أسلوب قرآني يوحي بأهمية الإنفاق في سبيل الله
موقع أنصار الله || من هدي القرآن ||
? أسئلة قبلية:
? – كيف قدم الله موضوع الإنفاق في سبيله موحيا بأهمية الموضوع بشكل رهيب جدا؟
? – ما العلاقة بين الإنفاق في سبيل الله والقتال في سبيل الله؟
? – إمساك اليد عن الإنفاق يعد إساءة بالغة إلى الله تعالى، فمن أي وجه كانت تلك تلك الإساءة؟
? – ما التوجه الصحيح الذي ينبغي دفع الناس نحوه عند قتال العدو؟ هل القتال دفاعا عن الأرض، أو دفاعا عن العرض، أو دفاعا عن المال والأولاد، أو القتال في سبيل الله؟ وما الفرق بين الحالين؟
لأهمية الإنفاق جاءت الآية بشكل آخر قال في آية سابقة: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (البقرة: من الآية195). لأهمية الإنفاق هنا قدمه بعبارة لا تقل أهمية عن العبارة الأولى، وعبارة توحي أيضًا بخطورة في التهاون بهذا الموضوع: الإنفاق في سبيل الله، هنا قال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (البقرة:245). بعدما ذكر القتال قدم المسألة وكأنه هو يستقرض! هذه توحي بأهمية الموضوع ذلك بشكل رهيب جدًا، عندما يأتي الله سبحانه وتعالى بهذه العبارة التي قد يقولها أي واحد منا عندما يحتاج إلى قرضة من الآخرين [من الذي عنده لي ألف ريال قرضة] أليس الواحد منا يقول هكذا؟
لأن القتال في سبيل الله يحتاج إلى تمويل، يحتاج إلى إنفاق وأن الله سيعتبر ما يقدمه الإنسان وكأنه قرض له، فيضاعفه له أضعافًا كثيرة، يرد عليك بأكثر مما أعطيت بأضعاف كثيرة إضافة إلى الأجر المرصود لك في الآخرة. هذه الآية نفسها توحي بأنه بعد أن يستقرض الله عباده ليمولوا موضوعًا هو خير لهم فيحصل إهمال، ويحصل إمساك للأيدي أن بعدها غضبة، يأتي بعدها غضبة شديدة من الله، لأن هذه العبارة تعتبر ـ لكن لا يمكن أحيانًا نعبر فيما يتعلق بالله ببعض العبارات ـ معناه: عندما آتي أنا أمارس هذا الموضوع أنني حطيت نفسيتي أمامك أقول عندك [من الذي سيقرضني ألف ريال؟] أليس هذا مثل قولك عندما تدخل مجلسًا وتقول: [يا جماعة من الذي عنده لي ألف ريال أحاسب فلان] صاحب سيارة مثلًا، أو أي شيء، أليست حالة وما كأن في المجلس شخص معين أنت معتمد عليه أن يقدم لك هو، أو تأخذ من جيبه؟
كيف ستكون أنت عندما تخرج من مجلس وقد قلت هذه العبارة التي تعتبر ـ نوعًا ما ـ فيها حط لنفسيتك. أليس فيها حط لنفسيتك؟ ستقول: [في هذا المجلس فيه كم ناس ولا واحد منهم أقرضني] ألست تعتبرهم أناسًا سيئين، ستعتبرهم أناسًا لا يعتمد عليهم.
الله عندما يأتي بالعبارة هذه قد توحي بغضب شديد بعدها إذا ما هناك انطلاقة من الناس أن ينفقوا في سبيله، قد استقرضهم وهو غني لكن يبين من خلال هذه أهمية الموضوع، وأنه عندما لم تعد تثق به في قرضة! معناها في الأخير أي: لم نعد نثق بالله في قرضة، لم نعد نتعامل معه كما نتعامل مع أي واحد منا عندما يأتي شخص يستقرض منك ألست قد تعطيه قرضة؟ الله يقول اعتبرها عندي قرضة، أليس هكذا يقول؟ ولن يرد لك نفس المبلغ سيرد لك بأضعاف مضاعفة. إذًا ماذا وراء هذه؟ وراءها كما نقول نحن في تعبيرنا: [قلبت وجه خطيرة]. حقيقة، وراءها غضب شديد لأن معناه: أنه لم يعد أحد يثق بالباري، ولا أنه يقرضه مائة ريال ما معنى هذا؟ بأنه كفر بالله، وما لله في أنفسنا أي شعور بإجلال، أو عظمة، أو حب، أو إكبار له.
