الرئيس المشاط: وفدنا المفاوض عاد من الرياض برسائل إيجابية الترحيب بها مشروط بسرعة التنفيذ  

موقع أنصار الله – صنعاء – 5 ربيع الأول 1445هـ

 

أكد رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط، أن عمد إلى تأجيل خطاب آخر  لولا الرسائل الايجابية التي عاد بها الوفد الوطني عن القيادة السياسية .

وقال الرئيس المشاط في كلمة له في الذكرى التاسعة لثورة الـ21 من سبتمبر:” نؤكد حرصنا التام على تحقيق السلام العادل والشامل ونقدر عاليا ما يبذله الاشقاء في سلطنة عمان من جهود مشكورة في سبيل تحقيق هذه الغاية النبيلة، وحول جهود السلام أشير إلى أنني كنت قد أعددت خطابا مختلفا تماما عن هذا الخطاب لكنني أجلته في اللحظة الأخيرة وكلي أمل ألا أضطر للعودة اليه في أي مناسبة قادمة”.

وأوضح أن نقاشات وفدنا الوطني في الرياض وصفت بالإيجابية وقد سرّنا ما نقله الوفد عن القيادة السعودية باعتبارها قيادة التحالف الذي نشتبك معه في حرب دامية منذ العام 2015.. مؤكدا أن ما نقله وفدنا عن القيادة السعودية من الناحية النظرية لا شك يعتبر رسائل وتأكيدات إيجابية ونضعها موضع الترحيب المشروط بسرعة العمل على وضعها موضع التنفيذ.

وقال الرئيس المشاط: صنعاء كانت وما تزال تقاتل وتناضل من أجل السلام وإنهاء هذه الحرب العدوانية التي فرضت عليها من دون أي مسوغ منطقي ومن دون سابق إنذار.. مؤكداً أن صنعاء جاهزة لمعالجة أية مخاوف لدى الرياض بقدر جاهزية الرياض لمعالجة مخاوف صنعاء ولن تكون صنعاء إلا مصدر خير وسلام لمحيطها وجوارها وبلدان أمتها.

ودعا الرئيس المشاط خصومنا المحليين للعودة الى جادة الصواب والمضي معنا في السلام واحترام وطنهم وشعبهم على أساس من قداسة السيادة والاستقلال، كما دعا خصومنا المحليين للخروج على نحو فوري من تحت عباءة الخارج ومغادرة أي اصطفافات خارجية ضد أبناء بلدهم.

وأوضح الرئيس المشاط أن التسلح بالخارج ضد أبناء البلد عمل مشين ومعيق لما نتطلع إليه من حوار يمني يمني يفضي إلى الحل السياسي المنشود.

ورحب الرئيس المشاط بانفتاح المجتمع الدولي على صنعاء .. مشدداً على أهمية انهاء الاصطفافات العدائية المعيقة لعملية السلام في اليمن.. مؤكدا تطلعنا إلى تعديلات جوهرية في المواقف الدولية التي تسببت كثيرا في إطالة أمد الحرب العدوانية على الشعب اليمني العزيز.

 

وفيما يتعلق بثورة الـ21 من سبتمبر فقد بارك رئيس المجلس السياسي الأعلى المشير الركن مهدي المشاط لشعبنا اليمني العزيز احتفالاته الوطنية بمناسبة حلولِ الذكرى التاسعة لثورته المجيدة ، كما هنأ قائد ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر المباركة وصانعَ هذا اليوم الأغر السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله بمناسبة العيد التاسع لثورة 21 سبتمبر.

و تقدم الرئيس المشاط بخالص التهاني والتبريكاتِ إلى أبطالِنا المرابطين دفاعاً عن حقوق الشعب العزيز، وذودا عن حمى الوطنِ الغالي.. لافتا إلى أن ثورة 21 سبتمبر ثورةٌ يمنية الهوى والهوية، ووطنيةَ الوجه واليد، ولا غروَ في ذلك فهي تلك الثورة الخالدة التي لم تولد في أقبية المخابرات ولا في دهاليزِ السفارات.. مضيفا أن ثورة 21 سبتمبر جاءت من صميمِ الشعب اليمني العزيز وتدفقت من رحم معاناته وأشواقه وتطلعاته وهذا سر صمودها ونموها.

