الشهيدُ القائد والرئيسُ الشهيد.. مدرستان وطنيتان
موقع أنصار الله ||مقالات ||مطهر يحيى شرف الدين
تتجسَّدُ الوطنيةُ الحقيقيةُ بكل معانيها ومقاصدها ومضامينها الخالية من المظاهر وَالشعارات والعناوين الجوفاء في شخصية الإنسان الغيور على دينه وَأرضه ووطنه سلوكاً وتحَرّكاً وغيرةً وحميةً في سبيل الله وفي سبيل حماية الأوطان من أن تُمَسَّ سيادتُها أَو تُنتهك كرامتها أَو يُنال من حريتها واستقلالها،
الله -سبحانه وتعالى- أراد للمسلمين في كتابه العزيز أن ينالوا من الأعداء وأن يطأوا أرضَ الأعداء لا أن ينال الأعداء من المسلمين أَو يطأ الأعداء أرض المسلمين؛ امتثالاً لقوله سبحانه:
(وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)
والحاصلُ اليوم والواقعُ العربي على العكس تماماً مما يريدُه اللهُ سبحانَه للأُمَّـة الإسلامية.
نرى القواعدَ العسكرية الأمريكية تملأُ الأرضَ العربية؛ هيمنةً وسيطرةً ونفوذاً على المواقع الاستراتيجية للدول العربية وفي أجوائها وممراتها المائية، نرى القرارَ السياسي الدولي الأمريكي الغربي هو النافذ، فلا أحد من الأنظمة العربية تجرؤ على أن تعترض أَو يكون لها حتى بصمة في القرارات الدولية أَو صوت مسؤول أَو موقف يحفظ لتلك الأنظمة شيئًا من الاستقلال والعزة، ونرى الأرض العربية تُستباح وتُنتهك من قبل قوى الاستكبار العالمي، ونرى الثقافة الغربية المنحطة والملعونة تسود أوساط المجتمعات العربية سقوطاً أخلاقياً وانحلالاً ولم يعد للهُــوِيَّة الإيمانية أي أثر سوى مظاهر خالية تماماً من الثوابت والمسؤوليات والقيم والمُثل في وضعيةٍ تستنكرها الفطرة السليمة.
ونرى كيف أصبحت الأرض العربية مستباحة يعيث فيها الأمريكي الفساد وينتهج منهج المكر والخديعة وخلق المبرّرات وَالتي من خلالها تم اختراق الساحة العربية بذرائع محاربة ما يسمى بالقاعدة والقضاء على الإرهاب وإحلال السلام والتعايش بين الأمم،
إن كُـلّ تلك التهديدات والتحديات بمختلَفِها خلقت -بفعلِ الترصد والوعيد الأمريكي- الهشاشةَ والضَّعفَ الواضحَ لدى الأنظمةِ العربية وزعاماتها، نتج عن ذلك القصور وَالتفريط في سيادة الأوطان وَتمكين الأجنبي من انتهاك واستباحة الأرض العربية وكل ذلك بفعل ثقة الزعامات العربية العمياء بقوة الاستكبار وَالتعاطي بإيجابية مع مواقف وَسياسات محور الشر تجاه الدول العربية،
كانت تلك الذرائع وَالتحديات والمخطّطات الأمريكية وذلك التربص الغربي المقيت تحت مجهر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- قائد ومؤسّس المسيرة القرآنية فريد زمانه وعصره والذي أدرك يقيناً حجم الهجمة الغربية العسكرية والسياسية والثقافية التي تنال من الأُمَّــة في دينها ووحدة صفها ووطنيتها؛ فعمل على وضع الحلول والمعالجات التي تكفل صد الهيمنة الغربية ومواجهتها وتضمن سيادة الأُمَّــة وخيريتها بين الأمم، وأولى تلك الحلول عودة الأُمَّــة إلى القرآن الكريم والعمل بما جاء فيه والتمسك به للوصول إلى الهداية والنور والبصيرة والاستقامة والقوة والشجاعة والثبات على الحق،
كان الشهيد القائدُ -بمنهجيته القرآنية وبروحيته الوقادة ومواقفه ومسؤولياته وكشفه المبكر للمبرّرات والذرائع ونظرته الثاقبة للتحديات واستقرائه للأحداث- يُجَسِّدُ الوَطنيةَ الخَالِصَةَ بكل تفاصيلها ومعانيها، ولو لم يكن إلا موقفه في مجلس النواب برفضه التوقيع على القروض ورفضه الحرب على الجنوب في صيف 94م وموقفه الجهادي العظيم من أمريكا التي استباحت الأجواء اليمنية باستهدافها عناصر ما يسمى بالقاعدة لكفت تلك المواقف فقط إلى أن ترتقي به ليكون مدرسةً تعلِّم الأجيال كيف تحمي وتدافع عن الأوطان وأنموذجاً ومثالاً للشخصية الوطنية الغيورة على الدين والأرض والوطن،
وما شعار “يدٌ تبني ويدٌ تحمي” الذي رفعه الرئيس الشهيد صالح الصماد -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- وتثبيته مداميكَ الدولة اليمنية الحديثة إلا ثمرة من ثمار المشروع القرآني الذي حمله الشهيد القائد ليكون المنهجَ والخط الذي تسير عليه الأُمَّــة في بناء عزتها وسيادتها وحِصناً ضد أعداء الله وأعداء الإسلام، فكان الصماد بمنطلقاته القرآنية وشعاراته وأقواله المنبعثة من عمق ضميره الحي ومن خوالج نفسيته اليقظة قد جَسَّدَ بذلك المعنى الحقيقي للوطنية ليكون هو الآخر مدرسةً تربوية تربي وتعلم، ومنبراً وطنياً حراً يُرشد ويحذر ويوجه ويُثني على الأحرار المجاهدين ويُجلّهم ويقدِّسهم؛ لأَنَّه يعرف أكثر منا وبشكل عميق ودقيق عظمة الجهاد والاستشهاد في سبيل الله وما يقدمه الله للمجاهدين والشهداء؛ ولذلك حريٌّ بالمؤسّسات التعليمية والتربوية أن يكون لها الشرفُ أن تجعل من الشهيد القائد والرئيس الشهيد أنموذجَين وطنيَّين وعنوانَين للوطنية ضمن المنهج التربوي التعليمي لتعرف الأجيال من هم الوطنيون الحقيقيون ولتتعلَّمَ معانيَ الوطنية وما ينبغي أن يقدمه الوطنيون لأوطانهم وكيف تكون ترجمةُ حب الانتماء للوطن والدفاع عنه سلوكاً وتحَرّكاً وموقفاً وَعطاءً وَتضحيات.