القواعدُ العسكرية الأمريكية في المنطقة.. الاحتلالُ الخفي

|| صحافة ||

تسعى الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ إلى تعزيزِ نفوذِها العسكري في المنطقة العربية، من خلالِ إنشاءِ مِئاتِ القواعِدِ العسكريةِ في المنطقة؛ وذلك لتحقيقِ العديدِ من الأهداف الاستراتيجية، منها حمايةُ الكيان الصهيوني، وحمايةُ مصالحها في المقام الأول.

وتتسم خطة إعادة الانتشار العسكري الأمريكي بالضخامة، ولا سيَّما في منطقة الخليج التي تعد منطقة ذات مصلحة حيوية لواشنطن؛ فعين أمريكا هو على نفط دول الخليج، وهو الهدف الأول لها في أي هجوم عسكري على أية دولة، والدليلُ على ذلك ما قاله (لورنس ليندساي) أحد المستشارين الاقتصاديين للرئيس الأسبق جورج دبليو بوش قبل بداية العدوان الأمريكي على العراق عام 2003م: “إن النفط هو الهدف الرئيس لأي هجوم أمريكي على العراق، وإن التأثيرات السلبية والتكلفة الاقتصادية لأي عمل عسكري ضد العراق ستكون بسيطة للغاية مقارنة بالمزايا الاقتصادية المرجوة في حال نجاح الحرب”.

ويتوزع العدد الهائل من المجندين الأمريكيين في عشرات القواعد العسكرية تمتد من تونس غرباً إلى سلطنة عُمان شرقاً، مُرورًا بالدول المشهورة بالقواعد العسكرية الضخمة من منطقة “العديد” في قطر إلى “الظفرة” في الإمارات، ومن تركيا والأردن شمالاً وحتى جيبوتي والصومال جنوباً، فضلاً عن بلدان تمنح تسهيلات ما بين المغرب غرباً، وحتى العراق شرقاً، مُرورًا بدول مثل مصر والكيان الصهيوني.

سنحاول هنا استعراض عدد من القواعد العسكرية الأمريكية المتواجدة في المنطقة، سواء من جهة العدد أَو الانتشار والتوزيع، ومعرفة الأدوار التي تقوم بها هذه القوات التي يمتد مسرح عملياتها طول وعرض الشرق الأوسط.

 

14 قاعدة عسكرية أمريكية في العراق:

بعد الاجتياح العسكري الأمريكي للعراق عام 2003م، سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية على أكثر من 106 مواقعَ استراتيجية في العراق تتراوح بين معسكر تدريب ومواقع انتشار رادار وقواعدَ عسكرية.

وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الانسحابَ من العراق في العام 2011م، إلا أن التواجد الأمريكي لا يزال قائماً في الأراضي العراقية، حَيثُ يوجد للولايات المتحدة الأمريكية أربعَ عشرةَ قاعدةً عسكرية تتوزع في العاصمة بغداد، وعددٍ من المحافظات العراقية وتضم حوالي 3000 جندي أمريكي.

ففي العاصمة بغداد، وبجوار مطار بغداد، توجد قاعدة “فيكتوري” الأمريكية، وتعد من أهمِّ القواعد الأمريكية العسكرية في بغداد؛ كونها تمثِّلُ فندقاً كَبيراً لكادر السفارة الأمريكية الكبير مع عوائلهم.

وفي شمال العاصمة بغداد توجد قاعدة “التاجي” وفي القاعدة يتمركز جنود أمريكيون لأغراض التدريب والتأهيل.

وفي محافظة كركوك توجد قاعدتان أمريكيتان هما “التون كوبري” وَ”الرينغ”، وفي محافظة كردستان العراق يتواجد الأمريكيون في خمسة مواقع عسكرية، وفي قاعدتين بمنطقتَي “أتروش” وَ”الحرير”.

وفي محافظة “السليمانية” توجد قاعدتان أمريكيتان في منطقة “حلبجة”، وفي محافظة أربيل توجد قاعدة “حرير” الجوية الأمريكية، وفي محافظة الموصل توجد قاعدة “القيارة” الجوية الأمريكية.

في محافظة الأنبار توجد قاعدتان أمريكيتان هما “الحبانية” وَ”عين الأسد”، وتعتبر قاعدة “عين الأسد” من أكبر القواعد الأمريكية التي يتمركز فيها الأمريكيون في العراق.

وفي محافظة صلاح الدين، توجد قاعدتان أمريكيتان هما “سبايكر” وَ”بلد الجوية”.

“العديد” أكبرُ قواعد أمريكا في المنطقة:

توجد في قطر قاعدة “العديد” الأمريكية، وهي أكبر قاعدة أمريكية في الشرق الأوسط، ويتمركز فيها 10000 جندي أمريكي، وتبعد حوالي 20 ميلاً جنوب العاصمة القطرية الدوحة.