وهو سبحانه وتعالى عندما يستقرض هو الذي يقبض ويبسط عندما تقبض يدك يمكن يقبض عليك فعلًا أشياء كثيرة، وعندما تبسط سيرد لك أضعافًا مضاعفة، هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر، وإليه ترجعون في الأخير، فإن قبضت سيقبض عليك أشياء هامة جدًا، أليست خسارة كبيرة أن يقبض عليك الجنة؟ فلا يدخلك الجنة، وتسير إلى النار، تساق إلى النار{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فيثيبك عندما تنفق في سبيله.
هنا يلاحظ الإنسان أهمية الجهاد في سبيل الله، والإنفاق في سبيله بأنها قضيتان مرتبطتان، بل قدمها في آيات أخرى سماها جهادًا كلها{وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ} (التوبة: من الآية20). ألم يجعلها عملية واحدة جهادًا بالمال وبالنفس، جعل الإنفاق في سبيله عبارة عن جهاد، وجعل مقومات الجهاد هي هذه. جهاد بالنفس وبالمال.
بعد أن قال: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (البقرة: من الآية244). ضرب لنا مثلًا رائعًا من بني إسرائيل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (البقرة: من الآية246). من يأتي لاحتلال أرضك يجب أن تتوجه لقتاله في سبيل الله، وأن تتوجه في سبيل الله أي: إرفع بنيتك، وارفع برأسك إلى الله لا تنزل تحت تقول: [من أجل الوطن، من أجل تربة الوطن] هذه نكسة، هذه النكسة خطيرة، انتكس العرب عندما نكسوا نواياهم [منزل]، فالإنسان يرفع بنيته إلى الله، يرفع بمقصده إلى الله، ويتوجه إلى الله ليرفعه.
لاحظ كيف ضرب مثلًا رائعًا جدًا، وكلامًا هامًا جدًا في الموضوع: من انطلقوا يقاتلون في سبيله، مع أنهم لم يبقوا في الأخير إلا قليل من قليل {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا} قائدًا {نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (البقرة: من الآية246). هذه القضية معروفة عند بني إسرائيل، ولاحظ كيف هم خباث جدًا يعرفون، ونحن نقول أكثر من مرة هم يحاربوننا، وعندهم معرفة بالسنن الدينية، بالسنن الإلهية، يجب أن نكون حذرين، ونكون واعين، من أين جاءت لنا الوطنية، والقومية من أين؟ من عندهم صدروها من أجل ننكس رؤوسنا [منزل] لينكسونا منزل، أليس العرب في الأخير انتهوا إلى أن دسوا رؤوسهم في التراب، لأنهم يقولون: [وطنية، وطنية، من أجل الوطن، وتربة الوطن] إلى أن دسوا رؤوسهم في الوطن، أعني: في التربة. يأتي العدو يدوسهم وقد دسوا رؤوسهم، لكن يرفع الناس رؤوسهم إلى الله، تحمى أوطانهم فعلًا، وتصان أوطانهم.
بنو إسرائيل فاهمون في ثقافتهم هذه أعني: الآية تحكي بأنه في تلك المرحلة فاهمين بأنه يجب أن يتوجهوا ليقاتلوا في سبيل الله، مع أن الدافع لديهم هو ماذا؟ أنهم قد أخرجوا من ديارهم، وأبنائهم، أليس هذا الدفاع الذي يسمى الدفاع عن وطن؟ انتقام من عدو أخرجنا من ديارنا، وأبنائنا. أليس دفاعًا عن وطن؟ لكن لو قالوا: وطن، نقاتل من أجل الوطن، لن يرد النبي عليهم، ولن يحصل لهم شيء، معنى هذا أنها قضية مؤكدة لديهم أنه في الوقت الذي هم يحسون فيه بأنهم مضطهدون، ومقهورون من جانب عدو أخرجهم من ديارهم، وأبنائهم، عليهم أن ينطلقوا في سبيل الله.
لاحظ الآن عندما انطلق الناس في هذا الموضوع هذا [الشعار] الذي يبدو عملًا سهلًا أزعجهم جدًا لأنه عمل ديني، ولأنه في سبيل الله.
قال السفير الأمريكي: [إن بلاده لا تريد أن يتحول عداء الشعب العربي إلى عداء ديني] ما هو العداء الديني؟ يعني: لا نريد أن تتحولوا في مواجهتنا تحت عنوان: في سبيل الله. هم عارفون بأنهم سيهزمون في الأخير هم، يعنون: أنه اعملوا لكم عناوين أخرى قولوا: قتالًا من أجل الوطن، أو دفاعًا عن الوطن، أو بعبارات من هذه!.