وقال الرئيس المشاط: “لقد جاءت الثورةُ المباركة بعد عقود طويلة من الوصاية المقنعة، وإهدار النظام البائد لكل فرص النهوض بواجباته ومسؤولياته”..لافتا إلى أن النظام البائد حوَّل بلاد السعيدة إلى واحدة من أفقر بلدانَ العالمِ وأكثرها فسادا، وبعد أن صنعوا منها بيئة حاضنة للظلم والفساد والاستبداد ومرتعاً خصباً للإرهاب.

وأوضح أن النظام البائد عمد إلى تفكيك الجيش وتحجيمه في التسليح والتدريب ومسخ هويته وعقيدته القتالية وحول مهام الجيش من جيش وطني يفترض أن يدافِع عن البلد ويحمي ترابه العزيز إلى ما يشبه الشركات الأمنية المخصصة فقط لحماية أدوات الخارج.

وأضاف الرئيس المشاط”: قبل الثورة وصل الفساد والعبث بمقدرات البلد إلى الحد الذي باعوا فيه الغاز اليمني لشركات أجنبية وتقاسُم آبار النفطِ وتوزيعها على أشخاصهم وأسرهم”.. موضحا أن الأمور ظلت  تسوء حتى أعلنت حكومة ما قبل الثورة إفلاسها وعدم قدرتها على تسليم المرتبات وكل ذلك في مرحلة سلم وفي ظل موارد مكتملة ومساعدات خارجية مهولة.

وتابع قائلا” من ينظر بعين الإنصاف في مراحلِ ما قبل الثورة سيدرك حتما بأن أوضاع البلد لم تكن على ما يرام، والحادي والعشرين من سبتمبر المجيد قد مثل بالفعل الاستجابة المنطقية والطبيعية لنداء الواجب.. موضحا عدم الإدعاء أنَّ ثورتنا الخالدة قد نقلت الشعب إلى الوضع المثالي الذي نصبُو إليه ولكن الوقت بالتأكيد ما يزال متاحاً أمامها لصناعة ذلك.

وأوضح أن الثورة أرادت أن تؤسس لنمط جديد من التفكير السياسي الخلاق لعلَّها بذلك تطوي صفحةَ الماضي الأليم وتفتح الأفق واسعا أمام العمل المشترك وكل ما فعلته الثورة أنها دعت خصومها إلى احترام سيادة البلاد والتوقف عن الفساد والاستبداد ووقف العلاقةِ مع الإرهاب والمضي قدما نحو بناء الدولة العادلة.

وقال الرئيس المشاط: مع الأسف الشديد كبر على خصوم ثورة 21 سبتمبر الإصغاء لصوت العقل والحكمةِ والأخلاق فقرروا وأدها بالقوة، لِيبدأ فصلٌ جديد من فصول الثورة

ولفت إلى أنه وعلى مدى 9 سنينٍ عجافٍ ضاعفت الحرب العُدوانية معاناة شعبنا ومع ذلك أثبت بأن ثورته وُجِدت لتبقى وتستمر.. مؤكدا أن ثورة شعبنا مضت على قاعدة يدٌ تبني ويدٌ تحمي واستطاعت بفضل الله أن تحول هذه الحرب إلى شاهد على عظمة شعبها وحكمة قيادتِها وعدالة قضيتها وبسالة مقاتليها.

وأكد أن كل إنجازات الثورة حصلت في ظل ظروف صعبة وإمكانات شحيحة وفي مواجهة حرب عدوانية كبيرة واصطفاف عالمي غير مسبوق.. موضحا أننا لا ندعي نجاح الثورة الكامل في القضاء على الفساد فهذه معركة ما تزال طويلة كما تعرفون لكنها على الأقل أطاحت بكبار الفاسدين والنافذين ووظفت الإمكانات المتاحة في خدمة الصالح العام.

