(نص+فيديو) المحاضرة الرمضانية العشرون للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 21 رمضان 1444 هجرية
أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّدًا عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أَيُّهَــــا الإِخْــــوَةُ وَالأَخَوَات: السَّــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُــه؛؛؛
في شهر رمضان مبارك، شهر التربية على التقوى، الذي يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عنه في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: الآية183]، فإن جانبًا مهمًا وأساسيًا من التقوى، يتعلق بمسؤولياتنا نحن كمسلمين، تجاه المخاطر التي تتهددنا، في ديننا، ودنيانا، وآخرتنا، من جانب أعدائنا، كما هي ضرورة التحلي بالتقوى في الجوانب العبادية: أن نصلي، أن نصوم، أن نزكي، أن يحج من استطاع سبيلًا إلى الحج، وكما هي التقوى في أمور المعاملات فيما بيننا، في مختلف مجالات الحياة، فإن أيضًا من جوانب التقوى الأساسية، ما يتعلق بهذه المسؤولية: مسؤوليتنا تجاه المخاطر التي تتهددنا من جانب أعدائنا على ديننا ودنيانا، هي مخاطر شاملة وكاملة.
وفي شهر رمضان، شهر الاهتداء بالقرآن، وشهر نزول القرآن، وأجواء القرآن، التي تساعد الإنسان على أن ينتفع بالقرآن أكثر، ويهتدي بالقرآن أكثر، وأن يعزز صلته وعلاقته بالقرآن الكريم، فمن المهم جدًّا- من فوائد الاهتداء أصلًا- أن تنتقل من نظرتك القاصرة والمزاجية، إلى كثيرٍ من الأمور، وتقييمك القاصر لها، إلى الاهتداء بالقرآن الكريم، والنظرة لها من خلال القرآن الكريم، بدلًا من أن تكون نظرة شخصية، مزاجية، قاصرة، أن تنظر لها وتقيمها من خلال القرآن الكريم، هذا من فوائد الاهتداء بالقرآن الكريم، الذي قال الله عنه “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}[الأنعام: من الآية 104]، فلنسعى إلى أن نبصر بالقرآن، أن ننظر من خلاله إلى الأمور، وأن نقيمها من خلاله؛ لنبصرها جيدًا، عندما تنظر إليها من خلال القرآن، ستبصرها على حقيقتها، وكما في الحديث النبوي: ((كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وفصل ما بينكم))، نرجع إلى القرآن الكريم وننطلق من خلاله، وكما قال أمير المؤمنين “عَلَيهِ السَّلَامُ” عن القرآن الكريم: ((كتاب الله تبصرون به))، تبصرون به: تنظر من خلاله إلى الأمور.
ولربما من أكثر ما أضر بالعرب على وجه الخصوص، وبالمسلمين عمومًا، هو نظرتهم القاصرة، وانعدام الوعي، وعدم التركيز على القضايا الكبيرة، والأمور المهمة، والاهتداء بالقرآن الكريم تجاهها، فهم انفصلوا عن القرآن في النظرة إليها، والتقييم لها، والتعاطي معها، وهذا أثر عليهم تأثيرًا كبيرًا.
في الأمر بالتقوى في القرآن الكريم، أتى الأمر بها بشكلٍ مميز، لا مثيل له في بقية الموارد في القرآن الكريم والسياقات والمواضيع، في قول الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى” مخاطبا لنا، للذين آمنوا، للمسلمين، في كل عصرٍ وجيل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران: الآية102].
