السلام الحقيقي، وكيف نحصل عليه؟
نحن نقول إن أحرار هذا العالم الإسلامي في كل بلدان وشعوب أمتنا هم ينشدون السلام، هم يسعون لتحقيق السلام لأمتهم؛ لأن الأمريكي ليس مصدر سلام، ولا الإسرائيلي مصدر سلام، الأمريكي مصدر شر واستعمار وعدوان وإجرام، قنابله وسياساته ومواقفه ومؤامراته هي التي دمرت الأمة، هي التي ألحقت بالغ الضرر وبالغ العناء بالأمة الإسلامية بشكلٍ عام، وبالمجتمع البشري بكله، هي التي تلحق الضرر في كل الواقع البشري، سياساته هي التي جلبت المشاكل البيئية والتصحر، ونتج عنها مشاكل كبيرة على مستوى البيئة، وسياساته هي التي يترتب عليها حروب، وانقسامات، ومشاكل، واختلالات أمنية، وأزمات اقتصادية، ومجاعات، ونزوح، وبؤس واسع في العالم ينتشر بفعل السياسيات الأمريكية والتوجهات الأمريكية، وبفعل المؤامرات الإسرائيلية.
فالإسرائيلي والأمريكي ليسا مصدر سلام، مصدر السلام هو الله، وتوجيهاته وكتابه وهديه وتعليماته التي تبني منا أمةً قويةً تمتلك حضارةً قويةً، وتتمتع بالاستقلال الحقيقي، وتبني مسيرة حياتها على أساسٍ من هويتها وانتمائها هو الذي يحقق السلام، السلام بمفهومه الحقيقي، فنحن سنجاهد؛ لنحقق لأنفسنا السلام، نتصدى للعدوان؛ حتى نحصل على السلام، نقف بوجه قوى الشر والطغيان والإجرام لمنع شرها، والتصدي لطغيانها وإجرامها؛ لكي نحقق السلام، سنصنع ما نستطيع، ونعد ما نستطيع من القوة؛ لكي نحمي أنفسنا ونحمي أمتنا، ونحقق لأمتنا السلام، سننفذ توجيه الله “سبحانه وتعالى”: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: من الآية60]، حتى نصل إلى المستوى الذي يمثل عامل ردعٍ فيحقق لنا السلام، المفهوم الحقيقي للسلام هو الذي يقدمه القرآن، وهذا ما يتباها به العدو في واقعه، هو لا يتحدث بمثل ما يتحدثون.
وعلى كل هذه المرحلة منذ بداية العدوان وإلى اليوم صمودنا، ثباتنا كشعبٍ يمني، تماسكنا في مواجهة الحصار الخانق، والاستهداف الشامل هو نتاجٌ لهذه الثقافة الواعية، التي تعي جيداً أن القوة، أن الثبات، أن الصمود، أن التصدي للطغيان والشر والإجرام هو الذي يحقق للأمة الحرية، والكرامة، والاستقلال، والسلام، والأمن الحقيقي، صمودنا وتماسكنا هو نتاج لهذه الثقافة، لهذه القيم التي نتمتع بها كشعبٍ يمني، نتيجةً لإرثنا الإيماني الذي ورثناه عبر الأجيال، ونتربى عليه في كل جيل،
وحجم الإنجاز يقاس بمستوى الصعوبات من جانب والظروف والمعاناة والتحديات، وأيضاً يقاس الإنجاز بمستوى حجم الواقع، فمن جهة نحن تحركنا من ظرف صعب، نتيجةً لكل مخلفات الماضي، وما وصل إليه واقعنا في البلد نتيجةً لهذا الماضي، ومن جهة حجم هذا العدوان كبير، تحالف العدوان بكل إمكاناتهم الهائلة يعتدون على بلدنا وعلى شعبنا وعلى أمتنا، فالصمود الفعال، الصمود القوي، الصمود في الموقف المتقدم الذي نصنّع فيه السلاح من الكلاشنكوف حتى الصاروخ، والذي نعمل فيه على الإنتاج الاقتصادي بشكلٍ مستمر، من خلال العناية بالقطاع الزراعي وغيره،
والذي نسعى فيه- على الدوام- لتماسك جبهتنا الداخلية، يعتبر إنجازاً مهماً، وبالروح الثورية، وبالهوية الإيمانية، وبالانتماء اليماني الأصيل الذي هو ممتزجٌ بالإباء في فطرته وجبلَّته، هذا يعتبر إنجازاً مهماً إلى حد الآن،
وما يمكن أن يترتب عليه هو الكثير إن شاء الله؛ لأنه- يا شعبنا العزيز ويا أمتنا الإسلامية- بدون استقلال، وبدون حريةٍ وتحررٍ كامل، لا يمكن أن تبني الأمة لنفسها حضارة، ولا يمكن أن تبني لها مستقبلاً، ولا أن تصنع لها مستقبلاً لصالح أجيالها اللاحقة والآتية، فالتحرر والاستقلال التام والخلاص كلياً من التبعية للأعداء،
ومن الارتباط بالطاغوت المتمثل بالأمريكي والإسرائيلي، هو عنوان رئيسي يجب أن تعمل عليه الأمة حتى يتحقق، وهدف استراتيجي، والنتائج مهمة جدًّا، صحيح أننا نقدم التضحيات الكبيرة، وأننا نعاني معاناة كبيرة، ولكنها معاناة لها ثمرة، لها نتيجة طيبة، والتحولات على المستوى العالمي باتت ملحوظة، دول كثيرة اتجهت نحو التحرر من الهيمنة الأمريكية، وبات هذا واضحاً على المستوى الاقتصادي،
على المستوى السياسي، ولربما في المستقبل حتى على المستوى العسكري، لربما تأتي صراعات وحروب معينة ما بين الأمريكي وقوى أخرى في هذا العالم، دول معينة، شعوب معينة، فالتحولات على المستوى العالمي هي إيجابية، والصبر في سبيل أن نحقق هذا الهدف المقدس الذي ننطلق فيه من منطلق انتمائنا وهويتنا الإيمانية كعملٍ مقدس، وكهدفٍ مقدس، وكجهادٍ مقدس يستحق منا الصبر، ويستحق منا التضحية.
كان بالإمكان أن يكون هذا العناء وأشد منه في خدمة أمريكا، كما هو حال الآخرين، هم يبذلون المليارات، وهم يدخلون في مشاكل اقتصادية، لكن لمصلحة أمريكا وإسرائيل، هم يخسرون على المستوى البشري، ويقدمون الخسائر الكبيرة قتلى وجرحى، لكن في سبيل خدمة الأمريكي والإسرائيلي؛ أما نحن فما نقدمه في سبيل الله “سبحانه وتعالى”،
ولما يحقق لنا الحرية والاستقلال والكرامة على أساسٍ من انتمائنا الإسلامي وهويتنا الإيمانية، فما من خسارة بالنسبة لنا؛ لأنه عناء على أساسٍ محقٍ، ولهدفٍ مشروع، ولمطالب محقة ومشروعة، ولأهداف عظيمة ومقدسة، ومحسوبٌ عند الله “سبحانه وتعالى” في الدنيا، ومحسوبٌ عند الله “سبحانه وتعالى” في الآخرة، يجب أن نصبر، وأن نواصل المشوار، وأن نثبت، وأن لا نتزحزح، وأن لا نتأثر بأي وسائل يعتمد عليها الأعداء بهدف التأثير على وعينا كشعوب، أو كسر إرادتنا كأمة، يجب أن نثبت.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من كلمة السيد عبد الملك الحوثي بمناسبة ذكرى ثورة الـ 21 من سبتمبر 2020م