أمَّا السفينةُ.. فكانت لوعدِ سيد القول والفعل منقادةً غصبًا
موقع أنصار الله ||مقالات||إبراهيم محمد الهمداني
ما لم تجرؤ على فعله، أكثرُ من خمسين دولةً عربية وإسلامية مجتمعةً، فعلته دولةٌ واحدةٌ بمفردها، رغم ما تعانيه من ويلاتِ عدوان عالمي، وحصار أممي مطبق، على مدى تسع سنوات، نتج عنها أبشع وأكبر مأساة إنسانية، وأسوأ كارثة في تاريخ البشرية، حسب تقارير منظمات الأمم المتحدة نفسها، المشارِكة فعليًّا في قتل وحصار شعب بأكمله.
لكن ذلك لم يحل دون قيام ذلك الشعب العظيم، بواجباته الدينية والأخلاقية والإنسانية، تجاه دينه وقضايا أمته.
ما لم تجرؤ على التفكير فيه، الأنظمةُ العربية والإسلامية، في قمة الجامعة العربية الطارئة، المنعقدة في الرياض، بعد أكثر من ثلاثين يوماً، على العدوان الصهيوني الغربي، على المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، فعلته وأقدمت عليه – بكل جرأة وشجاعة – القوات المسلحة اليمنية باقتدار.
وحين عجز بيانُ تلك القمة الهزيلة، عن صياغة مخرجاتها، بلغة حازمة نوعًا ما، استطاع سيد القول والفعل، إعلان بيان قمته الجهادية المشرِّفة، بلُغة الصواريخ الباليستية الغاضبة، ونبرة الطائرات المسيَّرة اليمنية الثائرة، التي بلغت عمق الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وأسمعت صرختها من به صممُ.
في زمن ساد فيه ظلام الهيمنة الاستعمارية الاستكبارية، وفي جغرافيا مترامية الأطراف، غلبت عليها أنظمة العمالة والارتهان، ظهر من أقصى جنوب الجزيرة العربية، قائد رباني، آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب، ومكَّنه من أسبابِ القوة والبناء، وعصم به شعبًا كريمًا، كان على شفا حفرة، من نيران التطبيع والخضوع، وكان قاب قوسين أَو أدنى، من إعلان عبوديته المطلقة، لقوى الكفر والشر والطاغوت.
وجاء من أقصى الجزيرة رجل يسعى، قال يا شعب اليمن العزيز، اثبُتوا واصبروا ورابطوا، ولكم من الله النصرُ والتمكين، ومن أوفى بوعده من الله؛ كان نطقه القرآن، وكان هدى الله يترقرق من بين ثناياه، منهلا عذبا، يروي ظمأ الأرواح، ويشفي غليل القلوب، وهو يهذب النفوس ويزكّيها، وبمنطق الحكمة وقوة اليقين، اختصر معادلات الصراع، في الحتميات الثلاث، فاجتمعت إليه أقوام آمنوا بربهم، وزادهم هدى وزكاء، فخاضوا معه معركة المصير، ضد قوى تحالف العدوان الصهيوسعوأمريكي الإجرامي، وفقًا للتوجيهات والاستراتيجيات الإلهية، التي تمخضت عن انتصارات إعجازية مذهلة.
استطاع سيدُ القول والفعل، قيادةَ شعبه إلى مراتبَ متقدمة من الانتصارات والقوة والبناء، وأصبح اليمن قوةً إقليمية، يتمتعُ بكامل الحرية والسيادة والاستقلال، وما بين مرحلة الصمود الأُسطوري، ومرحلة كسر فاعلية قوة العدوان، استطاع القائد الرباني، من خلال المنهج القرآني، بناء أُمَّـة عظيمة، حرص – رغم انشغاله بمواجهة العالم، على كافة المستويات – على تأهيلها وتزكيتها وتربيتها وتهذيبها، وتهيئتها لتحمل مسؤولية القيادة والاستخلاف، في إطار المشروع الإلهي، ومهمة إنقاذ البشرية، من تسلط وهيمنة قوى الطاغوت والإجرام.