في بقية السياقات في القرآن الكريم، فيما يأمر الله به، أو ينهى عنه، ويقدم قبل ذلك للفت النظر على أهمية الموضوع بالأمر بالتقوى، أو يعقٍّب على ذلك بالأمر بالتقوى، يقول: اتقوا الله، اتقوا الله، اتقوا الله، في كثيرٍ من الموارد، لكن في هذا المورد بالذات، يأتي بهذا التعبير المهم، الذي يلفت النظر إلى أهمية الموضوع بشكلٍ كبير: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}؛ ليلفت أنظارنا إلى أهمية الموضوع، وخطورته البالغة، وخطورة التفريط فيه، إذا كان في بقية المقامات والمواضيع والقضايا يقول: {اتَّقُوا اللَّهَ}، فلا تفرطوا في ذلك الأمر الذي أمر به، أو لا تتجاوزوا ذلك النهي الذي نهى عنه، ففي هذا الموضوع يقول: {حَقَّ تُقَاتِهِ }، يعني: أبلغ وأرقى وأعلى درجات التقوى، أعلى درجات الانتباه، والحذر من التفريط في هذه القضية، في هذا الموضوع؛ لأنه موضوع مهم للغاية، وما هو هذا الموضوع؟ وما هو هذا السياق الذي أتى فيه هذا الأمر؟
أتى هذا في سياق قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}[آل عمران: 100-101]، وهكذا استمر، يحذّر، وينبه، ويرشد إلى ما يقي من ذلك، ثم يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}؛ ليبين أهمية هذه المسألة، والخطورة البالغة لها.
وهذه مسألة مهمة من البداية، فالآية تحذّر المسلمين بشدة، من طاعة أعدائهم من أهل الكتاب، وما يترتب على ذلك حتمًا- كنتيجة حتمية- إذا أطاعوهم، يترتب على ذلك: الارتداد عن الدين الإلهي، عن الإسلام العظيم، عن مبادئه، عن قيمه، عن شرائعه، عن هديه ونوره، وفي نفس الوقت هي تكشف عن طبيعة ما يسعى له أولئك الأعداء في استهداف الأمة، وطريقتهم أيضًا في الوصول إلى تحقيق ذلك الهدف.
الموضوع مهم جدًّا، وهو من المواضيع التي لا يرغب الكثير من الناس في الالتفاتة إليه أصلًا، وهو من المواضيع التي شُطِبَت عند الكثير من دائرة اهتمامهم بشكلٍ تام، والمفارقة عجيبة، المفارقة في هذا الموضوع عجيبة جدًّا، بيَّن: {اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، أبلغ درجات التقوى، أعلى درجات الاهتمام، واليقظة، والحذر، وبين عدم الاهتمام بالموضوع أصلًا! وعدم الرغبة في سماع أي شيءٍ عنه نهائيًا، وعدم الالتفاتة إليه في إي حالٍ من الأحوال، يعني: تهميش كامل للقضية، ولهذا الموضوع، ولهذا الخطر، ولهذا التهديد، وعدم الحديث عنه، ولا الالتفات إليه، ولا الاهتمام به، هذه قضية خطيرة على الإنسان؛ لأن الله سيحاسبنا يوم القيامة، على أساس ما أمرنا به في كتابه، وهدانا إليه في كتابه، ويحتج علينا في مقام الحساب بآياته: {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ}[المؤمنون: من الآية 105].
فلـــذلـك مهما تجاهل الإنسان مثل هذه الأمور، ذات الأهمية الكبيرة في القرآن، في أوامر الله، في توجيهاته، ولأنها بالفعل ذات الأهمية والتأثير الكبير في الواقع، في واقع الحياة، فتجاهله لا يفيده، ولا يغنيه، ولا يدفع عنه تبعات التفريط والتقصير والمسؤولية تجاه ذلك؛ إنما يمثل مشكلةً كبيرةً له يوم يلقى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، كما هو مشكلة في هذه الحياة.
الآية- بكل وضوح- حددت الخطر الرهيب، خطر على دين هذه الأمة؛ وبالتالي على دنياها، وعلى مستقبلها، وعلى آخرتها، وحددت مصدر ذلك الخطر، وهم أهل الكتاب، وبينت أن هذا التهديد، هو خطر حقيقي، وهم بالفعل يسعون إلى تحقيقه، في استهدافهم للأمة.