وأوضح الرئيس المشاط أن ثورة 21 سبتمبر حمت النفط اليمني والغاز اليمني من السرقة والنهب وحافظت على العملة وما تزال تصرف بين فترة وأخرى نصف راتب وكل ذلك من موارد محدودة للغاية.

ودعا الرئيس المشاط الجميع الى نشر قيم المحبة والإخاء والتسامح والتصالح بما يعزز الجبهة الداخلية ومواصلة حشد الطاقات بما يضمن نيل الحقوق كاملة غير منقوصة.

وفيما يلي نص الخطاب :

الحمدُ لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وارضَ اللهم عن أصحابه المنتجبين وبعد،

باسمي ونيابةً عن زملائي في المجلس السياسي الأعلى للجمهوريةِ اليمنيةِ أباركُ لشعبنا اليمنيِ العزيزِ احتفالاتهِ الوطنيةِ بمناسبةِ حلولِ الذكرى التاسعةِ لثورتهِ المجيدة، وبالمناسبةِ نفسها أُهنيءُ قائدَ هذه الثورةِ المباركة ، وصانعَ هذا اليوم الأغر السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ، كما أجدها فرصةً لأتقدمَ بخالصِ التهاني والتبريكاتِ إلى أبطالِنا المرابطين – في جميعِ جبهاتِ الشرف – دفاعاً عن حقوقِ الشعبِ العزيز، وذوداً عن حمى الوطنِ الغالي ، وهي أيضاً موصولة ٌ لكلِ المخلصينَ في مختلفِ ميادينِ الجهادِ الواسعة ، ولكلِّ الشرفاءِ والأحرارِ في عمومِ الداخلِ والخارج .

أيُّها الأخوة والأخوات

إن احتفاءنا بالحادي والعشرين من سبتمبر المجيد ليس سلوكاً ترفياً، ولا عملاً فائضاً عن الحاجة، وإنما هو تجديدٌ في الوعي واليقين، وإثراءٌ في العملِ والأمل، وتتويجٌ سنويٌ لنضالاتِ شعبٍ كريمٍ قررَ الخلاصَ من براثين الوصاية متفيئاً حراكاً مجيداً وثورةً متوثِّبَةٍ وضعت عزةَ اليمنِ وحريتهِ واستقلالهِ نصبَ عيْنيْها من أولِ يوم.

ثورةٌ يمنيةَ الهوى والهوية، ووطنيةَ الوجه واليد ، ولا غروَ في ذلك فهي تلك الثورة الخالدة التي لم تولد في أقبيةِ المخابرات ، ولا في دهاليزِ السفاراتِ ، وغرفِ الظلامِ والمؤامرات ، وإنما جاءت من صميمِ الشعب اليمني العزيز، وتدفقت من رَحِمِ معاناتهِ وأشواقهِ وتطلعاتهِ ، وهذا – لاشك – سِرُّ صمودِها ونموها وما هي عليه اليومَ من صلابةٍ وثباتٍ رغمَ كلِ الأهوالِ والتحدياتِ التي داهمتْها من لحظةِ ميلادِها الى هذا اليوم.

وفي مناسبةٍ كهذهِ ، لعل من الأهميةِ بمكانٍ أن نستذكرَ شيئاً من إرهاصاتِ الثورةِ وطبيعةِ الظرفِ الذي أنضجَ مُوجِباتِها لكي نعرفَ ويعرفَ العالم كُلهُ بأنَّ شعبنا لم يكن في ثورتِهِ الخالدةِ من الأشِرِينَ ولا من البَطِرِيْن ، وإنما كان ينزعُ عن حاجةٍ يمنيةٍ ماسة ، وعن ضرورةٍ دينيةٍ ووطنيةٍ ملحةٍ لوقفِ العبثِ الممتدِ عبرَ السنينِ الطِوال والذي كان قد أتى على كلِ شيءٍ جميلٍ في هذا البلد .

