عجلة الحياة تسير ونكبات البشرية استمرت نتيجة البعد عن هدى الله

موقع أنصار الله  || من هدي القرآن ||  عجلةُ الحياة تسير دون توقف، ونكبات البشريّةِ وويلاتُها ومعاناتُها استمرّت كذلك نتيجةَ هذا البعد عن الهدى وعن رسالة الله ورسله وتعاليم أنبيائه، جلبتِ البشريةُ في معظمِ مراحلِ التاريخِ على نفسِها الشقاء، هلكت أُممٌ تِلْوَ أُمم، وضُرِبَتْ بسخط الله بأشكالٍ وألوانٍ من العذاب، الطوفانُ والصيحةُ، والزلازلُ، والخسفُ، وَنَزْعُ البركات، والتسليطُ للبعض على البعض، والفتن، وغيرُ ذلك، قال الله تعالى:

فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَالعنكبوت:40 قليلون كانوا هم الذين آمنوا واستجابوا واتّبعوا رسالةَ الله والتزموا بتعاليمِ أنبيائه ودانُوا بدين الله الحق ونَهَوْا عن المنكر قال الله تعالى: فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَهود:116.

 

بنو إسرائيل وتجربتهم مع رسالات الله

 

في مراحل التاريخِ الأخيرةِ كانت رسالةُ الله إلى موسى، وآمن به بنو إسرائيل وكان فيهمُ النبوة والكتاب وكانت تَجْرِبَتُهُمْ مع رسالةِ الله وتعاليمه على التفصيل الذي تضمنه القرآن الكريم بشأنهم، غلبت عليهم حالةُ الانحراف والتحريفِ، واضْطَهَدُوا أنبياءَهم والصّالحين منهم، حتى بعث الله عيسى بن مريم عليه السلام، وكثير منهم كذبوه، وأساؤوا إليه وتآمروا عليه، ولم ينفع فيهم ما أَيّدَهُ الله به من المعجزات، تَعَرّضَتْ شريعةُ عيسى عليه السلام للتحريف أيضًا.

 

وضعية العالم قبل البعثة

 

تعاظمت الانحرافاتُ والخرافاتُ في واقع البشريّةِ حتى طُمِسَت معالم الحق وامتلأت الدنيا ظلمًا، وَسَادَها الشِّرْكُ والجهل، وانْتَشَرَتِ الرذائل وارتُكِبَتِ المآثم، وأَطْبَقَتْ على الأرض ظلماتُ الجهلِ والضلالِ والمفاسدِ والتظالم.

كان الوضع على مستوى العالم عمومًا وعلى مستوى العرب خصوصًا وضعًا مشينًا، حالة ضلال رهيبة، وحالة ضياع، حالة فرقة، حالة هوان، اختلاف، تناحر، تشتت.

 

وضعية العرب في الجزيرة العربية

 

وصلت حالة الضلال والجهل إلى أنه في الجزيرة العربية انتشرت حالة الشرك، الابتعاد عن الله – جل وعلا – والشرك بأصنام أخرى سواء أصنام من الحجر وأصنام من البشر وغفلة كبيرة عن الله – جل وعلا -.

من حالات الجهل والتخلف التي وصل إليها العرب آنذاك أن جعلوا من أحجار ينحتونها هم بأيديهم وأحيانًا أخشاب وما شابه ذلك آلهة يتضرعون إليها، يقدمون لها النذور؛ يطلبون منها النصر، يستشفعون بها، يطلبون منه الغوث، يطلبون منها دفع الضر، وهذا كان غاية في الجهل والتخلف كيف يجعلون مما يصنعونه هم بأيديهم آلهة تُعبد وتُرجى؛ فهذا هو بسبب مدى البعد عن الله – جل وعلا –  الغفلة الكبيرة عن الله – جل وعلا -.

أما في شؤون حياتهم فكان هذا في جانب معين في جانب التضرع والتذلل في جانب طلب كشف الضر دفع الضر وفي جانب الترجي للخير والحصول على الخير في شؤون حياتهم وفي تدبير أمورهم كان يتحكم بهم حفنة من الطواغيت يعني كان هناك عبودية للجهتين أصنام حجرية لها شكل معين من العبادة هو التضرع هو طلب دفع الشر ودفع الضر هو طلب الخير.

نوع آخر من العبودية فيما يتعلق بشؤون الحياة كان هذا منوطًا بحفنة من الطواغيت بشر مظلين مفسدين ظالمين مجرمين يلتف حولهم المجتمع ليتحكموا به وبشؤونه وبتدبير أموره وبالتنفيذ في كل قضاياه يشرعون له ما شاؤوا يمنعونه مما شاؤوا يفرضون عليه ما يريدون حسب أهوائهم وأمزجتهم.

وهذا كان له أثر سلبي مُدَمِّر في واقع الحياة؛ فتحولت الأمة إلى ساحة للفسق ساحة للفجور ساحة للظلم وساحة للفقر الشديد حيث أصبحت ثروات الأمة بيد تلك الحفنة من الطواغيت يستعبدون الناس ويذلونهم ويقهرونهم فكان هذا أيضًا نوعًا من أنواع العبودية نوعًا من أنواع العبودية للطواغيت لأصنام البشر أصنام البشر التي تتحكم بالناس في حياتهم وفي شؤونهم وفي تدبير أمورهم.

وأما هذه الحالة التي وصل فيها مستوى التخلف إلى أن تنعدم الرحمة وتنعدم الإنسانية ينعدم الضمير وصل الحال إلى أن يقوم الرجل بقتل ابنه (طفله الصغير) خشية الفقر خشية الإملاق إما خوفًا عليه من أن ينشأ فقيرًا أو لأنه يعيش في حالة الفقر، وصلت الحالة إلى أن توأد البنات خشية العار، وصل الحال إلى أن يكون غذاؤهم أن يأكلوا الميتة، الميتة كالحيوانات تمامًا كما الكلاب كما النسور كما غيرها.

عندما يفقد الناس دين الله ويبتعدون عنه يحصل تخلف وانحطاط لدى المجتمعات البشرية فتصير في مصاف الحيوانات كالأنعام بل هم أضل.

لا يجتمعون على كلمة مفرقون قبائل متناحرة متقاتلة يقتتلون على أتفه الأمور أحيانًا على سباق بين بعيرين أو بين فرسين تحصل حروب كبيرة جدًّا وتهدر فيها الدماء والمقدرات لدى الأمة ضياع كانت الأمة تعيش حالة من الضياع في واقع حياتها ليس لها هدف ليس لها ما يجمع كلمتها ويوحد صفها ويلم شعثها ويبنيها أمة عزيزة قوية لها قضية عظيمة.

 

قد يعجبك ايضا