نَفَسُ الرحمن من اليمن.. أحفادُ الأنصار ينفردون بالتعظيم لشعائر الله
موقع أنصار الله ||مقالات||علي الموشكي
استمعنا وشاهدنا السيد القائد -يحفظه الله- وهو يدشّـن الفعاليات التحضيرية لذكرى المولد النبوي الشريف وهو يشيد بأهل اليمن منذ بعثة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، وأهل اليمن هم السباقون في الإيمان والتضحية والصبر وتصديق فطرتهم الإيمانية بالرسالة الإلهية والبذل والإقدام والاحتفاء برسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- والإيمان الراسخ بالرسالة الإلهية، وهم بإيمانهم الراسخ تصدروا المواقف المشرفة ووسمهم الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- بالعديد من المناقب والمزايا الكثيرة منها أنهم نفس الرحمن وذلك لمقدراتهم العالية والعظيمة ولصبرهم وتصبرهم على المعاناة وحمل المشروع القرآني مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- في كثير من المواقف، فأول أسرة في مكة كانت من أهل اليمن أسرة الصحابي الجليل رضي الله عنه عمار بن ياسر، والذي نالوا عدوان أهل الشرك والنفاق في مكة فعذبوا كَثيراً حتى استشهدت والدته ووالده في تلك البدايات الأولى للمشروع الإلهي.
ثم بعد ذلك تعبيرهم عن مشاعر الود لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، فالموقف التاريخي الذي خلده التاريخ إلى اليوم استقبالهم للرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، في يثرب (المدينة) بالأناشيد والاستقبال العظيم وليس ليوم واحد انتظارهم لقدوم الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، بل لعدة أَيَّـام كانوا يخرجون إلى مشارف المدينة يترقبون قدوم رسول الله، وما إن وصل إليهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، حتى عبَّروا عن الفرحة بالأناشيد التي ننشدها إلى اليوم “طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، وجب الشكرُ علينا ما دعا لله داع”، ما أعظمها من أبيات تبوح بالإيمان العظيم والحب الكبير لرسول الله، وبعد ذلك صبرهم العملي والجهادي تحت قيادة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ-، حتى علت راية الإسلام وانتصار الإسلام وقضي على معاقل الشرك والنفاق في مكة وفتحت مكة على أيادي أجدادنا اليمنيين العظماء، فكان الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- يعرفهم جيِّدًا.
يقولُ السيد القائد -يحفظه الله-: “إقبال أهل اليمن في انتمائهم للإسلام، وفي انتمائهم الإيماني، كان متميِّزاً بأنه في أغلبه طوعيٌّ كما قلنا، إقبالٌ برغبةٍ، بانسجام، بتفاعل كبير، باستجابة ومبادرةٍ ورغبةٍ كبيرةٍ وسريعة، وَأَيْـضاً كان معه تجسيدٌ لقيم هذا الإسلام، ومبادئ هذا الإيمان، وتمسكٌ بقيمه وأخلاقه، ونصرةٌ، وجهادٌ، وعطاءٌ، وتضحية؛ ولذلك كانوا إلى درجةٍ وصفهم الرسول “صلوات الله عليه وعلى آله” بها بوصفٍ عظيم، ويعتبر بحقٍ وسام شرفٍ كبير، عندما قال -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-” فيما روي عنه: ((الإيمان يمان، والحكمة يمانية))، وهذا يعبِّر عن أصالة هذا الشعب في انتمائه الإيماني، عن مدى إقباله إلى الإيمان، تمسكه بالإيمان، الإيمان كمنظومةٍ متكاملة: على مستوى المبادئ، على مستوى الأخلاق، على مستوى الالتزامات العملية، على مستوى المواقف، فكان هذا يميِّز هذا الشعب بأنه في انتمائه الإيماني أصيل الانتماء، صادق الانتماء، ثابت الانتماء، متميز الانتماء، وهذه نعمةٌ كبيرة، وشرفٌ كبير، نعمةٌ عظيمةٌ على أبناء هذا البلد، على مستوى ذلك الوقت، في ذلك العصر، في ذلك الزمن، في تلك المرحلة، ثم على مستوى كُـلّ مراحل التاريخ جيلاً بعد جيل إلى قيام الساعة، هذه نعمةٌ كبيرة، نعمةٌ عظيمةٌ جِـدًّا.
