سقوطٌ مبكرٌ لتحالف حماية الملاحة الصهيونية: أمريكا بدون حلفاء في مواجهة اليمن
||صحافة||
اتضح فشلُ التحالف البحري الأمريكي لحماية الكيان الصهيوني بشكل لا لبسَ فيه بعدَ العملية النوعية الأخيرة التي نفذتها القوات البحرية منتصف الأسبوع الماضي ضد سفينة مرتبطة بإسرائيل تجاهلت التحذيرات في البحر الأحمر، حَيثُ فضحت تلك العملية عجز الولايات المتحدة عن حماية الملاحة الصهيونية وفشلها أَيْـضاً في حشد الدعم الدولي لترهيب صنعاء؛ وهو ما أثار أسئلة عديدة كانت أبرز إجاباتها أن العالم لم يصدق هذه المرة أكاذيب الولايات المتحدة وهو يراها تندفع بشكل جنوني لخدمة الكيان الصهيوني في مسعاه الإجرامي لإبادة الشعب الفلسطيني.
عبد السلام: العالمُ يدركُ عدم شرعية التحَرّك الأمريكي
في حديث له مع قناة “يورو نيوز عربية” أكّـد الناطق الرسمي لأنصار الله، رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام أن التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة الأمريكية في البحر الأحمر لحماية الكيان الصهيوني والسفن المتوجّـهة إليه “فشل قبل أن يرى النور؛ لأَنَّ أمريكا لم تستطع أن تقنع العالم بأن هناك مخاطر حقيقية على الملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي؛ فالدول تعرف أن السفن تمر بالمئات يوميًّا من باب المندب والبحرية اليمنية تتخاطب مع كُـلّ السفن بشكل مُستمرّ”.
وَأَضَـافَ أن “حالة الارتباك لدى الدول التي طلبت منها أمريكا الانخراط في تحالفها، وعدم التفاعل مع هذا التحالف، هو نتيجة لقناعة بعدم وجود شرعية قانونية أَو أخلاقية للتحَرّك الأمريكي”.
وأكّـد أنه لم يتغير شيء على المستوى العملياتي بعد إعلان الولايات المتحدة عن تشكيل تحالفها البحري، برغم قيام محاولات الولايات المتحدة لاستفزاز بعض الدول للانضمام، موضحًا أن “بعض الدول أبلغت صنعاءَ بأنها غيرُ موجودة في البحر، ودول أُخرى أبلغتنا أن تواجدها في التحالف يقتصر على إرسال ضباط إلى البحرَينِ فقط”.
وأكّـد أنه تم تقديمُ البحرين في هذا التحالف كعنوان للمشاركة العربية، لكن “ليس لها أي تأثير أَو تواجد ووجودها كعدمها”.
وتوضح هذه التصريحات بشكل جلي أن الولايات المتحدة الأمريكي قد أخفقت تماماً في مسعاها لفتح جبهة دولية في البحر الأحمر؛ مِن أجل إعاقة العمليات اليمنية؛ لأَنَّ العالَمَ بات يرى وبشكل واضح أن هدفَ الولايات المتحدة هو حماية الكيان الصهيوني، وأن الملاحة الدولية لا علاقة لها بالأمر.
رويترز: حلفاءُ أمريكا يعرضون عن تحالفها البحري:
في السياق نفسه، نشرت وكالة رويترز، الخميس، تقريرا بعنوان “حلفاء أمريكا يعرضون عن قوة المهام في البحر الأحمر” أكّـدت فيه أن “الرئيس الأمريكي جو بايدن يأمل في تشكيل تحالف دولي قوي للتصدي للهجمات اليمنية على السفن في البحر الأحمر من خلال تشكيل قوة عسكرية بحرية جديدة، لكن بعد أسبوع من إطلاقها يبدو أن العديد من الحلفاء لا يريدون الانضمام إليها سواء علنًا أَو على الإطلاق”.
وذكّر التقرير بأن “دولتين من حلفاء الولايات المتحدة في أُورُوبا، وهما إيطاليا وإسبانيا، أصدرتا بياناتٍ تشير فيما يبدو إلى أنهما تعرضان عن المشاركة في القوة العسكرية البحرية، وذلك على الرغم من الإعلان عن أنهما من المساهمين في عملية حارس الازدهار”.
وَأَضَـافَ أن “العديد من الدول التي ورد ذكرها في الإعلان الأمريكي سارعت إلى القول إنها لا تشاركُ في العملية بشكل مباشر، حَيثُ قالت وزارة الدفاع الإيطالية إنها سترسل سفينة إلى البحر الأحمر استجابة لطلب ملاك السفن الإيطاليين وليس في إطار العملية الأمريكية، وقالت فرنسا إنها تدعمُ الجهودَ المبذولةَ لتأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر لكن سفنها ستبقى تحتَ القيادة الفرنسية”.