أهل الكتاب (اليهود، ومن يرتبط بهم من النصارى) برزوا على مدى التاريخ، ومنذ عصر رسول الله “صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ”، كأعداء رئيسيين للمسلمين، هم دخلوا في عصر رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” في عدة حروب مباشرة معه، وأسهموا في مؤامراتهم، ومخططاتهم، وتحريضهم، في بقية الحروب، التي شنها الآخرون ضد رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ”، وضد الإسلام والمسلمين، فهم في حروب: حرّضوا، ودفعوا، وساهموا، وحركوا، وتآمروا، وفي حروب أخرى: باشروا، لكنهم هُزِموا؛ لأن رسول الله “صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ” تحرك على أساس هداية الله، وتوجيهاته وتعليماته، في التصدي لمؤامراتهم، ثم عاد تأثيرهم في مراحل معينة، وأتى الخطر الكبير من اللوبي الصهيوني اليهودي، في تاريخنا المعاصر، وفي هذه القرون الثلاثة الأخيرة بشكلٍ واضح؛ نتيجةً للخلل الذي حصل في واقع المسلمين.
هم برزوا يتعاونون فيما بينهم ضد المسلمين، بالرغم من أن بينهم خلافات ومشاكل قديمة فيما بينهم، لكنهم تجاه المسلمين يتعاونون ويتآمرون سويًا، كما قال الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِـمِينَ}[المائدة: الآية51]، فهم يتعاونون، ويتحركون، وبرزوا تاريخيًا، وفي مراحل كثيرة، واستمر الصراع معهم والاستهداف من جانبهم للمسلمين على مدى التاريخ، في كل المراحل الماضية والأجيال الماضية، وبرزوا بوضوح كأعداء أساسيين للمسلمين، وأعداء خطرين.
المساحة التي تحدثت عن عداوتهم للمسلمين، وعن خطورتهم، وما يتصل بذلك، في القرآن الكريم هي مساحة واسعة، مساحة كبيرة: (في سورة البقرة، وفي سورة آل عمران، وفي سورة النساء، وفي سورة المائدة بشكلٍ كبير، وفي سورة التوبة)، وفي عدة سور في القرآن الكريم، وآيات كثيرة جدًّا، ويطابق ما ورد في القرآن الكريم شواهد الواقع، الأحداث، والوقائع، والحقائق، التي حصلت عبر التاريخ، وإلى اليوم في زمننا المعاصر.
والقرآن الكريم في حديثه عنهم قدَّم تشخيصًا دقيقًا، وتقييمًا واقعيًا وحقيقيًا لهم، من المهم المعرفة به؛ لمعرفة الوقاية من خطرهم علينا، في ديننا ودنيانا؛ لأن هذه هي التقوى: الوقاية، من خطرهم، ومن الخطر الناتج عن التفريط في هذه القضية، ما بيننا وبين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في الحساب والجزاء على ذلك.
وللأسف الشديد أن هذا الجانب، الذي لا يحظى بالاهتمام عند المسلمين، عند أكثرهم، بالرغم من طبيعة الأحداث، والصراع، التي تلفت النظر، حتى في بعض المراحل تُرغِم الناس على التفاعل، ولكنه يكون تفاعلًا لحظيًا، ومؤقتًا، مع حادثة مزعجة جدًّا- مثلًا- في مرحلة معينة، أو جريمة رهيبة جدًّا، أو احتلال بلد بأكمله، من بلدان العالم الإسلامي، أو جرائم رهيبة للغاية، تفرض نفسها على الالتفاتة إليها، فيلتفت الناس بقليلٍ من السخط والتفاعل، والأسف، والتضامن النفسي والعاطفي مع من يحصل عليه من المسلمين ذلك، ثم يبرد الناس، وينسون، ويتغافلون عن الموضوع، ولا يتحركون في إطار عمل مستمر، ومشروع عملي، للسعي إلى تغيير الواقع، وإلى تحقيق الوقاية، التي تقي الأمة من ذلك الخطر والشر، وهذه هي المشكلة.
