الروتين باعبتاره طريقا إلى قسوة القلوب

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

إن المسألة من أساسها هو أنك عندما تعرض عن هدي الله – كما قلنا في جلسة سابقة – عندما تعرض عن هدي الله تتحول إلى إنسان خبيث، هل تعلمون أن كل معصية ليس فقط ينظر إليها من خلال أنها مجرد اقتراف لعمل في خارج إطار شخصيتك، كل معصية تترك أثرًا على نفسك، كل معصية ترسخ نسبة من الخبث في نفسك، وهكذا واحدة بعد واحدة حتى تحيط بك خطيئاتك، فتصبح خبيثًا، تصبح خبيثًا فعلًا.

الله في يوم القيامة تحدث بأنه سيكون تمييز الناس على أساس خبيث وطيب في الأخير، أهل المحشر يتميزون إلى فريقين فقط: خبيث، وطيب، الخبيث كله يجمعه فيركمه فيجعله في جهنم جميعًا، يجعل الخبيث مقره جهنم.

ولأنه فعلًا المسألة هي مرتبطة بهذا هو بخبثك أنت، أصبحت إنسانًا خبيثًا، ليست المسألة فقط أعمال اقترفتها ينظر إليها من خلال أنها أشياء في خارج إطار شخصيتك، لا؛ بل لأنها قد تركت أثرها الكبير في نفسك حتى أصبحت خبيثًا إلى درجة أن جهنم لو تبقى فيها مليار سنة ثم تخرج لعدت إلى ما نهيت عنه سابقًا، ألم يقل الله عن أهل النار {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} (الأنعام: من الآية28)؟ لماذا؟؛ لأن نفوسهم قد خبثت، نفوسهم أصبحت خبيثة، فإذا ما خرجوا ما هم قد نسيوا الأعمال السابقة، وقد جلسوا حتى مليار سنة في جهنم؟ لكن النفوس كانت قد بلغ بها الخبث درجة أن جهنم لا يمكن لجهنم نفسها أن تطهرها فتحولها إلى نفوس طيبة فعلًا.

ولهذا الله يحذرنا عن قسوة القلوب، قسوة القلب {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (الحديد: من الآية16) نحضر كل يوم الخميس، نحضر كل ليلة، نحضر كل جمعة، وكل مناسبة، وكل كلمة نعود منها بعدما نسمعها مثلما ذهبنا إليها، يصبح هذا مجرد روتين تسير وتجي مثل طلاب المدرسة، يسرح ويجي، يسرح ويجي، تجي تنظر أيش معه قد هو في صف سادس فتراه لا يستطيع أن يقرأ ولا يكتب!

حالة الروتين هذا المتجدد، حالة أن تسمح لنفسك تسير وتجي، وتجي وتضوي مثلما جئت، وهكذا يجي غد مثل اليوم وبعد غد مثل غد، هذه نفسها حالة تساعد على ماذا؟ أن تصبح الكلمات لا أثر لها في نفسك، فيقسو قلبك؛ لأنك تترك للأشياء الأخرى المجال لأن تترسخ في نفسك، لأن تعمل على أن يقسو قلبك.

والمواعظ أنت التي تريد أن تسمعها اليوم ليست غير التي سمعتها أمس، والذي سمعته ثالث يوم هو الذي سمعته أول يوم، وهكذا، تصبح المسألة هكذا عندك، حتى يقسو قلبك فلا يعد شيء ينفعك، لهذا قال الله عن المؤمنين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ – زادتهم – إِيمَانًا} (لأنفال: من الآية2). وأنت ترى نفسك بأنك لا تزيد إيمانًا من كل كلمة تسمعها حتى ولو من طفل، لا تزداد إيمانًا من كل كلمة تسمعها فاعرف بأنك متعرض للخطورة التي تعرض لها بنوا إسرائيل، أنه سيطول عليك الأمد، وهكذا كلمة بعد كلمة وأنت لا تزداد إيمانا فيقسو قلبك، وتخبث نفسك وحينئذ لا ينفع فيك شيء.

يجب – أيها الإخوة – أن نعمل على أن نكون من هؤلاء المؤمنين، الذين نحاول ولنقهر نفوسنا أن نفرض على أنفسنا أن نزداد إيمانًا من كل آية نسمعها من آيات الله تتلى علينا، من كل تذكير نسمعه بالله لنا، أن نزداد إيمانًا، افرض على نفسك أن تزداد إيمانًا، افرض على نفسك أعمالًا تنطلق فيها، روِّض نفسك، وعوِّد نفسك على أن تعمل، وأن ترسخ في نفسك الإيمان، وتزداد إيمانًا خوفًا من أن تصبح الأشياء لا تنفع فيك، ثم في الأخير يقسو قلبك {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ} (البقرة: من الآية74) من بعد تلك الآيات.

هذه حالة خطيرة جدًا يتعرض لها الإنسان، حتى بعد الآيات القاهرة، مثلما حصل لبني إسرائيل عندما نتق الله الجبل فوقهم كأنه ظلة، وعندما رأوا آيات من هذا النوع المزعج، رجع الجبل، رجعوا لذياك المسبك الأول، النفس هي النفس، قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة.

ويمكن أن نفسر هذه الحالة التي نحن عليها أن القرآن الكريم الذي قال الله عنه: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (الحشر: من الآية21) أن قلوبنا ربما تكون قد أصبحت أقسى من الحجارة.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

معرفة الله – الثقة بالله

الدرس الأول – معنى لا إله إلا الله

دروس من هدي القرآن

ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي

التاريخ: 18/1/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا