كبرياءُ الجراح

موقع أنصار الله | أدب وشعر | معاذ الجنيد

هُمُ الجرحى نعم.. وهُمُ الشِّفَاءُ

لشعبي عندما عَظُمَ البلاءُ

حسينيون، رِبِّيون لمَّا

أُصِيبوا، ما أصابهُمُ استياءُ

وكيف سيندمون على مُصابٍ

إلى نيل الشهادة منهُ شاءوا؟

لأنهمُ اقتفوا قرآن (طه)

مضَوا ما هدَّهم في اللهِ داءُ

ولم يتألَّموا إلا اشتياقاً

إلى الجبهاتِ شاقهُمُ الفداءُ

فنخجلُ إن تألمنا عليهم

 

****

فمن نظراتهم خُلِقَ الإباءُ

هُمُ الجرحى نعم.. وهُمُ انتصارٌ

وهُم رُغم الإصابة كبرياءُ

معَ عَلَمِ الهُدى لمّا تولّوا

تجسّدَ في جهادهمُ الولاءُ

رجالٌ عاهدوا، صدقوا، وضحَّوا

رجالٌ من هُدى القرآن جاءوا

أحبّوا التضحيات وجسَّدوها

وهل في باذلٍ دمَهُ رِياءُ؟

رأوا أنَّ الصلاةَ بلا جهادٍ

هيَ الإسلامُ.. ينقصُهُ انتماءُ

وأنَّ الانتساب لدينِ طه

بلا بذلٍ، وتضحيةٍ.. هُراءُ

لقد حَمَلوا جراحَ الشعبِ عنهُ

ونابُوا عنهُ حين طغى الشقاءُ

لذلك تستحي الأشعارُ منهم

ويخجَلُ من عطائهمُ العطاءُ

فَهُم صُبُرٌ إذا ما الحربُ قامت

وهم صُدُقٌ إذا حانَ اللقاءُ

بخوضهمُ الوغى عادوا كِراماً

وأفئدةُ العدا منهم هواءُ

فكم من مشهدٍ يرويه جُرحٌ

وملحمةٍ تُسطِّرُها الدماءُ

 

****

هُنا الكرارُ كم دَكَّ الأعادي

هُنا ( العباس ) إمدادٌ، وماءُ

لئن غابت يدٌ عنهم وساقٌ

فقد حضَرَ الحسينُ، وكربلاءٌ

تجلَّى (جعفرُ الطيَّار) فيهم

وأشرق (زيدُ) والنهجُ السواءُ

من القرآن في القرآن عاشوا

عليه تحرَّكوا، وبه أضاءوا

لهم من (آل عمران) انطلاقٌ

لهم في سورةِ (الفتح) اتِّكاءُ

لئن وقفوا، وإن قعدوا فهُم في

سبيلِ الله تاجهُمُ الوفاءُ

فما حركاتُهُم إلا جهادٌ

وما أنفاسُهُم إلا دُعاءُ

وإن عادوا إلى الجبهاتِ حالاً

فهُم بالله جُنْدٌ أقوياءُ

 

****

بهم صَدَقَ الولاءُ لنهجِ طه

ومن أعدائهِ صَدَقَ البراءُ

وهم لمسيرةِ القرآنِ نبضٌ

به عاشت يُميِّزُها السِّخاءُ

مُصَابُ عدوِّهم قهرٌ وذلٌّ

مُصابُهُمُ افتخارٌ، وارتقاءُ

مُصابُ عدوِّهم رغماً عليهِ

مُصابُهُمُ اختيارُ، وابتِغاءُ

إذا حَمَت الجِراحُ مصيرَ شعبٍ

وذادت عنهُ، فالجُرحُ اصطفاء

بهِ يتميَّزون على سواهم

بأنَّهُمُ الأُباةُ، الأولياءُ

بفضلِ صمود جرحى الحرب فُزنا

(بنصر الله ينصرُ من يشاءُ)

فهُم شهداؤنا اختلفت عليهم

شِغافُ الأرض حُبًّا، والسماءُ

فتلك تريدُ أن يبقَوا عليها

وتلك لها بوَصْلِهمُ احتفاءُ

وإِنَّ اللهَ عَدَلًا منهُ أنهى

خلافَهما، وكان لهُ القضاءُ

فأعضاءٌ إليه سَمَت، وأخرى

لها في الأرضِ شامخةً بقاءُ

جِراحٌ في سبيلِ اللهِ حتماً

مع المختار يشمَلُها الكِساءُ

قد يعجبك ايضا