في واقع الأعداء، هو الموضوع الأساسي بالنسبة لهم: العداء لنا، موضوع مهم جدًّا، حاضر في كل اهتماماتهم، في أبحاثهم، ودراساتهم، ونشاطهم المعلوماتي، الذي يدرسون من خلاله واقع الأمة، وحاضر في خططهم، وحاضر في برامجهم، وحاضر في أنشطتهم العملية بشكلٍ أساسي، وحاضر في سياساتهم التي يرسمونها في التعامل تجاه هذه الأمة، اهتمام كبير بالموضوع، وكأنهم هم من أتى لهم: {اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ}، وليس نحن، كأنهم هم من لُفِتَ انتباههم إلى أن يكونوا منتبهين، ومهتمين، وجادّين، ومركزين، وغير غافلين عن هذه الأمة، وأن ينتبهوا منها، ويحذروا منها أشد الحذر، وأن يكونوا في تعبئة مستمرة ويقظة دائمة تجاهها، وليس كأن هذا ورد لمن؟ لنا نحن في القرآن الكريم، وخاطبنا الله به، وجعله جزءًا من التزاماتنا الإيمانية، ومسؤولياتنا الدينية الأساسية، هذا شيء مؤسف وعجيب، وعجيب!!
في القرآن الكريم، تحدث الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” عن الشيطان كعدو، وحذرنا منه، وكشف لنا خططه، وبيّن لنا سُبُل الوقاية منه، وقال لنا: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}[فاطر: من الآية6]، (فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)، يكون موقفك منه على أساس أنه عدو، تعاديه أنت من جانبك، مثلما هو عدوٌ يستهدفك، فأنت تعتبره عدوًا، فتتحّرز منه، وتحذر منه، وتنتبه منه، وتعاديه، وتتخذ منه الموقف العدائي، وهي نفس المسألة المتعلقة بأعدائنا من اليهود والنصارى، في المساحة الكبيرة في القرآن الكريم حذّر منهم، بيّن خطورتهم، وهدى إلى ما يقي الأمة، ما يقي الأمة من خطورتهم، وهي خطورة رهيبة على الأمة، في دينها ودنياها، وهذا من رحمة الله تعالى.
{وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْـمًا لِلْعَالَـمِينَ}[آل عمران: من الآية 108]، أتى هذا في سياق الحديث عنهم، عن خطورتهم، عن عواقب التفريط في هذه القضية، الذي سيترتب عليه سواد الوجوه في الدنيا والآخرة:
- سواد الوجوه في الدنيا، من خلال التقصير الفاضح، الذي يترتب عليه نكبات الأمة، ومآسي الأمة، وهوان الأمة، وذل الأمة، يسحقها أولئك الأعداء، الأشرار، الهيِّنون، السيئون، يُذلونها، يقهرونها، يهينونها.
- ويوم القيامة سواد الوجوه أمام الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، خطر رهيب، يكون المصير إلى جهنم والعياذ بالله، نتيجة للتفريط في ما يسبب ضياع الدين، ومعه الدنيا، أمر خطير للغاية.
فأتى قول الله تعالى: {وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْـمًا لِلْعَالَـمِينَ}[آل عمران: من الآية 108]، ولأنه لا يريد أن ينالنا الظلم، لا يظلمنا، ولا يريد لنا أن يظلمنا أحد، فهو يهدينا إلى ما يقينا من ظلمهم؛ لأنهم أظلم الناس، هم مصدر الظلم، والطغيان، والإجرام، والفساد، فهو يهدينا إلى ما يقينا من ظلمهم، ويضمن لنا، ويتكفل لنا- في حال أخذنا بهدايته، وسرنا على أساسها، وقبلناها، والتزمنا بها- أن يكون معنا، فيمدنا بنصره، ويؤيدنا بتأييده، ويعيننا بعونه، ويدفع عنا الكثير من شرهم، فماذا نريد منه أكثر من ذلك؟ هو ربنا الرحيم بنا.
وميزة ما يقدمه القرآن الكريم أنه حقائق، عندما يتحدث عنهم كأعداء، عن خطورتهم، عندما يبين لنا عن خطورة الإهمال والتفريط في هذه القضية، وأننا إذا فرطنا في هذه القضية، وغفلنا عنها، وتجاهلناها، واعتمدنا خيارات خاطئة، من أهواء أنفسنا وبجهالتنا، للتعامل مع هذا الموضوع، بدلًا عمَّا هدى الله إليه؛ فإن ذلك سيشكل خطورةً كبيرةً علينا في الدنيا والآخرة.
فالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” لا يريد لنا أن نُظَلم، وما قدمه هو حقائق حقيقية لا تتخلّف، حتى لو حاول الإنسان أن يفكر بطريقة مختلفة، وأن ينظر إليهم بطريقة مختلفة، فهو سيعتمد نظرة غير واقعية، هذه مشكلته، إذا نظرت إليهم أنهم: [لا يشكلون خطورةً علينا، وليسوا أعداء لنا، وليسوا… وليس هناك من جانبهم أي خطر علينا، وهذه مبالغات، وهذا ضجيج لا فائدة منه؛ إنما هو إزعاج على الفاضي، دعونا من هذا الكلام، لا تزعجونا به]، أنت حينئذٍ تنظر نظرةً لا هي نظرة القرآن، ولا هي نظرة الواقع؛ لأن نظرة الواقع، الواقع هو متطابق مع القرآن الكريم، القرآن هو حقائق، حقائق في هذه الحياة، هو كلمات الله، {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}[الأنعام: من الآية115]، (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ)، حقائق في هذه حياة.
لماذا لا تعطي نفسك أولًا الفرصة إلى الالتفاتة إلى ما قاله الله، أولًا، أولًا؟ أخرج من موقفك الشخصي، عقدتك الشخصية، نظرتك الشخصية، وَعُد أولًا لتسمع ما قاله الله، ولتقرأ ما قاله الله، ولتتدبَّر فيما قاله الله، وتتأمل ما قاله الله، وتنظر من خلال ذلك إلى الواقع، هذا هو الذي سيفيدك، هذا الذي فيه نجاتك، هذا الذي سيجعلك منسجمًا مع القرآن الكريم، ويجعلك في حالة تقبُّل للقرآن الكريم، وفي نفس الوقت الاتجاه الذي يرشد إليه القرآن الكريم، وهذا هو ما ينبغي بك كمسلم، هو الذي يُفترض بنا كمسلمين، أن تكون المسألة هكذا بالنسبة لنا.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هو الرحيم بنا، حينما يحذرنا من أعدائنا؛ لأن ما يأتي من جانب العدو ليس سهلًا، ليس مسألةً بسيطة، ما عاناه المسلمون، وما يعانونه إلى اليوم، على كل المستويات: في الجوانب العسكرية، في الجوانب الاقتصادية… في كل شؤون حياتهم، هو كبيرٌ جدًّا، معاناة رهيبة جدًّا، يُقتلون، تُستَباح حياتهم، أوطانهم، أعراضهم، ثرواتهم، تدور رحى المؤامرات على رؤوسهم ولا تتوقف؛ لأنهم لا يسعون إلى إيقافها، وبذلك يؤثِّرون على أنفسهم.
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في سياق حديثه عن أعدائنا من اليهود، عن خطورتهم، عمَّا يقي من شرهم وخطورتهم، قال “جَلَّ شَأنُهُ”: {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيراً}[النساء: الآية45]، هو الأعلم بأعدائنا من هم، من هو العدو؟ ما هي مدى خطورة ذلك العدو؟ ماذا يريد ذلك العدو؟ ماذا يسعى له ذلك العدو؟ ما هي الطريقة الصحيحة، (الصحيحة بين قوسين)، الطريقة الصحيحة في التصدي لخطر ذلك العدو، في الوقاية من ذلك العدو؟ الله هو الأعلم، لماذا لا نرجع إلى كتابه؟ لماذا لا نتقبل آياته؟ لماذا لا نصغي لكلماته؟ لماذا لا نسمع هديه؟ نسمع منه ماذا قال لنا “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في كتابه، وهو الأعلم بهم، الأعلم، عندما تأتيك دراسة كعربي، كنظام عربي، أو كزعيم عربي (ملك، أمير)، أو للاتجاه العام (للنخب، للناس)، دراسات، أبحاث، تحليلات، عن من هو العدو، وعن مدى خطورته، وعن من هو الصديق، وعن… هي لا شيء في مقابل ما يأتينا من الله، العليم بعباده، العليم بذات الصدور، عالم الغيب والشهادة، المحيط بكل شيءٍ علمًا، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، العليم بكل شيء. البعض يتأثرون بمحلل سياسي، أو بمحلل، أو حتى بشخص سياسي معين، له توجهات سياسية معينة، يتقبلونها منه، وكأنها الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وينسون القرآن، يغفلون عن القرآن الكريم، {وَاللّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}، ومع ذلك يعرض- مع ما يقدمه من تبيين وتوضيح- معونته، ونصره، وتأييده، إذا استجبنا له، {وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيراً}.
