من مزاعم “استهداف الكابلات” إلى دعاية “التلوث البحري”: هروبٌ أمريكي بريطاني من واقع الفشل إلى الأكاذيب

|| صحافة ||

على وَقْــعِ غرقِ السفينةِ البريطانيةِ “روبيمار” بشكل كامل بعدَ قرابةِ أسبوعَينِ من استهدافِها بصواريخَ بحريةٍ يمنيةٍ في خليج عدن، أطلق العدوُّ الأمريكي البريطاني حملة تضليل زعم فيها أن حمولةَ السفينة الغارقة تهدّد بوقوع كارثة بحرية؛ الأمر الذي نسفته تقارير رسمية لشركات منتجة للأسمدة والمواد الكيماوية، حَيثُ أكّـد أن المادة التي كانت تحملها السفينة غير ضارة على البيئة البحرية؛ لينكشف بسرعة الهدف الحقيقي من حملة التضليل والمتمثل في محاولة تأليب المجتمع الدولي والرأي العام ضد القوات المسلحة اليمنية، بعد العجز عن مواجهتها عسكريًّا.

وكانت القيادة المركزية الأمريكية قد قالت في بيانها الذي أعلنت فيه عن غرق السفينة إنها تحمل ما يقارب 12 ألف طن من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم، الذي زعمت أنه “يشكل خطرًا بيئيًّا في البحر الأحمر”.

ولكن تقارير رسمية صادرة عن العديد من الشركات المنتجة للأسمدة، ناقضت ذلك الادِّعاء بشكل واضح، حَيثُ أكّـد تقرير لشركة “سيمبلوت” الأمريكية للأعمال الزراعية، أن سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم “لا يعتبر ضارًّا للأحياء المائية ولا يسبب أضرارًا طويلة المدى”.

وأكّـد تقرير لشركة شركة “بوردر كيميكال” المحدودة لتصنيع المواد الكيماوية والأسمدة، ومقرها في كندا، أن هذا نسبة السمية في هذا السماد منخفضة على الأسماك.

وذكرت تقاريرُ شركات أُخرى أن هذا السمادَ يمكن أن يصبح مفيدًا للبيئة البحرية عندما يختلط بماء البحر.

وهكذا نسفت الدعاية الأمريكية البريطانية بسرعة، ولم يتبقَّ منها سوى الهدف الحقيقي مكشوفًا بالكامل، والمتمثل في محاولة تأليب المجتمع الدولي والرأي العام ضد القوات المسلحة اليمنية، وهو هدف كانت شبكة “سي إن إن” الأمريكية قد ذكرت مؤخّراً وبشكل صريح أن وزارتَي الخارجية والدفاع الأمريكيتين تعملان على تحقيقه من خلال ما وصفه مسؤولون أمريكيون بـ”تحدي رواية صنعاء”، مشيرة إلى أن الحديث عن المخاطر البيئية لاستهداف السفن يأتي ضمن هذا السياق.

مع ذلك، وبرغم الضخ الإعلامي الواسع لوسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية بشأن مزاعم خطر التلوث البحري، لا يبدو في الأفق أي مؤشر على أن الولايات المتحدة ستنجح في كسب المزيد من الدعم لحملتها العدوانية على اليمن أَو حتى تبرير عسكرتها للبحر الأحمر، أَو فصل الجبهة البحرية اليمنية عن ما يجري في قطاع غزة؛ وهو ما يعكس عزلة كبيرة تعيشها الولايات المتحدة وبريطانيا؛ بسَببِ دفاعهما عن الكيان الصهيوني.

عزلةٌ كانت صحيفة “تليغراف” البريطانية قد أكّـدتها الأسبوع الماضي، حَيثُ ذكرت أن الدول الأُورُوبية والعربية والآسيوية تركت الولايات المتحدة وبريطانيا وحيدتَين في مواجهة القوات المسلحة اليمنية.

ويكشفُ اللجوءُ إلى محاولات التشويه الدعائية؛ مِن أجل كسب الدعم الدولي إفلاسًا أمريكيًّا بريطانيًّا فاضحًا؛ إذ يبدو بوضوح أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد أخفقتا في استخدام نفوذهما الدولي كما فشلتا في التحَرّك العسكري المباشر، وأصبحتا تعولان بالكامل على مجموعة من الشائعات لخلق جبهة دولية ضد اليمن، وهو ما يترجم بدوره سوء تقدير كبير لحقيقة الوضع وتجاهل أحمق للدوافع التي امتنعت؛ مِن أجلِها دول العالم عن مساندة حملة العدوان على اليمن أَو عسكرة البحر الأحمر.

