شجاعة وإقدام الإمام زيد ” عليه السلام” تعكس أثر القرآن الكريم في النفوس
والإمام زيد عليه السلام بهذه المبادئ، من هذه المنطلقات، بدافع المسئولية تحرك وصولاً إلى خروجه ثائراً، وكان قد واعد أصحابه والمستجيبين له من المسلمين، على أن يكون موعد الثورة في الواحد من شهر صفر، ولكن نتيجة العمل الاستخباراتي الأموي أُكتشفت خطة الإمام زيد عليه السلام أفشى بها البعض، وأدرك بنو أمية أن ظهوره قريب وأنه موجود في الكوفة وبالتالي بحثوا عنه وكانوا قريبين من اكتشاف مكانه، فاضطر إلى تعجيل الخروج في الثاني والعشرين من المحرم، قبل الموعد المتفق عليه مع من كان قد استجاب له وواعده بالخروج معه من المسلمين، فخرج في الكوفة، خرج في الثاني والعشرين من المحرم ليلة الأربعاء، ونادى بشعاراته المعروفة (يا منصور أمت) وهذا كان شعار جده رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) في غزوة بدر، في صبيحة يوم الأربعاء كان قد وافاه على طول تلك الليلة ممن كان قد بايعه، وافاه فقط مئتان وثمانية عشر رجلاً، بينما في بعض الأخبار أن الذين كانوا قد بايعوا من الكوفة وحدها فقط ما يقارب الخمسة عشر ألف رجل، ووفى منهم فقط مئتان وثمانية عشر رجل إلى صبيحة يوم الأربعاء كانوا هم الذين قد وافوه، ولاحظ الإمام زيد عليه السلام حالة التخاذل الكبيرة في واقع الأمة، وقلة المستجيبين، ومحدودية الإمكانيات، وقلة الأنصار، وقال لأحد أنصاره الأوفياء نصر بن خزيمة قال له الإمام زيد عليه السلام: (يا نصر أتخاف أهل الكوفة أن يكونوا فعلوها حسينية) فيفعلوا معه ما فعلوا مع الحسين من تخاذل قال: جعلت فداك أما أنا فو الله لأضربن بسيفي بين يديك حتى أموت.
وتحرك الإمام زيد عليه السلام بقلة الناصر، بالفئة القليلة من المؤمنين الصادقين الذين تحركوا معه، تحرك ببطولة وفداء كبيرٍ للإسلام واستبسال قل نظيره، بتلك القلة القليلة واجه اثنا عشر ألف مقاتل من الجيش الأموي، وهزمهم من سكة إلى سكة، ومن شارع إلى شارع، وتقدم ليدخل إلى داخل الكوفة وقتل في اليوم الأول من الجيش المعادي أكثر من ألفي قتيل، وتقدم الإمام زيد عليه السلام وهو يقاتل بتلك الفئة المؤمنة القليلة الصادقة الصابرة الثابتة أشد قتال حتى تمكن من الوصول إلى مسجد الكوفة، في مسجد الكوفة كان قد جُمع أهل الكوفة وحوصروا فيه وأغلقت عليهم الأبواب، ولكن يبدو أن ذلك أعجبهم، هم غير راغبين في الجهاد ويبحثون عن الأعذار مثلما نقول في المثل عندنا – حسبك من عذر-
حينما وصل الإمام زيد عليه السلام إلى مسجد الكوفة قام نصر بن خزيمة أحد مشاهير المجاهدين معه جعل ينادي المحصورين في المسجد وهو يفتح لهم الأبواب ويقول لهم: اخرجوا يا أهل الكوفة، اخرجوا من الذل إلى العز، اخرجوا إلى خير الدنيا والآخرة فإنكم لستم في واحدٍ منهما، يعني لا أنتم في خير الدنيا ولا أنتم في خير الآخرة، اخرجوا، تحرروا، فتحت لهم الأبواب فلم يخرجوا، لقد رغبوا في أن يحبسوا أنفسهم حتى بعدما فتحت لهم الأبواب، لكن الإمام عليه السلام واصل مشواره الجهادي وكان حينما خفقت الراية على رأسه قال عليه السلام متوجهاً إلى الله العظيم: (اللهم لك خرجت وإياك أردت ورضونك طلبت، ولعدوك نصبت، فانتصر لنفسك ولدينك ولكتابك ولنبيك ولأهل بيت نبيك ولأوليائك من المؤمنين، اللهم هذا الجهد مني وأنت المستعان)
ثم قال عليه السلام: (الحمد لله الذي أكمل لي ديني) هكذا كان زيد، وهكذا هي بصيرة الحق، مبادئ الإسلام، نور القرآن (الحمد لله الذي أكمل لي ديني، والله ما يسرني أني لقيت جدي محمداً يوم القيامة ولم آمر في أمته بمعروف ولم أنه عن منكر والله ما أبالي إذا قمت بكتاب الله وسنة نبيه أنه تؤجج لي نارٌ ثم قذفت نفسي فيها ثم صرت إلى رحمة الله)
استمرت المعركة في يوم الأربعاء ثم في يوم الخميس بكل استبسالٍ وتفانٍ مع قلة الناصر، وقلة العدة، وفي آخر نهار الخميس حسب بعض الروايات أصيب الإمام زيد عليه السلام بسهم بجبينه، وفور إصابته قال عليه السلام:(الشهادة الشهادة الحمد لله الذي رزقنيها) وهكذا نلمس أثر الإيمان، أثر القرآن، مبادئ الإسلام، أثرها العظيم في مثل هذا الرجل العظيم الذي يقدم لنا أعظم الدروس من الواقع العملي من موقع القدوة والأسوة، بعد استشهاد الإمام زيد عليه السلام دفن، دفن جثمانه الطاهر بشكل سري، ولكن أُكتشف الأمر وعرف الأعداء مكان دفنه، واستخرجوا الجثمان الطاهر ثم قطعوا رأسه الشريف ليطوفوا به في بلدان العالم الإسلامي، وتعاملوا بكل وحشية، الوحشية التي تجسد فيها سوء ما عليه المجرمين، ما عليه الظالمون والمفسدون والطغاة، كيف ممارساتهم معاملاتهم تصرفاتهم وحشيتهم إجراميتهم، انعدام حتى الأخلاق الإنسانية لديهم، صلبوا الجسد الشريف منزوعاً عنه الثياب والملابس، وبقي مصلوباً لأربع سنوات، بعد ذلك قاموا بإحراقه بالنار، كانوا يغتاظون، كانوا يرون أثر زيد في الأمة قائماً باقياً مستمراً بالرغم من قتله، بالرغم من قطع رأسه، بالرغم من إرسال رأسه ليطاف به في الآفاق، لكن أثره كان باقياً فكان ذلك يغيظهم، أنزلوه بعد أربع سنوات من الصلب وقاموا بإحراقه، ثم بسحقه، ثم ذروه، جزء منه في نهر الفرات، قالوا لكي لا يبقى من زيد ولا حتى ذرة من جسده، ذروا جزءً من جسده الشريف بعد إحراقه وسحقه في نهر الفرات، وجزء جعلوه في مهب الريح، لكي يضيع، وهكذا هو الطغيان والظلم والجور.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
ذكرى استشهاد الإمام زيد ” ع” لعام 1435 هـ