الشيء العجيب في واقع العرب في المقدمة، وهي حالة في العالم الإسلامي بشكلٍ عام: أن الناس، سواءً كيانات، أنظمة، حكومات، زعماء، أو حتى في الساحة الشعبية: مواطن مع آخر، قبيلة مع أخرى، مجتمع مع آخر، مكونات مختلفة (سياسية، أو مذهبية)، يتعادون بسهولة، ويحملون عقدة العداء ضد بعضهم البعض بسهولة، وينطلقون على أساس ذلك في إطار التحرك العملي، يتكلمون، يعبَّرون، يهاجمون بعضهم بعضًا، يتحركون ضد بعضهم البعض، بكل الأشكال المتاحة، وبحسب مستويات ذلك العداء، ولا يتبنّون وجهة نظر السكوت والقعود والجمود، وعدم التحرك أصلًا، وعدم الاهتمام بالموضوع نهائيًا، لا، وقد تجد البعض لأتفه سبب يشتد غيظًا، وغضبًا، وانفعالًا، ثم يتحرك بشكل عدائي، يعبّر، يهاجم، يتكلم، في أقل الأحوال، في أقل الأحوال حالة غضب وانفعال يترجمها في أقواله، تعبيراته، وقد يتبعها مقاطعة، ومباينة، وقد يتبعها- في بعض الحالات- مواقف أكثر، أكثر تشددًا، وأكثر خطورةً: حالات اقتتال، أو حالات اعتداء، أو حالات تشبه ذلك، لكن تجاه هذه الحقائق المهمة، تجاه أعدائهم الحقيقيين، عناء وتعب كبير، لاستنهاضهم، لتحفيزهم، لتحريكهم، للفت نظرهم، بالرغم مما أخذه الموضوع من مساحة كبيرة في القرآن الكريم، وما له من حضور في الواقع، اعتداءات يومية، جرائم يومية، معاناة قائمة في الواقع، خطّط لها الأعداء، واستغلوا فيها واقع الأمة والخلل في داخل الأمة، فهي قصة عجيبة!
الحقيقة الأولى هي هذه، التي ركّز عليها القرآن الكريم: أنهم أعداء، وأنهم أعداء خطرون، وأنهم أعداء يحملون عقدة الحقد الشديد والعداء الشديد تجاه الأمة، وأنه لا يغير بالنسبة لهم من ذلك- من عقدتهم الشديدة على الأمة، وعدائهم الشديد الأمة- الموالاة لهم، والمحبة لهم، والطاعة لهم، ولا السكوت عنهم.
هل السكوت هو الطريقة التي رسمها القرآن، وأرشد إليها، وحث إليها، وبيّن أنها مجدية، نافعة، مفيدة، تقي من خطرهم، تدفع شرهم، تنفع الأمة، فيا أيها الذين آمنوا اسكتوا، واصمتوا، ولا تتكلموا، ولا تتحركوا، ولا تقولوا شيئًا، وانتبهوا؟ لا، هذا لا يجدي شيئًا، ولا ما هو أكثر: أن تحبهم، أن تتحرك عواطف المحبة في قلبك وتنجذب نحوهم، حتى لو بلغت إلى درجة العشق، وأن تواليهم، تؤيدهم، تؤيد مواقفهم، تبرر لهم ما يفعلون، وأن تواليهم وتحالفهم، تدخل في تحالفات معهم، علاقات معهم، حتى ذلك لا يفيدك شيئًا.