ويتواجد في القاعدة الجناحُ الجوي رقم 379 وأساطيل التزود بالوقود الجوية والقوات الاستكشافية رقم 44 و340 و379 و434 و911 وجناح التحكم الجوي رقم 93، كما تحتوي القاعدةُ على ناقلات “KC-10” وطائرات “B52” وقاذفات “KC135″ وطائرات استطلاع إلكترونيةEA6″”.
بلغت تكلفةُ هذه القاعدة ما يقارب 1.4 مليار دولار.

وفيها مدرج يبلغ طولُه 2.8 ميل يستطيع أن يستوعب 120 طائرة، وقد تحدث الجنرال “جيسين أرماكوست”، قائد الجناح رقم 379، عن أهميّة القاعدة قائلاً: “إن هذه القاعدة لها مكانها الاستراتيجي في إدارة عمليات الأمريكيين في المنطقة الوسطى بالشرق الأوسط”.

 

4 آلاف مجند أمريكي في البحرين:

تعتبر البحرين من أكثر الدول العربية المنصاعة للولايات المتحدة الأمريكية، وتوجد فيها قواعد دائمة لتخزين العتاد الأمريكي.

ومنذ التسعينيات أصبحت البحرين المقر العام للقوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأمريكية للمنطقة الوسطى من العالم الواقعة ما بين آسيا الوسطى والقرن الإفريقي.

وفي قاعدة الجفير الأمريكية يتمركز الأسطول البحري الأمريكي الخامس، وفيها يتمركز 4200 جندي أمريكي، وتضم القاعدة عدداً من حاملات الطائرات والغواصات الهجومية والمدمّـرات، كما استقرت في البحرين أَيْـضاً 70 طائرة مقاتلة أمريكية، وعدد من القاذفات التكتيكية وطائرات تزويد الوقود في قاعدة الشيخ عيسى الجوية.

 

السعوديّة.. المقرُّ الرئيسيُّ لعمليات الأمريكيين في المنطقة:

تعتبر السعوديّة المقرَّ الرئيسي للقيادة العسكرية المركزية الأمريكية، وعبر القواعد العلنية والسرية الأمريكية الموجودة فيها تدير القوات الأمريكية عملياتها في مصر والسودان والأردن والعراق وبالقرب من إيران.

وفي قاعدة سلطان الجوية تتمركز القوات الجوية الأمريكية في المنطقة، وفيها 5000 عسكري أمريكي، يديرون عمليات 80 طائرة حربية وتجسسية أمريكية ومنها طائرات يو 2 التجسسية.

 

قواعدُ عسكرية في الكويت وعمان:

بعد العدوان الأمريكي على العراق وقَّعت الولايات المتحدة الأمريكية اتّفاقاً عسكريًّا بحرياً مع سلطنة عُمان يسمح باستخدام موانئها، حَيثُ تعتبر “قاعدة مصيرة الجوية”، مستودعاً عسكريًّا للقوات الأمريكية منذ سنة 2009.

ويوجد في القاعدة مقر شركة “دينكورب” الأمريكية، ويوجد في سلطنة عمان 18 عسكريًّا منتدباً من وزارة الحرب الأمريكية.

وتوجد في الكويت أربع قواعد عسكرية، هي قاعدة علي سالم الجوية التي يتمركز فيها ألفا جندي من سلاح الجو الأمريكي، وقاعدة “عرفجان” التي تعد أكبر قاعدة عسكرية، وقاعدة معسكر “الدوحة” المخصصة لسلاح الجو، إضافة إلى قاعدة “بيورنج” والتي توجد فيها رادارات عديدة متطورة.

 

الأردن.. المخزنُ الأمريكي للعتاد العسكري الضخم:

بعد الانسحابِ الأمريكي من أفغانستان والعراق مؤخّراً، استحوذت الولاياتُ المتحدة على 12 قاعدةً عسكريةً في الأردن، من خلال “اتّفاقية التعاون الأردني الأمريكي” المعقودة بين الطرفين لمدة 15 عاماً.

ونصت الاتّفاقية على منح الولايات المتحدة مَنْحاً شاملاً، حرية التصرف في القواعد كما تشاء، وكأية قاعدة للقوات الأمريكية على الأرض الأمريكية، دون امتلاك الأردن حق الاعتراض، أَو السؤال عما يجري بداخلها.

ويتمركز في القواعد العسكرية الأمريكية الـ (12) 6000 مجند أمريكي، موزعين في تلك القواعد المتواجدة بالعاصمة الأردنية، وعددٍ من المحافظات الأردنية.

وتعتبر قاعدة “السلطي” الجوية القاعدة الرئيسية في المنطقة للطائرات الأمريكية بدون طيار مع غرفة عمليات ملحقة جديدة تتولى كُـلّ مهام القيادة والسيطرة.

