” داعش الكبرى “…محرقة جماعية ينفذها حرس الحدود السعودي بحق المهاجرين الأفارقة
مجاميع من الأفارقة، ضاقت بهم الحياة في بلدانهم، فحثوا الخطى مشياً على الأقدام، وجهتهم مملكة مترفة، قد يجدون فيها ما يشبع جوعهم، والمسافة وإن كانت مئات الكيلو مترات للوصول لحدود المملكة السعودية، فأملهم كبير في شيء من متاع الدنيا يزيل عنهم بعض أتعابهم ومشقة الطريق.
خاطروا بحياتهم وسط أمواج البحار، حتى وصلوا بلدنا اليمن، برهة من الوقت يأخذون، ليواصلوا مسيرهم على الأقدام حفاة، من محافظة إلى أخرى، وكلما مر يوم شعروا بسعادة تغمرهم لقربهم من المملكة التي يعتقدون دخولها بداية حياة جديدة، عنوانها ” لا بؤس بعد اليوم”.
عشرات الأيام مدة رحلة المهاجرين الأفارقة حتى وصلوا محافظة صعدة ، على مقربة من الحدود السعودية، وهناك استعد القوم وكلهم شوق وتسابق لمن تطأ قدمه أولاً أرض النفط والثروات.
ودنى الليل، وهجعت الأصوات وباتت الأجواء مهيأة ليتمكن المهاجرون من اجتياز الحدود السعودية والهروب من نيران الجيش السعودي المرابط، كان العدد 30 مهاجراً أفريقياً و8 يمنيين، وبالفعل استطاعوا اجتياز بضع كيلو مترات من أرض المملكة، حتى حاط بهم الجنود السعوديين وقاموا باعتقالهم والزج داخل غرفة صغيرة ملحقة بثكنة عسكرية قد تكون مخصصة لدورة المياه .
******
ضن البسطاء أنهم في دولة ذات قانون ولها مبادئ إنسانية وأخلاقية وتعترف بالمواثيق الدولية وقانون الهجرة بالذات، مستندين في بساطتهم هذه لما يشاع عن انجازات منظمة الهجرة الدولية ومهاما التي يقال بأنها تدير عمليات الهجرة بشكل منظم وإنساني وتعزيز التعاون الدولي بشأن قضايا الهجرة والمساعدة في البحث عن حلول عملية لمشاكل الهجرة وتقديم المساعدة الإنسانية للمهاجرين المحتاجين من اللاجئين والنازحين.
لم يكن الأمر كذلك فالجنود السعوديون يعدون خطتهم للفتك بالمهاجرين على نارٍ هادئة، لحظات واستقر قرارهم على القتل بطريقة يشعرون معها بالتلذذ، إشباعاً لنزواتهم الشيطانية الخبيثة على المنوال الذي سارت عليه ربيبة النظام السعودي ” داعش والقاعدة” في سوريا والعراق.
تفاصيل المجزرة
الناجي الوحيد من المجزرة شرح التفاصيل بلغة بلده وبعد ترجمة حديثه قال “في المساء جمع العسكر السعوديّون عدداً من المهاجرين بعد بضع كيلومترات من اجتيازهم الحدود صوب الأراضي السعوديّة وجرى تجميعنا داخل غرفة صغيرة ملحقة بثكنة عسكرية قد تكون مخصصة لدورة المياه شديدة الحرارة”.
قام الجنود السعوديون بإفراغ كمية من المياه على قاع الحجرة الصغيرة، إثر ذلك رمى الجنود بسلك التيار الكهربائي ليدخل بعده الجميع في حالة موت جماعي في جريمة تهتز لها جبين الإنسانية.
عند سؤال الناجي الوحيد عن كيفية نجاته فأجاب أنه كان في طرف الحجرة بعيدًا عن الماء ما جعله معزولاً عن الكهرباء الصاعقة عبر الماء.
شاهد آخر من المهاجرين كان من دفعة ثانية يقول إنه يعرف الحجرة التي تمت فيها الجريمة ولا يستبعد أن سلك الكهرباء المستخدم يعود لجهاز مكيف كهربائي جرى فصله وَوضعه في الماء الذي رُش على الحجرة من تحت المهاجرين المتكدسين في الداخل.
تفاصيل المشاهد التي بثتها وسائل الإعلام لتوثيق الجريمة كانت داخل أحد الأودية اليمنية، حيث أقام الأفارقة حفلَ عزاءٍ يعمه البكاء، أقامه الأفارقة على عشرات الجثامين التي تعود لرفاقهم ممن دخلوا الحدود دون علم بما سيلاقونه.
