مخططات العدو الخبيثة في الضفة الغربية على هامش “طوفان الأقصى”

||صحافة||

 

وسط انشغال العالم بالحرب الدائرة في غزة ونذر توسعها وانزلاقاتها لجبهات أخرى، يقوم العدو الإسرائيلي بانتهاكات يومية في الضفة الغربية تتمثل باقتحامات وإعدامات ميدانية واعتقالات، فضلًا عن اعتداءات قطعان المستوطنين على أهالي الضفة وعمليات السلب والنهب التي تجري بشكل يومي.

وتفيد المعلومات الواردة بأنّ عناصر في الحكومة الإسرائيلية تسلّح المستوطنين وتدعمهم، بقيادة إيتمار بن غفير وزير الأمن القومي وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية الذي يتولى أيضًا مسؤوليات أمنية في الضفة الغربية.

وهذا الأمر يفتح ملفًا خطيرًا يتعلق بالضفة ومحاولات ابتلاعها التي سبقت أحداث طوفان الأقصى، ويجري حاليًا استغلال الحرب فيما يبدو للتسريع بمخططات العدو، وهو ما يتطلّب الانتباه وإثارة الموضوع على المستويات كافة بسبب خطورته البالغة.

 

ويمكن رصد أهم وأبرز أهداف العدو في الضفة في النقاط الآتية:

1- الأهمية الاستراتيجية للضفة بما تمثله من اتصال بعمق العدو وملاصقتها للقدس ووضعها الخاص للمتطرفين الدينيين وذرائعهم الدينية المتعلقة بـ”يهودا والسامرة” وارتباط المشروع الاستيطاني التوسعي بجلبهم إلى الضفة.

2- تعويض الفشل العسكري الصهيوني في غزة وما يصاحبه من غضب وتهديدات بن غافير بعدم وقف الحرب إرضاءً لبن غافير وغيره من المتطرفين بانتهاكات الضفة وترضيتهم وطمأنتهم بأن مشروع ابتلاعها قائم.

3- البرنامج الانتخابي لنتنياهو وحكومته يضمّ وعودًا بتوسيع الاستيطان وضم مناطق شاسعة من الضفة، وعلى حد تعبير الكاتبة الإسرائيلية “داليا شيندلين” فإنّ أحد أهم التغييرات التي أحدثها الائتلاف الحكومي الإسرائيلي اليميني المتدين، كان أكثرها خفية عن العين وأبعدها عن النقاش: تحويل إدارة الضفة الغربية من سلطة عسكرية (الإدارة المدنية والجيش)، إلى سلطة مدنية (الوزير بتسلئيل سموتريتش)، وقد قالت هي وزميلتها وياعيل باردا، في مقال مشترك إن هذا التغيير كارثي لأنه ينهي “وهم” الاحتلال المؤقت للضفة الغربية، ويشيّد نظامًا يقوم على فصل عنصري أكثر وضوحًا، وينهي التزام “إسرائيل”، وبشكل علني، بحل الدولتين.

4- كما يبدو حاليًا وأن العدوان الأمريكي والإسرائيلي كان مبيتًا بدلالة الخطوات التي استبقت طوفان الأقصى من تواجد عسكري أمريكي وتنسيق بحري ومظلة دفاعية مع دول في المنطقة، فإن العدوان اليومي على الضفة هو الآخر مبيت ويتم تكثيفه بذريعة دعم الضفة لحماس، حيث أعطى سموتريتش أكثر من 100 مليون دولار للمستوطنين، وفي إشارة إلى استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن الفلسطينيين يدعمون حماس، قال لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” إن: “هناك مليوني نازي في يهودا والسامرة، يكرهوننا تمامًا كما يفعل النازيون من حماس وداعش في غزة”؛ وفقا لقوله.

