لغة صنعاء تكسر العتوّ الأمريكي وردعه الوهمي
||صحافة||
لا يبدو أن باب المندب سيُفتح قريبًا. الإسناد اليمني لقطاع غزة على وتيرته ولن يرتاح ما دام العدوان متواصلًا. كلّ شيء مرهون بوقف الاعتداءات والمجازر الاسرائيلية. هي قاعدة أعلنها قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي. مقابل هذا الدعم، يتحرّك المحور الأمريكي وأدواته في المنطقة بهدف واحد: حماية الصهاينة من ضربات صنعاء النوعية والمؤثّرة في مشهد المعركة. تحالف من 10 دول على رأسها الولايات المتحدة لم يستطع الى الآن تحقيق هدف ممّا أعلنه في البحر الأحمر، بل عسكرته تمامًا.
الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني العقيد مجيب شمسان يوجز في حديث لموقع “العهد” الإخباري فشل الأمريكيين في تثبيت أيّ ردع الى الآن في الجبهة البحرية، ويقول إن “واشنطن عجزت عن كسر حصار القوات المسلّحة اليمنية على كلّ السفن المتجهة الى الكيان الصهيوني، كون صنعاء تملك قدرات فرضتها مواقع المواجهة في هذه المنطقة الحسّاسة لما تمثّله من أهمية استراتيجية على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية”، ويجزم بأن “مساندة الولايات المتحدة للكيان الصهيوني في البحر الأحمر ودعمه في مجازره بحقّ أبناء غزة لكسر الحصار اليمني فشل”.
ويؤكد العقيد شمسان أن “الأمريكي حشد قدراته الى هذه المنطقة وتحوّل حضوره الى مُهدّد للملاحة على اعتبار أنه يجسّد عسكرة لهذه البقعة الأساسية التي تشكّل بابًا أساسيًا أو ممرًّا مائيًا لحركة العبور البحري يسلكه أكثر من 10% من حجم التجارة العالمية”.
وبحسب العقيد شمسان، الأمريكي عندما عجز ردعه لصنعاء وفَقَد قدرته وبات مكشوفًا أمام علامات الاستفهام التي تطرح أين هي البوارج الأمريكية لتردّ على الحصار الذي تفرضه صنعاء على الكيان الصهيوني، سعى الى عسكرة المنطقة لتصويرها وكأنها تهديد للملاحة الدولية وحركة التجارة العالمية وليس لملاحة الكيان الصهيوني من خلال افتعال أحداث ومؤامرة إطلاق النار قبل أيام قليلة باتجاه طائرة مُسيّرة استطلاعية يمنية الى أن وصلت النيران الى سفينة تابعة للغابون.
لغة صنعاء تكسر العتوّ الأمريكي وردعه الوهمي
المحسوم بتقدير العقيد شمسان أن الأمريكي يسعى الى فرض توتّر في المنطقة ليكرّس فكرة أن ممرّها البحري يشكّل تهديدًا للتجارة العالمية، لأنه يُدرك أنه إذا صعّد أو أحْدَث مواجهة فيها فهو أكبر الخاسرين وكذلك العدو الصهيوني، لأن المصالح الأمريكية والبريطانية وحلفاء الدولتين ستتضرّر كثيرًا وهو ليس بحاجة الى ذلك أكثر ممّا هي متضرّرة اليوم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية ولا سيّما المتعلّقة بمصادر الطاقة وإمداداتها.
يشدّد العقيد شمسان على أن هناك نقاطَ ضغطٍ أخرى تمتلكها صنعاء الى جانب باب المندب فيما يتعلّق بمصادر إمدادات الطاقة يركن إليها الأمريكي والبريطاني وحلفاؤهما في المنطقة من فرنسا وألمانيا وغيرهما، سيجعلها هي من تمتلك اليد العليا في هذه المواجهة إن تمّت خاصة أن لدى اليمن ما يدافع به عن نفسه اذا وقعت فعلًا، ويضيف “ما زلنا في البداية ولدى صنعاء الكثير من المفاجآت على صعيد قدراتها البحرية”.
وعن جدوى تحالف حماية السفن الاسرائيلية في البحر الأحمر، يُشير العقيد شمسان الى أن الدول قد أدركت بعد خطاب السيد الحوثي أن الأمريكي يسعى الى توريطها في الحرب والتحالف الذي شُكّل يؤكد أن هذه الحرب خاسرة”، ويتابع “لا يمكن للأمريكي أن يقوم بضربة هنا أو هناك ثمّ يذهب الى هدنة أو وساطة.. الحرب في البحر مفتوحة وأيّ حركةٍ لهذه الدول الأعضاء في التحالف ستجعلها عرضةً للاستهداف من قبل القوات المسلّحة اليمنية كونها دخلت في عداء مباشر مع صنعاء”، ويُردف “هذه الدول تُدرك أنها لا تستطيع أن تدخل في مثل هذه المراوغة وهذا ينعكس عليها وعلى اقتصادها بشكل لا تقوى على تحمّله”.
من وجهة نظر المتحدّث اليمني، طبيعة المُتغيّرات والواقع تفرض على الأمريكي أن يكون مردوعًا وأن الحلّ الأقرب والأقلّ كلفة وقف الحرب على غزة وفكّ الحصار، أما مُشاركة البحرين في التحالف الدولي فهي عبارة عن تعاون صوري خاصة أنها لا يمكن أن تتخذ هكذا قرار بعيدًا عن السعودية والإمارات اللتيْن بدورهما تتحرّكان بالتنسيق مع الأمريكي، الى حدّ أن كلّ حركة الأمريكي في المنطقة مموّلة اليوم من الرياض وأبو ظبي، والبحرين ليست سوى انعكاس رمزيّ لهذه البلديْن الخليجييْن.
العقيد شمسان يضع الكلام الذي يورده الإعلام الأمريكي والعربي المُتحالف والمدعوم من واشنطن عن إدارة إيران للضربات اليمنية في خانة الكذب الذي يُكرر منذ أكثر من تسع سنوات، من بداية العدوان الظالم على اليمن، فالأمريكي يُريد أن يُخفّف من حجم الضربة التي تلقّاها لناحية سقوط هيبة الردع لأن دولة لا تزال مُحاصرة وتُعاني من ويلات الحرب كسرت القوّة الأمريكية ولم تفلح في الردّ على قرار إغلاق باب المندب أمام الملاحة التابعة للكيان الصهيوني.
وإذ يرى أن الإرادة اليمنية النابعة من موقف شعبي جامع وعارم هي أقوى وأشدّ في هذا الموقع الاستراتيجي، يتحدّث عن وساطات عبر عدّة أطراف تصبّ في محاولة وقف عمليات صنعاء باتجاه الكيان الصهيوني ولا سيّما في البحر الأحمر، غير أنه يلفت الى أن كلّ خطوات الترهيب والتهديد فشلت أمام اليمنيين لأن موقفهم أخلاقي ومبدئي من القضية الفلسطينية لا يخضع للمساومات أو التنازلات.
العهد الاخباري: لطيفة الحسيني