أهمية ثقافة الجهاد والاستشهاد
النظرة القرآنية للشهادة
الذكرى السنوية للشهيد تشكل فرصة مهمة لنذكر أنفسنا، ونذكر أمتنا بأهمية هذه الثقافة، بحاجة أمتنا في هذا العصر إلى هذه الثقافة، ثقافة الجهاد والاستشهاد، وأن تكون النظرة إلى الشهادة في سبيل الله هي النظرة الحقيقة، النظرة التي قدمها القرآن الكريم، وبذلك لا يبقى هناك شيء يخيف الأمة، لا يبقى هناك بيد العدو وسيلة للهيمنة على المجتمع، لإذلال الناس؛ لأنه فقد وسيلة من أهم وسائل السيطرة والتحكم وهي سلاح التخويف.
قال تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }(الأنعام:163:162).
هذه هي الغاية، وهذا هو الشعور الذي يجب أن يسود على نفس كل واحد منا.
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} عبادتي بكلها {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي} حياتي هي {لِلَّهِ} كما أن صلاتي لله، ونسكي: عباداتي كلها لله، كذلك حياتي هي لله ومماتي أيضاً هو لله.
ومعنى أن حياتي لله: أنني نذرت حياتي لله في سبيله في طاعته، ومماتي أيضا لله، كيف يمكن أن يكون موت الإنسان لله؟ من الذي يستشعر أن بالإمكان أن يكون الموت عبادة؟ وأن يكون الموت عبادة عظيمة لله سبحانه وتعالى يجب أن تكون أيضاً خالصة كما قال: {لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ} (الأنعام: من الآية163).
رهانات خاسرة أمام ثقافة الجهاد والاستشهاد
إن لإحياء روح الجهاد والاستشهاد في نفوسنا كأمة مؤمنة وكمجتمع مؤمن أهميته الكبيرة وخاصة في هذا العصر، فالأعداء في هذا العصر يستخدمون سلاحين من خلالهما يهيمنون على المجتمع، ويستعبدون عباد الله:
السلاح الأول هو سلاح الخوف: التخويف والرهبة، وهو السلاح الأعم الذي يستخدمونه على نحو واسع فهم يعملون على إثارة الخوف في نفوس الناس بكل الوسائل، بكل الأساليب ليتهيأ لهم من خلال ذلك السيطرة على الناس، واستعبادهم من دون الله والتحكم في كل شؤونهم، ومن تلك الوسائل:
ما يعملونه بالناس من قتل وسجن وتدمير.
شن الحروب تلو الحروب.
زرع حالة اليأس والإحباط والذل.
الترويج لثقافة الإذلال والشعور بالذلة وانعدام الأمل وانعدام الثقة بالله سبحانه وتعالى.
العمل عبر المرجفين ووسائل الإعلام على تضخيم حالة الخوف منهم.
أن يعمقوا في نفوس الناس ومشاعرهم الرهبة منهم بما يهيئهم للاستسلام والانقياد.
والسلاح الآخر هو سلاح الترغيب، ويشمل:
إثارة الأطماع.
شراء المواقف.
شراء الذمم.
لكن ثقافة الجهاد والاستشهاد، وثقافة الشهادة في سبيل الله، وبناء أمة مؤمنة تحب الشهادة في سبيل الله، وتكون الشهادة في سبيل الله بالنسبة لها أمنية، بالنسبة لها شرفاً وأملاً، وعاقبة حسنة ترجوها من الله يسقط هذا الرهان، ويجعل من هذا الأسلوب أسلوباً فاشلاً، ومن هذا السلاح سلاحاً ضعيفاً وبائراً، لا يحقق أثره ولا يهيئ لهم ما أرادوه منه.
الأمة بدون ثقافة الشهادة
لو فقدت الأمة هذا الشهادة، هذه الثقافة، ثقافة الشهادة، ثقافة التضحية، البذل بلا حدود في سبيل الله سبحانه وتعالى لكانت أمة ذليلة ولصارت أمة مستعبدة مقهورة، تقدم من القتلى أضعاف أضعاف ما ستقدمه من شهداء وهي في سبيل الله سبحانه وتعالى.
وبدون الشُّهَـدَاء وبدون الشَّهَادَة وبدون التضحية ما كان بالإمكان أن يعلوَ للحق صوتٌ، أن يتحققَ للمستضعفين والمظلومين خلاصٌ، أن يكسَبَ المستضعفون عزاً ومجداً، وأن يتخلَّصوا من هيمنة المجرمين، ما كان بالإمكان دفع الشر المستحكم، ودفع البغي ودفع الظلم ودفع كُـلّ أشكال الفساد والطغيان بدون تضحية.
النظرة السلبية للشهادة
ربما الكثير من الناس قد ينظرون إلى الشهادة في سبيل الله إلى أنها خسارة، وإلى أنها تمثل إشكاليةً كبيرة على المجتمع الذي يقدم الشهداء، وهذه النظرة السلبية هي نظرة بعيدة عن النظرة القرآنية، وبعيدةٌ جداً عن الوعي الإيماني والقرآني، وهي نظرة تفصل مسألة الشهادة في سبيل الله عن الجانب الرئيسي فيها، وهو الموقف الذي هي في إطاره، والمنطلق الذي هي على أساسه.
والحقيقة أن الخسارة الرهيبة، هي: خسارة أولئك الذين انطلقوا في صف الباطل، مثلما هو حال تحالف العدوان، ومن يتحرك تحت الراية الأمريكية، وتحت عنوان التطبيع مع إسرائيل، بالمؤامرات على أمته.
وعليه فإن “المفهومَ الصحيحَ للجهاد والاستشهاد هو الذي يمكن بواسطته حمايةُ الأُمَّـة ودفعُ الأخطار عنها، ومواجهة ما تواجه من تحديات كبيرة وأخطار تحيط بها من كُـلّ جانب”.
نتيجة التهرب من التضحية في سبيل الله
“نتيجة الخوف الشديد، ونتيجة التهرب الكبير من التضحية، من الثمن الذي قد ندفعه في سبيل أن نتحرر من طغيانهم وظلمهم وجبروتهم وهيمنتهم وشرهم، وتكون النتيجة أسوأ، تكون الخسارة أكبر، يكون مستوى ما يقدِّمه الناس وهم في إطار الهيمنة، والخضوع، والاستسلام للطغاة والظالمين والمستكبرين، أكبر بكثير مما كانوا سيضحون به في سبيل الله، في أن يحصلوا على العزة، والكرامة، والحرية في مفهومها الصحيح، فيتحررون من هيمنة الطغاة والظالمين والمجرمين والمستكبرين.”
وفي المقابل لو فقدت الأمة ثقافة الشهادة، وتهربت من ثقافة التضحية في سبيل الله لكانت الأمة ستقدم من القتلى أضعاف أضعاف ما ستقدمه من الشهداء وهنا نستذكر مثالا من التاريخ وهو ما صنعه ابن الزبير بسبعة آلاف أسير بعد رفضهم المواجهة والتضحية مع المختار الثقفي الذي جاد بنفسه في الميدان بدلا عن الذبح على يد ابن الزبير.
وفي العصر الحالي ذبح الدواعش في العراق وبالتحديد في قاعدة سبايكر أكثر من 2700 أسير، بينما لم يصل عدد شهداء الحشد الشعبي إلى هذا العدد في درب الجهاد ضد الدواعش والذي انتهى بإسقاط الخطر الداعشي وتحرير الموصل وغيرها.
وفيما يلي نماذج من التاريخ لحجم ضحايا الحروب والصراعات والأوبئة
باختصار تؤكد بعض المصادر أن المجموع الكلي لضحايا الحروب على فترات التاريخ (كل الحروب): تتراوح بين (((754,758,805–315,253,223) منها 20 مليون في الحرب العالمية الأولية، و70مليون قتيل في الحرب العالمية الثانية، كان نصيب جيش الدولة العثمانية منها أكثر من 700 ألف قتيل.
وهنا نورد بعض الضحايا المسلمين في تلك المعارك على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً- المغول في بغداد
تشير المصادر إلى أن ضحايا الغزو المغولي كاملا تجاوز أكثر من 70 مليون قتيلاً، كان نصيب العراق منها ما فَصَّله ابن كثير في كتابه “البداية والنهاية” عن سقوط بغداد سنة 656هـ ومقتل الخليفة على يد المغول وقائدهم هولاكو، مؤكداً أن قتل الناس في بغداد استمر 40 يوما، ويتراوح عدد القتلى بين مليون و800 ألف، إلى مليونين.
