لا بد من الصراع ومواجهة التحديات.. لكن المهم أين يكون موقعنا؟
المهم هو أين يكون موقعنا؟ إذا كان لا بد من الصراع، إذا كان لا بد من التحديات، إذا كان لا بد من المشاكل، إذا كان لا بد من الفتن {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}[العنكبوت: 2-3]، هكذا يقول الله، لا بدَّ من هذا الإختبار، لا بدَّ من الفتن، لا بدَّ من المحن، لا بدَّ من المشاكل، لا بدَّ من الصراع، لا بدَّ من مواجهة التحديات، المهم أين يكون الموقع؟ ماذا تكون القضية؟ موقعنا في هذا الصراع- كما قلنا- أن نكون في موقف الحق، هذا المهم، أن نكون حيث يأمرنا الله أن نكون، حيث يوجهنا الله أن نكون، أن نكون مع الله؛ لكي يكون الله معنا، فنكون بالله أقوياء في مواجهة أي تحدٍ مهما بلغ، وفي مواجهة كل الصعوبات مهما كانت، وفي مواجهة كل التحديات مهما كبرت، عندما نكون مع الله ويكون الله معنا.
وهنا نرى قيمة هذا العنوان: (في سبيل الله)؛ لأننا نتجه الإتجاه الحق، نحمل راية الحق، نتمسك بالموقف الحق، نحرص على أن نتمسك بتوجيهات الله -سبحانه وتعالى- ونسير في الطريق التي رسمها الله -سبحانه وتعالى- لنكون في ذلك الموقع، أولسنا في واقع حياتنا هذه نرى الكثير والكثير من الناس يقاتلون، يعانون، يخسرون، يقدمون، ويضحون، ويبذلون كل شيء حتى حياتهم تحت رايةٍ هنا أو رايةٍ هناك، تحت رايات ضلال، حتى تحت راية أمريكا، حتى تحت رايات الموالين لأمريكا والموالين لإسرائيل، نرى الكثير يفعلون ذلك، نرى الكثير والكثير من الذين يخسرون حياتهم تحت راياتٍ، في مواقف، في معارك ليس لها أي هدف ذو قيمة إيمانية ومعنوية وأخلاقية وإنسانية.
عندما اخترنا هذا الطريق، الطريق الذي نكون فيه في موقع العبودية لله، والتحرر من العبودية للطاغوت، نواجه كل قوى الشر والإجرام، ونتصدى لها، لا نقبل بأن نخضع لها، عندما نعود إلى واقعنا في هذا الزمن، ما مضى قد مضى وفيه الكثير من الدروس والعبر عبر كل الأجيال، حتى في زمن رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- في حركته ونهضته بالرسالة الإلهية، بكل ما ترافق مع ذلك من جهاد، واستشهاد، وتضحيات، وصراعات هنا وهناك في ساحات متعددة، ومع أطراف متعددة، وحتى ما قبل ذلك مع الأنبياء السابقين، الله يقول في القرآن الكريم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران: 146-148]، {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ}، سلسلة طويلة ممتدة مع الأنبياء السابقين، (كَأَيِّنْ): تعبِّر عن كثرة هؤلاء الأنبياء، عن العدد الكبير من الأنبياء الذين حملوا راية الحق، وانطلق معهم الربيون، الربيون: الذين هم خاضعون لله -سبحانه وتعالى- تابعون لربهم لله -سبحانه وتعالى- عبَّدوا أنفسهم لله -سبحانه وتعالى- تحرَّكوا تحت راية رب العالمين، يوم تحرك الكثير والكثير تحت رايات الضلال، والباطل، والأطماع، والأهواء، والإستكبار، والظلم، والطغيان، كانت رايتهم تلك الراية المقدسة، مع الأنبياء في خطهم، في نهجهم، في طريقهم، في موقفهم، فكان طريق جهاد وتضحية وصبر {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا}، أول حالة يمكن أن تعتري الإنسان هي حالة الوهن، حيث يأتيه الفتور، حيث تلين صلابته، حيث يبدأ في مستوى تراجعه، ثم تأتي الحالة الأسوأ التي هي حالة الضعف، ثم تأتي الحالة الأسوأ بكثير التي هي حالة الإستكانة، كل هذا لم يكن موجوداً في واقعهم، {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ}، مهما كان مستوى التضحيات، في بعضها كان المؤمنون يفقدون نبيهم شهيداً، كان النبي بنفسه يستشهد، {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ}، فكان أتباعه المخلصون والصادقون يتماسكون في طريقه، يواصلون المشوار على نهجه، يتمسكون بموقفه، لا يتراجعون، أتت هذه الآية لتشجع المسلمين على الثبات، يوم تأثَّر الكثير منهم وانهارت معنوياتهم في أُحُد عندما سمعوا الدعاية باستشهاد النبي -صلوات الله عليه وعلى آله- مع أنه لم يكن استشهد آنذاك، ولكنهم تأثروا بتلك الدعاية، فأتت هذه الآية لتذكرهم بالكثير والكثير من الربيين والربانيين الذين كانوا على هذا المستوى من التماسك، والمعنوية العالية، والثبات العظيم، والتماسك القوي، لدرجة أنهم حتى لم يهنوا، حتى الوهن لم يعترهم، لم يصلوا لا إلى مرحلة الوهن، ولا إلى ما هو أسوأ إلى مرحلة الضعف، ولا إلى ما هو أسوأ إلى مرحلة الإستكانة والجمود والخنوع للعدو.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
الذكرى السنوية للشهيد 1441هـ