اليهود الصهاينة هم العدو الأول للأمة
عندما نتأمل في القرآن الكريم نجد أنَّ الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” بيَّن لنا من هو العدو الحقيقي للأمة: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة: من الآية82]، اليهود الصهاينة هم العدو الأول للأمة، هم الذين يمثِّلون خطراً كبيراً على الأمة، وباحتلالهم لفلسطين، وتهديدهم للمقدسات، وسعيهم لأن تكون فلسطين منطلقاً للتوجه نحو السيطرة على الأمة بكلها، وأن يتبوؤا الموقع المهم في هذه الرقعة الجغرافية في واقع الأمة والعالم لتعزيز نفوذهم العالمي، هذا الخطر وهذا التهديد واجبنا أن نبقى دائماً على وعيٍ بأنه العدو الحقيقي للأمة، وأن الذي يأتي ليقول لنا: [إسرائيل هي الحليف، وهي الصديق، وهي، وهي…]، ويقدِّم التبريرات السياسية، وحتى يضيف إلى ذلك التزييف والافتراء بالكذب على الدين الإسلامي، ليتكلم أحياناً باسم الدين الإسلامي، وباسم الشريعة الإسلامية، ويحرِّف مفاهيم في خدمة إسرائيل، أن نكون على درجة من الوعي، نتحصن من كل هذه المساعي الشيطانية والتضليلية والنفاقية الخطيرة على الأمة.
القرآن الكريم يتوجه إلى الساحة الداخلية للأمة حينما يتحدث عن خطر العدو، وأول ما يركِّز عليه هو تحريم الولاء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: الآية51]، القرآن حينما يتوجه إلى ساحتنا الداخلية كمسلمين، ويجعل جزءاً كبيراً من البرنامج الذي قدَّمه لبناء الأمة للتصدي لهذا الخطر ولهذا التهديد برنامجاً يتجه نحو الساحة الداخلية للأمة، برنامجاً يحصن الأمة من حالة الولاء؛ لأن أول عملية للاختراق في داخل الأمة وللتأثير على الأمة هو يتجه من هذه النافذة: من نافذة الولاء؛ لأن هناك من سمَّاهم القرآن الذين في قلوبهم مرض: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}[المائدة: من الآية52]، من يتجه من داخل هذه الأمة وبمسارعة، يتجه بخطوات فيها مسارعة وانطلاقة غريبة جدًّا وشاذة، {يُسَارِعُونَ فِيهِمْ}، مسارعةً في العدو لتقديم خدمات واتخاذ مواقف مخلصة للعدو، ومواقف غريبة جدًّا؛ لأن عبارة (فِيهِمْ) تعبِّر عن هذا الإخلاص العجيب، عن إطلاق مواقف سلبية للغاية، ليس لها ما يبررها إطلاقاً، فالقرآن يقدِّم ما يحصن الساحة الداخلية، الساحة الداخلية للأمة يجب أن تكون فيها حالة واسعة من النشاط التثقيفي والتوعوي، ويترافق معه إطلاق مواقف تعبِّر عن العداء لهذا العدو، لماذا سعت كثيرٌ من الأنظمة إلى أن تكون هذه الساحة الداخلية لنا كمسلمين ساحة غيبوا عن مناهجها الدراسية وعن خطابها الديني والتثقيفي والتوعوي العداء لإسرائيل، الحديث عن إسرائيل كعدو، كخطر، كتهديد، غُيِّب كل هذا، غُيِّب- إلى حدٍ كبير- من المناهج الدراسية في المدارس والجامعات، غُيِّب عن النشاط التثقيفي والتوعوي، وغُيِّب عن الخطاب الديني إلى حدٍ كبير في مناطق كثيرة، لدى قطاعات واسعة من أبناء الأمة، وحلَّ محله بتخطيطٍ من قوى النفاق والعمالة النشاط الهادف إلى شق صف الأمة: (النشاط التكفيري) الذي اتجه نحو إثارة الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة، إثارة الانقسام والعداوة والبغضاء بين أبناء الأمة، التحريض ضد من يعادي إسرائيل بشكلٍ صحيح وبتوجهٍ جاد، والتعبئة والاستنزاف لطاقات الأمة وقدرات الأمة في ضرب بعضها بعضاً، هذا هو التوجه التكفيري الذي رعته أنظمة عربية، وهو توجهٌ مشترك بين تلك الأنظمة العربية والقوى التكفيرية، وكله يصب في مصلحة إسرائيل، وهذا من أوضح الواضحات، وما كان الموقف الإسرائيلي- دائماً- تجاه ما يجري مثلاً في سوريا إلَّا واضحاً في مساندته لكل تلك القوى التكفيرية التي تحركت في الساحة السورية، ثم هو صريحٌ في أنه يعتبرها تصب في مصلحته، وتعمل ما يخدمه.
اليوم نحن معنيون بأن نتحرك في ساحتنا الداخلية في حالةٍ من التوعية والتحصين للأمة من حالة الولاء لليهود الصهاينة، لإسرائيل ولأمريكا؛ لأن أمريكا وإسرائيل وجهان لعملة واحدة وتهديداً مشتركاً، ونجد في صفقة ترامب ما يشهد لذلك، الدعم الأمريكي لإسرائيل كان في كل المراحل الماضية دعماً مفتوحاً ومساندةً كاملةً وتامة، ولكن اليوم المسألة أوضح من ذي قبل في أن الأمريكي يدخل بشكلٍ مباشر كجزء من هذه العملية التي تمثِّل تهديداً على الأمة، وتمثِّل خطراً على الشعب الفلسطيني.
من كلمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في يوم القدس العالمي 1440 هـ