أهمية إحياء العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك والتماس ليلة القدر

 

في المحاضرة الرمضانية السادسة عشرة، يؤكد السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي “حفظه الله” أن شهر رمضان بكله من أوله إلى آخره شهرٌ مبارك، وعظيم البركات، وأن الأعمال فيه مباركة، وتأتي فيه الفرصة لاستجابة الدعاء بأكثر من أي زمنٍ آخر، وله آثاره التربوية في تزكية النفس، وترسيخ حالة التقوى لدى الإنسان، وكذلك أثره الكبير في الارتقاء في العلاقة الإيمانية بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وتوثيق الروابط والعلاقة مع القرآن الكريم، والاستفادة من هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” بأكثر من أي وقتٍ آخر، وأن المسألة تبقى بالنسبة للإنسان في مدى اهتمامه، وإقباله، وسعيه للاستفادة من هذه الفرصة العظيمة.

ويبين السيد القائد أنه عندما تأتي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، فإن لها أهميتها أكثر؛ باعتبار أنها تُلتمس فيها ليلة القدر بأكثر مما سبقها من شهر رمضان المبارك؛ وأنه من المهم جداً بالنسبة لنا، أن نكون قد استفدنا مما قد مضى من شهر رمضان المبارك، من صيامه، وقيامه، ومن تلاوة القرآن الكريم، ومن تأمل هدى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وبما يَمُنُّ الله به “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” علينا من هدايته وتوفيقه، فيكون الإنسان قد تهيأ نفسياً، تربوياً، ذهنياً، عملياً، على مستوى زكاء نفسه، وعلى مستوى شعوره بالقرب من الله أكثر، لأن يستفيد من العشر الأواخر، وبعيداً عن أي حالة ملل.

ويشير السيد القائد إلى أن البعض من الناس تكون اهتماماتهم خارج إطار الأولويات والقضايا المهمة، والأمور التي ينبغي أن يركِّزوا عليها، وتكون ذهنيتهم منصرفة نحو الأمور التي يتلهون بها، أو ممن يعطي كل اهتمامه بظروف معيشته وحياته، ويبين أن هناك من الناس من يتلهى بالأمور الأخرى، ويستغرق جزءاً من وقته: إمَّا في إطار مقايل القات، والسهرات، أو مع رفقاء السوء وأخلاء السوء والعياذ بالله، أو يكون الإنسان ممن يستهتر بنفسه، وحياته، ووقته؛ فيستغرق أوقاته إمَّا على مواقع التواصل الاجتماعي، أو متابعة القنوات الفضائية في كل وقته، أو وراء الألعاب الإلكترونية، التي أصبحت هي من الآفات والمشاكل في الإدمان عليها من كثيرٍ من الشباب.

ويؤكد السيد القائد أن هذه حالات خطرة جداً على الإنسان، وهي من الأسباب التي تجعل الإنسان يملّ ويفتر، ويقل عزمه، واهتمامه فيما يتعلق بالأمور المهمة والعظيمة والمباركة، مثل إحياء ليالي شهر رمضان المبارك بتلاوة القرآن، وبالذكر لله، وبالأدعية، وبالصلوات، أو إحياء جزءٍ منها لمن عليه ضغوط في ظروف حياته، ويبين ان الذي عنده شواغل كبيرة في ظروفه المعيشية، فإنه يستطيع أن يخصص جزءاً من وقته للاهتمام بذكر الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، والاهتمام بتلاوة القرآن، أو سماع تلاوة القرآن الكريم، وللدعاء؛ لأنه بحاجة، بحاجة حتى لصلاح معيشته، وللبركة في رزقه، ولمستقبله في الآخرة.

ويؤكد السيد القائد أن العشر الأواخر التي تستحق منا المزيد من الاهتمام، والإقبال على الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وعلى الذكر، زعلى العبادة، وعلى الأعمال الصالحة المتنوعة، وأن الإنسان يستطيع أن يستفيد من هذه العشر في لياليها المباركة بتنويع البرامج.

ويؤكد السيد القائد بأن مما يساعد الإنسان على أن يتَّجه لإحياء هذه الليالي المباركة، وأن يسعى لالتماس ليلة القدر فيها هو التذكر والتأمل في أهميتها، وما يتعلق بها، والعودة إلى آيات الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، التي تبيِّن لنا هذه الأهمية، وهذا سيساعد على الاهتمام، والإقبال أكثر، وكذلك البرنامج التصاعدي، الذي يفترض أن يتجه الإنسان عليه، ويبين أن من أسباب التوفيق لتلك الليلة هو الاهتمام المستمر، المستمر، وعندما يعلم الله منك حرصك ورغبتك، وأنت ترجوه، وتدعوه، وتريد أن تستفيد من تلك الليلة المباركة؛ فالإنسان قد يتوفق لليلة القدر، وأن يحظى في هذه الليلة المباركة ويحظى فيها بالبركات العظيمة.

