الله ” سبحانه وتعالى” أودع في كل إنسان طاقات وقدرات لعمارة الحياة
وهكذا مجالات كثيرة لا يزال فيها أزمة ونقص حاد، أحياناً يتزاحم الناس في مجال معين، وأحياناً لا يحظى الناس بالتأهيل اللازم، مثلاً يخرج الكثير من العمال للعرض للعمل، ويتكدسون في شارع هنا أو شارع هناك في صنعاء أو في تعز أو في الحديدة، يعرضون أنفسهم للعمل، لكن خبراتهم المحدودة في مجال العمل قد تتركهم في حالةٍ من البطالة؛ لأن أكثر العمال يتقنون أعمالاً بسيطة، محدودة، معينة، لكن عندما يتأهل الناس في مجال العمل، يكتسبون الخبرات، يستطيع أن يعمل في هذا المجال، وذلك في هذا المجال، وذلك في هذا المجال، فهناك مجالات يواجه الناس شحاً في اليد العاملة فيها؛ لأنها تحتاج إلى خبرات وتأهيل، هذا الجانب مهم، ربط التعليم بالإنتاج، بالنهضة الاقتصادية، بالعمل في مختلف مجالات العمل، هذا مهم جدًّا، وأن يخرج الناس من الحالة الروتينية في التركيز على الوظيفة، من التعليم على الوظيفة، والوظيفة الإدارية والمكاتب، هذه ليست حالة صحيحة أبداً، لا يمكن أن يجتمع كل الشعب في مكاتب، من يزرع، من يصنع، من يبني، من يعمر، من يكون طبيباً، من يكون في بقية مجالات الحياة الواسعة جدًّا، ربما كثيرٌ من الناس يدفعهم الكسل، والكسل آفة وسلبية شنيعة، الحافز على البناء للأمة والنهضة، يساعد الإنسان أن يكون طموحه طموحاً بنَّاءً، ما الذي سينفع فيه، قد يكون الله قد أودع فيك طاقات معينة.
وللعلم الرزق لا يأتي فقط من خارج، أول مسألة في الرزق هي ما رزقك الله به- لاحظوا معي- من طاقات وقدرات، إذا اكتشفتها وأخرجتها وفعَّلتها ونميتها هي التي ستشتغل بها في نهاية المطاف، ومن هنا بدأت عملية التوزيع الإلهي للرزق فيما هيأ الله به النفوس، وفيما أودع في بني البشر من طاقات وقدرات كامنة متنوعة ومتعددة، تعمر بها الحياة، وتتنوع بها مجالات العمل، هذه نقطة مهمة جدًّا، بمعنى: هيأ الله الناس لأعمال مختلفة ومتنوعة، ذلك إنسان مثلاً قد يفيد جدًّا في المجال الزراعي، لماذا؟ لأن الله أودع فيه في مكامن نفسه، حتى في رغبته النفسية وميوله النفسية وقدراته التي أودعها الله فيما يناسب هذا المجال، في مجال التجارة، في أنواعها المختلفة، البعض مهيأ في ذلك المجال نفسياً، في قدراته، في تفكيره، في رغباته، في ميوله، فيما أودع الله فيه من قدرات كامنة، البعض في ذلك المجال، البعض في ذلك المجال… في مجالات الحياة المختلفة، البعض في المجال العسكري، البعض في المجال الإعلامي يمتلك البيان والقدرة في التعبير والتوضيح والتبيين…الخ.
((اعْمَلَوا فَكُلٌّ مُيَسَرٌ لِمَا خُلِقَ لَه))، هذا العمل الذي يتحدث عنه النص المروي عن الرسول “صَلَوَاتُ اللهِ عَلَـيْهِ وَعَلى آلِه” لا يعني القسمة بين عمل الخير والشر أبداً، المطلوب منا جميعاً هو العمل في الخير: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}[هود: من الآية7]، ولكنه العمل في مجالات الحياة، البعض مهيأ للعمل في الصناعة، يتجلى فيه منذ طفولته ذلك، عنده- وهو طفل- رغبة يهندس ويشتغل في مجال الهندسة ويبتكر، ويكاد أن يخترع البعض وهو في مرحلة الطفولة، كل إنسان أودع الله فيه- قبل أن نقول: عن توزيع الأرزاق خارج في الدنيا هذه من هناك ومن هناك- داخل أودع الله فيه قدرة، خبرة، قدرات كامنة، ميولاً نفسية تهيئة إذا اتجه في ميدان الحياة وفي مجال الحياة في مسار معين قد يفيد فيه، البعض هو طبيب، الطب في نفسه كان طاقة، كان رغبة، كان قدرةً كامنة، درس، تأهل، يبدع، يتقن، يحقق الله على يديه النتائج العجيبة المبهرة.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
المحاضرة الرمضانية الـ13 لعام 1440هـ