وبالإضافة إلى قاعدة “الحميمة” البحرية، وقاعدة “الملك عبد الله الأولى”، وقاعدة “الملك عبد الله الثاني” الجوية والقاعدة “البحرية الملكية” في العقبة، وكذا قاعدة “القويرة” جنوبي الأردن، وقاعدة “الأمير حسن” الجوية، وقاعدة “الأمير فيصل” الجوية (الجفر) ناهيك عن إنشاء الولايات المتحدة الأمريكية لـ (15) بُرجاً حدودياً مع سوريا والعراق تم تصميمُها كثكنات صغيرة.

التواجُدُ الأمريكي في المغرب:

في العام 1950م، وقَّعت الولاياتُ المتحدة الأمريكية وفرنسا اتّفاقيةً تقضي ببناء خمس قواعد أمريكية في المغرب، وتوزعت في المناطق التالية: سيدي سليمان، النواصر، بنسليمان، وضواحي آسفي، وكانت القواعد الأمريكية في المغرب من أكبر القواعد العسكرية في العالم، فقد ضمت قواعد لطائرات من نوع “ب 52″ و”ب 47” القادرة على حمل رؤوس نووية، فيما كان عددُ الجنود الأمريكيين بهذه القواعد، يتجاوز الـ 16 ألفاً.

وبالرغم من إعلان ملك المغرب إجلاءَ القواعد الأمريكية إلَّا أن مصادر إعلامية تؤكّـد تواجد القوات الأمريكية في المغرب؛ وذلك بذريعة تقديم المشورات والتأهيل والتدريب للقوات المغربية.

 

قواعدُ عسكريةٌ في مصر وسوريا والقرن الإفريقي:

تعودُ نشأةُ القواعد العسكرية الأمريكية في مصر إلى عهد السادات، الذي أعطى لأمريكا منذ تأسيس قوات الانتشار السريع كافةَ التسهيلات داخل الأراضي المصرية، ووضع قاعدة قنا الجوية قرب الأقصر تحت تصرفهم بالكامل.

ولهذه القاعدة أهميّةٌ استراتيجية لم يكن حتى الأمريكيون يعرفونها، حتى نبَّهم إليها السادات، وهو ما ذكره هنري كسينجر في مذكراته، حين قال: “لم أكن أفهمُ غباءَ السادات إلا حين طرد الخُبراء السوفييت دون مقابل يطلُبُه من الولايات المتحدة، ثم حين وهب لنا قاعدة قنا الجوية عرفت أن العربَ في طورهم للانهيار، وقبول دولة الكيان كدولةٍ بينهم دون اعتراض”.

وينتشر في سوريا حَـاليًّا 28 موقَعاً أمريكياً، موزعة على 24 قاعدة عسكرية، و4 نقاط تواجد، تضم أكثر من ألفَي جندي أمريكي.

وتتوزع قواعد الاحتلال الأمريكي العسّكريّة شرقي سوريا، في المنطقة الممّتدّة شرق نهر الفرات من جنوبي شرقي سوريا بالقرب من معبر التّنف الحدوديّ، إلى الشّمال الشّرقيّ بالقرب من حقول رميلان النّفطيّة، وتتوزّع في الحسكة ودير الزّور.

ومنذ مطلع العام 2002م بدأت القواتُ الأمريكية تتمركز في قاعدة “ليمونية”، وهي قاعدة فرنسية بالأصل، تم تأسيسها كحامية لفيلق القوات الأجنبية الفرنسية سيطر عليها الجيشُ الأمريكي بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بعدَ ما قرّرت باريس أنها لم تعد بحاجة إليها.

وتعتبر هذه القاعدةَ الوحيدةَ الدائمةَ للولايات المتحدة في القرن الإفريقي، وتقع على بُعد بضعة كيلومترات فقط من القاعدة الصينية، وتقوم القوات الخَاصَّة الموجودة فيها بمهام كوماندوز سرية، إضافةً إلى إطلاق الطائرات بدون طيار (بريداتور) كوسيلة لما تزعمه أمريكا من “مكافحة الإرهاب” في الصومال واليمن.

ويبلغ عددُ الجنود فيها ما يقارب 4000 جندي، وتقوم البحرية الأمريكية بقيادة هذه القاعدة التي يُديرُها قائدُ منطقة البحرية الأُورُوبية، بالإضافة إلى ذلك، حَيثُ تضُمُّ هذه القاعدة وحداتٍ من العمليات العسكرية وقوة العمل المشتركة في القرن الإفريقي (The CJTF) وكتيبة (Seabees) البحرية الأمريكية، كما تتواجد فيها المروحيةُ الأمريكية الثقيلة من نوع (CH-53) وحاملة الطائرات البحرية الأمريكية من نوع (P-3) بالإضافة لحاملات طائرات من نوع (C-130).

صحيفة المسيرة: محمد ناصر حتروش

قد يعجبك ايضا