عظمة الشهداء

الشاعر / حميد الغزالي
كُلُّهُم رَاحُوا وَقَدْ كَانُوا هُنَا
ثُمَّ نَالُوا بَعْدَ مَا رَحَلُوا المُنَى

بِدِمَاءٍ غَسَّلُوا أَجْسَادَهم
وَثِيَابُ الحَرْبِ صَارَتْ كَفَنَا

غَادَرُونا بِوُجُوهٍ تَكْتَسي
مِن ضِيَاءِ اللهِ نُورَاً وَسَنَا

حَصَّنُوهَا بِدِماءٍ رَقْرَقَتْ
مِنْ عُرُوقِ الدَّمِ فَاضَتْ أَعْيُنَا

رَفَضُوا في بأسِهِمْ أَن يَّعْبدُوا
فَوقَ هَذِي الأَرْضِ يَومَاً وَثَنَا

مَا اسْتَكَانُوا أَبَدَاً لِقَاهِرٍ
وَلِأَجْلِ العِزِّ قد بَاعُوا الدُّنَا

إِنَّهُمْ أَحْرَارُ عاشُوا وَارْتَقَوا
شُهَدَاءً وَابْتَغَوهَا وَطَنَا !!

إِنَّهُمْ فِي الْخَالِدِينَ فِتْيَةٌ
حَفِظُوا العِرْضَ وَصَانُوا الْيَمَنَا

رَحَلُوا عَنَّا وَلَكِن لَّمْ يَزَلْ
ذِكْرُهُم فينا يُطِيبُ الأَلْسُنَا

لَهُمُ الْبُشْرَى مِنَ الرَّحْمَنِ فِي
رَوضِ عَرْشٍ طَابَ عَذْبَاً وَجَنَى

لَيتَنِي فِيهِمْ وَيَالَيتَ المُنَى
تُدْرَكُ الْيَومَ فَأَحْظَى بِالْهَنَا

إِنَّنِي إِن لَّمْ أَسِرْ فِي دَرْبِهِم
وَعَلى نَفْسِ الخُطَى لَسْتُ أَنَا

إِنَّهُم – وَاللهِ – لَولَاهُم لَمَا
سَلِمَتْ أَرْضٌ وَأَعْرَاضٌ لَنَا

أَو بَسَطْنَا فِي الْمَدَائِنِ أَمْنَنَا
وَبَوَادِينَا، وَعَمَّرْنَا البُنَى !!

أَدْرَكَ الْغَازِي بِتَضْحِيَّاتِهِم
أَنَّ هَذِي الأَرْضَ فِعْلَاً حَقُّنَا

مُلْكُ آبَائِي وَأَجْدَادِي، وَلَنْ
نَتَخَلَّى عَن مَّصَافِي إِرْثِنَا

أَيُّهَا الطَّامِعُ في أَمْلَاكِنا
لا تَظُنَّنَّ سَنُخْلِي أَرْضَنا

لَا يَرِفُّ الجَفْنُ مِنْ أَعْيُنِنا
مَهْمَا حَاوَلْتُم، فَهَذا مُلْكُنَا

قدْ فَدَيْنَاها زَكِيَّاً طَاهِرَاً
فَاسْتَحَقَّتْ مَا سَكَبْنَا ثَمَنَا

وَأَزَلْنا رَوثَ كَمُّ مسْتَعْمِرٍ
وَجَرَفْنا بِالرَّصَاصِ العَفَنَا

أَيُّ طَاغٍ رَامَ أَن يَّغْزُوَنا
وَيَذُوقَ المَوتَ فَلْيَأتِ هُنَا

لَا تُوَانِينَا قُوَاكُمْ، وَاعْلَمُوا
أَنَّنَا فِي الحَرْبِ لَسْنَا جُبَنَا

يَمَنُ الإِيْمَانِ صَخْرٌ ثَابِتٌ
وَاسْأَلُوا التَّارِيخَ يُنْبِئْ عَنَّنَا

وَاقْرَأُوا القُرْآنَ عَلَّ وَعَسَى
تَفْقَهُوا مَا قَالَ عَنَّنَا رَبُّنَا !!

 

قد يعجبك ايضا
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com