أيها الأخوة والأخوات

لقد جاءت الثورةُ المباركة بعدَ عقودٍ طويلةٍ من الوصايةِ المقنِّعَة، وإهدارِ النظامِ البائدِ لكلِ فرصِ النهوضِ بواجِباتِهِ ومسؤولياتِهِ وبعد أن تحوَّلتْ التبعيةِ الى ثقافةٍ وممارسة، والوصايةِ الى غولٍ مدمرٍ ومعولِ هدمٍ حقيقيٍ أجهضَ حُلُمَ الإنسانَ اليمني في رؤيةِ دولةِ يمنيةِ قويةِ تمتلك قرارها، وتصونَ سيادتِها واستقلالِها ، وتحمي أمنَ المواطن، وتبني إقتصادَ البلد، وبعدَ أن حوَّلوا بلاد السعيدةِ إلى واحدةٍ من أفقرِ بلدانَ العالمِ وأكثرها فسادا، وبعد أن صنعوا منها بيئةً حاضنةً للظلمِ والفسادِ والاستبدادِ ومرتعاً خصباً للإرهابِ والممارساتِ الظلاميةِ الغريبةِ والدخيلةِ على مُجتمعنا اليمني، وكُلنا ما يزالُ يتذكر كيف كانت مجاميعُ القاعدةِ تجوسُ خلالِ الديارِ وتنشرُ فكرَ الأحزمةِ الناسفةِ برعايةِ اطرافٍ نافذةٍ في السلطةِ حتى أن أعلامها كانت ترفرف في أرحب وجبل راس وفي البيضاء ومناطق كثيرةٍ ومتعددة لا، بل وكانت أعلامُها قبل مجيء الثورةِ بأيامٍ ترفرفُ في أجزاءٍ من منطقةِ سعوان بقلبِ العاصمة، تماماً كما هي الآن تُرفرِفُ في مدينةِ مأرب وفي عمومِ أراضينا المحتلة،

وكانت دروسُ الذبحِ والتفخيخِ تُلْقَى على شكلِ محاضراتٍ وبروفاتٍ فيما كان يسمى بجامعة الإيمان ومعسكراتِ الفرقةِ تحديداً، وهذا ليس تجنياً وإنما حقائقَ يثبِتُها ارشيفٌ زاخرٌ بالشواهد، وتثبتها علاقاتِهم المستمرةِ مع القاعدةِ التي هي اليوم جزءٌ لا يتجزأ من مزعومِ شرعيتهم الزائفة، وكانوا أيضاً قد عمدوا منذُ وقتٍ مبكرٍ الى إقصاءِ الشرفاءِ من كل المؤسسات وخصوصاً في مؤسستيْ الأمن والجيش.

ووفقَ خُططٍ مبكرةٍ وممنهجةٍ عمِدوا الى تفكيكِ الجيشِ وتحجيمهِ في التسليحِ والتدريبِ ومسخِ هويتهِ وعقيدتهِ القتالية ، وتحويل مهامهِ من جيشٍ وطنيٍ يُفترضُ أن يُدافِع عن البلدِ ويحمي ترابهِ العزيزِ الى ما يُشبهَ الشركاتِ الأمنيةِ المخصصةِ فقط لحمايةِ أدواتِ الخارج ، وكلنا يتذكر كيف كانوا يستعمِلونِ هذهِ المؤسسةِ لقمعِ المصلحينِ اليمنيينِ في الداخلِ واجتياحِ القرى والمدن اليمنية ، في الوقتِ الذي ظهرَ المقاتلونَ ببنادقٍ خرساء أمام من قتلوا جنودنا في جزيرةِ حنيش، وأمام من كانوا يقضِمون أراضينا قطعةً قطعة من دونِ أي مقاومةٍ أو طلقةِ رصاص،

