفعك إلى التفكير في هذا: فيما إذا أنت إنسان عندك مطامع مادية، عندك طموحات مادية، وأنت تفكر في الحصول على المال، أن تكسب مصالح بأي طريقة، فأنت تتقرب إلى الجهة الفلانية، أو الشخص الفلاني، أنت ترى أن من وراء التقرب إليه ستحصل على أموال.

أو أنت صاحب أموال أنت ترى بأنه من خلال التقرب إلى الضابط الفلاني، أو المسؤول الفلاني، أو الشيخ الفلاني يسلَم حقنا، وما يجي علينا شيء، هذه واحدة، وهي ثاني عامل من العوامل.

أو تكون شخص لك مواقف من آخرين، وتشدك حماقتك بأن ماذا؟ أن أحاول أن أتشفى من الآخرين بأن أتقرب من آخرين، من كبار، أراهم أمامي كبارًا، من أجل في الوسط أستطيع أن أوجد نكاية بالأشخاص الذين أنا حاقد عليهم، أو مختلف معهم.

هذه كلها لا تعتبر مبررات إطلاقًا، لا تعتبر مبررات أبدًا بأن تتقرب من أهل باطل، أو من إنسان مجرم، سواء من أجل أن تحصل على مال، أو من أجل أن يسلم لك مالك، أو من أجل أن تحصل بواسطته على ماذا؟ على أن تتشفى من غرماء معك.

اصطلح أنت مع غرمائك مباشرة، وشريعة الله واضحة في كل ما تختلفوا فيه، {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (الشورى: 10) والحل قائم في شرع الله بدون ما تحتاج تتقرب عند فلان، ولا تحتاج تدخل في باطل، ولا تحتاج تقترف باطل. فيرتكب الإنسان عدة أغلاط: تتقرب إلى إنسان مجرم، هذه جريمة، ثم أظلم آخرين؛ لأني أختلف معهم، جريمة ثانية.

أنا مختلف معك كيفما كان اختلافنا ليس اختلافنا بالشكل الذي لا يوجد له حل في الشريعة الإسلامية، أتصالح معك، نرجع إلى حكم الله فيما اختلفنا فيه، نرجع إلى تفاهم، إلى حوار؛ لنعرف من هو الظالم منا، من هو المظلوم، من هو المخطئ، من هو المصيب، يكون هناك من يحسم القضية بيننا وانتهى الموضوع، لا تحتاج أنت أن تبحث لك عن ظهر، ولا أحتاج أنا أن أبحث لي عن ظهر – كما يقولون – .

هذا الذي قد يدفع الإنسان إلى أن يتقرب، أو يكون عنده طموحات أن يحصل على وظيفة أكثر، يحصل على درجة أعلى، يحصل على رتبة أعلى، فيتقرب إلى أشخاص سيئين، أشخاص مجرمين، نفس الشيء، هذا ليس مبررًا إطلاقًا.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

آيات من سورة الواقعة

ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 10 رمضان 1423هـ

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا