هناك عقائد محسوبة على الإسلام لم تبنِ في الأمة شيئًا بل أنها كانت وراء الهدم

موقع أنصار الله | من هدي القرآن |

من يحصل في نفوسهم سخط من داخل هذه الأمة ضد هذا الدِّين إنما كان بسبب التفسير السيئ لهذا الدِّين، وتقديمه بشكل مشوه ومنقوص، حتى لم يعد فاعلًا، ولم يعد مؤثرًا في أوساط الأمة، فقالوا: إذًا ما قيمة أن نتمسك بهذا؟ لا فائدة من هذا؛ لأنهم رأوا أنه لا جدوى له.

عندما تحدث وزير إيطالي وقال: إن الحضارة الغربية – أو بعبارة تشبه هذه – هي أنجح من الحضارة الإسلامية، ألم ينطلقوا يتكلمون عليه؟ وقالوا: يجب أن يسحب كلامه، قالوا هكذا علماء من مصر ومن مناطق أخرى. وهذا الرجل قال كلامًا لو نعود إلى واقعنا كمسلمين نحن الذين غيَّبنا الإسلام عن أن يكون بالشكل الذي يبني حضارة تكون هي حضارة للبشرية كلها، تكون هي أرقى حضارات البشرية على امتداد التاريخ كله. فالذي يقول: (الإسلام) فإنه يعني الإسلام الذي يلمسه، ويراه في الساحة. وها نحن كلنا نقول: إن الإسلام الذي نراه ونلمسه في الساحة، داخل أوساط هذه الأمة هو فعلًا لم يبنِ شيئًا! أليس كذلك؟ أليس من الإسلام عقائد نحن نقول: ليس فقط أنها لم تبنِ شيئًا، بل أنها كانت وراء الهدم، هي عقائد يحسبونها على الإسلام، وينسبونها إلى الإسلام.

نحن سنقول أكثر من كلام ذلك الإيطالي: أن أبا بكر وعُمَر، أليسوا من أعلام الإسلام؟ أليس توليهم دينًا؟ وهو دين الإسلام عند الآخرين؟ أليست (الشفاعة لأهل الكبائر) دينًا من الإسلام لدى الآخرين؟ أليست نسبة القبائح إلى الله من الدِّين عند الآخرين؟ وهكذا، وهكذا ابحث؛ لهذا نقول، ونكرر: أنه يجب على كل من يسمع كلامنا فيرى أنه حادٌّ نوعًا ما، نقول: لاحِظ متى ما حصلت قضية ولو داخل أسرة واحدة، جعلتها في حالة فشل وهزيمة، أليسوا كلهم يتحركون يتساءلون وبعنف ضد بعضهم بعض ليفتشوا عن السبب؟ يقول: أنت السبب، قال: لا، أنت السبب، وقد يَصِلون من وراء ذلك إلى معرفة السبب الحقيقي.

يجب أن نتحرك لنعرف السبب الحقيقي، وها نحن قلنا: من الأسباب الحقيقية بالنسبة لنا نحن الزيدية فنون مُعيَّنة، بل وكتَّاب مُعيَّنين، بل وأئمة ممن هم في قائمة تاريخنا وسجلِّ أئمتنا من ضمن الأئمة، نحن نرى أنهم جنوا علينا فعلًا، أنهم جنوا على الأمة.

أوَلسنا نقول: نريد أن نعود إلى الإمام الهادي، وإلى من ساروا على نهج الإمام الهادي مِن بعد؟ أمَّا من تأثروا بالآخرين وإن كانوا مكتوبين لدينا ضمن أئمة، ومسجلين في كتب تاريخنا كأئمة، وهم ممن ملؤوا الساحة الزيدية بكتب الآخرين، وثقفوا الزيدية بثقافة الآخرين، أن هؤلاء ليسوا قدوات لنا، ولن نسير على نهجهم، بل لم نعد نتولاهم كأئمة. هذه قناعتنا، فلا يَقُلْ أحد من الشوافع إنه فقط الشافعية، أو أحد من الحنابلة إنه فقط الحنابلة، بل نريد أن نفتش، ونريد أن نعود عودة جادة جميعًا كمسلمين إلى القرآن الكريم، وهو الذي سيهدينا.

اليوم هذا وصلني رسالة توحي بتردد – نوعًا ما – حول تأييد ما نطرح، أو ما نقول، أو ما نعتمد، أو…إلخ، من أشخاص زملاء، ومعروفين، وناصحين فعلًا، لكن لأننا كلنا بحاجة إلى أن نتفهم الأمور أكثر، نحن وهم، وأن بعض الأشياء فعلًا قد تكون مفاجئة، بعض الطرح، بعض الكلام قد يكون مفاجئًا فيراه بعض الإخوان وكأنه مثير، أو يؤدي إلى إشكالات، أو، أو…إلخ.

قلنا: لا بأس إذا كان هناك قاعدة لا تزال في نفوسنا قائمة هي: أن نجامل الآخرين، أو أن نجامل أمواتًا أو أحياءً، سواءً من داخلنا، أو من خارجنا، ونحن نعلم أن هذه المجاملة هي على حساب ديننا، وأن هذه المجاملة هي من تجعل أسباب الفشل، وأسباب الضعف هي المنهج الذي سنسير عليه نحن، وتسير عليه الأمة أيضًا من حولنا، فإن هذا يعني أننا نؤْثِر هذه المجاملة على الدِّين بكله، وعلى الأمة بكلها.

نحن نقول: أيُّ خطأ – وكما قلت سابقًا – يكون خطأ واقعيًا، وليس خطأ ينطلق في الحكم على أنه خطأ مبني على قاعدة غير صحيحة، أمَّا قاعدة التوحد التي قد نسمعها كثيرًا: (يجب أن تسكت عن هذا، وتسكت عن هذا، من أجل الحفاظ على وحدتنا)! نحن نقول – كما قلت سابقًا – : الوحدة قد انتهى موضوعها، ورسمت منهجيتها، ووسائلها، وطرقها، وأعلامها، وقادتها، داخل كتاب الله، وحدة غيرها لا تجدي.

ثم إن سورة (الفتح) هذه تؤكد صحة ما نقول، وأنك فقط تحاول أن تلتزم بدين الله، وأن تسير عليه على نحو صحيح، فعندما يحظى أولئك الذين يسيرون على هذا الشكل بنصر الله وتأييده فهُمْ من سيشدون الآخرين، ويجعلون الآخرين يتركون ما هم عليه، سيلمسون فعلًا، ألم يلمس العرب، ألم يكن الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) يهاجم أولئك؟ يهاجمهم، ويتكلم عن أصنامهم وبقسوة أيضًا؟ في نفس الوقت الذي كان يُبيِّن الخطأ الكبير الذي هم عليه، ويدعوهم إلى ما هو عليه، وإلى ما جاء به (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) عن الله، أليس هذا هو الذي حصل؟ ثم ألم يترك العرب كل تلك الأصنام، ويتجهون إلى محمد؟ متى؟ عند ما جاء نصر الله والفتح، من أين النصر؟ ومن أين الفتح؟ أليس من الله؟ {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ} {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}.

فالنصر والفتح هو الذي سيجعل مواقف أولئك الذين حظوا بنصر الله وتأييده محط أنظار الآخرين، وهم من سيرجعون إلى أنفسهم فيقولون: (ما قيمة هذا الذي نحن عليه؟) هذه المشاعر أصبحت داخل المسلمين أيضًا في هذا الزمن، أليس شعورٌ كهذا حاصلًا داخل كثير من المسلمين في مواجهة الغرب؟ عندما رأوا الغربيين على هذا النحو: تقدُّم، تطور، حضارة، إنتاج، تصنيع، الذين انبهروا بهم، ألم يحاولوا أن يفلتوا هذا الدِّين على الرغم من عظمته، ويتنكروا له، ويعملوا على أن يلحقوا بركاب الآخرين؟

وقد ظهر في الأمة مثقفون يدعون إلى التخلي عمَّا نحن عليه، وأن نتثقف بثقافة الغرب، حتى نلحق بركاب الغرب! هذا شاهد أنه وُجِدَ من داخل هذه الأمة من يتنكر للدِّين كله عندما لم يرَ لهذا الدِّين أثرًا في الحياة، وعندما وجد الحياة هناك على أبرز مظاهرها لدى الغربيين تنكّرَ للدِّين كله، وحاول أن يثقف نفسه بثقافة الغربيين. أوَليس هذا حاصلًا؟ أوَليس كل من يرون أنفسهم أنهم يسيرون على أن يلحقوا بركاب الغرب يثقفون أنفسهم بثقافة الغرب؟ ألم تصبح النساء في البلدان العربية متبرجات كالنساء الغربيات؟ وهم عندما يعملون هذه ماذا يعني؟ يتنكرون للقيم الإسلامية؛ لأنها لا جدوى منها، نحن نريد أن نلحق بركاب الغرب! وهذه واحدة من مظاهر الغرب، مجرد مظهر سنعمله، هكذا يعني موقفهم، مجرد مظهر يتعلق بالزي، أو بالنمط المعماري، أو بأيِّ تقليد من تقاليد الحياة والمعيشة، ينطلقون ليلتزموا به.

ألم ينشدُّوا إلى أولئك؟ ما الذي جعلهم ينشدون إلى أولئك؟ هو انبهارهم بمظاهر الحياة لديهم، أليس كذلك؟ هكذا الحق عندما يجد من يجسده، من يعبِّر عنه، من يتحرك على أساسه، هو من سيحظى بتأييد الله ونصره وعونه، وهو حينئذٍ من سيكون محط أنظار الآخرين. هذه شواهد بين أيدينا، شواهد من حركة الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) وشواهد من واقعنا نحن في مواجهة الغرب، واليهود والنصارى يعرفون هذه المسألة، عندما يقال لهم: العرب أصبحوا متفرقين، يقولون: (لكننا نخشى أن يظهر محمد جديد فيلتفون حوله)! يعرفون أن هذه الفُرقة وإن حاولوا أن يغذوها بكل وسيلة، هم يحاولون أيضًا ألاّ يظهر صوت إسلامي صحيح من أيِّ بقعة كان. ما الخطورة فيه؟ هم يعرفون هذه كسُنة من سُنن الحياة، وهم شاهدوها فينا نحن المسلمين ونحن ننشدّ وراءهم، ونلهث وراءهم، وأننا تخلينا عن ديننا، فسيرون أن مذاهب أخرى أبناؤها سيتخلون عمَّا يُكتَشف أنه باطل فيها، فيلتفون حول ذلك الحق الذي لمسوا أنه حق وراءه يد الله الغيبية تدعمه.

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن

الوحدة الإيمانية

ألقاها السيد حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 4/2/2002م

اليمن – صعدة

قد يعجبك ايضا