ثانيا/العثمانيون في مصر
وكانت هذه المذابح بقيادة السلطان سليم الأول، فقد غزا مصر، واستولى عليها، وقتل هو وجيشه النساء والأطفال والرجال في المساجد والمدارس والبيوت والشوارع والأسواق، فضرب في يوم واحد 320 رأسا من سكان الصحراء، وقُتل في الريدانية فوق أربعة آلاف إنسان، وكان مقدار من قُتل من بولاق إلى الصليبة فوق عشرة آلاف إنسان في أربعة أيام فقط.
كما يبيّن ابن إياس مقدار ما نهبه السلطان سليم وجيشه من ثروات مصر، وينقل أن هذا السلطان عاد إلى تركيا من مصر ومعه من الذهب والفضة حمولة ألف جمل، فضلا عن بقية ما نهبه هو ووزراؤه وقادته وجيشه.
ثالثا/نكبة فلسطين: شكلت أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، لما مثلته وما زالت تعد أكبر عملية تطهير عرقي حيث تم تدمير وطرد شعب بكامله، فقد سيطر الاحتلال الإسرائيلي خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة فلسطينية، دمّر 531 منها بالكامل.
المجازر: رافق عملية التطهير هذه اقتراف العصابات الصهيونية أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني ومنها:
1-مذبحة كفر قاسم في 29 أكتوبر 1956 ضد مواطنين فلسطينيين عُزَّل في قرية كفر قاسم راح ضحيتها 49 شهيداً مدنيًا: منهم 23 طفلًا دون الثامنة عشر أصغرهم جنين وطفل 4 سنوات ، 13 إناث، 36 ذكور)، والإصابات 18.
2-مذبحة خان يونس في 12 نوفمبر 1956 هي مذبحة نفذها الجيش الإسرائيلي بحق اللاجئين الفلسطينيين في مخيم خان يونس راح ضحيتها أكثر من 250 فلسطينيا.
وبعد تسعة أيام من المجزرة الأولى نفذت وحدة من الجيش الإسرائيلي مجزرة وحشية أخرى راح ضحيتها نحو 275 شهيداً من المدنيين في نفس المخيم، كما قتل أكثر من مائة فلسطيني آخر من سكان مخيم رفح للاجئين في نفس اليوم.
3-مذبحة بلد الشيخ بتاريخ 31 ديسمبر عام 1947 وكانت حصيلة المذبحة نحو 60 شهيداً من النساء والأطفال، وجدت جثث غالبيتهم داخل منازل القرية.
4-مذبحة الطنطورة ما بين 22 و23 مايو1948 بعد شهر تقريبا من مذبحة دير ياسين، وتختلف مذبحة الطنطورة عن سائر المذابح، ليس لحجم الضحايا فقط ولكن كونها جريمة ارتُكبت على يد جيش إسرائيل بعد أسبوع واحد من إعلان قيام الكيان الإسرائيلي، وقد قتل في المجزرة أكثر من 200 فلسطيني.
5-مذبحة أبو شوشة 14 مايو 1948، راح ضحية هذه المجزرة حوالي 60 شهيداً من النساء والرجال والشيوخ والأطفال
6-مجزرة قلقيلية شارك في الهجوم مفرزة من الجيش وكتيبة مدفعية وعشر طائرات مقاتلة. وقد عمد الجيش الإسرائيلي إلى قصف القرية بالمدفعية قبل اقتحامها، حيث راح ضحية المجزرة أكثر من 70 شهيداً.
7-مذبحة دير ياسين هي عملية إبادة وطرد جماعي في نيسان 1948. كان معظم شهداء المجزرة من المدنيين الأطفال والنساء والعجزة، ويتراوح تقدير عدد الشهداء بين 250 و360شهيدا.
8-مذبحة الأقصى الأولى في المسجد الأقصى بمدينة القدس8 أكتوبر 1990، قبيل صلاة الظهر، مما أدى إلى مقتل 21 شهيدا وإصابة 150 بجروح مختلفة واعتقال 270 شخصاً.
9-مذبحة الحرم الإبراهيمي نفذها باروخ جولدستين، فجر الجمعة 15 رمضان 1414هـ، حيث أطلق النار على المصلين أثناء صلاة الفجر، وقد استشهد 29 مصلياً وجرح 150 آخرون.
