(ربيع محمد)

الشاعر/ علي النعمي

 

 

قف بالخشوعِ مصلياً ومسلما

واملأْ مجالاتِ الحياةِ تبَسُّما

 

وأسِمْ فؤادَك في ربيعِ محمَّدٍ

حتى تحلِّق في جوانحِك السَّما

 

وافرحْ مع الدُّنيا بمولدِه فقد

فتحت نواظرَها به بعد العمى

 

ماذا أقولُ وفي مقامِ مُحمَّد

يجثو البليغُ مصلِّياً ومسلِّما

 

بطحاء مكة ما أقولُ لها وللـ

ـبيتِ المعظَّمِ والحطيمِ وزمزما

 

ولبنت وهبٍ ما أقول وحَولها

جبريلُ في ملأ الملائك حوَّما

 

ماذا أقولُ لها وقد جاءت به

نورًا إلى الدُّنيا ودينًا قيِّما

 

عذرًا أبا الزهراءِ إني عاجزٌ

فالقلبُ يرجُفُ واللِّسانُ تلعثما

 

يا سيِّدي ما في القوافِي ما يفي

بأبي وأمِّي ما أجلَّ وأعظمَا

 

أنا لو أتيتُ من البيانِ بسحرِه

ثم اتَّخذتَ إلى مديحِك سلَّما

 

وملأتَ أوراقَ الدَّفاترِ مُبدِعًا

فيها شُموسًا لا تَغيبُ وأنجُمَا

 

وجعلتَ كلَّ صحيفةٍ منظومةٍ

أفقًا يلوحُ على سمائك مُحكَما

 

ومكثتُ في الدُّنيا ببابِك مادِحًا

أمسي وأصبحُ مُنشدًا مُترنِّما

 

لمضى الزَّمَان ولم أوفّي لحظةً

فيها وُلدت فكيف أذكرُ بعدما

 

يا خيرَ مولودٍ وأشرفَ مرسلٍ

شّرُفَ الوجودُ بيومِه إذ أقدما

 

وافيتَ والإنسانُ في ظلمِ الشَّقا

قد عانقَ الطاغوتَ واستهدى العمى

 

والجاهلِيةُ في القلوبِ وفي النُّهى

ظلماتُها وضلالُها قد خيَّما

 

فطلعتَ صُبحًا في حَوالِكِ أمَّةٍ

أميةٍ جهلاءَ تسبحُ في الدِّما

 

ومضيت بالقرآنِ تُحْيي مَيْتَها

تبني النُّفوسَ مربيًا ومعلِّما

 

والجاهليُّ الفوضويَّةُ روحُه

سمعَ الهدى فغدا حنيفًا مسلِما

 

وغدا جهاديًّا مُعدِّا مُنفقًا

بَرًّا تقيًّا بالشَّهادةِ مُغرما

 

والأمَّةُ العشواءُ أضحى خطوُها

يقفو خطاكَ مؤدبًا ومنظّما

 

ومضت مسيرتُك العظيمةُ كالحيا

تهبُ الحياةَ المستقيمةَ والنما

 

سَعُدت بك الدُّنيا وصار ظلامُها

صبحًا جميلًا بالمحبةِ مُفعما

 

ونهضتَ بالعربِ الشَّريدةِ نهضة

جعلت حفاةَ البيدِ حولَك أنجما

 

وعقدَّت ألويةَ الجهادِ مُجاهِدًا

حقَّ الجهادِ مفعِّلًا وحي السَّما

 

حربًا على الكفرِ المعربدِ لم تكن

لتقرَّ نكرًا أو تهادنَ مُجرِما

 

ما كان سيفُك باغيًا أو غادرًا

كلَّا ولا طلبت خيولُك مَغنما

 

هيهاتَ ما أُرسلت إلا رحمةً

بل كنت أولى بالنُّفوسِ وأرحما

 

لكنَّ سيفَك بعد أن نطقَ الهُدى

والمعجزاتُ البيِّناتُ تكلما

 

واجهت من صدُّوا وهم يبغونَها

عوجًا وتبغي أنت دينًا قيِّما

 

وصنعت بالسَّيفِ السلامَ بعزةٍ

إذ ليس معنى السِّلم أن تستسلِما

 

وبنيتَ بالقرآنِ فيها دولةً

عظمى تفيضُ عدالةً وتقدما

 

عجبًا لقومٍ يزعمون ضلالةً

فرحي بمولدِك العظيمِ محرما

 

ويرون جهلًا أنَّ ذلك بدعة

فتثورُ ثورتُهم إذا ما أقدما

 

سعيًا إلى إطفاءِ نورِك شمَّروا

لتظلَّ منسيًّا وذكرَك مُبهما

 

زاغوا عن القرآن زيغًا وابتغوا

تأويلَه جهلًا وردُّوا المُحكما

 

وإساءةُ الأمريكِ نحوَك لم تكنْ

لتثيرَ في الحرمين منهم مُحرِما

 

إن كان تعظيمُ النَّبيِّ جريمةً

ومعظِّمُ الهادي لديكم مُجرِما

 