وأوضحت الوكالة أنه من أصل 20 دولة قالت وزارة الدفاع الأمريكية أنها انضمت إلى التحالف البحري، فَـإنَّ “ما يقرب من نصف تلك الدول لم تقدم حتى الآن على الإقرار بمساهماتها ولم تسمح أَيْـضاً للولايات المتحدة بالقيام بذلك”.
ويرى التقرير أن “امتناعَ بعض حلفاء الولايات المتحدة عن الانضمام إلى قوة المهام يعكس الخلافات الناجمة عن الحرب في قطاع غزة، إذ يدعم الرئيس الأمريكي جو بايدن إسرائيل بقوة حتى مع تزايد الانتقادات الدولية للهجوم الإسرائيلي” وهو ما يشير إلى أن العالَمَ أصبح يدركُ جيِّدًا حقيقةَ الموقف الأمريكي غير الأخلاقي؛ الأمر الذي بات يلقي بظلاله على كُـلّ العناوين التي ترفعها واشنطن بما في ذلك عنوان حماية الملاحة الدولية، فالانضمام إلى التحالف الأمريكي لن يعتبر ولن يكون إلا مساهمة في دعم الكيان الصهيوني.
وفي هذا السياق تنقُلُ الوكالةُ عن ديفيد هيرنانديز، أُستاذ العلاقات الدولية في جامعة كمبلوتنسي بمدريد قوله: إن “الحكومات الأُورُوبية تشعر بقلق بالغ من أن ينقلب عليها قطاع من ناخبيها؛ لأَنَّ الشعب الأُورُوبي ينتقد إسرائيل على نحو متزايد ويخشى من التورط في صراع”.
ومن أسباب الإحجام الدولي عن التفاعل مع التحَرّك الأمريكي، بحسب تقرير رويترز، هو أن بعضَ الدول قلقةٌ من التعرض لاستهدافات، حَيثُ يشير التقريرُ إلى أن “مصدرًا مطلعًا على تفكير إدارة بايدن يرى أن هذا السبب هو أكثر ما يدفع بعض الدول إلى الابتعاد عن هذه العملية”.
ويشير ذلك إلى أن اليمنَ قد نجح بشكلٍ واضحٍ في إيصالِ رسائل وتحذيرات الردع بشأن التداعيات المحتملة للتحَرّك الأمريكي، حَيثُ تكشف هذه المخاوف ضمنيًّا قلق هذه الدول من أن تزُجَّ بها الولاياتُ المتحدة في مواجهة عسكرية مع اليمن.
وفي هذا السياق أَيْـضاً كشف تقريرُ “رويترز” أن الولايات المتحدة حاولت من خلال تشكيل تحالفها البحري فصل العمليات اليمنية عن المعركة في فلسطين، حَيثُ ينقل تقرير الوكالة عن مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الشرق الأوسط في عهد إدارة ترامب، قوله إن “هدفَ البنتاجون من التحالف البحري الجديد هو جعل أية هجمات مستقبلية يشنها (الحوثيون) قضية دولية وفصلها عن الحرب بين إسرائيل وحماس” حسب وصفه، مُشيراً إلى أنه إذَا انضمت الدول إلى التحالف الأمريكي فَـإنَّ أية هجمات ستكون “ضد التحالف بأكمله” وهو ما يعني أن الولاياتِ المتحدةَ كانت تحاولُ بوضوح أن تفتح جبهة دولية ضد اليمن.
وبالتالي ووفقًا لما ذكرته الوكالة، فَـإنَّ إحجامَ حلفاء أمريكا نفسها عن الانخراط في هذه الجبهة يعكس فشل الولايات المتحدة في إخفاء حقيقة دوافع وأهداف التحالف نفسه؛ إذ من الطبيعي أن تتمنع الدول عن الانخراط في مسعى لتفجير الوضع في باب المندب والمخاطرة بتداعيات عالمية مزلزلة فقط لخدمة أجندة الولايات المتحدة الرامية لحماية الكيان الصهيوني.
وبالمحصلة، فَـإنَّ النتيجةَ الواضحةَ والعامةَ هي أن الولاياتِ المتحدةَ أخفقت في استخدام نفوذِها الدولي لحماية الكيان الصهيوني من العمليات اليمنية، وهو ما ثبت عمليًّا يوم الثلاثاءِ الماضي من خلال العملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة ضد سفينة مرتبطة بكيان العدوّ، لكن هذا الإخفاق ليس تفصيلًا ثانويًّا؛ لأَنَّه يمثل ضربة واضحة لمستقبل الهيمنة الأمريكية، حَيثُ وضع اليمن واشنطن وبشكل لم تتعود عليه في موقف صعب ونادر تواجه فيه رفض حلفائها إضافة إلى ما تواجهه من تَحَدٍّ يمني مُستمرٍّ يكبِّدُها خسائرَ كبيرةً.
صحيفة المسيرة