سيبقى تعاملهم من جانبهم معك على أنك عدوّ، يحقدون عليك، يكرهونك، في الوقت الذي أنت تحبهم، يُبغضونك، في الوقت الذي أنت تعشقهم، يحتقرونك، في الوقت الذي أنت تعظمهم، تعتبرهم رمز الحضارة، رمز التقدم، رمز التطور، رمز الديموقراطية، رمز حقوق الإنسان…إلخ. ينظرون إليك دائمًا بنظرة احتقار، وامتهان، وقد لا يعتبرونك في مستوى كائن بشري حقيقي، كما هذا معروف عنهم، في نظرتهم إلى غيرهم، لا يعتبرونهم في مستوى بشر حقيقيين؛ إنما أشكال بشر، حيوانات أشكال بشر خُلِقوا ليكونوا مسخَّرين في خدمتهم؛ ولذلك قد يكرِّمونك، بعد أن يحلبوك، وأن يأخذوا منك مئات المليارات، وأن يدفعوا بك في مشاكل كبيرة جدًّا، تقاتل في سبيل تحقيق أهدافهم، وتدفع لهم، وتفعل من أجلهم كل شيء، وتثير الفتن في سبيل استرضائهم، قد يكرِّمونك بأن يُسمُّوك- في غاية الاحترام- بقرةً حلوبًا، بقرة، إن لم يسموك أتانًا، أو أي شيءٍ آخر، بهذا المستوى! هذا بعد أن تكون قد تفوّقت على كل أبناء أمتك في خدمتهم، وقدمت لهم ما لا يحلم به أي أحد، ما لو قدمته لأمتك لما بقي فيها فقيرٌ واحد، قد تصل إلى هذا المستوى، (بقرة) بهذه النظرة يعني، يحملون عقدة الحقد إلى هذه الدرجة.
الفارق هو: أنك عندما تسكت عنهم، وتستسلم لهم، أو تحبهم، تتفاعل معهم، تتحالف معهم، تواليهم، في كلتا الحالتين، الفارق ما بين هاتين الحالتين، وأن تكون يَقِظًا، مهتمًا، حذرًا، متقبلًا لهدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” مؤمنًا بكلماته، مؤمنًا بما قاله عنهم وفيهم، وما قاله في الطريق الصحيح للوقاية من خطرهم، الفارق هو: أنك في تلك الحالتين، سهلت لهم مهمة السيطرة عليك، والدفع بك نحو الهاوية؛ بينما في الحالة التي آمنت فيها، آمنت بكلمات الله، آمنت بآيات الله، تقبلت هدي الله، سلكت الطريق الذي أرشدك الله إليه، وثقت به، وثقت بكلامه، وثقت بهديه، وثقت بتعليماته: أنك تكون في منعة وعزة، حتى لو حصل لك معاناة، معاناة وأنت في عزة ومنعة، وأنك في طريقٍ تحقق في نهايته الوقاية التامة من شرهم، وهذه مسألة هامة جدًّا.
يقول الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” في القرآن الكريم: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ}[المائدة: من الآية 82]، (رقم واحد)، {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة: من الآية 82]، تحتهم (رقم اثنين). اليهود: هم أول الأعداء، أول الأعداء عداوةً للذين آمنوا، أشد الأعداء عداوةً للذين آمنوا، واليوم من يقود كل المؤامرات الكبرى على المسلمين: هو اللوبي الصهيوني اليهودي، حتى في تحريك دول الغرب، في سياساتها العدائية، ضد الأمة الإسلامية، له دورٌ أساسيٌ في ذلك، وفي تحريك دول الغرب لمساندة الكيان الصهيوني الغاصب، له دورٌ أساسيٌ في ذلك، هذه حقيقة، ليسوا فقط أعداء، بل أشدّ الناس عداوةً، عداؤهم أشد من أي أحد، من أي طرفٍ آخر، هم الأشد عداوة.
يقول عنهم: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}[البقرة: من الآية 120]، سياسة الاسترضاء، سواءً كانت بالتودُّد، والتحالف، والطاعة، وتقديم الخدمات، أو كانت بالسكوت، والجمود، والإعراض عن كل ما يفعلونه، والسكوت عن كل ما يقومون به، هي لا تجدي، لا تجدي، لا ترضيهم، لا تنفع معهم.