المشاهد أظهرت عشرات الجثث المتكدسة في إحدى مناطق الحدود السعودية، وكان بعضهم ميتا في العراء وبعضهم منكبّون على وجوههم وآخرون ماتوا وأبصارهم إلى السماء، وبعضهم الآخر ميت والدم نازف بجواره.
أحد الناجين أكد أن حرس الحدود السعودي كان يطلق النار مباشرة، وغالباً ما يستخدم مدافع الهاون للقضاء على تجمعات المهاجرين.. فيما أكد مهاجرون إثيوبيون أن حرس الحدود السعودي يقتل يومياً قرابة 5 مهاجرين على الحدود ويجرح أضعافهم.
جريمة بحق الإنسانية
وزارة حقوق الإنسان في حكومة الانقاذ الوطني أدانت الجرائم التي ارتكبها النظام السعودي عبر قوات حرس الحدود بحق المهاجرين الإثيوبيين.. معتبرة أعمال القتل والتصفية والمقابر الجماعية، التي ارتكبها النظام السعودي بحق المهاجرين الأفارقة، جريمة بحق الإنسانية، وانتهاكاً سافراً للقيم والتشريعات السماوية والقوانين الإنسانية الدولية والقانون الدولي للاجئين، واتفاقية 1951م الخاصة بوضع اللاجئين.
وأشارت إلى أن تلك الجريمة تكشف مدى وحشية وبشاعة السلطات السعودية، واستهانتها بأرواح المدنيين العزَّل والمهاجرين النازحين من مناطق الصراع.. موضحة أن هذه الجريمة لم تكن الأولى، وإنما تأتي في سياق جرائم مستمرة منذ سنوات طويلة، استخدم فيها النظام السعودي كافة أساليب القتل من حرق لمواطنين يمنيين من أبناء محافظة الحديدة في خميس مشيط عام ٢٠١٠م، ومهاجرين أفارقة من أثيوبيا بينهم نساء خلال عام ٢٠١٥م.
ودعت الوزارة إلى التحرّك بشكل عاجل لإنقاذ المهاجرين الإثيوبيين وإدانة جرائم النظام السعودي بحقهم.. مطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الإنسانية، وفي المقدمة المنظمة الدولية لشؤون الهجرة إلى إدانة تلك الجرائم البشعة التي ارتكبها حرس الحدود السعودي بحق المهاجرين الإثيوبيين، وتشكيل لجنة دولية محايدة للتحقيق في الجريمة، وغيرها من الجرائم التي يرتكبها حرس الحدود السعودي بشكل شبه يومي على الحدود السعودية بحق الأفارقة والمواطنين اليمنيين في الأراضي الحدودية.
وحشية النظام السعودي
لم تكن هذه الجريمة هي الأولى للجيش السعودي، بل سبقها الكثير، أهمها في منتصف مايو الماضي، حيث أقدم الجيش السعودي على ارتكاب مجزرة وحشية بحق 25 مواطناً يمنياً قتلهم النظام السعودي عبر صعقهم بالتيار الكهربائي، حيث تم العثور على 7 جثث بالقرب من منطقة الرقو الحدودية وعليها آثار صعق بالتيار الكهربائي.
وقد أدانت حكومة الانقاذ الوطني في صنعاء الجريمة البشعة ، كما نددت بصمت الأمم المتحدة ، إزاء الجريمة دون إدانتها أو اتخاذ أي إجراءات، ما شجّع دول العدوان على ارتكاب المزيد من الجرائم
في سبتمبر الماضي كشفت وسائل إعلام موالية لتحالف العدوان مقتل وإصابة العشرات من المهاجرين على يد الجيش السعودي في إحدى المناطق الحدودية أثناء ما كانوا في طريقهم لدخول السعودية.
وذكر المصدر، وهو أحد الناجين أن سبعة أشخاص من المهاجرين قتلوا رميا برصاص أحد الجنود السعوديين. فيما تعرض الآخرون لاعتداءات وعمليات تعذيب مروعة تسببت للبعض منهم بكسور في الأرجل.
وفي احدى أشكال الدموية لدى الجيش السعودي، قال المصدر «أقبل جندي على متن مركبة عسكرية بعد الواحدة فجراً، وقال إنه من قوات الجيش السعودي… وبدأ بإطلاق نار كثيف ناحيتنا، كانت الرصاص تتطاير على مسافة قريبة من أعلى رؤوسنا وبجوارنا ما أسفر عن مقتل اثنين منا بطلقات نارية مباشرة في الرأس”.
