عفواً.. ليس هذا تخصُّصي!

‏موقع أنصار الله ||مقالات ||عبدالمنان السنبلي

 

تجدُه جامعياً، لكنه، ومع ذلك، لا يفقهُ من أمور الإسلام شيئاً، حتى الصلاة!

حتى القرآنُ الكريم، لا تجد له رصيداً منه سوى (يا دوب) بعض قِصارِ السور!

فإذا سألته: لماذا؟!

فَـإنَّه ببساطة يقول:

عفواً.. ليس هذا تخصصي، أنا تخصصي (هندسة)، يقول مثلاً أَو (طب) أَو (تجارة) أَو أي شيء من هذا القبيل!

أليس هذا هو حال معظم خريجينا اليوم؟!

ولا نلومهم طبعاً.

إذا كان ثمة من يلام، في الحقيقة، فَـإنَّما هم أُولئك الذين وضعوا السياسة التعليمية الحمقاء، والتي اختزلت الإسلام من (دينٍ) سماويٍ يضيء المعالم إلى مُجَـرّد (تخصصٍ) يُدرس فقط لمن أراد!

فهل الإسلام فعلاً كذلك..؟!

هل الإسلام مُجَـرّد (تخصصٍ) لا يُعنى به إلا من كان له ميول أَو رغبة في تعلمه؟

أم ماذا يا تُرى؟!

الحقيقة بصراحة تقول إن الإسلام (دينٌ) وليس (تخصصاً) أَو (متطلَّبَاً) جامعياً حتى نحصر أمر تعلمه ودراسته فقط على من يشاء!

هل تعلمون ماذا يعني (دين)؟!

يعني أن أمر تعلمه وفهمه فريضةٌ على كُـلّ مسلم، وليس كُـلّ طالبٍ فحسب!

من هنا جاءت فكرة إنشاء جامعة تُعنى بتدريس التخصصات المختلفة وفق رؤية ومنهجية قرآنية وإسلامية سليمة.

ولم يدم الأمر طويلاً، في الحقيقة، إذ سرعان ما جاء قرار إنشاء هذه الجامعة برعاية ومباركة من قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي.

فكانت جامعة القرآن والعلوم الأكاديمية، هذه التي نراها تنتصب على أقدامها شامخةً اليوم كأول جامعةٍ يمنيةٍ حكوميةٍ تعمل بنظام التعليم عن بعد، والتي أوشكت على دخول ربيعها الثالث تقريباً.

ورغم أن هذه الجامعة قد بدأت نشاطها الأكاديمي، بكلية واحدة هي: كلية الإدارة الإسلامية، إلا أنها -وبما أحدثته من فرق ملحوظ طوال الفترة القصيرة الماضية- قد أثبتت يقيناً صوابية الفكرة وسلامة المنهج الذي؛ مِن أجلِه تم إنشاء هذه الجامعة.

يتجلَّى ذلك من خلال ما أحدثته خلال هذه الفترة القياسية من تحولٍ علميٍّ وفكريٍّ ملفت أكّـد بما لا يدع مجالاً للشك، العلاقةَ التكامليةَ الموجودة بين الإسلام ومختلف العلوم.

والحقيقةُ أنه لا توجدُ أصلاً علاقة تصادمية بين الإسلام والعلم، على غرار ما كان قائماً في أُورُوبا بين الكنيسة والعلم في العصور الوسطى، بل على العكس، الإسلام يحُضُّ على العلم، ويدعو إليه وإلى التفكر والتدبر والتأمل، بل إنه يذهب أبعد من ذلك ويعده فريضةً واجبة وملزمة ترقى إلى مستوى الإيمان.

{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُم وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجَـٰت وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِیر}.

عموماً.. لا أستطيع أن أقول إلا أن هذه الجامعة قد مثّلت تجربةً رائدة عكست توجّـه القيادة الثورية والقيادة السياسية لتأهيل، وإعادة تأهيل أبناءنا وإخواننا الطلاب فكرياً وعلمياً وثقافيًّا على نحوٍ سليم، وبما ينسجم مع متطلبات وملامح هُــوِيَّتنا الإيمانية والفكرية والثقافية اليمنية الأصيلة.

وأخيراً: نتمنى أن تحظى هذه الجامعة بمزيد من الدعم والاهتمام بما يمكنها من مواصلة مسيرتها التعليمية ومن فتح مجالات وتخصصاتٍ أُخرى.

كما نتمنى أَيْـضاً على الجامعات اليمنية الأُخرى أن تحذو حذو هذه الجامعة بإضفاء الصبغة الإسلامية على مناهجها، خَاصَّة ونحن في أَمَسِّ الحاجة اليوم إلى المهندس المسلم والطبيب المسلم والمحاسب المسلم والمبرمج المسلم وَ… الذين يحملون الإسلام في صدورهم وليس مُجَـرّد عبارة على البطاقة.

ختامًا.. لا يفوتني هنا أن أشيد بالدور الذي يلعبه القائمون على هذه الجامعة من أساتذة وإداريين وفنيين ورجال أمن والذي كان لجهودهم وتفانيهم المثمر أبلغ الأثر في إيصال رسالة الجامعة على نحوٍ أكثر من المطلوب. وإلى لقاءٍ قريب في الترم الثاني.

قد يعجبك ايضا