يقول عنهم في آيةٍ مهمة وعجيبة، وحجة كبيرة على الناس: {هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}[آل عمران: من الآية 119]، هذه لمن؟ هذه للمحبين لهم، الذين حملوا انطباعات إيجابية تجاههم، وتحركت عواطفهم، ومحبتهم، وقلوبهم، نحوهم بالمحبة، {وَلَا يُحِبُّونَكُمْ}، هم يكرهونكم، بالرغم من أنكم تحبونهم، هم يكرهونكم، يحتقرونكم، يمتهنونكم.
يقول عنهم: {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا عَنِتُّمْ}[آل عمران: من الآية 118]، لا يترددون، ولا يقصِّرون، في بذل كل ما في وسعهم وباستطاعتهم أن يعملوه، لإثارة المشاكل في واقعكم، لإثارة الخلل في واقعكم، للتخريب في واقعكم، لإعاقتكم في نهضتكم، بفعل كل ما يمثل مشكلةً عليكم، وهم يودون ما عَنِتُّم، ما يصيبكم بالضرر البالغ، ما فيه مشقةٌ عليكم، ما فيه خطرٌ عليكم، هم يحرصون عليه، هم يهتمون به، بودّ، برغبة، يرغبون جدًّا فيما فيه مضرتكم البالغة والشديدة.
يقول عن عدائهم الشديد: {وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}[آل عمران: من الآية 119]، حالة حقد متحركة في نفوسهم، متأججة في مشاعرهم، ليست هادئة، ليست مجرد انطباع هكذا يمقتوا الأمة؛ إنما حالة حقد مشتعلة، متأججة في المشاعر، إلى هذه الدرجة: {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}، وعداوتهم ليست كامنة، ليست هادئة ليست جامدة، عداوتهم عداوة تفاعلية، يتحركون على أساسها في الواقع تجاه هذه الأمة، يترجمونها عمليًا: في مواقفهم، في سياساتهم، في مخططاتهم، وهي بالنسبة لهم توجه عملي، حقيقي، قائم؛ فيما الأمة غافلة عنهم، وغائبة عن التركيز والانتباه، هذه حالة خطرة جدًّا!
مما يحرصون هم عليه تجاه هذه النقطة (أنهم أعداء، حذّر الله منهم، يجب الانتباه من شرهم): يحرصون على إلغاء هذه النظرة من واقع العرب نحوهم، هذه من عجائب الأمور! بالرغم من كل ما يفعلونه: قتل يومي لأبناء الأمة، وقتلوا الملايين عبر التاريخ، استهداف مستمر في كل المجالات، حديث واسع عنهم في القرآن الكريم، مؤامرات واضحة، بأدنى تأمل، مواقف في كل مرحلة، مواقف واضحة جدًّا، تبيّن عن حالة العداء الشديد بكل بيان: إحراق للمصاحف، إساءة إلى الرسول، قتل للمسلمين، مؤامرات في كل المجالات، أمور واضحة جدًّا، مع ذلك هم يحرصون على ألَّا ننظر إليهم كأعداء، وأن نتقبل كل ما يأتي من عندهم، وأن يكون واقع الإنسان المسلم: أن يقبِّل تلك الرجل التي تسحقه من أرجلهم، هذه حالة غريبة جدًّا في الواقع، حالة غريبة جدًّا!!
نكتفي بهذا المقدار، ونكمل الموضوع في المحاضرة القادمة إن شاء الله.
أَسْأَلُ اللَّهَ “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” أن يُوَفِّقَنَا وَإيَّاكُمْ لمِا يُرضِيهِ عَنَّا، وأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَارَ، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَنَسْأله أَنْ يَتَـقَـبَّل مِنَّا وَمِنْكُمُ الصِّيَامَ، وَالقِيَامَ، وَصَالِحَ الأَعْمَالِ.
وَالسَّــــلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَــــةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتـــُه؛؛؛