وبدأت الخطوات المكثفة والجدية لتنفيذ مخطط ابتلاع الضفة منذ العام 2020، حين اتهمت منظمة التحرير الفلسطينية الكيان الصهيوني، بدفع وحماية خطط استيطانية جديدة قبل تنفيذ خطة الضم، وقال تقرير للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع للمنظمة، إن المستوطنين يشرعون في إقامة بؤر استيطانية جديدة تحت حماية جيش الاحتلال على أبواب خطط الضم. وجاء في التقرير أن مجموعات من المستوطنين شرعوا في إقامة وتثبيت بؤر استيطانية في مناطق مختلفة في الضفة الغربية.

وقال التقرير إنه ما إن أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في الأول من يوليو /تموز 2020، موعدًا للبدء بعمليات ضم واسعة في أراضي الضفة الغربية لدولة الاحتلال وفرض القوانين المدنية الإسرائيلية عليها، حتى انطلقت في صفوف المستوطنين ومنظمات الإرهاب اليهودي التي تتخذ من المستوطنات وخاصة من البؤر الاستيطانية ملاذات آمنة لها.

وفي يونيو الماضي وقبل طوفان الأقصى بشهور، وافقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على بناء 5700 وحدة سكنية إضافية لمستوطنين يهود في الضفة الغربية المحتلة بالرغم من تظاهر أمريكا بممارسة الضغوط لوقف توسيع عمليات الاستيطان كونها عقبة أمام تحقيق السلام مع الفلسطينيين. كما صادق المجلس الأعلى للتخطيط في “إسرائيل” على مخططات بناء الوحدات السكنية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية. وأشادت شخصيات قيادية من المستوطنين اليهود بالقرار.

وبحسب ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية، فقد تمت المصادقة على 1000 وحدة استيطانية جديدة أكثر مما كانت حكومة الاحتلال قد صادقت عليه ستقام في مستوطنة “عيلي” المقامة على الأراضي الفلسطينية في جنوب نابلس، تضاف إلى المخططات، بموجب اتفاق بين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ووزير “الأمن” يوآف غالانت، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

ومؤخرًا، اتهمت وزارة خارجية السلطة الفلسطينية رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتعمد “شيطنة السلطة الفلسطينية لتسهيل ضم الضفة الغربية المحتلة وفصلها عن قطاع غزة”. وحذرت من “مخططات اليمين الإسرائيلي والمستوطنين لتفجير الأوضاع وخلق حالٍ من الفوضى في الضفة الغربية لاستخدامها مبررًا لضرب مناطق واسعة فيها وفرض حالٍ من النزوح على مواطنيها خاصة شمال الضفة”.

وقد كشفت المعلومات أن الهدف الحقيقي لخطة الإصلاح القضائي التي زلزلت الداخل الصهيوني وتسببت في انشقاقات عميقة في جبهته الداخلية، هو نزع المصداقية عن القضاء وإزالة العقبة الأخيرة التي تعطل السيادة اليهودية الدائمة على الشعب الفلسطيني وإقامة نظام حكم ثيوقراطي واستبدادي لتنفيذ مخططات اليمين المتطرف. كما كشفت وسائل الإعلام الصهيونية أن هناك أيضًا بُعدًا رمزيًأ لهذا التحول، وهو أنه بالنسبة إلى بعض المستوطنين، فإنّ حكمهم من الجيش داخل الخط الأخضر هو إذلال واستهزاء بمخططات الله لليهود!

هناك بعد آخر لم يتناوله الصهاينة ولا وسائل إعلامهم، وهو أن الكيان الصهيوني يحاول دائما تثبيت فصل الضفة عن غزة، وأنه يستغل الحرب الراهنة لخلق مفاوضات خاصة بغزة وأزمتها وإعمارها ومستقبلها، في محاولة للإلهاء عن افتراسه للضفة ومحاولة ابتلاعها.

وهنا يأتي دور الإعلام العربي والفلسطيني والشعب الفلسطيني كله لإبراز مخططات العدو، ومواجهتها وتثبيت معادلات ربط غزة بالضفة، والتي كرستها “سيف القدس”، حيث يصبح طوفان الأقصى تأكيدًا وتثبيتًا لها وليس تراجعًا عنها كما يريد العدو ورعاته بخبث شديد.

 

العهد الاخباري| إيهاب شوقي

 

قد يعجبك ايضا