الانتهاكات في سجلات المنظمات الدولية
في أغسطس الماضي أصدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بياناً ادانت بالجريمة التي ارتكبها حرس الحدود السعوديون بحق المهاجرين الأفارقة على الحدود اليمنية. و من جهتها اتهمت المفوضية السلطات السعودية باستهدافها المهاجرين الأفارقة بشكل مباشر على الحدود مع اليمن بهدف قتلهم.
كما كشفت المنظمة من خلال تقرير لها عن قيام فرقها بتسجيل 9 مجازر ارتكبتها السلطات السعودية و أودت بحياة أكثر من 189 مهاجراً و إصابة نحو 535 شخصاً آخر. وأشارت إلى أن اللاجئين الأفارقة قد تعرضوا شمال صعدة إلى الاستهداف المباشر من قبل حرس الحدود السعودية بالمدفعية و الرشاشات الثقيلة. كما رجحت المنظمة أن تكون أعداد الضحايا أكثر بكثير من ذلك.
و لفتت المنظمة في تقريرها إلى تزايد انتهاكات حقوق الانسان من قبل القوات السعودية ضد المهاجرين في اليمن في ظل ارتفاع أعداد المهاجرين الوافدين. وأشارت إلى أنه في العام الماضي ، دخل حوالي 27700 مهاجر أفريقي إلى هذا البلد من شرق اليمن ؛ كان هذا العدد 138 ألف شخص في عام 2019 ، والذي انخفض بشكل ملحوظ.
كما أفاد وكلاء المنظمة الدولية للهجرة والمجتمع المحلي بأن أكثر من 1000 مهاجر هذا العام – بمن في ذلك نساء وأطفال – سقطوا بين جريح وقتيل بسبب الهجمات والاستهداف المتعمد على الحدود من قبل قوات الأمن السعودية.
ويتلقى المئات من المهاجرين شهرياً العلاج من إصابات أعيرة نارية في مستشفى تدعمه المنظمة الدولية للهجرة بالقرب من مدينة صعدة الحدودية. وبالنسبة للناجين، فقد يفقد البعض أطرافهم ويصاب البعض الآخر بالشلل.
من جانبها عبرت رئيسة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “كريستا روشينر” عن قلقها في هذا الصدد: “إننا قلقون بشكل متزايد بشأن سلامة الذين يعبرون الأراضي اليمنية. لأن فرقنا تتعامل كل يوم مع المهاجرين المصابين بسبب النزاع أو الذين ضلوا طريقهم في منتصف الرحلة.
******
من جهتها كشفت “صنداي تلغراف” عن الكثير من الانتهاكات التي تمارسها السعودية بحق المهاجرين الأفارقة في السعودية أثناء أزمة كورونا حيث تحدثت في تقرير لها عن حبس آلاف المهاجرين الأفارقة في السعودية في معسكرات شبيهة بمعسكرات العبيد و نشرت الصحيفة صوراً أظهرت عشرات الرجال بحالة هزال بعد أن أصيبوا بالشلل بسبب الحرارة العالية في الدولة العربية، التي تعد إحدى أغنى دول العالم.
وقالت إنّ المحتجزين “مستلقون بلا قمصان في صفوف مكتظة بإحكام في غرف صغيرة ذات نوافذ بقضبان”. كما أظهرت إحدى الصور التي نشرتها “تلغراف” حينها جثة مغطاه، يقول المحتجزون إنها لـ”مهاجر مات من ضربة شمس” وصورة لجثة أخرى لشاب انتحر بعد فقده الأمل كما قال أصدقاؤه .وأشار المهاجرون إلى أنهم “بالكاد يحصلون على ما يكفي من الطعام والماء للبقاء على قيد الحياة”، ونقلت عن المهاجرين المحتجزين قولهم إنهم تعرضوا للضرب على أيدي الحراس السعوديين بالسياط و الاسلاك الكهربائية إضافة إلى الشتائم العنصرية.
و في تعليق من قبل آدم كوغل نائب مدير منظمة هيومن رايتس ووتش في الشرق الأوسط على الصور المنتشرة قال” إن الصور المأخوذة من مراكز الاحتجاز جنوبي السعودية تظهر أن السلطات هناك تُخضع مهاجري القرن الأفريقي لظروف مزرية ومزدحمة وغير إنسانية دون أي اعتبار لسلامتهم أو كرامتهم”.
مشاهد المجزرة المروعة