ويبين السيد القائد أن العنوان الأول لهذه الليلة هو البركة، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ}، وبركات ليلة القدر هي بركاتٌ واسعة، وعظيمة ومهمة، ومن ضمن هذه البركات نزول بركاتٍ من السماء إلى الأرض، ونزول خيرٍ واسع، ومن بركاتها أنها ليلة سلامٍ وأمانٍ من عذاب الله لا ينزل فيها العذاب من أولها إلى آخرها، {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، ومن بركاتها المهمة جداً لنا هي تضاعف الأعمال فيها إلى عشرات آلاف الأضعاف، وتعادل في قيمة العمل فيها والإحياء لها أكثر من ثمانين عاماً، ومن بركات ليلة القدر نزول الملائكة إلى الأرض، في إطار التدبير الإلهي الواسع، ودعاؤهم وسلامهم للمتقين المحيين لها. 

ومما يتعلق بليلة القدر، وهو أساسيٌ فيها يبين السيد القائد أنها ليلة تقدير أمور الناس لعامهم الآتي، وتقدير أمورهم فيما يتعلق بأرزاقهم، وأجالهم، وأحوالهم، فيما يكتبه الله لهم أو عليهم، ويؤكد أنه من المهم أن تكون في تلك الليلة في حالة تَقَرُّب إلى الله، وإقبال إلى الله، دعاء وتضرُّع؛ ليكتب الله لك الخير في عامك القادم، وأننا بحاجة إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وإلى رحمته، وفضله، وعفوه، ومغفرته، وعونه، وهدايته، وتوفيقه؛ فيما نواجهه في هذه الحياة من مشاكل، وتحديات، وأخطار، ومعاناة، وصعوبات، في واقع حياتنا، وفي طبيعة المشاكل التي نواجهها في هذه الحياة.

ويبين السيد القائد انه في ليلة القدر يمكن أن تكون ليلةً مهمةً، يتحقق للإنسان فيها نقلة كبيرة على مستوى واقعه العملي، وفي التَّقَرُّب إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وفي الارتقاء في علاقته بالله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”؛ فهي ليلة مناسبة جداً لتحقيق نقلات في حياة الإنسان، ويرتفع رصيد الإنسان فيها، بما يعادل ثمانين عاماً من العمل الصالح، فيما يكتبه الله له في مستقبل حياته، وفي واقعه النفسي، وفي منزلته الإيمانية عند الله.

ويؤكد السيد القائد أنه من المهم أن يتنوَّع برنامج الإنسان في ليلة القدر، وأن يكون لدى الإنسان اهتمام متنوع في الليالي العشر، ومن ضمن ذلك الاهتمام بالدعاء فيها، والتركيز على الاستفادة من الأدعية القرآنية؛ ومن ضمن ذلك: الدعاء الجامع: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} ودعاء طلب المغفرة والإكثار من الاستغفار، ومن الأدعية المباركة المهمة، التي ينبغي أن يُركِّز الإنسان عليها في العشر الأواخر دعاء الراسخين في العلم: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} وهو دعاءٌ بالثبات على الحق، وعلى الاستقامة على الحق، وهو من الأدعية المهمة، ومن الأدعية العظيمة، والمهمة، والمباركة: دعاء الرَّبَّانِيِّين:{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وهو دعاء عظيم ومهم جداً، وكذلك من الأدعية المهمة، والمباركة، والعظيمة: دعاء أصحاب الكهف: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} فنحن بحاجة إلى هذا الدعاء، وهو دعاءٌ مهم. 

ومما هو مهمٌ أيضاً يؤكد السيد القائد على الاستغفار والذكر بأنواعه الواسعة، من تسبيح، وتهليل، وتحميد، وتكبير وكذلك صلاة النافلة، مع الاهتمام بصلاة الفريضة، وتلاوة القرآن وهي من أعظم القُرَب إلى الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، وأيضًا الإنفاق في سبيل الله، والصدقة، صلة الرحم، وهذه من الأشياء المهمة. 

ويؤكد السيد القائد أنه من المهم أن يكون لدى الإنسان إقبال وتوجه جاد بينه وبين الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، في عزمه وتوجهه على الاستقامة على هدي الله، ونهج الله، والطاعة لله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”، مع الاستعانة بالله، وأن الإنسان بحاجة دائماً إلى أن يكون ملتجئًا إلى الله؛ ليوفِّقه، ليعينه، ليثبِّته، ليسدده، لكن على مستوى القرار، عليه أن يقرر، أن يتجه بجد، هذه مسألة مهمة للإنسان فيما بينه وبين الله، وفيما يكتبه له الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى”.

قد يعجبك ايضا