10-مجزرة جنين هو اسم يطلق على عملية التوغل التي قام بها الجيش الإسرائيلي في جنين في الفترة من 1 إلى 11 أبريل 2002. وبلغ عدد الشهداء 58 شهيدا وتم أسر 28 أسيراً.
الاعتقالات: والتي تجاوزت أكثر من مليون حالة اعتقال منذ العام 1967
الشهداء منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب نحو مائة ألف شهيد.
– منذ بداية انتفاضة الأقصى خلال الفترة 29/09/2000 وحتى 31/12/2020بلغ عدد الشهداء 10,969 شهيداً.
-العام 2014 (أكثر الأعوام دموية) حيث سقط 2,240 شهيداً منهم 2,181 استشهدوا في قطاع غزة غالبيتهم استشهدوا خلال العدوان على قطاع غزة.
– عام 2019 بلغ عدد الجرحى حوالي 1,650 جريحاً.
-العام 2020 بلغ عدد الشهداء في فلسطين 43 شهيداً منهم 9 شهداء من الأطفال و3سيدات.
-بداية العام 2021 وثق استشهاد 18 شهيدا في فلسطين، بينهم أسيرين، وآخر من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ضحايا الأوبئة والأمراض
-طاعون أثينا: 430 قبل الميلاد: دمر وباء شعب أثينا واستمر لمدة خمس سنوات وتشير بعض التقديرات إلى أن عدد القتلى يصل إلى 100 ألف شخص.
-طاعون أنطونين (جدري) في الفترة180-165م انتشر في الإمبراطورية الرومانية ومات منه خمسة مليون نسمة
وباء قبرص: 250-271 ميلادي ويُسمى الطاعون القبرصي. ووصف الوباء بأنه إشارة إلى نهاية العالم، حيث كان يقتل 5 آلاف شخص يوميا في روما وحدها.
طاعون جستنيان: 541-542 ميلادي: دمر الطاعون الدبلي الإمبراطورية البيزنطية. وحصد 25,000,000 وهو ما يصل إلى 10% من سكان العالم.
الموت الأسود: 1346-1353: سافر “الموت الأسود” من آسيا إلى أوروبا، تاركا الدمار في أعقابه. وتشير بعض التقديرات إلى أنه قضى على أكثر من 100,000,000 وهذا يعني نصف سكان أوروبا.
– الأوبئة الأمريكية: القرن السادس عشر الطاعون الأمريكي هو مجموعة من الأمراض التي جلبها الأوروبيون إلى الأميركتين وساهمت هذه الأمراض، بما في ذلك الجدري، في انهيار حضارتي الإنكا والأزتيك. وتشير بعض التقديرات إلى أن 90% من السكان الأصليين في نصف الكرة الغربي قتلوا.
– وباء الحمى الصفراء في فيلادلفيا: 1793 وانتقل المرض بواسطة البعوض. ولم يتوقف الوباء في نهاية المطاف حتى حلول فصل الشتاء، حيث مات البعوض. وبحلول ذلك الوقت، كان أكثر من 5000 شخص قد ماتوا.
-وباء إنفلونزا 1918: واستمر بين عامي 1920-1918لينتشر في جميع أنحاء العالم ليقتل أكثر من 75,000,000نسمة.
-جائحة الإيدز: 1981 أودى الإيدز في بدايته بحياة ما يقدر بـ 35 مليون شخص.
جائحة إنفلونزا الخنازير: 2009-2010: في عام واحد، أصاب الفيروس ما يصل إلى 1.4 مليار شخص في جميع أنحاء العالم وقتل ما بين 151700 و575400 شخص، وفقا لمركز السيطرة على الأمراض.
معدل القتلى في حوادث المرور
وبلغت الإحصائية عالميا في عام 2016 فقط أكثر من 1,350,000 نسمة.
الحروب الأمريكية / وتشمل:
-إبادة الهنود الحمر والتي تشير الدراسات والمصادر إلى قتل وإبادة ما بين 10 إلى 40 مليون نسمة في حين تؤكد بعض المصادر أن الرقم يصل إلى 100مليون نسمة.
