ليكن لنا أسوة بالإمام الحسين في رفض الظلم والطغيان

الإمام الحسين “عليه السلام” وصَّف ما كان عليه يزيد، ويسعى من خلاله إلى أن يكون مسيطراً على الأمة بذلك، وأن يخضع الإمام الحسين “عليه السلام” له، ويزيد على ذلك المستوى، كما وصفه “عليه السلام” فقال: ((ويزيد فاسقٌ، فاجرٌ، شارب الخمر، قاتل النفس المحرَّمة، معلنٌ بالفسق والفجور، ومثلي لا يُبَايع مثله)).

عندما تخضع الأمة لأعدائها الفاسقين، الفاجرين، الذين هم إلى هذا المستوى من الانحراف: في شرب الخمر، في استباحة المحرَّمات، في قتل النفس المحرَّمة، في الإعلان بالفسق، والإعلان بالفجور، معناه: ليس عندهم للإسلام أي قيمة، أي احترام، لا لحرماته، ولا لمقدساته، ولا لمبادئه، ولا لقيمه، ولا لأخلاقه، سيطرتهم على الأمة، يعني: أن يسوسوا الأمة، وأن يسيروا فيها بسيرتهم الظالمة المنحرفة، التي هي كلها فسق، وفجور، واستهتار، واستباحة للدماء، وانتهاك للمحرَّمات، معناه: أن يفسدوا الأمة، أن يعبثوا بالأمة، أن يظلموا الأمة، أن يذلوا الأمة، أن يقهروا الأمة، أن ينحرفوا بالأمة عن قيمها، وأخلاقها، ومناهجها، يتحول فسقهم المعلن، فجورهم الصريح والواضح، انحرافهم الظاهر، يتحول هو إلى سياسة، إلى منهجية، إلى مسيرة عمل، إلى طريقة في إدارة واقع الأمة، وإدارة شؤون الأمة، وهذا ما يفعله المنافقون في عصرنا في إطار تبعيتهم لأمريكا وإسرائيل؛ لأنها تبعية مشروع عمل، تبعية سياسات، تبعية مواقف، التبعية في توجهات منحرفة، هي توجهات في إطار التبعية للكافرين، الذين ليس عندهم أي قدرٍ أو قيمةٍ أو احترامٍ للدين، ومنهجه الحق، ومقدساته، وما فيه من حلال وحرام… وغير ذلك.

((ومثلي لا يُبَايع مثله))، يقول الإمام الحسين “عليه السلام”: ((ومثلي))، يعني: الإمام الحسين في كل ما هو عليه من قيم إيمانية، من إيمانٍ عظيم، من التزامٍ إيمانيٍ عظيم، من دورٍ مهمٍ لهداية الأمة، وموقعٍ مهم في الأسوة والقدوة، ((لا يُبَايع مثله))، وهذا موقف يرسم به الإمام الحسين “عليه السلام” لنا كأجيال كذلك من خلال الاقتداء والتأسي بالإمام الحسين “عليه السلام”، ألَّا نقبل بالخنوع والخضوع للمنافقين، للفاسدين، للمجرمين الطغاة، الذين يسيرون في الأمة بتلك السيرة المنحرفة، التي وصَّفها بتلك التوصيفات.

الإمام الحسين “عليه السلام” عندما قال: ((أَلَا ترون إلى الحق لا يُعمَل به))، في بعض الروايات: ((أنَّ الحق لا يُعمَل به))، ((وإلى الباطل لا يتناهى عنه))، هذه منهجية يسير عليها أعداء الأمة في الأمة: إزاحة الحق من واقع الحياة، الحق كعقيدة، الحق كمنهج، الحق كموقف، الحق كسيرة وسلوك، إزاحته من واقع الحياة، والإتيان بالباطل بدلاً عنه؛ ليحل بدلاً عنه، فتأتي عقائد تقدَّم للأمة تلبَّس ثوب الحق وهي باطل، مفاهيم، تصورات عن الدين نفسه، وعن شؤون الحياة، هي من الباطل، وإن قدِّمت باسم الحق، وتأتي أيضاً مواقف تُدفَع الأمة إليها دفعاً بالإغراء، والتضليل، والترهيب، والدعاية، والإعلام، وهي مواقف من الباطل، وتدفع الأمة إليها دفعاً.

وهذا نفسه هو التوجه القائم لدى أعدائنا في هذا الزمن، لدى الأمريكي والإسرائيلي، هو يريد أن ينحرف بأمتنا عن الحق في كل شيء، الحق على المستوى العقائدي والفكري والثقافي، وعلى مستوى المواقف والولاءات، وعلى مستوى السلوك والالتزامات… في كل شيء، يسعى نفس السعي، وأن تسقط قيمة الحق من نفوس الناس؛ حتى لا يعود شيئاً مهماً لدى الناس، حتى لو عرفوا به، فهم يُعرِضون عنه، يتخلون عنه، يتركونه، لا يتمسَّكون به في واقع الحياة، لا كموقف: يكون همهم أن يقفوا موقف الحق، ولا كولاء، ولا كالتزام عملي… ولا أي شيء.