وكلنا أيضاً يتذكر الثاراتِ وموجاتِ الذبحِ والتصفياتِ التي طالتْ كوادرَ المؤسسةِ العسكريةِ والأمنية، الى جانب انتشارِ آفةِ الثاراتِ والأزماتِ وبراميلِ التقطعِ وعمليات السطوِ والسرقةِ التي كانت تجتاح البلد من أقصى الجنوبِ الى أقصى الشمال ، وإضافةً الى ذلك كانت البلاد قد تحولت – منذ فترةٍ طويلةٍ – الى بيئةٍ طاردةٍ للعقولِ والكفاءاتِ وللأيديْ العاملةِ حتى أصبح المغتربون اليمنيون يملؤون دول العالمِ من مختلفِ المستوياتِ والطبقات كما هو معروف، ناهيك عن الفسادِ والعبثِ بمقدراتِ البلدِ إلى الحدِ الذي باعوا فيه الغاز اليمني لشركاتِ أجنبية، لا بل ووصل الفسادُ الى حدِ قيامِهم بتقاسُم آبار النفطِ وتوزيعها على أشخاصِهم وأُسرِهم، وظلت الأمورُ تسوءُ والمعاناةُ تكبُر من دونِ أيِّ هدفٍ حتى وصل كل شيءٍ منتهاه وأعلنت حكومة ما قبل الثورةِ افلاسها وعدم قدرتها على تسليمِ المرتبات ، وكل ذلك في مرحلةِ سلمٍ وفي ظلِ مواردٍ مكتملةٍ ومساعداتٍ خارجيةٍ مهولة.

أيها الشعب اليمني العزيز

إن هذه الإشارة المقتضبةِ – لبعضِ ملامِح الواقعِ المرير الذي سبقَ مجيءِ ثورتِكم المجيدة – لا أقصُد من ورائِها الإساءةِ أوِ الانتقاصِ من أيِّ جهةٍ في أيِّ عهدٍ أو عصرٍ – بقدر ما أردتُ التذكيرَ بأن من ينظرُ بعينِ الإنصافِ أو يدققَ بقلبِ الباحثِ المتجردِ – في مراحلِ ما قبل الثورةِ سيدركَ حتماً بأنَّ أوضاعَ البلدِ لم تكنْ على ما يُرام، وأن الحادي والعشرينَ من سبتمبر المجيد قد مثلَ بالفعلِ الاستجابةِ المنطقيةِ والطبيعيةِ لنداءِ الواجب، وصوتَ الضمير، تجاهَ وطنٍ يضيع وقيمٌ تتلاشى تحت وطأةِ الوِصايةِ الخارجيةِ وأدواتِها المحليةِ المحكومةِ بالفسادِ والتبعية، ولا أدَّعِيْ أنَّ ثورتَنا الخالدةِ قد نقلتكُم إلى الوضعِ المثالي الذي نصْبُو إليه ولكنَّ الوقتَ بالتأكيدِ ما يزالَ متاحاً أمامها لصناعةِ ذلك ، ولديها من القيمِ والعزمِ والإيمان ما يكفي إن شاء الله لتحقيقِ ذلك.

