واقعة كربلاء.. الدروس والعبر المهمة
ثم أيضاً لهذه الواقعة والأحداث أهميتها الكبيرة من حيث ما تحمله من الدروس والعبر، دروس وعبر مهمة جداً:
– منها ما يتصل بتقييم الواقع، وأسباب الانحراف، والتأثير السلبي للانحراف في واقع الأمة؛ لأن البعض من الناس يتساهل مسألة الانحرافات التي تبدأ متدرجة، انحرافات عملية عن منهج الله الحق، عن أشياء مهمة، عن تعليمات مهمة في دين الله “سبحانه وتعالى”، فيتصور المسألة مسألة عادية، لكنها عادةً ما يكون لها تأثيراتها وتبعاتها، وتتعاظم، الانحراف يتعاظم ويكبر، فيصل إلى مستويات خطيرة لم تكن متوقعة، ثم يكون لها تأثيراتها الكبيرة على واقع الأمة، وهذا درسٌ مهمٌ جداً؛ لأن وصول يزيد من خلال الانقلاب الخطير الأموي على الإسلام والمسلمين، كان نتاجاً لانحرافاتٍ سابقة تدرجت وتعاظمت، ومنها عندما مُكِّنوا هم بما هم معروفون به سابقاً من عدائهم للرسول وللرسالة، عندما مُكِّنوا من أن يكون لهم قوة، ونفوذ، وحضور، وإمكانات، حتى أوصلتهم إلى ما وصلوا إليه.
– أيضاً دروسٌ مهمة، وعِبَرٌ كثيرة تتعلق بعوامل السقوط الأخلاقي والإنساني؛ لأن في حادثة كربلاء حالات كثيرة قدَّمت هذه النسخة ممن ينحرفون، وممن يسقطون إنسانياً وأخلاقياً، وينحرفون عن الموقف الحق، سواءً ممن ينظم إلى صف الباطل، ويحارب الحق، بعد أن عرف الحق، بعد أن كان منتمياً إلى نهج الحق، وإلى موقف الحق، وإلى صف الحق وأهله، ثم يصل في يومٍ من الأيام إلى درجة الانحراف، فيقف في وجه الحق معادياً محارباً، وهذه لها أحداث ونماذج مذكورة على المستوى التفصيلي في التاريخ.
– أو على مستوى التخاذل، من يتخاذل، من يتنصل عن الموقف الحق، الذي يجب أن يقفه كجزءٍ من التزامه الإيماني والأخلاقي والديني، وكنتيجة وثمرة لما يحمله الإنسان المسلم من قيم، وأخلاق، وروحية إن بقيت، إن بقيت تمثل دافعاً نفسياً لأن يقف الموقف الصادق، الموقف الحق في وجه الباطل، في وجه الظلم، في وجه الطغيان، في وجه الشر، فعوامل السقوط الأخلاقي والإنساني، وأسباب الانحراف، تمثل أيضاً دروساً مهمة للناس في كل زمن، وحتى لمن ينتمون إلى منهج الحق.
– كذلك ما يتعلق بعوامل الثبات والتوفيق، عندما نقرأ التفاصيل في الأحداث التي وقعت ما قبل عاشوراء، وفي عاشوراء، وما بعدها، فنعرف عن عوامل التوفيق الإلهي، عن أسباب التوفيق، أسباب الثبات، التي تساعد الإنسان على أن يحظى بتوفيق الله “سبحانه وتعالى”، وأن يثبت في موقف الحق فلا ينحرف عنه، مهما كان حجم الأحداث، مهما كان مستوى الأحداث ومستوى التضحيات، كيف يكون حاضراً، ومستعداً لأن يضحي بنفسه، بحياته، بروحه، وأن يثبت على الحق، وألَّا يُستَزَل عن طريق الحق لأي سبب.
– كذلك عن خطورة التخاذل والتفريط، كان من أكبر الدروس والعبر فيما يتعلق بأحداث كربلاء، وواقعة كربلاء، العواقب الرهيبة للتخاذل والتفريط، الذي كان سابقاً في مجتمع الكوفة، سواءً في تخاذلهم أيام الإمام عليٍّ “عليه السلام”، ثم تخاذلهم مع الإمام الحسن “عليه السلام”، ثم تخاذلهم مع الإمام الحسين “عليه السلام”، وما نتج عن ذلك التخاذل والتفريط من عواقب سيئة وخطيرة على المستوى الديني، وعلى مستوى واقعهم في الحياة.
فكلها دروسٌ كبيرة، ودروسٌ مهمة، وعِبَرٌ كثيرة يحتاج إليها الناس؛ للاستفادة منها في كل زمن وفي كل مرحلة، إضافةً إلى التزود بالعزم، والاستشعار للمسؤولية، وإدراك سلبية التقصير، وتفنيد كل الذرائع التي يتذرع بها البعض، ليجعلوا منها سبباً، أو وسيلةً، لتنصلهم عن المسؤولية، وتقصيرهم، وتفريطهم، وإهمالهم.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
ذكرى عاشوراء 1444 هـ