فمظاهر الفرح التي أحياها أهل اليمن ويتميز بها منذ قدم، هو يجسد الدليل القاطع والحتمي لتملك أهل اليمن الإيمان وتحملهم مسؤولية إيصال الرسالة الإلهية للعالم، في زمن الذل والانكسار والارتهان للعالم في زمن الإساءة لأقدس المقدسات الرسول الأكرم، وفي ظل التغيرات العالمية التي يعيشها العالم، يجب أن تكون وجهتنا وأَسَاس تحَرّكنا وهدفنا هو على أَسَاس القرآن الكريم والرسول، ويجب علينا أن نحول التحديات إلى فرص؛ لكي نرسخ إيماننا ونتحَرّك على أَسَاس التوجّـه الصحيح، وإحيَـاء هذه المناسبة من خلال أن نحوِّلَ إحيَـاءَنا لهذه المناسبة بشكل تصاعدي، فالعالمُ ينذهلُ عندما يرى إحيَـاءنا لهذه المناسبة ومستوى التفاعل، يشكل رسالة قوية لأعداء الله، ولقد استطعنا إيجاد تفاعل في بعض البلدان العربية، وأصوات التكفيريين التي لا يريدون أن يتم الاحتفال بهذه المناسبة العظيمة؛ لأَنَّ اللوبي الصهيوني يسعى إلى فصل الأُمَّــة عن مشاعر التقديس والتبجيل للقرآن الكريم والرسول إلى إضعاف إحيَـاء هذه المناسبة، ولكن يجب علينا أن نسعى بكل جهودنا وتحَرّكنا إلى إحيَـائنا لهذه المناسبة للتمسك بهذه القيم الإيمانية التي هي الحل أمام الأزمات التي يعيشها العالم العربي ويخلصنا من كُـلّ تلك الأزمات من خلال تمسكنا بهذه القيم والمبادئ.
ومن المعروف عالميًّا أن قوى الاستكبار تسعى إلى إضلال المجتمعات البشرية من خلال تركيزهم على إضلال المجتمعات ثقافيًّا وإفسادهم أخلاقياً؛ مِن أجل التحكم بالمجتمعات بعد أن يسلبوا المجتمعات والشعوب كُـلّ المشاعر الإنسانية والقيم الإيمَـانية ويريدون أن يصلوا بالإنسان إلى أن يشعر بألا هدف له في الحياة ولا يمتلك هدفًا مقدَّسًا يسعى لتحقيقه، وهم من قدموا أن أصل الإنسان قردٌ، وروَّجوا لهذه الترويجات بشكلٍ كبير في الجامعات والمعاهد والمدارس وهم بذلك يريدون أن يجعلوا من الإنسان حيواناً، وحوَّلوا الإنسان إلى حياة الكلاب ويروِّجون للإنسان أنه كلب وهذا موجود في المجتمعات الأُورُوبية ويبيعون ويشترون الإنسان كحيوان وهم يريدون ذلك في كُـلّ المجتمعات البشرية وهذا يعتبر من استحقارهم للإنسان ويريدون بذلك تفريغ الإنسان من قيمه الإنسانية ويهبطون بذلك الإنسان من إنسانيته إلى حيوان.
الإسلام بقرآنه الكريم العظيم إرث الأنبياء والصالحين ورسول الله العظيم، والرسالة الإلهية تربينا على كرامتنا الإنسانية والآيات البينات التي توضح مدى تكريمه للإنسان وخلقه في أحسن تقويم، وكرمه في طريقة حياته، وكرمه في طريقة أكله وطريقة تعاملاته، كعبدٍ لله يسعى لإعمار الأرض، وأسجد الملائكةَ لآدم وهذا تكريم عظيم، والتكريم بالآيات البيانات، التكريم بخير القيادة الأنبياء والصالحين، وَإذَا استقمنا يكون تكريمًا عظيمًا في الآخرة.
ولذا علينا أن ندرك أهميّة المناسبة العظيمة من خلال تعظيمها والتصدي لأعداء الله الذي يفقدون الإنسان قيمته الأخلاقية والقيمية، وأن وجودنا لحكمة عظيمة في هذه الحياة وارتباطنا بمسؤوليات عظيمة ومهمة وأهداف مقدسة، وخلاص المجتمعات البشرية ليس إلَّا من خلال التمسك بالقرآن الكريم ورسوله الله، ونتحَرّك بأَسَاس تام وتحَرّك صحيح.
ويجب علينا أن نستمر في مظاهر الإحيَـاء والأنشطة لهذه الفعالية ومظاهر الزينة المشروعة بشكل تصاعدي أكبر، وَيجب الاهتمام بالإحسان والعناية بالفقراء والمحتاجين وصلة الأرحام والأخوة والتعاون وتجسيد قيم الرحمة، ويجب علينا أن نكون عند أمل قائد الثورة -يحفظه الله- وهو يقول لنا: “أملي كَثيراً في شعبنا العزيز يمن الإيمان والحكمة، كما خرجوا في الأعوام الماضية خروجًا مليونياً أن يخرجوا هذا العام وأن يكونوا النموذج المتصدر بين شعوب أمتنا كافة”.