لقد حاولت الثورةُ من أولِ يومٍ أنْ تُصْلِحَ الوضعَ بطرقٍ سلميةٍ وحضاريةٍ فعفتْ عن خصومِها وحاورتهم وأبقتْهم في مناصِبِهم وقدمت كلَّ التطْمِيناتِ في الوقتِ الذي كانَ بمقدورِها أن تحاكِمَهم وتُعَلِّقَهُم على حبالِ المشانقِ تحت تصفيقِ الجماهيرِ لكنَّها أرادت أن تُؤسس لنمطٍ جديدٍ من التفكيرِ السياسيِ الخلاقِ لعلَّها بذلك تطوي صفحةَ الماضي الأليم ، وتفتحَ الأفقَ واسعاً أمامِ العملِ المشترك، وذلك كل ما فَعَلَتْهُ بِحقِّهم أنَّها دعتْهم فقط الى احترامِ سيادةِ البلادِ والتوقف عن الفسادِ والاستبداد ، ووقفِ العلاقةِ مع الإرهابِ وتصحيحِ الاختلالاتِ والمضيِّ قُدُماً نحو بناءِ الدولةِ اليمنيةِ العادلة ، مجسدةً بذلك ما جُبِلَ عليه شعبُها من التسامُحِ والصفحِ الجميل ، ومن الميلِ إلى السلامِ والحوار، ولكن مع الأسفِ الشديدِ كَبُرَ على خصومِها الإصغاءُ لصوتِ العقلِ والحكمةِ والأخلاق ، فقرروا وأْدَهَا بالقوةِ لِيبْدأَ فصلٌ جديدٍ من فُصُولِ الثورةِ في مشهدٍ عكسَ حقيقةِ الصراعِ القائمِ بينَ مشروعِ الوطنِ (الذي يدعو الى يمنٍ قويٍ وعزيزٍ ومستقل) وبين مشروعِ الخارجِ (الذي يُحاوِلُ إبقاءِ اليمن كجدارٍ قصيرٍ ومسرحٍ للتدخلات )

وعلى مدى تسعَ سنينٍ عجافٍ ضاعفتِ الحربُ العُدوانيةِ معاناةِ شعْبِنا – قتلاً وترويعاً وحصاراً وتجويعاً ودماراً واسعَ النطاقِ – ومع ذلك أثبت شعبنا ، بأن ثورتهُ وُجِدت لتبقى وتستمر، ويكفي هذه الثورةَ فخراً واعتزازاً أنها حافظت على أخلاقها وقيمها ومبادئها ولا أَدلُّ على ذلك من إبقائها باب العفوِ مفتوحاً وتعامُلِها النبيلِ مع الأسرى ، ومضت على قاعدةِ يدٌ تبني ويدٌ تحمي واستطاعت بفضل الله أن تُحَوِّل هذه الحربِ وهذهِ المعاناةِ الى شاهدٍ على عظمةِ شعبها وحكمةِ قيادتِها، وعدالةِ قضيتِها، وبسالةِ مقاتليِها، وصنعت من كلِ التحدياتِ فُرصاً ثمينةً للعملِ الدؤوب، وإحياءِ خصائصِ الصبرِ والتعاونِ والتكامل ، وتحصينِ الجبهةِ الداخلية .

وتحت النارِ والحصارِ أذْكَت الروحَ اليمنيةِ المبدعة ، وراكمت التجاربِ والخبراتِ فبنت جيشاً يمنياً عملاقاً، وصنعت كلَ متطلباتِ المقاتلِ من الطلقةِ الى الصاروخِ والطائرة، وبنت قوةً أمنيةً ضاربةً قضت بشكلٍ كليٍ على القاعدةِ وداعش وكلِ نتوءاتِ الإرهابِ والتطرف، ونشرت الأمن والسكينة في الطرقاتِ والقرى والمدن في عمومِ مناطقِ سيطرتها،

وأَدْخَلَت الكثير من الإصلاحات، والعديد من المشاريع في مختلف المجالات، ووضعت الحكومة التعليمات الصارمة لقيادة الثورة وقيادة الدولة بخصوص منع تجنيد الأطفال موضع التنفيذ، وأولت الجانب الزراعي عناية فائقة ، وبكفاءة منقطعة النظير أدارت الثورة معركة التحرر الوطني المستمرة ، وكل ذلك في ظل ظروف صعبة وإمكانات شحيحة وفي مواجهة حرب عدوانية كبيرة واصطفاف عالمي غير مسبوق ، وهذا ما شهدت به التقارير الصادرة عن كبريات المراكز العالمية الى جانب ما يصدر عن الجهات المعادية من إقرارات واعترافات متكررة بهذه الحقيقة، ولا ندعي نجاح الثورة الكامل في القضاء على الفساد فهذه معركة ماتزال طويلة كما تعرفون ، لكنها على الأقل أطاحت بكبار الفاسدين والنافذين ، ووظفت الإمكانات المتاحة في خدمة الصالح العام طبقا لأولويات المرحلة ، كما حمت النفط اليمني والغاز اليمني من السرقة والنهب ، وحافظت على العملة ، وماتزال تصرف بين فترة وأخرى نصف راتب، وكل ذلك من موارد محدودة للغاية الأمر الذي يعطي مؤشرات ودلائل كافية على انحسار واضح في مساحة الفساد ، وبالتأكيد مازلنا في صدد الترتيب للمزيد والمزيد من التغييرات والإصلاحات الشاملة.