لم تشغلْه مواجهةُ قوى العدوان وتحالفاته، على كافة المستويات، عن تلبية نداء استغاثة أبناء غزةَ المستضعفين، وهم يُذبحون جماعاتٍ وفرادى، بصواريخ وقنابل الاحتلال الصهيوني الغاصب، المدعوم من أمريكا، ومعظم دول الغرب، ولما كانت تلك – هي أَيْـضاً – رغبة شعب بأكمله، عبَّر عنها بمظاهرات مليونية حاشدة، مفوضا سماحة السيد القائد، باتِّخاذ كُـلّ ما يراه مناسبا، من وسائل الرد المشروع، على جرائم ومجازر الإبادة الجماعية، بحق إخواننا الفلسطينيين، كما أبدت تلك الجماهير استعدادها للمشاركة الفعلية، في نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، والقتال جنبًا إلى جنب مع إخوانهم مجاهدي المقاومة، إنْ أذن سيد القول والفعل بذلك.
قالها سيدُ القول والفعل وفعلها، وأعلن موقفَ الشعب اليمني – الثابت والمبدئي – إلى جانب الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، فصدقته عمليات القوات المسلحة اليمنية، التي استهدفت – بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة – أهدافًا استراتيجية حساسة، في عمق الأراضي المحتلّة، أصابت الكيانَ الصهيوني المحتلّ، إصابات بالغة قاتلة، ثم ما لبث سيد القول والفعل، أن هدّد باستهداف سفن الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، وحذّرها من المرور من باب المندب، والمياه الإقليمية اليمنية، وصدَّقت أفعاله أقواله، وجاءت ترجمةُ ذلك الموقف العظيم، على يدِ القوات المسلحة اليمنية، التي سارعت بالاستجابة لأمر السيد القائد، وأعلنت استيلاءَها على سفينة إسرائيلية، واقتيادها إلى السواحل اليمنية، رغما عن أنف الأساطيل الأمريكية، والبوارج الحربية الغربية، وأكثر من ذلك، فقد كسرت هذه العملية، كُـلّ قواعد الهيمنة الصهيونية الغربية، وفرضت معادلات جديدة للصراع، مع قوى الاستكبار الغربي العالمية، حَيثُ تجنبت القوات المسلحة اليمنية، استهدافها بالقصف الصاروخي المباشر، وإصابتها وإغراقها، بل تعمَّدت الاستيلاء عليها واقتيادها، بما يحمله موقفُ الاستيلاء عليها، واقتيادها قسرًا، إلى السواحل اليمنية، التي أصبحت محرمة على قوى الهيمنة الأمريكية الغربية، دون خوف من تداعيات ذلك، بل في تحدٍّ صارخٍ لقوى الهيمنة والاستعمار، وغواصاتها وحاملات طائراتها وأساطيلها وقواعدها العسكرية، وما يتضمنه ذلك الفعل البطولي الشجاع، من إمعان في كسر وإذلال قوى الاستكبار، التي لم يجرؤ زعماء وملوك وأمراء التبعية والتطبيع، على إدانة جرائم الإبادة الشاملة، التي تنفذها ربيبتها دويلة الكيان الصهيوني الغاصب، بحق أبناء قطاع غزة المستضعفين، الذين عجزت وفود القمة العربية الطارئة، عن إعلان التضامن معهم، ودعمهم بالمال والسلاح، أَو على الأقل بالمال والمواد الغذائية والمشتقات النفطية والأدوية، أَو تأمين أبسط ضروريات ومقومات الحياة لهم، بينما أعلن الشعب اليمني بموقفه المتقدم، بلسان حاله وضمير قائده، ولسان الناطق الرسمي للقوات المسلحة، أن هذه العملية وما سبقها وما سيتلوها، تأتي في سياق نُصرة إخواننا المجاهدين في غزةَ، وأن العملياتِ العسكرية مُستمرّة، إلى أن يوقفَ العدوُّ الصهيوني، عدوانَه وجرائمَه ومجازرَه وحربَ الإبادة الجماعية الوحشية، التي ينفِّذُها بدعم أمريكي غربي، بحق أهالي غزةَ وفلسطينَ عُمُـومًا.