الحملة الوهابية ضد رسول الله ورموز الإسلام
- أيضاً، الحملة الوهابية التكفيرية التي سعت إلى تقطيع أوصال الإسلام، والفصل ما بين منهجه ورموزه ومقدساته، وجعلت التعظيم لرموز الإسلام، وفي المقدمة رسول الله “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”، ثم من بعده أهل بيته “عليهم السلام” جعلت من هذه المسألة شركاً وكفراً وخروجاً عن الملة، وجعلت منها مسألة كافية لاستباحة الدماء وقتل المسلمين واستباحة الحرمات، حتى عبارة ولفظ ومفردة (تعظيم) جعلتها ممنوعة في حق رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، وأنه لا يجوز إطلاقها أبداً، أن تقول: [نعظم رسول الله]، [شرك شرك، هذا شرك] هكذا يقولون، وللأسف أوردوا هذا حتى في المناهج الدراسية الرسمية في بلدنا، منعوا التعظيم للرسول “صلوات الله عليه وعلى آله”، بينما الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” يقول في كتابه الكريم: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}[الحج: من الآية32]، لاحظوا معي {وَمَن يُعَظِّمْ} يورد المفردة نفسها، {شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}، شعائر الله مطلوب منا أن نعظمها، وأن هذا يعبر عن تقوانا لله؛ لأن القلب الذي يعظم شعائر الله هو عظمها لله ومن أجل الله، فكان ذلك نابعاً من حالة التقوى، حالة التقوى التي تملكت قلبك وحضرت في مشاعرك، فعبر عنها شعورك في حالة التعظيم التي انطلقت من داخل القلب والوجدان إلى حالة السلوك والعمل والتفاعل والتصرف والتعبير، {وَمَن يُعَظِّمْ}، هذه حالة (وَمَن يُعَظِّمْ)، عبارة (وَمَن يُعَظِّمْ)، مفردة (وَمَن يُعَظِّمْ) قالوا: [ممنوع أن تستخدمها تجاه رسول الله، شرك شرك، تذبح بالسكين، أو تعدم بالرصاص، هل تعظم رسول الله]!! هذا عندهم أكبر مشكلة، وأنت معناه جعلت منه وثناً، وصنماً… الخ.
هم سعوا إلى إبعاد الأمة عن الرسول وعن تعظيمه، عن الارتباط الوجداني ومحبته الكبيرة التي ثمرتها: التمسك به، التأثر به، الاهتداء به، الاقتداء به، وجعلوا العلاقة مع الرسول علاقة جافة، جافة جدًّا، تنظر إليه كمجرد شخص وصّل رسالة، كأي رسول عادي معه مكتوب من شخص وصّله، [وإلا من طرف أوصله وراح له مع السلامة] يقولون: [رسول معه رسالة وصلها وراح له، مع السلامة، مع السلامة- خلاص]، جهل كبير بطبيعة الدور العظيم الموكل إلى الأنبياء، وبعظمة الأنبياء وأهمية الأنبياء ودور الأنبياء، ثم طمسوا كل آثاره، كل آثاره في المدينة وفي مكة وحاربوها محاربة شديدة جدًّا، ويجعلون من أي احترام؛ بأي مستوى من الاحترام والتقدير والتعظيم لآثار الرسول، للآثار الإسلامية شركاً فظيعاً، أمر رهيب يعني، كان لهم- أيضاً- بسبب نفوذهم في كثيرٍ من المناطق، في كثيرٍ من البلدان، والمظلة السياسية التي حضوا بها من خلال النظام السعودي والأنظمة المرتبطة به- تأثير كبير في أن تنشأ علاقة جافة جدًّا بين الأمة وبين نبيها؛ لأن طغيان طرحهم وثقافتهم وتوجههم امتد إلى المناهج التعليمية، إلى الخطاب الديني، إلى المنابر الإعلامية، ففصلوا الأمة وجعلوا علاقتها علاقة بالمنهج دون الرموز ودون المقدسات؛ ليكونوا هم من يحلُّ في هذا المنهج حاكمين عليه، مقدمين له، أسوةً فيه؛ فكانوا سوء الأسوة، وسوء القدوة، وأفظع وأوحش- والعياذ بالله- ما يمكن أن يقتدى به؛ لأنهم كانوا المحرفين والمنحرفين عن هذا المنهج.
- أيضاً من العوامل: الضعف في المواكبة العصرية في وسائل التقديم للسيرة، وللتثقيف المؤثر في الوسائل المبتكرة والمعاصرة، والتقنية المعاصرة في وسائل الإعلام…الخ.
نحن- إن شاء الله- في هذه الأيام إلى الثاني عشر من شهر ربيع، إلى أن تحلَّ بنا الذكرى، إن شاء الله بتوفيق الله وإذنه سنتحدث في عددٍ من الكلمات، وننحوا في طريقتنا على التركيز على جوانب رئيسية؛ لأنه حديث واسع جدًّا وجدًّا، نرى الحاجة إلى الحديث عنها والاستفادة منها لأهميتها ولطبيعة الظروف التي نعيشها والتحديات التي نواجهها، ستكون محطتنا- إن شاء الله- في الغد أن نَعرِض بشكلٍ عام ومختصر عرضاً موجزاً عن الرسالة الإلهية والأنبياء منذ آدم “عليه السلام” إلى رسول الله محمد خاتم النبيين “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
المحاضرة الأولى من محاضرات المولد النبوي الشريف 1439هـ