وولاءُ إسرائيلَ فيكم سنَّة

فلمن إذًا خلقَ الإلهُ جهنَّما

 

لا والذي بعثَ النَّبيَّ محمدًا

نورًا به أحيا العبادَ وأكرما

 

ما قال هذا القول أو أفتى به

الا الذي عند اليهودِ تعلما

 

مهما ادَّعى حب النَّبيِّ أو انتمى

للدِّين أو صلَّى عليه وسلَّما

 

لو كان حبُّك صادقًا لفرحت في

وجهِ الحبيبِ وجئتَه متبسِّما

 

سحقًا لوجهٍ بالشَّقاءِ مشوَّهٍ

في وجهِ ميلادِ النَّبيِّ تجهَّما

 

رَغِمت أُنوفٌ لا تشمُّ عبيرَه

عميت عيونٌ لا تراهُ مُعظَّما

 

إن لم نعظِّم سيِّدَ الدُّنيا فمن

أترون شخصًا في المكانةِ أعظما

 

هيهات فالهادي العظيمُ محمَّدٌ

لو قيسَ بالعُظما لصاروا أعظُما

 

انظرْ رسولَ اللهِ حولَك أمَّةً

فتكَ الخلافُ بها فصارت مغنما

 

انظر ترَ الذئبَ المكشِّرَ حاكمًا

انظر ترَ الجهلَ الفظيعَ معلِّما

 

انظر بني الإسلامِ كيف تشتَّتوا

وتنكَّبُوا النَّهجَ السَّويَّ الأقوما

 

صنعوا لهم شُبهًا وداروا حولَها

مثلَ الجِمالِ العمي تَعصِرُ سِمسِما

 

هذا له رأيٌ وذاك له هوىً

يدعو إليه تعصُّبًا وتهيُّما

 

انظر تجدْ في كلِّ شبرٍ من ثرى

أوطانِنا شكوى ووضعاً مؤلِما

 

انظر تجدْ صهيونَ في المسرى وفي

كلِّ البلادِ فسادُهم قد عُمِّما

 

انظر تر المارنز في أوطانِنا

يبتزُّ عزتَنا وينتهِكُ الحمى

 

وطوائرُ الأمريك تقصفُ جهرةً

والموتُ منها في شعوبِك قد همَى

 

ومنابرُ التَّكفيرِ عُميٌ لا ترى

جرمَ اليهودِ ولا تبيحُ لهم دمَا

 

انظر تجدْ حكَّامَنا وملوكَنا

وجميعَهم في حلفِ أمريكا دُمى

 

انظر تجدْها أمَّةً عدَّ الحصى

لكن غثاءً لا تساوي درهما

 

حادت عن القرآنِ والقُرَنا ومِن

سوط الطُّغاة تقمَّصت ذلَّ الإما

 

قد ثُقفت بثقافةٍ مغلوطةٍ

أطعِ الأميرَ ولو سقاك العلقما

 

فالدِّينُ مِسبحةٌ وصبغةَ لحيةٍ

وثوابت الإسلامِ أن تستسلِما

 

يا مولدَ الهادي فأشرقْ بالهدى

فلقد طغَى ليلُ الضَّلالِ وأجرما

 

يا مولدَ المختارِ أقبل منبعًا

يَروي مشاعرَنا فقد طال الظَّما

 

يا مولدَ المختارِ رفرفْ رايةً

في قبضةٍ علويةٍ لن تهزما

 

يا مولدَ المختارِ جلجلْ صرخةً

في وجهِ أمريكا تهزُّ العالَما

 

يا مولدَ المختارِ أشرق ثورةً

تجتثُ أنظمةَ الفسادِ فطالما

 

أشرقْ لتُسقِط هذه الأصنامَ مِن

كلِّ العروشِ مزلزلًا ومحطِّما

 

أشرقْ ليُولدَ في القلوبِ مُحمَّدٌ

بعد الغيابِ مكرَّمًا ومعظَّما

 

أشرق بقرآنِ الهدى ونبيِّه

حرِّر بصائرَنا فقد طال العمى

 

أشرق بأخلاقِ النبيِّ لعلَّنا

من تلكمُ الأخلاقِ أن نتعلما

 

أشرق بجدِّ المصطفى وجهادِه

فعسى لتلك الروحِ أن تستلهما

 

أشرق لتلقى الطائفيةُ حتفَها

وتسيرَ أفكارُ الضَّلالِ جهنما

 

أشرق بأحمدَ كي توحِّدَ أمَّةً

حتَّى يضمَّ فصيحَها والأعجما

 

علَمٌ ومنهاجٌ وخطٌّ واحدٌ

ويصيرُ صفُّ المسلمين منظَّما

 

ثم الصلاةُ على النَّبيِّ وآلِه

طوبى لمَن صلَّى عليه وسلَّما

 

قصيدة المولد النبوي ألقيتها في حفل المناسبة بصعدة 12ربيع الأول 1435ه‍

قد يعجبك ايضا