-القصف الجوي على المدن مما خلف حوالي 2.5 مليون قتيل مدني قُتلوا تحت القصف الجوي الأمريكي والبريطاني
-الاغتصاب فالقوات الأمريكية اغتصبت النساء بعد معركة أوكيناوا باليابان سنة 1945. وهناك 1336 حالة اغتصاب تم التبليغ عنها في العشرة أيام الأولى لاحتلال ولاية كاناجاوا بعد استسلام اليابانيين.
-الحرب الفيتنامية بلغت أعداد جرائم الحرب الموثقة لدى البنتاجون 360 حادثة. وكانت فيتنام في سنة 1995 تؤكد أن عدد القتلى في الحرب بلغ 5 مليون، 4 ملايين منهم مدنيين عُزّل. في حين كان وزير الدفاع حينها ماكنامارا قال في لقاء متلفز لاحقا أن عدد القتلى 3 مليون و400 ألف.
قصف يوغوسلافيا أدانت منظمة العفو الدولية القصف الجوي الذي قامت به قوات الناتو بدعم أمريكي سنة 1999 حيث خلف القصف على الأقل 5000 مدني قتيل.
فترة «الحرب على ما يسمى الإرهاب»
“هل تعلم أننا لا نحسب الجثث”، هكذا قال فرانكس ذات يوم وللعلم فإنّ الحكومة الأمريكية لا تأخذ في الحسبان الخسائرَ المدنيّة التي تسبّبت فيها.
أمريكا لها تاريخ طويل من الحروب، ولكن موجة الحروب الأمريكية منذ 11 سبتمبر 2001، يبدو أنها غير مسبوقة وتستحق لفظ الحروب الأبدية، فهي قد شنَّت بالفعل حرباً على عدوٍّ يقول عنه وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، دونالد رامسفيلد، أنه “لم يكن في أفغانستان فقط”، بل في “50 أو 60 دولة، وبتكلفة تربو عن 6.4 تريليون دولار حيث ظهرت العديد من جرائم الحرب بحق الملايين من المدنيين على يد القوات الأمريكية في العراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال وسوريا، في صور قصف جوي ضد مدنيين عُزل أو اغتصاب النساء والرجال أو قتل أسرى حرب أو تعذيبهم وانتهاك آدميتهم أو إبادة جماعية أو استخدام أسلحة محرمة دوليا. ولا تزال الحصيلة مستمرة وفي ازدياد ومن ذلك ما يلي:-
أفغانستان عام 2011، قام الصحفي “غاريث بورتر” بأبحاث حول الغارات الليلية 2009 إلى 2011 للقوات الأمريكية في أفغانستان، فقام بتوثيق زيادة تدريجية في عدد الغارات الشهرية قدّرها بــ 50 مرّة، من 20 غارة شهرياً في مايو2009، إلى أكثر من 1000 غارة شهرياً في أبريل2011. وبناء على بعض التقديرات فإنّ المجموع الفعلي للقتلى يصل إلى 1.4 مليون.
باكستان قدّر كروفورد وبرنامج تكاليف الحرب عدد القتلى الباكستانيين بنحو 61300 بحلول آب (أغسطس) 2016، استناداً في المقام الأول إلى تقارير من معهد باك لدراسات السلام (PIPS) في إسلام أباد.
سوريا ونتج عن حملة القصف “الخفية والمعلنة ” التي قادتها الولايات المتحدة أن دَمّرت الرقة والموصل، ومدناً سورية أخرى كثيرة، بأكثر من 100.000 قنبلة وصاروخ منذ عام 2014.
ليبيا قدّر مصدر محلي ليبي في أغسطس 2011، أنّ 50000 ليبي قد قتلوا، وفي 8 أيلول (سبتمبر) 2011؛ أصدر وزير الصحة ناجي بركات، بياناً أفاد بأنّ (30000 شخص) قد لقوا حتفهم، وفقد 4000 آخرون، مؤكداً أن الرقم النهائي حوالي 250000 ليبي قتلوا في الحرب والعنف والفوضى التي أطلقتها أمريكا وحلفاؤها في ليبيا، في فبراير 2011،
بعد 20 عاماً من الحرب وأكثر من 8 ملايين قتيل، وتهجير ما يُقدَّر بنحو 37 مليون، و6 دول مدمَّرة يجب إدراك حجم التكلفة البشرية والمادية للحروب الأمريكية