أيها الإخوة والأخوات

سأكتفي بهذا القدر من الحديث عن ثورتكم الخالدة مع إبقاء المجال مفتوحا أمام النخب وحملة الأقلام الشريفة لإثراء الحديث عنها بقدر من التوسع أكثر وأكثر.

وأختم بما يلي:

أولا – أجدد التهنئة بمناسبة أعيادنا الوطنية وبمناسبة اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف وهي لا شك عيد الأعياد واحبها الى قلوب العباد وبهذه المناسبة أدعو الجميع الى نشر قيم المحبة والإخاء والتسامح والتصالح بما يعزز الجبهة الداخلية ومواصلة حشد الطاقات بما يضمن نيل الحقوق كاملة غير منقوصة

ثانيا – نؤكد حرصنا التام على تحقيق السلام العادل والشامل ونقدر عاليا ما يبذله الاشقاء في سلطنة عمان من جهود مشكورة في سبيل تحقيق هذه الغاية النبيلة، وفي هذا الصدد أود الإشارة إلى أنني كنت قد أعددت خطابا مختلفا تماما عن هذا الخطاب لكنني أجلته في اللحظة الأخيرة وكلي أمل أن لا أضطر للعودة إليه في أي مناسبة قادمة.

لقد عاد وفدنا الوطني المفاوض برفقة الوساطة العمانية يوم أمس الى صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية قادما من الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية بعد أربعة أيام من النقاشات التي وصفت بالإيجابية ، وقد سرنا ما نقله الوفد المفاوض عن القيادة السعودية – باعتبارها قيادة التحالف الذي نشتبك معه في حرب دامية منذ العام 2015- وهي من الناحية النظرية لاشك تعتبر رسائل وتأكيدات إيجابية ونضعها موضع الترحيب المشروط بسرعة العمل على وضعها موضع التنفيذ مؤكدين أن صنعاء كانت وماتزال تقاتل وتناضل من أجل السلام وإنهاء هذه الحرب العدوانية التي فرضت عليها من دون أي مسوغ منطقي ومن دون سابق إنذار ، وبكل صدق وشفافية ووضوح نؤكد بأن صنعاء جاهزة لمعالجة أية مخاوف لدى الرياض بقدر جاهزية الرياض لمعالجة مخاوف صنعاء ولن تكون صنعاء إلا مصدر خير وسلام لمحيطها وجوارها وكافة بلدان أمتها المسلمة .

ثالثا – أدعو خصومنا المحليين للعودة الى جادة الصواب والكف، والمضي معنا في السلام واحترام وطنهم وشعبهم على أساس من قداسة السيادة والاستقلال والخروج على نحو فوري من تحت عباءة الخارج ومغادرة أية اصطفافات خارجية ضد أبناء بلدهم مؤكدين أن التسلح بالخارج ضد أبناء بلدهم عمل مشين ومعيق لما نتطلع إليه من حوار يمني يمني يفضي الى الحل السياسي المنشود.

رابعا – أرحب بانفتاح المجتمع الدولي على صنعاء وأشدد على أهمية انهاء الاصطفافات العدائية المعيقة لعملية السلام في اليمن كما أتطلع إلى تعديلات جوهرية في المواقف الدولية التي تسببت كثيرا في إطالة أمد الحرب العدوانية على الشعب اليمني العزيز

المجد والخلود للشهداء

الشفاء للجرحى

الحرية للأسرى

النصر للشعب اليمني العزيز والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

قد يعجبك ايضا