هذه العبارة لا تجد لها في القرآن الكريم فيما أعتقد موقع على الإطلاق إلا مرة واحدة خوطب بها من؟ خوطب بها منافقون لم يخاطب بها مؤمنون. {قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا} (آل عمران: من الآية167). إذا ما زال عندكم حرص على أعراضكم، وعلى بيوتكم، وعلى ممتلكاتكم {أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ} (آل عمران: من الآية167). ما خوطب بها المؤمنون أبدًا. المؤمنون يوجهون دائمًا، المسلمون بشكل عام أن يتحركوا في سبيل الله وليعرفوا أنها لا تتحرر أوطانهم أبدًا بعناوين أخرى إلا إذا انطلقوا في سبيل الله، أين البلد الذي قد تحرر من بداية الاستعمار الأول إلى الآن؟ هناك بلد تحرر فعلًا بما تعنيه الكلمة وأصبح مستقلًا؟ لا.
بعد الاستعمار الأول خرج المحتل وأبقى أقدامه، أبقى عملاءه، وبعده ماذا؟ يأتي ضغوط أمريكية، واحتلال ونفوذ أمريكي في كل المجالات وأصبح من يحكم الناس صاروا هم عبارة عن أشخاص عاملين مع السفير الأمريكي. أعني: طول الفترة هذه. ما تحرر الناس من المحتل أبدًا لأنه ما رفع هذا الشعار الهام، ما توجهوا هذا التوجه الهام {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.
ثم انظر أهمية أن يتوجه الناس هذا التوجه: في سبيل الله، عندما قال هنا في الأخير: {قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا} (البقرة: من الآية246). ربما عندما ترون القتال أن لا تقاتلوا {قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} (البقرة: من الآية246). أليسوا هنا يذكرون الدافع إلى أن يقاتلوا أنهم يريدون أن تحرر أوطانهم، وأن ينتقموا من عدوهم؟ لكن وفاهمين كلهم، الملأ منهم على ما نقول: وجهاؤهم، وكبارهم الذين توجهوا إلى نبيهم وقالوا يبعث لهم ملكًا.
هم الآن لا يريدون منا أن نتوجه إلى كتاب الله ورسوله لنعرف كيف نواجههم، ومع من نواجه، تعرف أن هذه القضية عندهم معروفة؟
الله ضرب لنا مثلًا منهم هم، أي: عندما نقول: نحن الآن متوجهون ضدكم في سبيل الله، في سبيل الله إذا ما هناك لدينا نبي قائم موجود نبينا هو نبي للزمان كله والكتاب لا يزال موجودًا لنعرف من خلال كتاب الله، من خلال سنة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وتوجيهاته وحركته، كيف يجب أن يكون مقصدنا في مواجهتهم ومع من؟ وتحت أي عنوان يكون؟ نحن عندما نعمل هذا نحن إنما عملنا مثلكم سابقًا، لماذا عندما يقول لك: [لا نريد أن يتحول عداء الشعب العربي إلى عداء ديني] أليسوا هنا انطلقوا بعداء ديني عندما قالوا: {نقاتل في سبيل الله}؟ نقول: نحن فقط نعمل مثلكم فقط نريد نقاتلكم في سبيل الله، ونحاربكم في سبيل الله، ونتحرك في سبيل الله.
أعني: هم فاهمون، سهل الآن [سبهم] لاحظ لو ترفع شعار سب في المسجد لن يقولوا شيئًا، لكن شعار ديني، خطير، أن يكون في المسجد له أثر عليهم أكثر من أن يكون في الشارع لأن معناه: عمل ديني، ولهذا عندما يرون من هؤلاء الذين يسجنون يقولون: القرآن الذي دفعنا [نكبر…]. قضية هذه جدًا تؤثر عليهم، معناه: أنتم أناس متوجهون في سبيل الله، وهم لا يخافون إلا من العناوين هذه، ممن يسيرون في سبيل الله وبصدق، وعلى توجه كتاب الله.
تريد ترفع شعارات أخرى؟ تريد تسبهم؟ سبهم، أليسوا في المظاهرات يسبونهم فيها؟ يسبون [شارون، وبوش] لا يبالون بهذه؟ أو ترفع شعار وطنية لا ينزعجون منك ولا ينزعجون عندما ترفع شعار وطنية [حركة كذا لتحرير الوطن] أو [حركة كذا للدفاع عن الوطن]. هذه عارفين أنهم فاشلين يعتبرونهم فاشلين.
{قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (البقرة: من الآية246). ألم تتكرر مرتين من عندهم؟ أعني: يعرفون أهمية هذه {وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (البقرة: من الآية246). هذه أول مجموعة منهم خرجوا، الأغلبية {تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (البقرة: من الآية246). ثم انظر القليل هذا{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} (البقرة: من الآية246).
#الشهيد_القائد السيد/ #حسين_بدر_الدين_الحوثي
مقتطف من #الدرس_العاشر_من_دروس_رمضان_الكريم