وتزيد دعاية التلوث البيئي موقف الولايات المتحدة وبريطانيا سوءاً؛ فدول العالم ليست معزولة عن الواقع إلى الحد الذي لا تعرف فيه خصائص حمولة السفينة البريطانية الغارقة، كما أن ترك السفينة لقرابة أسبوعين يثير تساؤلات كثيرة حول نية الولايات المتحدة وبريطانيا استغلالها دعائيًّا؛ وهو ما يرسل رسالة بأنهما قد تفتعلان حوادث معينة تعيق الملاحة أَو تهدّد البيئة البحرية في سياق محاولة تشويه صنعاء والقوات المسلحة اليمنية، الأمر الذي يجعل العالم أكثر حرصًا على رفض مساندة التحَرّك الأمريكي البريطاني في البحر، خُصُوصاً وقد أثبتت الأشهرُ الماضية وبوضوح أن المتضررين الوحيدين من العمليات اليمنية هم الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وبريطانيا، وكمية السفن التي عبرت المنطقة بأمان طيلة الفترة الماضية تغلق البابَ أمام الحديث عن أي تهديد من جانب اليمن للملاحة الدولية.

كذبة استهداف الكابلات البحرية:

وتأتي دعاية “التلوث البحري” مباشرة بعد حملة قادتها وسائل إعلام صهيونية وأمريكية لاتّهام القوات المسلحة اليمنية بتهديد الكابلات البحرية والتي تعرض جزء منها في البحر الأحمر لخلل الأسبوع الماضي، وهي دعاية جاءت في إطار التوجّـه لتأليب الرأي العام المحلي والدولي ضد حكومة صنعاء وخلق صورة “تهديد دولي” يقنع دول العالم بدعم الحملة الأمريكية البريطانية العدوانية ضد اليمن.

لكن هذه الدعاية لم تصمد طويلًا هي الأُخرى، وبرغم الضخ الإعلامي الواسع لها، فقد نفت شركة “سي كوم” المالكة للكابلات التي تضررت الأسبوع الماضي علاقة اليمن بما حدث، ونقلت وكالة “تاس” الروسية للأنباء عن المتحدث باسم الشركة قوله إنه “من الخطأ إلقاء اللوم في الحادث على الحوثيين؛ لأَنَّ السبب الدقيق لم يتم تحديده بعد”، مُضيفاً أنه “من الممكن أن يكون الكابل قد تعرض للتلف؛ بسَببِ مرساة السفينة أَو أي جزء آخر كما يحدث عادةً؛ بسَببِ انخفاض مستوى سطح البحر”.

ولاحقًا أكّـدت صنعاء في بيان لوزارة النقل أن تحَرّكات السفن الحربية الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر هي سبب الخلل الذي تعرضت له الكابلات؛ وهو ما يضع العالم أمام دليل آخر على أنه إذَا كان هناك من “تهديد دولي” في البحر الأحمر فهو قادم من الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين تحاولان تعويض فشلهما الفاضح في مواجهة القوات المسلحة اليمنية بتعريض مصالح العالم للخطر.

جرعةُ ردع مرتفعة لبريطانيا:

وبعيدًا عن محاولات التضليل، فَــإنَّ غرق السفينة روبيمار مثّل صفعةً تأريخية مدوية لبريطانيا بشكل خاص؛ كونها تلقت تحذيرات خَاصَّة من القيادة اليمنية ممثلة بالسيد عبد الملك بدر الدين الحوثي الذي أكّـد في خطاب سابق أن القوات المسلحة لديها “العلاج المناسب” للأوهام الاستعمارية البريطانية، وقال إنه إذَا لم يكن احتراق السفينة البريطانية “مارلين لواندا” يكفي، فسيقومُ اليمنُ بزيادةِ “الجرعة” وهو ما حدث بالفعل في عملية إغراق السفينة روبيمار.

وقد أكّـدت صنعاء استعدادها لزيادة هذه “الجرعة” أكثر، حَيثُ أكّـد نائب وزير الخارجية حسين العزي أن القوات المسلحة ستواصل إغراق المزيد من السفن البريطانية؛ ردًّا على العدوان على اليمن واستمرار الإبادة الجماعية في غزة؛ وهو ما يمثل تحديًا واضحًا يضاعفُ فضيحةَ الورطة التي وقعت فيها بريطانيا؛ نتيجةَ انجرارها وراء الولايات المتحدة في الاعتداء على اليمن.

ويوجه غرق السفينة روبيمار نفس الرسالة للولايات المتحدة الأمريكية التي قد تواجه نفسَ التداعيات في حال أصرت على مواصلة العدوان على اليمن ودعم استمرار الإبادة الجماعية في غزة، خُصُوصاً في ظل ترقب المفاجآت الصادمة التي توعَّد بها قائدُ الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي.

 

صحيفة المسيرة

قد يعجبك ايضا