ثم تكون هناك من خلال تربية الباطل، والتربية السيئة للأمة، قابلية للباطل، الباطل في كل شيء، الباطل كمفهوم، كثقافة، كعقيدة، كرؤية، والباطل كموقف، كولاء، كسلوك، الباطل يكون مستساغاً في واقع الأمة، مقبولاً في واقع الأمة، فلا يُتَنَاهى عنه، حتى لو عُرِف عنه أنه باطل، وهذه حالة خطيرة، وأعداؤنا يسعون لفعل ذلك، ويعملون لذلك بكل جد، وبشكلٍ مستمر؛ لأنهم أهل باطل، ويريدون من الأمة أن تقبلهم، وأن تقبل بباطلهم بكله، وأن تتهيأ لذلك، أن تتربى لتقبل ذلك، أن تمسخ منها كل أخلاقها، وقيمها، ومبادئها الفطرية؛ حتى تتقبل ذلك.

عندما قال الإمام الحسين “عليه السلام”: ((أيُّها الناس: إنَّ رسول الله “صلى الله عليه وعلى آله وسلم” قال: من رأى سلطاناً جائراً، مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيِّر عليه بفعلٍ ولا قولٍ، كان حقاً على الله أن يدخله مُدْخَله))، هو نفس توجه أعدائنا في هذا الزمن، ونفس مواصفاتهم، الأمريكي والإسرائيلي وعملاؤهم ممن ينتسب للإسلام من المنافقين، ممن يقف في صفهم من أبناء الأمة، هو نفس هذا التوجه، هم يسلكون في الأمة سلوك الجور والظلم، وجرائمهم معروفة، ظلمهم وجورهم بكل أشكاله معروفٌ وواضح، وهم يستحلون حرم الله، ليس عندهم قيمة لا للحرمات، ولا اعتبار، ولا لعهد الله، ولا لسنة رسول الله، وهم يعملون في عباد الله بالإثم والعدوان؛ وبالتالي تتحدد هذه المسؤولية في التغيير، في الوقوف الموقف الحق، في التصدي لهم؛ لأن إثمهم، وعدوانهم، وظلمهم، وانتهاكهم للحرمات، هو يتجه بكله إلى الأمة، فيتحول إلى ظلم للأمة، إذلال للأمة، إفساد للأمة، إضلال للأمة، إهانة للأمة، سيطرة على الأمة، استعباد للأمة، كله يمثل شراً كبيراً على الأمة، لابدَّ أن نقف الموقف المسؤول في التصدي له.

عندما قال “عليه السلام”: ((أَلَا وإنَّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطَّلوا الحدود، واستأثروا بالفيء، وأحلوا حرام الله، وحرَّموا حلال الله، وأنا أحقُّ من غَيَّر))، كل هذه التوصيفات يبين لنا الإمام الحسين “عليه السلام” حتمية الموقف منها، حتمية الموقف ممن يتَّصف بها، الذي هو موقف التغيير، موقف التصدي، الموقف الذي يقف ضد هذه الظاهرة، ضد هذا السلوك الذي يستهدف الأمة.

((لزموا طاعة الشيطان))، يتحركون تحرك الشيطان نفسه، في إضلال الأمة، في إفسادها، في إذلالها، في الاستعباد لها، في الاستغلال لها، في الظلم لها، وهذا ما يفعله أعداؤنا في هذا الزمن، أعداء الأمة في هذا الزمن، هو نفس هذا التوجه.

التوجه الأمريكي والإسرائيلي هو توجهٌ شيطانيٌ بكل ما تعنيه الكلمة، يستهدف المجتمع البشري، وفي مقدِّمته: المجتمع الإسلامي، استهدافاً شيطانياً، بالإفساد، أظهروا الفساد، عطَّلوا الحدود، يسعون لمسخ الأمة أخلاقياً، ثقافياً، فكرياً، يظلمون الأمة، ينشرون الفتن، يتآمرون على الأمة بكل أشكال المؤامرات، كل هذه التوصيفات هي قائمة في واقعهم، وهي تمثِّل استهدافاً للأمة في دينها؛ وبالتالي في حياتها، في كرامتها، في عزتها، في استقلالها، في استقرارها، في صلاح حياتها.

وعندما قال: ((وأنا أحقُّ من غَيَّر))، يبين مسؤوليته وموقعه في مسؤولية التغيير، وفي موقع الأسوة، في موقع القدوة.

الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

 

السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي

ذكرى عاشوراء 1444 هـ

قد يعجبك ايضا